مع تنامي مخاوف أوروبا من تراجع الالتزام الأمريكي تجاه القارة، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى طرح نقاش حول إمكانية توسيع نطاق المظلة النووية الفرنسية لتشمل شركاء الاتحاد الأوروبي، في خطوة قد تعيد تشكيل ميزان القوى داخل القارة.

اعلان

تُعتبر فرنسا والمملكة المتحدة الدولتين الوحيدتين في أوروبا اللتين تمتلكان أسلحة نووية، حيث تحتفظ باريس بـ 290 رأسًا نوويًا، مقابل 225 رأسًا تمتلكها لندن.

غير أن الفارق الجوهري بين البلدين يكمن في طبيعة سيادتهما على هذه الترسانة. فبينما تتمتع فرنسا باستقلالية كاملة في قراراتها النووية، تعتمد بريطانيا على الولايات المتحدة لتشغيل ترسانتها، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على استخدامها بحرية تامة في حال نشوب حرب. 

وبالإضافة إلى ذلك، تختلف وسائل استخدام السلاح النووي في البلدين، إذ تقتصر القدرات البريطانية على إطلاق الأسلحة من الغواصات، بينما تمتلك فرنسا خيارًا إضافيًا يتمثل في استخدام القاذفات المقاتلة لإسقاط رؤوسها النووية، مما يمنحها مرونة أكبر في توظيف ترسانتها. 

غواصة فرنسية من فئة روبس في القاعدة البحرية في طولون، جنوب فرنسا، يوم الاثنين 15 نيسان/أبريل 2024.Daniel Cole/AP

وتأتي هذه النقاشات استجابة لدعوات داخل ألمانيا، إذ عبّر زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريك ميرتس عن رغبته بفتح حوار مع باريس ولندن حول مستقبل الردع النووي الأوروبي.

وتمثل هذه الدعوة تحولًا في السياسة الألمانية التي لطالما اعتمدت على المظلة النووية الأمريكية لضمان أمنها، ولكن مع التغيرات الجيوسياسية، بات البحث عن بدائل أوروبية أكثر ضرورة. 

عقيدة الردع.. هل يمكن أن تصبح أوروبية؟

إن توسيع المظلة النووية الفرنسية يتطلب إعادة تعريف لعقيدة الردع التي تعتمدها باريس. حاليًا، يقتصر الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية الفرنسية على حماية "المصالح الحيوية" للدولة، لكن منح الاتحاد الأوروبي الحماية النووية يعني توسيع هذا المفهوم ليشمل أمن الدول الأعضاء. 

إلا أن هذا التوسع ينطوي على مخاطر متزايدة، إذ يمكن أن تصبح فرنسا هدفًا مباشرًا لأي دولة قد تتعرض لضربة نووية فرنسية دفاعًا عن دولة أوروبية أخرى.

Relatedكيم جونغ أون يُهدد بتوسيع برنامجه النووي ويهاجم التحالف الأمني بين واشنطن وسيول وطوكيوكوريا الشمالية تجري رابع تجربة صاروخية هذا العام وكيم يُشْهر فزّاعة السلاح النوويمع الترحيب الروسي بدورها وتوسيع فرنسا مظلتها النووية... هل تعيد أوروبا رسم استراتيجياتها الأمنية؟

وكما يوضح كريستوف واسينسكي، أستاذ السياسة الدولية في جامعة بروكسل الحرة، فإن "توسيع المظلة النووية يعني أننا مستعدون للانتقام النووي نيابة عن دولة أخرى، وهذا يجعلنا عرضة بدورنا لضربة انتقامية". ويُضيف: "لذا، وبطريقة ما، ستكون فرنسا أيضًا رهينة لما تقترحه".

هل الترسانة الفرنسية كافية؟

يثير هذا النقاش أيضًا تساؤلات حول مدى قدرة الردع النووي الفرنسي على حماية الاتحاد الأوروبي بأكمله. فعلى الرغم من أن امتلاك بضع مئات من الرؤوس النووية يشكل قوة ردع هائلة، إلا أن البعض يشير إلى أن التوازن العسكري لا يزال يميل لصالح روسيا التي تمتلك 4380 رأسًا نوويًا. 

وإنّ زيادة الترسانة الفرنسية لحماية الاتحاد الأوروبي تعني بالضرورة توسيع أنظمة الإطلاق وتعزيز البنية التحتية النووية في الدول الشريكة، مما قد يفرض عبئًا ماليًا كبيرًا على الاتحاد.

يقول واسينسكي: "الأسلحة النووية يمكن أن تتسبب بمقتل الآلاف، بل عشرات الآلاف من القتلى عند إطلاقها، وكذلك بتدمير مناطق واسعة جدًا، لذا فإن امتلاكنا لعدد كبير منها لا يغير بالضرورة الوضع".

يقوم البحارة بتجهيز غواصة فرنسية من طراز روبس في القاعدة البحرية بمدينة طولون، جنوب فرنسا، يوم الاثنين 15 نيسان/أبريل 2024.Daniel Cole/ AP

ويبقى السؤال الأهم: من يملك قرار استخدام الأسلحة النووية في حال توسيع المظلة الفرنسية؟ وفقًا لماكرون، فإن سلطة اتخاذ هذا القرار ستظل حصرًا بيد رئيس الجمهورية الفرنسية. لكن هذا يثير تحديًا سياسيًا، إذ أن توسيع الردع النووي يتطلب توافقًا أوروبيًا أوسع، وقد يؤدي إلى تعقيد عملية صنع القرار في لحظات الأزمات. 

وفي النهاية، فإن فكرة تحويل الردع النووي الفرنسي إلى درع أوروبي تمثل خطوة جريئة في مسار تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي. لكنها في المقابل، تفتح الباب أمام تحديات سياسية وعسكرية تتطلب توافقًا أوروبيًا عميقًا قبل أن تتحول إلى واقع ملموس.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية فرنسا تبحث عن تمويل للدفاع.. هل يدفع الأثرياء الفاتورة؟ فرنسا تراجع اتفاقية الهجرة مع الجزائر وسط توترات دبلوماسية مع الترحيب الروسي بدورها وتوسيع فرنسا مظلتها النووية... هل تعيد أوروبا رسم استراتيجياتها الأمنية؟ المملكة المتحدةالاتحاد الأوروبيفرنساإيمانويل ماكرونأوروباأسلحة نوويةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext مقتل 14 شخصاً على الأقل وإصابة 37 في هجوم صاروخي روسي على مدينة دوبروبليا الأوكرانية يعرض الآنNext إيران تنفي تلقي رسالة من ترامب وترفض التفاوض تحت العقوبات يعرض الآنNext فرنسا تبدأ انسحابها من السنغال بتسليم قاعدتين عسكريتين للحكومة المحلية يعرض الآنNext اليمين الأوروبي المتطرف بين ترامب وزيلينسكي... كيف كان التفاعل؟ يعرض الآنNext كيف ستؤثر حرب ترامب التجارية على الاقتصاد البولندي؟ اعلانالاكثر قراءة أول عملية إعدام رمياً بالرصاص منذ 15 عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية انتشار أمني مكثف في اللاذقية عقب اشتباكات وأحداث دامية وإعدامات ميدانية زامير يٌقيل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري من منصبه بعد ضغوط سياسية بعد تغير المشهد السياسي: ألسنة السوريين تستعيد المصطلحات المحظورة زيلينسكي يطالب بوقف القصف الجوي والبحري عقب الهجوم الروسي المكثف اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلدونالد ترامبفولوديمير زيلينسكيسورياروسيافرنساأوروباالصراع الإسرائيلي الفلسطيني شرطةقطاع غزةوفاةصاروخالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي سوريا روسيا فرنسا إسرائيل دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي سوريا روسيا فرنسا المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي فرنسا إيمانويل ماكرون أوروبا أسلحة نووية إسرائيل دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي سوريا روسيا فرنسا أوروبا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني شرطة قطاع غزة وفاة صاروخ الاتحاد الأوروبی المظلة النوویة الردع النووی یعرض الآنNext

إقرأ أيضاً:

ماكرون: سنشارك بالدفاع عن إسرائيل.. لم نكن نوصي بمهاجمة المواقع النووية

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة إن بلاده ستشارك في الدفاع عن إسرائيل في حالة تعرضها لهجوم إيراني.

 وأوضح ماكرون أن المعلومات لدى فرنسا بشأن البرنامج النووي الإيراني كانت مثيرة للقلق، مبينا أن البرنامج كان يقترب من مرحلة حرجة.

وأضاف ماكرون خلال مؤتمر صحفي أن فرنسا لم تكن توصي بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، مؤكدا أنه لا يزال هناك "مسار دبلوماسي" لحل القضية.

كما استبعد ماكرون أيضا مشاركة باريس في العمليات التي تستهدف الجمهورية الإسلامية.

وأضاف أن دعم فرنسا لإسرائيل ليس مطلقا أو بلا حدود.

وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقي، مساء الجمعة، أنو طهران لن تقبل حالياً بأي دعوات للتهدئة أو ضبط النفس.

وقال عراقجي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره القبرصي كونستانتِينوس كومبوس، "في ظل الظروف الراهنة، وبعد العدوان السافر من قبل إسرائيل على أراضينا، لا معنى للحديث عن ضبط النفس، ونحن نرفض أي طلب بهذا الشأن".

وذكر بيان للخارجية الإيرانية، أن عراقجي عبر عن اشمئزازه من الجرائم والاعتداءات التي نفذتها إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية واستهدافها للأبرياء والنخب الأكاديمية، مشدداً على أن رد إيران سيكون حاسماً ولا رجعة فيه.

وأكد الوزير الإيراني أن إيران ستتحرك بكل حزم لحماية سيادتها وأمن شعبها، وسترد بشكل قاطع على العدوان غير القانوني والجبان لإسرائيل.

وأوضح عراقجي أن إيران ستتابع هذه الجرائم عبر المؤسسات الدولية، وطالب حكومة قبرص "بالتحرك والتأثير على المواقف الأوروبية بهدف وقف جرائم إسرائيل وهجماتها الوحشية".

وسقطت صواريخ باليستية إيرانية وسط "تل أبيب" مساء الجمعة، في أول رد على العدوان الإسرائيلي الذي ضرب مناطق واسعة في إيران الجمعة.

وفي ثلاث موجات متتالية، ضربت عشرات الصواريخ الإيرانية مناطق واسعة، بينها مقر وزارة الحرب الإسرائيلية. دون أن ترد بعد تفاصيل حول نتائج القصف.

وقالت "القناة 12" الإسرائيلية إن أكثر من 100 صاروخ سقط على "إسرائيل" ما أدى إلى إصابة 40 شخصا على الأقل بجروح، مع التأكيد على وجود إصابتين بحالة خطيرة.

وقالت مواقع إسرائيلية، إن الصواريخ الإيرانية ضربت مواقع عدة في "تل أبيب" ومحيطها، بعد الإخفاق في اعتراضها.

مقالات مشابهة

  • غياب ديمبلي عن باريس سان جيرمان أمام أتلتيكو مدريد بافتتاح مشواره في مونديال الأندية
  • الدعم الباكستاني لإيران يضع خيار الردع النووي على الطاولة وهذا ما أعلنه مجلس الشيوخ (تفاصيل)
  • لتعزيز الدعم الأوروبي للدنمارك.. الرئيس الفرنسي ماكرون يصل جرينلاند
  • وزير الخارجية الفرنسي: باريس لم تحشد بعد مواردها العسكرية للدفاع عن إسرائيل
  • باريس تتفوق على لندن وتتصدر المشهد التكنولوجي الأوروبي
  • أزمة الإسكان في الاتحاد الأوروبي: الشباب يدفعون الثمن
  • ماكرون: سنشارك بالدفاع عن إسرائيل.. لم نكن نوصي بمهاجمة المواقع النووية
  • عاجل.. هيئة الرقابة النووية بالسعودية: المستويات الإشعاعية في مستوياتها الطبيعية.. وإجراءات استباقية لحماية الإنسان والبيئة
  • الاتحاد الأوروبي.. حذر ودعوة للتهدئة بشأن التصعيد الإيراني الإسرائيلي
  • الرئيس الفرنسي يشدد على ضرورة حل القضية النووية الإيرانية عبر المفاوضات السلمية