لا شك في أن نتنياهو يخطط، علناً، بأن يوقف مسار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ليعود إلى الحرب. فقد وقع على الاتفاق، مكرهاً، استجابة لرغبة ترامب الذي كان يريد تسلّم الرئاسة الأمريكية، وغزة في حالة وقف إطلاق النار.
وجاء الاتفاق بأغلبية بنوده استجابة لشروط المفاوض الفلسطيني. فكان أول يوم في تنفيذ الاتفاق، إعلاناً بانتصار المقاومة، بعد حربين، بريّة وإباديّة تدميرية، امتدّت لخمسة عشر شهراً، تقريباً.
مع كل خطوة في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق كان انتصار المقاومة والشعب، يتأكد. وكان نتنياهو، يحاول التعطيل والتأجيل. ويحاول أن يظهر، بصاحب السطوة أمام حملات داخلية ضدّه، ولا سيما تذكيره، بوعيده، أن يُحقق من خلال الحرب، نصراً مطلقاً.
التفسير الوحيد لفشل نتنياهو، في عرقلة تنفيذ المرحلة الأولى، بالرغم مما فعل من توتير وتعطيل، خصوصاً في تطبيق البروتوكولات الإنسانية في الاتفاقية، كان انقياده لترامب، وخوفه منه. لكن مع سعي مستمر، لاستمالته في السماح له بالعمل في المرحلة الثانية، باتجاه تعطيلها. بل العودة إلى الحرب ثانية.
إن موقف المقاومة (المفاوض الفلسطيني) هو الأقوى من الناحية السياسية، ومن ناحية صدقية الموقف، والحرص على تلبية الاتفاق، واحترام بنوده، والتزام الوسيطين المصري والقطري، فيما الموقف الأمريكي، في حرج من عدم احترام توقيعه، فضلاً من حرج نتنياهو، داخلياً، بسبب موضوع عدم إطلاق كل الأسرى، وما يواجه من ضغوط مختلفة.هذا ولعل طرح ترامب، لمشروع تهجير فلسطينيي قطاع غزة، وما لاقاه من معارضة فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، دفعا ترامب، لدعم نتنياهو، ليلعب دوره في المرحلة الثانية. ولكن من دون أن يوقف، مساعي مندوبه الخاص ويتكوف، المكلف بمواصلة تطبيق الاتفاق، من أجل تحرير كل الأسرى المحتجزين. الأمر الذي جعل الموقف الأمريكي، أمام مفترق طرق، أحدهما راح يشجع نتنياهو، كما يدعي نتنياهو، والآخر لم يأخذ من ويتكوف، صلاحية عدم المضيّ في المرحلة الثانية، من الاتفاق.
ولهذا دخل الوضع الآن، في مواجهة احتمالين: الأول، تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنوده (شروط المقاومة)، بإتمام تبادل الأسرى كاملاً، وانسحاب الجيش الصهيوني، من كل قطاع غزة، وإعلان وقف الحرب، بضمانات دولية وعربية. والثاني، تعطيل المضيّ في تطبيق الاتفاق، والعودة إلى التأزيم، وصولاً إلى الحرب، كما يريد نتنياهو.
إن موقف المقاومة (المفاوض الفلسطيني) هو الأقوى من الناحية السياسية، ومن ناحية صدقية الموقف، والحرص على تلبية الاتفاق، واحترام بنوده، والتزام الوسيطين المصري والقطري، فيما الموقف الأمريكي، في حرج من عدم احترام توقيعه، فضلاً من حرج نتنياهو، داخلياً، بسبب موضوع عدم إطلاق كل الأسرى، وما يواجه من ضغوط مختلفة.
من هنا، فإن موقف نتنياهو ضعيف جداً، سياسياً في العودة إلى الحرب، مما يُضعف موقف ترامب، إذا ما أعطاه الضوء الأخضر، ليخرّب الاتفاق، ويعود إلى الحرب الخاسرة من جديد.
ومن هنا، فإن إصرار المقاومة، من خلال المفاوض الفلسطيني، على تنفيذ الاتفاق، بكل بنوده، كما وقع عليه، والرفض الحازم، لأيّ طرح يخرج على هذه البنود، لا سيما إقحام موضوع سلاح المقاومة، أو بقاء قوات احتلال. فالسلاح، موضوع يتعلق بحماية أمن الشعب، وحقه بالمقاومة، وعدم عودة نتنياهو، للحرب والعدوان متى شاء. وهو موضوع، لم يتطرق له اتفاق وقف إطلاق النار، والمُوَّقَع عليه.
ولهذا فالمتوقع تراجع ترامب، وإجبار نتنياهو على قبول التفاوض كما يريد ويتكوف، بعيدا من شن الحرب التي يسعى لها. وإن كان استبعاد الحرب من قِبَل نتنياهو يشكل ضرباً من المخاطرة في تقدير الموقف، حيث يتوجب أن يبقى الأصبع على الزناد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني المقاومة احتلال احتلال فلسطين مقاومة مفاوضات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار إلى الحرب
إقرأ أيضاً:
باراك يعلّق على إنجازات وتحديات الحرب مع إيران ويدعو لعزل نتنياهو
اعتبر رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود باراك، أن "الإنجاز العملياتي الاستخباري في إيران مثير جدا للانطباع، هو نتيجة تخطيط بعيد الرؤية واستعدادات دقيقة وتنفيذ دؤوب، وهو كل ما لم يكن موجود في 7 تشرين الأول/ أكتوبر".
وأضاف باراك في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أن "هذا مصدر تفاخر لنا جميعنا وتعزيز كبير للردع ومكانتنا في المنطقة، والفضل للطيارين والموساد والاستخبارات العسكرية والمخططين ومتخذي القرارات الحاليين، وأيضا لهرتسي هليفي ويوآف غالنت وحتى لنفتالي بينيت ويائير لابيد".
وقال "جميعنا ندرك أننا في بداية امتحان طويل ومؤلم. الإنجاز الأول حقا يمس بدرجة كبيرة الموارد والإمكانيات، بما في ذلك مجال الطاقة، وبالطبع المعنويات الإيرانية. ولكن بالنسبة للتهديد الذي يتمثل في أن إيران ستصل في التوقيت الذي تحدده لتفجير منشأة نووية في الصحراء من أجل إثبات قدرتها أو رغبتها في بناء سلاح نووي أول وعشرة أمثاله بعد ذلك، هذا التهدد كان وما زال ماثلا أمامنا".
وأوضح أنه "في 2018 عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي بتشجيع من إسرائيل، كانت إيران بعيدة عن ذلك حوالي 18 شهرا، والآن هي دولة عتبة نووية.. لقد ضربنا منشآت مادية للمشروع النووي وتضررت أيضا منشآت وقدرات، ولكن لم تؤجل قدرتها إلا لبضعة أسابيع من أجل التوصل إلى السلاح النووي، لأنه توجد لديهم مادة متفجرة لعشر قنابل ومعرفة كيفية إنتاجها. جيل المنشآت القادم تم بناءه بعمق 800 متر"، (حسب الوكالة الدولية للطاقة النووية فانهم يخفون هناك الأجزاء الحساسة للبرنامج).
وأكد أن "الحقيقة هي أنه أيضا الأمريكيين لا يمكنهم الآن تأخير وصول الإيرانيين إلى السلاح النووي لأكثر من بضعة أشهر، وإذا كان الأمل في أن ضربة إسرائيل ستعيد إيران إلى طاولة المفاوضات سيتحقق، فهذا جيد. ولكن إذا لم يكن الامر كذلك فإن الطريقة الوحيدة بالنسبة للولايات المتحدة لمنع إيران من التوصل إلى السلاح النووي ستكون إعلان حرب على النظام نفسه حتى يتم إسقاطه، وإسرائيل لا يمكنها فعل ذلك لوحدها. وحسب تقديري فان ترامب لن يدخل إلى معركة كهذه، فقراره هزيمة الحوثيين مثلا صمد لستة أسابيع تقريبا".
وأوضح "ربما حتى أننا سنسرع العملية، إذا اختارت إيران الانطلاق نحو السلاح النووي بذريعة أن العدوان الإسرائيلي (التي هي حسب منشورات أجنبية دولة نووية لم توقع على اتفاق منع انتشار السلاح النووي) يخلق عليها تهديد وجودي ولا يترك لها أي خيار عدا عن الاندفاع نحو السلاح النووي".
وأشار إلى أنه "بنظرة إسرائيلية يوجد منطق للعملية: لن نقف في الجهة المقابلة عندما حانت اللحظة الأخيرة للقيام بمحاولة لمنع وجود سلاح نووي عسكري لإيران، حتى لو كان شك في أن ننجح. من كان يجب ان يعمل في أعقابنا هو الولايات المتحدة، التي كل رؤسائها في الجيل الأخير تعهدوا بأن لا تصبح إيران دولة نووية، واذا قامت إيران بتسريع السير نحو السلاح النووي فإن الولايات المتحدة هي المذنبة في ذلك".
وأكد أن "أجواء النشوة في الشارع وفي البث وفي إعلان نتنياهو عن إزالة التهديد النووي الإيراني، كل ذلك سابق لأوانه وبعيد عن الواقع/ ومثلما أشار وبحق رئيس الأركان إيال زامير، فإنه يجب علينا الحفاظ على التواضع وعلى ارتباط متزن بالواقع".
وأضاف "أمامنا حقا امتحان ثقيل وطويل ومؤلم. عندما نكون في داخله فإنه من المهم وجود استعداد لدينا جميعنا للتشارك في حمله. ولكن يجب أن نطالب القيادة بحكمة ومسؤولية بإدارته. يجب أن نطالب بأنه على خلفية هذا الإنجاز سيتم البدء في عملية فورية لتحرير المخطوفين وإنهاء الحرب في غزة".
وأوضح أنه "إذا كان يمكن أيضا القيام بالتطبيع مع السعودية، وأن تتوقف الحكومة على الفور عن الانقلاب النظامي والسعي الحثيث لتفكيك المجتمع الإسرائيلي. كلما استمر بفضل الحرب تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية فعلية فإنه من الضروري مواصلة العمل على استبدال الحكومة ورئيسها، صحيح، حتى في الحرب. أيضا في بريطانيا تم استبدال حكومة تشمبرلين بحكومة أفضل منها في ظل أزمة دينكرك في لحظة حاسمة لا مثيل لها".
وختم باراك بالقول: "الامتحان امامنا. مطلوب منا التفكير من البداية، عيون مفتوحة، استعداد للعمل معا بقدر الإمكان ومواجهة أيضا في الداخل اذا اقتضى الأمر".