القوات تردّ على الشيخ نعيم: مشروعكم الخارجي دمّر لبنان
تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT
صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية"، البيان الآتي:
يصرّ أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم على التأكيد في كلّ إطلالة له أنّ مشروعه الخارجي الخاص الذي دمّر لبنان يتقدّم على مشروع الدولة الذي يشكل المشترك بين اللبنانيين وضمانتهم الوحيدة للاستقرار والأمن والسيادة، ومن المؤسف أنّ هذا الفريق لم يتعلّم ولم يتعِّظ وما زال يصرّ على المنطق نفسه برغم المآسي والكوارث والموت والخراب، فضلًا عن توقيعه اتفاق وقف إطلاق النار الذي يقضي بتفكيك بنيته العسكرية التي وَجَبَ تفكيكها منذ مطلع تسعينيّات القرن الماضي.
وقد طالعنا الشيخ نعيم، أمس، بإطلالة صبّ كل غضبه فيها على وزير خارجية لبنان جو رجّي لا لسبب إلا لأنه قال الحقيقة التي سمعها ويسمعها كل مسؤول من عواصم القرار ومفادها أن لا إعمار سوى في ظلّ دولة تُمسك وحدها بقرار الحرب، وتحتكر السلاح، وتبسط سيادتها على الأراضي اللبناني كلها، والشيخ نعيم يدرك أنّ مسؤولية إعادة الإعمار مسؤولية دولية باعتبار أنّ الدمار الذي خلفته "حرب الإسناد" التي أعلنها حزبه تتجاوز قدرة الدولة اللبنانية، فيما المجتمع الدولي لا يريد أن يعمِّر من أجل أن يدمِّر الحزب مجدّدًا، وفضلا عن أن مصلحة اللبنانيين العليا تستدعي قيام دولة فعلية بعد تجارب الخروج عن الدولة التي كلّفت اللبنانيين الكثير، والدولة ليست لفريق من اللبنانيين، إنما للشعب اللبناني كله.
فمن يعطي الذريعة لإسرائيل ليس وزير الخارجية ولا الدولة اللبنانية، إنما مَن يتمسّك بسلاحه، ويتولى توزيع الأدوار بينه وبين إسرائيل، فليس وزير الخارجية مَن أعلن حرب الإسناد، وليس وزير الخارجية مَن دعا إلى احتلال الجليل، وليس وزير الخارجية مَن صرّح بانها أوهن مِن بيت العنكبوب، ولا هو الذي ورّط لبنان بحرب أدّت إلى الاحتلال الإسرائيلي.
ولا نستغرب، شيخ نعيم، استهجانكم لمواقف وزير الخارجية لأنكم تعوّدتم على وزراء يتحدثون بلغة غير مفهومة بأفضل حال، وخشبية بأسوأ الأحوال، فجاء مَن يسمي الأشياء بأسمائها حرصًا على اللبنانيين ولبنان، ولاسيّما أنّ شعبنا لم يعد يتحمّل المزيد مِن الحروب التي تشنّ لاعتبارات إقليمية، ومِن دون علم الدولة، وعلى حسابها.
لقد حان وقت العودة إلى الدستور والدولة والقرارات الدولية، فالمشاريع الخاصة دمرّت لبنان، ولا خلاص لهذا البلد وشعبه سوى بمشروع الدولة".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة
إقرأ أيضاً:
جلجامش الأردني .. الإستقلال الذي يُمارس ويُحتفل به
صراحة نيوز ـ الدكتور منذر جرادات
في الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية ،لا يبدو تمر هذه الذكرى مجرد لحظة احتفالية تعود إلى عام 1946، بل أننا نتوقف عند هذا اليوم كمسار متجدد يفرض نفسه لصياغة الذات الوطنية، ويدفعنا للشعور بالمسؤولية المتواصلة لاختبار معنى السيادة في زمن التحولات السريعة؛ فالاستقلال ليس الخروج من عباءة الانتداب فقط وإنما يمثل قدرة الدولة على صيانة قرارها الحر وتحصين هويتها من التآكل ، والتأكيد على ممارسة سياستها وفق معايير ذاتية متجذرة في الوعي لا استجابة لأي ضغوط.
لقد وُلد الأردن في بيئة جيوسياسية مضطربة في عين العاصفة وفي ظروف لا ترجح بقاء الدول فيها، لكنه شق طريقه بتوازن نادر بفضل الله وحكمة من قاد الدولة من ملوك ورجال الوطن الأوفياء وضلوعهم في السياسة العقلانية والجغرافيا المليئة بالتحديات .
ومنذ تأسيسه الاردن بقي متمسكا بثوابته الواضحه وواعٍ لدوره الحقيقي ، بعيدًا كل البعد عن الانفعال، ورفضه الاصطفاف الأعمى أو المغامرات غير المحسوبة وهو ما يعكس جوهر مدرسة سياسية فريدة من نوعها حافظت على بوصلة الموقف وسط متغيرات قاسية.
وحين نُسقط عدسة الفكر السياسي الرمزي على هذه التجربة نستحضر جلجامش هذا الملك السومري الذي لم ينل خلوده من البطولات القتالية ،بل من رحلته نحو الحكمة حين أدرك أن المجد الحقيقي يبنى على وعي الإنسان وحدود السلطة وعلى ما يتركه من أثر في مدينته التي تستمر بالحكمة و بالعقل، لا بالقوة.
وهكذا بدا الأردن في رحلته السياسية؛ إذ لم يستند في بقائه على ثقل مادي بل إلى إرادة واعية تدير التوازن وتحمي الثوابت وتبني الجسور لا الجدران في مقاربة مستقرة بين الواقعية والمبدأ بين الاستقلال السياسي والاستقلال الأخلاقي.
فمنذ الملك المؤسس إلى جلالة الملك عبدالله الثاني تم الحفاظ على خيط ناظم في فلسفة الحكم يقوم على حماية الدولة من الداخل والتموضع الذكي في الخارج ، وعلى أن الكرامة هي جزء لا يتجزأ من الاستقلال، ولا عن القدرة على قول “لا” في اللحظة التي يكون فيها الصمت شكلا من أشكال التفريط ولنا شواهد في كل المحطات التي مر بها الاردن كان يتصرف بوصفه دولة لها شخصيتها وليست مجرد تابع في معادلات إقليمية مضطربة.
ولأن كل دولة تُعرف بثوابتها، فإن الأردن لم يتخلى يومًا عن قناعته بأن القضية الفلسطينية ليست قضية مجاورة بل قضية وطنية ومن ثوابت الدولة الأردنية، التي لا تخضع لإعادة التقييم أو المقايضة بل ركن من أركان التوازن الداخلي والسيادة وجزء أصيل من فلسفة الموقف لا من ضرورات الخطاب السياسي الموسمي.
هذه المدرسة السياسية التي صنعها الأردن ليست وصفة جاهزة لكنها تشبه الرحلة التي خاضها جلجامش نحو إدراك المعنى حيث يصبح الاستقلال الحقيقي فعلًا يمارس، لا شعارات في زمن يغيب فيه الخط الفاصل بين الهوية والمصالح العابرة،إذ يثبت الأردن مرة تلو الأخرى لاختياره الطريق الأصعب؛ طريق الدولة الأخلاقية المتزنة التي تحافظ على نفسها دون أن تفقد معناها، والتي تعرف أن السيادة ليست في اليافطات ولا في الكلمات الكبيرة بين الحان الأغاني، بل في المواقف المتزنة وفي الشجاعة الهادئة وفي البقاء الكريم وفي وجدان كل وطني حر، ولهذا فإن الاستقلال الأردني هو أحد القلائل الذين يُحتفل به… ويُمارَس في آنٍ واحد.