المجتمع والاقتصاد والمسؤولية الاجتماعية
تاريخ النشر: 23rd, August 2023 GMT
محمد بن رامس الرواس
الهدف الأسمى للتنمية المستدامة عند طرحها لمبادرات وبرامج تنموية أن تتفق أهداف رؤية الدولة ومسارات تنفيذ البرامج التي تُحقق التوازن بين المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية مما يدفع الحياة الاقتصادية نحو تحقيق ما تصبو إليه لا سيما عندما تتسم أعمالها بالشفافية والعدالة التي تضمن اقتصادًا مستدامًا.
ومن خلال رؤية "عُمان 2040" جاء محور الاقتصاد والتنمية كموجه استراتيجي من أجل إيجاد إطار مؤسسي متكامل لتنمية مستدامة مرتكزة على عدة محددات منها القيادة والعدالة الاجتماعية ومواكبة المتغيرات في بيئة العمل وغيرها من العوامل التي تسعى الرؤية لتحقيقها.
والتحديد الدقيق للقواسم المشتركة بين التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية يمكننا أن نلخصها إلى 4 أبعاد؛ الأول والثاني هما: الاقتصاد والقانون ويليها البعد الإنساني والأخلاقي، وهنا نعني بالاقتصاد ما يشمله من أعمال ومشاريع، وفرص عمل، وخدمات ترتبط مباشرة بالبعد القانوني؛ حيث إنَّ كافة العمليات المؤسسية يجب أن تخضع لعلاقات العمل القانونية السليمة.
أما الأبعاد الأخلاقية والإنسانية فهما بعدان هامان للمجتمع لا يقلان أهمية عن البعد الاقتصادي والبعد القانوني؛ حيث إنَّ الأنشطة الخيرية والتطوعية تعزز صورة المؤسسة في ذهن الجمهور، بينما الأخلاق هو ذلك السلوك الذي يتطلب من المؤسسات زرعها والقيام بها في المجتمعات طلباً لبيئة مجتمعية أفضل، دعونا نعتبر ما تم سرده مقدمة يمكننا من خلالها الوصول إلى مفهوم المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة؛ فالاثنان قريبان جدًا من بعضهما؛ إذ إنَّ المسؤولية الاجتماعية تهدف إلى دمج الاهتمامات الاجتماعية والبيئية في الأنشطة التجارية، بينما التنمية المستدامة تهدف إلى المواءمة بين الاقتصاد والاهتمامات الاجتماعية والبيئة في الأنشطة التجارية. لذا تعمل العديد من الشركات والمؤسسات الكبرى على إعداد تقارير التواصل والاستدامة؛ سعيًا منها لضم جميع الجوانب الاقتصادية والبيئية والأخلاقية بمحتوى يكون بمثابة مرجع استرشادي ينظم أهداف المؤسسة ويضع خارطة طريق لسبل عملها، ويُعلن عن قيمها ومبادئها ويرسخ لمعايير ومؤشرات ثابتة.
من جانب آخر لا شك أنَّ مشاريع الاستثمار الاجتماعي تتطلب المواءمة بين الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي تحتاج المؤسسات التي تطبق المسؤولية الاجتماعية ضمان استدامتها عن طريق تخصيص نسب مئوية يمكن من خلالها الاطلاع بمسؤوليتها في التنمية المستدامة وتكليف مختصين بذلك ووضع البرامج السنوية المستدامة التي من شأنها الاستمرارية والديمومة.
إنَّ تفعيل المبادرات المجتمعية التي تلبي احتياجات المجتمع المحلي من خلال قيام المؤسسات والشركات وغيرها من الجهات ذات الصلة يُمثل واجبًا تنمويًا؛ باعتبار التنمية المجتمعية ذات روافد مُتعددة منها التنمية الاقتصادية، والمبادرات المجتمعية برغم أنها قد تأخذ طابعًا توعويًا وإرشاديًا وتأهيليًا وتدريبيًا، بما يشمله من مهارات حياتية وغيرها، إلا أن جميع ذلك يصب في الهدف الأسمى ألا وهو تهيئة الشباب لسوق العمل، بجانب بث روح العمل التطوعي والخيري بالمجتمع.
وختامًا.. إنَّه لمن الأهمية الإشارة إلى ضرورة احترام مبادئ نظم الأمان في الاقتصاد المحلي وترسيخ نظم وقوانين العمل وتحسين ظروفه مع الالتزام بالحقوق والواجبات الوطنية والمساهمة في التنمية المحلية، وإثراء الحوار الاجتماعي من إرشاد وتوعية وتوجيه سليم، والانضمام إلى المعايير الدولية المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والتنمية المجتمعية المستدامة ومعرفة كل جهة ذات علاقة لأدوارها؛ سواءً كان القطاع الخاص أو القطاع الحكومي، أو أفراد المجتمع المدني؛ حيث إن مشاركتهم بالمسؤولية الاجتماعية والمبادرات تعد من الأولويات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جمعية المسؤولية الاجتماعية بجدة تُدشّن مشروع “المباني المستدامة”
دشّنت جمعية المسؤولية الاجتماعية بمحافظة جدة، مشروع “المباني المستدامة” بمركز حي النهضة النموذجي، بدعم من مؤسسة الملك خالد، والشركة السعودية للكهرباء، وبشراكة إستراتيجية مع جمعية مراكز الأحياء بمنطقة مكة المكرمة، التي كان لها دورٌ فاعل في تعزيز المشاركة المجتمعية وتهيئة البيئة المناسبة لتنفيذ المشروع داخل الأحياء المستهدفة.
ويأتي المشروع ضمن إطار تكاملي يهدف إلى تعزيز الوعي البيئي وتطبيق مفاهيم وممارسات الاستدامة، من خلال إبراز الأثر البيئي الإيجابي لتطبيق تقنيات المباني الذكية، وتسليط الضوء على أهمية ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية، والمحافظة على استدامتها للأجيال القادمة.
ويستهدف المشروع تدريب 30 شابًا وفتاة على آليات تحويل المباني التقليدية إلى مبانٍ ذكية، تُسهم في تقليل استهلاك الطاقة ورفع كفاءة التشغيل، وتعزيز معايير الأمان والرفاهية، بما ينعكس بشكل مباشر على تحسين جودة الحياة، ويدعم مستهدفات المملكة في مجال التحول البيئي والتنموي.
ويُعد المشروع نموذجًا تطبيقيًا متقدمًا للتكامل بين القطاع غير الربحي والقطاعين الحكومي والخاص، بما يعزز بناء مجتمع واعٍ بمفاهيم الاستدامة البيئية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة.