ما المعطيات العسكرية التي أدت إلى اتفاق دمشق وقسد؟
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي إن اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارا بـ"قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية جاء نتيجة لمعطيات عسكرية معقدة تضافرت خلال المرحلة الأخيرة.
وأوضح الفلاحي في تحليل للمشهد العسكري بسوريا أن أبرز تلك المعطيات الانسحاب الأميركي من شمال شرقي سوريا، والتهديد التركي المتصاعد بإنهاء وجود "قسد"، إضافة إلى التطورات الميدانية التي فرضت على الحكومة السورية إعادة النظر في تعاملها مع الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة.
وأشار إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة شكّل فراغا أمنيا كبيرا، مما جعل "قسد" في موقف حرج، إذ باتت تواجه تحديات وجودية في ظل تزايد الضغوط التركية.
وأضاف الفلاحي أن العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري ساهمت في دفع قادة "قسد" إلى البحث عن حلول تحميهم من تهديد أنقرة، وهو ما جعل الاندماج ضمن المؤسسات السورية خيارا مطروحا بقوة.
ويأتي الاتفاق بين دمشق و"قسد" بعد اجتماع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إذ تضمن الاتفاق التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، وضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية.
إعلانكما نص على وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، إضافة إلى تسليم السجون التي تديرها "قسد" إلى قوات وزارة الدفاع السورية.
تعزيز للقدراتوأشار الفلاحي إلى أن الاتفاق يعزز القدرات العسكرية للحكومة السورية على مستويات عدة، إذ ستتمكن من استيعاب مقاتلي "قسد" والاستفادة من خبراتهم، خصوصا أنهم يمتلكون أسلحة ثقيلة ومتطورة.
لكنه نبه إلى وجود تحديات كبيرة، أبرزها إدماج منظومة القيادة والسيطرة التابعة لـ"قسد" ضمن وزارة الدفاع السورية، بالإضافة إلى قضية توزيع المناصب والمهام بين الطرفين.
وأضاف أن هناك تساؤلات جوهرية تتعلق بمصير الأسلحة التي تحتفظ بها "قسد"، ومدى قبول تركيا بوجود هذه الترسانة ضمن المنطقة التي ستظل تحت سيطرة القوات الكردية بعد الاندماج.
كما تساءل عن مدى استعداد جميع فصائل "قسد" للاندماج، مشيرا إلى احتمال رفض بعض المجموعات هذا الاتفاق وانشقاقها.
وأكد الفلاحي أن إدارة المناطق الإستراتيجية التي تسيطر عليها "قسد" -بما في ذلك المعابر ومنابع النفط والغاز والأراضي الزراعية- ستكون من القضايا الشائكة التي ستخضع لحوار مباشر عبر لجان متخصصة.
وأوضح أن هذه اللجان ستتولى جرد الأسلحة وتحديد الواجبات والمهام التي سيتم توزيعها بين الطرفين، إضافة إلى حسم مسألة دمج بعض القوات وتسريح أخرى وتحويلها إلى قوات مدنية خارج إطار وزارة الدفاع.
تحديات لوجستية وتنظيميةوبشأن عدد مقاتلي "قسد"، قال الفلاحي إن التقديرات تشير إلى أنه يتجاوز 100 ألف مقاتل، مما يجعل عملية دمجهم تحديا لوجستيا وتنظيميا هائلا.
ولفت إلى أن المناطق التي تسيطر عليها "قسد" ذات أغلبية عربية، وهو ما يزيد تعقيد التفاهمات بين الطرفين.
ويرى الفلاحي أن نجاح الاتفاق يتوقف على طبيعة التفاهمات التي سيتم التوصل إليها بشأن مستقبل "قسد"، والامتيازات التي ستحصل عليها مقابل الانخراط في المؤسسات السورية، بالإضافة إلى آليات التعامل مع التحدي التركي وضمان عدم استخدام الاتفاق ذريعة لأي تصعيد إقليمي.
إعلانوتأسست قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015 في محافظة الحسكة بسوريا لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.
وتتألف القوات بشكل رئيسي من وحدات حماية الشعب، وهي القوة الكردية المسلحة الرئيسية وتعد العمود الفقري لـ"قسد"، كما تشمل وحدات حماية المرأة، وهو جناح عسكري نسائي مرتبط بوحدات حماية الشعب.
وتضم هذه القوات فصائل عربية وسريانية آشورية انضمت إلى قسد لتوسيع قاعدتها الشعبية والعسكرية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية العربية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان إلى أن
إقرأ أيضاً:
شكوك إسرائيلية في مستقبل الاتفاق المتوقع مع سوريا
تتزايد التقديرات الإسرائيلية حول حدوث اختراق وشيك في العلاقات مع سوريا، وسط شكوك في مستقبل الاتفاق المتوقع وشكله ومدى صموده بالنظر إلى اعتبارات عديدة.
مايكل هراري، السفير الإسرائيلي الأسبق، والدبلوماسي المرموق في وزارة الخارجية، أكد أن "الظروف الحالية في مستقبل العلاقات الاسرائيلية السورية معقدة للغاية، وتتطلب التفكير فيما هو ممكن وضروري، مع تجنب التحركات المتساقطة التي قد تضر الطريق، لأن النظام السوري الجديد لا يسيطر بشكل فعال على مساحة الدولة بأكملها، رغم ما يوضحه من براغماتية لافتة، لكنه سيظل مضطرًا إلى الإبقاء على الأيديولوجية الإسلامية، ومدى قدرتها على أداء ما هو مطلوب منه".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أن "العلاقة المستقبلية مع سوريا تستدعي فحص تأثيراتها على مشاركة اللاعبين الخارجيين في تركيا وإسرائيل، وهنا يكمن التحدي الحقيقي أمام دمشق، التي تتطلب عملية إعادة تأهيل ضخمة، مع العلم أن ما يصل النظام السوري الجديد من دعم على صعيد المجتمع الدولي يعني منحه مزيدا من الأسلحة المفتوحة ذات الطابع الدبلوماسي والاقتصادي".
وأوضح أن "رحيل إيران عن سوريا، يُنظر إليها كمصلحة تحظى بإجماع عالمي، حتى أن الرئيس دونالد ترامب انتهج سلوكا غير تقليدي حين مدّ يده للرئيس السوري أحمد الشرع، وعانقه، مما قد يفسح المجال للحديث في كيفية الترويج لمثل هذا الاتفاق المتوقع مع دولة الاحتلال، وهنا تجد الدولة السورية نفسها في موضع يحظر عليها أن تفوت الفرصة، لكنها من ناحية أخرى تدرك أنه من المهم عدم القفز مرتفعًا جدًا وبعيدًا".
وأشار إلى أنه "في بداية الحرب الأهلية في سوريا، نشأ سؤال في تل أبيب حول ما إذا كانت تُفضّل حكم الأسد الموصوف بأنه الشيطان المألوف، أو بدائل المعارضة، لكنها اختارت تجنّب الدعم النشط للأخيرة، وقد أدى هذا القرار إلى تفضيل سوريا الضعيفة، التي تفتقر إلى القيادة الفعالة".
وأضاف أن "قضية أخرى تتعلق بصورة الشرع، وتتعلق بالشكوك المحيطة بشخصيته، وهي شكوك تبدو مفهومة، لكنها تتطلب قرارًا فيما إذا كان سيدفعه ذلك بأن يحظى بالدعم الواسع الذي يفوز به في الساحة الدولية، والعمل على تعزيز حكمه بطريقة تخدم مصالح بلاده أو جيرانها، بمن فيهم إسرائيل، وهل السعي لتحقيق إنجاز طموح كاتفاق على السلام بدون الجولان هو مصلحة إسرائيلية، أو قد يعرّضه للصعوبات، وهنا ستحصل بعض الأسئلة المتعلقة بالانسحاب الإسرائيلي إلى خط الحدود".