الجزيرة:
2025-05-30@11:41:07 GMT

اتفاق قسد والإدارة السورية.. عوامل النجاح والفشل

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

اتفاق قسد والإدارة السورية.. عوامل النجاح والفشل

  جاء الاتفاق بين الإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في وقت تحتاج فيه سوريا إلى الخروج من آثار الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق في الساحل السوري، وذهب ضحيتها مئات السوريين، من عسكريين ومدنيين، وفجرتها هجمات قامت بها عصابات من بقايا نظام الأسد البائد، استهدفت فيها قوى الأمن العام، وكانت تهدف إلى إشعال الفتنة، وضرب الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب السوري، وتمزيق الجسد السوري عبر السعي إلى فصل منطقة الساحل عنه.

وبالتالي تأتي أهمية الاتفاق من كونه يشكّل ضربة لكل المشاريع الانفصالية في سوريا، التي تقف وراءها قوى خارجية، وفي مقدمتها إيران وإسرائيل، إضافة إلى أن يشكل مدخلًا لإنهاء حالة القطيعة بين مناطق الجزيرة السورية، وباقي المناطق السورية، التي تمتد إلى أكثر من عشر سنوات خلت. ولعل الأهم هو أن الاتفاق عكس تلهف الشارع بمختلف أطيافه ومكوناته إلى توحيد الأرض السورية، وذلك بعد الخلاص من نظام الأسد الاستبدادي.

مزايا الاتفاق

 تكمن أهمية الاتفاق في مزاياه وأبعاده المختلفة، خاصة على الصعيد الداخلي، والتي يمكن تحديدها فيما يلي:

 أولًا، يعدّ الاتفاق خطوة تاريخية بالنسبة للكرد السوريين من الناحيتين السياسية والاجتماعية، وبالنسبة لجميع السوريين، كونه يفتح المجال أمام السوريين لبناء سوريا موحدة. ثانيًا، يعتبر الاتفاق نقطة تحول بارزة في مسار بناء الدولة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد البائد، بالنظر إلى أنه يفتح المجال أمام مرحلة جديدة تستعيد فيها الدولة سيطرتها على الموارد الطبيعية في مناطق شرقي الفرات، وإعادة إدماجها ضمن الاقتصاد الوطني.  ثالثًا، يسهم الاتفاق في استعادة الثقة فيما بين جميع السوريين، حيث قدمت الإدارة الجديدة العديد من فرص بناء الثقة لكل الأطراف، بواسطة التعاون معها، وإظهار سعيها لإدارة المرحلة الانتقالية بإشراك جميع المكونات، فابتعدت بذلك عن استخدام القوة الخشنة مع "قسد"، وبالافتراق مع سلوك وممارسات السلطة الاستبدادية لنظام الأسد البائد التي تسعى إلى الهيمنة. رابعًا، يرتكز الاتفاق إلى مبدأ ضمانة حقوق كل السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية، وجميع مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، حسبما نص عليه الاتفاق، ما يعني إشراك الجميع في القرار السوري، إضافة إلى تأكيده على أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية الجديدة حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية. إعلان

ينبغي الإشارة هنا إلى أن التوقيع على الاتفاق يعكس تحولات في مواقف قيادات قوات سوريا الديمقراطية، وكل الأجسام الأخرى المدنية والعسكرية، المسيطرة على مناطق شرقي الفرات، عبر قبولها بدمجها كلها ضمن الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.

كما يترجم تغليب الطرفين لغة الحوار وسعيهما وحرصهما على الابتعاد عن الاحتكام إلى لغة السلاح، ما يعني توفر العزم على جمع شتات الدولة والجغرافيا السورية وتوحيدها للانطلاق في عملية بناء سوريا الجديدة.

وبالتالي فإن ما كل سبق يشير إلى أن الاتفاق يشكل بداية تفاهم إستراتيجي طويل الأمد، شريطة أن يتم تنفيذه دون معيقات، والأمر منوط بإرادة القوى الفاعلة في قسد، ويتوقف على إمكانات وصلاحيات اللجان المشكلة من الطرفين للإشراف على تنفيذه، ضمن نطاق زمني، حدده الاتفاق بحدود نهاية العام الجاري، وبمدى تخلي قسد عن شروطها القديمة للاندماج في الجسم السوري الجديد.

فرص النجاح

قد يكون من المبكر الحكم على مصير الاتفاق، خاصة أن آليات تنفيذه لم تتضح تفاصيلها بعد، ومع ذلك يمكن القول إنه يتملك فرصًا عديدة للنجاح، وتتجسد ممكنات نجاحه في:

الدعم الشعبي الواسع، الذي عبر عنه بنزول السوريين إلى شوارع وساحات مختلف المدن السورية، تعبيرًا عن فرحتهم بالتوصل إلى الاتفاق، الذي يلبي طموحات جميع السوريين، ويحظى بتأييدهم جميعًا. النضج السياسي الذي توفر لدى الإدارة الجديدة وقيادة قوات سوريا الديمقراطية، حيث تمكنت الإدارة السورية الجديدة من امتصاص الدعوات الانفصالية التي كانت تصدر من بعض قادة قسد، خاصة أولئك المرتبطين بحزب العمال الكردستاني التركي، فيما تخلت بالمقابل قسد عن مشاريعها الانفصالية. الدور الإيجابي الذي لعبته قوى إقليمية ودولية، خاصة الدور الأميركي والتركي، حيث إن الاتفاق ما كان له أن يرى النور لولا دفع الولايات المتحدة قسد نحو التفاهم مع الإدارة الجديدة، وبما يتسق مع مخرجات الحوار الأميركي- التركي حول مستقبل منطقة شرقي الفرات. الدعم العربي والدولي للإدارة الجديدة، الذي شكّل أحد عوامل الضغط على قسد وقيادتها كي تقبل بالانضواء والاندماج مع الدولة السورية، وأفضى إلى مسارعة العديد من الدول العربية والأوروبية للترحيب به، الأمر الذي يزيد من فرص نجاحه، وذلك على الرغم من مواقف كل من النظام الإيراني وإسرائيل الهادفة إلى إفشال مساعي الإدارة الجديدة، وتفتيت سوريا وتقسيمها إلى كانتونات، وبما يكرس تحويلها مناطق نفوذ موزعة على أساس طائفي أو ديني أو مذهبي. إعلان المعيقات

بالرغم من توفر فرص نجاح الاتفاق، فإن هناك عوامل يمكن أن تعيق تطبيقه، وربما تؤدي إلى فشله، والتي يمكن تحديدها بالنقاط التالية:

كيفية اندماج قسد في الجيش السوري الجديد: هل سيتم دمجها ككتلة موحدة، أم يعاد تشكيلها من جديد تحت مظلة وزارة الدفاع، لأن هناك أصواتًا تطالب بضرورة الحفاظ على هيكليتها التنظيمية، وبقائها على ما هي عليه. فضلًا عن أن المكون الأساسي في قسد هي "وحدات حماية الشعب"، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، والتي تضم عددًا كبيرًا من المقاتلين الأجانب حيث تطالب الإدارة السورية بإبعادهم عن الأراضي السورية. مواقف المكونات الأخرى في مناطق سيطرة قسد، ويشمل ذلك العرب والسريان والآشوريين، الذين يطالبون بوجود تمثيل لهم، وهو أمر يمكن التفاهم حوله. إضافة إلى أن هناك أحزابًا كردية لا تعتبر قسد ممثلة لها، وتختلف مواقفها عنها. شكل الحكم في سوريا، حيث إن قسد لم تتخلَّ عن دعوتها لإقامة حكم ذاتي في مناطق شرقي الفرات، واعتماد نظام لا مركزي. والسؤال هو: هل ستقبل بنظام لا مركزي على المستوى الإداري أم ستصرّ على لا مركزية على المستوى السياسي؟ سجون مقاتلي تنظيم الدولة والمخيمات التي تصر قسد على الاستمرار في إدارتها، فيما تقتضي موجبات سيادة الدولة السورية أن تكون تحت سلطتها وإدارتها. إضافة إلى علاقة قسد مع قوات التحالف الدولي لمجابهة تنظيم الدولة، ومصير القواعد الأميركية في سوريا، التي ربما سيحسم مصيرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي سبق أن أعلن عن رغبته بسحب القوات الأميركية من سوريا.

يأمل غالبية السوريين نجاح الاتفاق، وأن تنعكس تداعياته الإيجابية على إبرام توافقات أخرى مع القوى الفاعلة في الجنوب السوري. وهو ما بدأت بوادره في الظهور مع السويداء، وذلك كي يتكلل نجاح الإدارة الجديدة في تجاوز عقبات أساسية، بعدما تجاوزت محاولة عصابات بقايا نظام الأسد، وأحبطت مخططهم في السيطرة على الساحل.

إعلان

ومن المهم أن يُستتبع كل ذلك بترجمة مقابلة على المسار السياسي، وخاصة الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة انتقالية جامعة، واستكمال حل الفصائل وانضوائها في مؤسسة الجيش الوطني الجديد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان

إقرأ أيضاً:

دمشق وقسد يطلقان آلية مشتركة لإجلاء آلاف السوريين من مخيم الهول

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية في دمشق يقضي بوضع آلية مشتركة لإجلاء المواطنين السوريين من مخيم الهول الواقع في شمال شرق سوريا، والذي يضم عشرات الآلاف من عوائل المشتبه بانتمائهم أو ارتباطهم بتنظيم "الدولة الإسلامية".

وقال شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية، الذراع السياسي لـ"قسد"، إن الاتفاق جاء عقب اجتماع ثلاثي ضم ممثلين عن الحكومة السورية، والإدارة الذاتية، وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. 

وأوضح أن الاتفاق يهدف إلى إخراج العائلات السورية من مخيم الهول تمهيدا لإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.

وأكد أحمد أن الاتفاق لا يتضمن أي ترتيبات لتسليم إدارة المخيم للحكومة السورية، نافيا صحة تقارير إعلامية تحدثت عن تسليم وشيك للمخيم، وقال: "لم تُطرح أي مناقشات بهذا الشأن، سواء مع الوفد الزائر أو مع المسؤولين في دمشق".

وكان وفد من الحكومة السورية قد وصل إلى مخيم الهول خلال الأيام الماضية، حيث التقى ممثلين عن الإدارة الذاتية، التي تسيطر على المنطقة.

ويقع المخيم قرب بلدة الهول في محافظة الحسكة، ويبعد نحو 13 كيلومتراً عن الحدود العراقية. 
وبحسب إحصاءات صادرة في شباط/فبراير الماضي٬ يضم المخيم نحو 37 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، من بينهم قرابة 16 ألف سوري، و15 ألف عراقي، ونحو 6 آلاف من جنسيات أجنبية مختلفة.


إجلاء العراقيين

وكانت عمليات إجلاء العائلات العراقية من المخيم قد بدأت منذ عام 2021، حيث تم نقل حوالي 14 ألفًا و500 شخص إلى العراق حتى نيسان/أبريل الماضي. 

وتشير التقديرات إلى أن الحكومة السورية ستواجه تحديات كبيرة في عملية إعادة إدماج السوريين العائدين، لا سيما أولئك الذين يُشتبه بارتباطهم بتنظيم الدولة، مما يثير مخاوف تتعلق بالأمن والمصالحة المجتمعية.

أوضاع المخيم 
ودأبت منظمات حقوق الإنسان على التحذير من تردّي الأوضاع المعيشية داخل المخيم، مشيرة إلى انتشار العنف وسوء الخدمات، في ظل وجود آلاف النساء والأطفال من أسر مقاتلي "داعش"، بالإضافة إلى أنصار التنظيم ومقاتلين سابقين من جنسيات أجنبية، كانوا قد قدموا إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم المتطرف.

وبالنسبة للمواطنين السوريين في المخيم، فقد كانت الإدارة الذاتية قد اعتمدت منذ سنوات آلية لإعادة من يرغب منهم إلى مناطق خاضعة لسيطرتها، تضمنت افتتاح مراكز مخصصة لإعادة دمجهم. 

غير أن الاتفاق الأخير مع الحكومة المركزية في دمشق يُعدّ أول اتفاق رسمي بشأن إعادة السوريين إلى مناطق سيطرة الدولة.


ويأتي هذا التطور في سياق أوسع من التفاهمات بين الإدارة الذاتية الكردية والحكومة السورية الجديدة، التي تسلمت السلطة بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي. 

وقد نصّ اتفاق تم توقيعه في آذار/مارس الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، على دمج "قسد" ضمن هيكلية الجيش السوري الجديد، في إطار مشروع لإعادة توحيد البلاد وإنهاء الانقسامات التي نشأت خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011.

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تنتقل إدارة المعابر الحدودية مع العراق وتركيا، والمطارات، وحقول النفط في شمال شرق سوريا إلى سلطة الحكومة المركزية، في خطوة تهدف إلى استعادة السيطرة السيادية الكاملة على البلاد.

كما يقضي الاتفاق بتسليم إدارة السجون التي تضم نحو 9 آلاف محتجز يُشتبه بانتمائهم لتنظيم "داعش" إلى السلطات المركزية في دمشق. 

ورغم ما يحمله الاتفاق من دلالات على بداية مرحلة جديدة من التوحيد الوطني، فإن تنفيذه يسير بوتيرة بطيئة، وسط ضغوط تمارسها الولايات المتحدة على مختلف الأطراف لتسريع تنفيذ البنود، خصوصًا المتعلقة بإدارة السجون والمنشآت السيادية.

مقالات مشابهة

  • خلال لقائه مع وفد من الجالية السورية في أستراليا.. محافظ دمشق يؤكد أهمية دور السوريين في الخارج
  • أردوغان: قسد تماطل بتنفيذ الاتفاق مع الحكومة السورية.. نراقب عن كثب
  • رئيس مياه أسيوط يناقش إجراءات تصحيحية لمحطة معالجة شطب
  • المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل جهود الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة الحكومة السورية الجديدة
  • المدربون في 2024-2025.. «الموسم الأول» بين النجاح الخيالي والفشل الذريع
  • سوريا الجديدة: بين عدالة الاقتصاد ووعي السيادة
  • حصري.. الكشف عن موعد بدء المفاوضات بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية
  • اتفاق بين «قسد» ودمشق على إجلاء السوريين من مخيم الهول
  • وفد من مديرية الحج السورية يتفقد أماكن الحجاج السوريين المؤقتة في مشاعر منى
  • دمشق وقسد يطلقان آلية مشتركة لإجلاء آلاف السوريين من مخيم الهول