لجريدة عمان:
2025-12-07@20:20:57 GMT

نجوم الثريا

تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT

نجوم الثريا

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

والنجم الذي نتحدث عنه هو ليس نجمًا مفردًا، وإنما هو عنقود نجمي يتكون من مئات النجوم وأشهرها 7 نجوم وهي الشقيقات السبع، المكونة لما يعرف فـي الثقافة العربية بـ«الثريا» وهي أشهر مجموعة نجمية على الإطلاق عند العرب، ولا يكاد شاعر من الشعراء العرب القدامى إلا وذكر هذه النجوم فـي قصائده، حتى أن امرأ القيس ذكرها فـي معلقته، ووصفها بوصف جمالي بديع، فهو يصف هذا العنقود النجمي الذي تشع منه تلك النجوم السبعة بأضواء زرقاء مبهرة بأنها تشبه الوشاح المطرز بالجواهر، ويكفـي هذا الأمر دلالة على الحضور القوي لهذا النجم فـي الثقافة العربية منذ القدم، ومما ذكره القلقشندي فـي كتابه الموسوعي «صبح الأعشى فـي صناعة الإنشا» من الأساطير العربية التي ذكرت نجم الثريا والدبران فقال: «..ويقولون فـي خرافاتهم: إن الدّبران خطب الثريّا إلى القمر فقالت: ما أصنع بسبروت، فساق إليها الكواكب المسماة بالقلاص مهرًا فهربت منه فهو يطلبها أبدا، ولا يزال تابعا لها، ثمّ قالوا فـي أمثالهم: «أوفى من الحادي، وأغدر من الثريّا» ويقصدون بالحادي هو نجم الدبران.

وقد استدل العرب بهذا العنقود النجمي يقع فـي كوكبة الثور، فـي مواسم الأمطار والتقويم الزراعي، فظهور نجوم الثريا فـي السماء قبل الفجر كان يُعتبر إشارة لبدء موسم الأمطار، مما يدفع الفلاحين إلى استعداداتهم للزراعة، كما كان اختفاء الثريا عن الأنظار لفترة من السنة بداية لموسم الجفاف.

أما عن المعلومات الفلكية لهذه النجوم والتي أثبتتها الدراسات الحديثة فقد بينت أن قطر عنقود الثريا بأكمله يمتد على مسافة 43 سنة ضوئية تقريبًا، والنجوم الرئيسية فـي العنقود هي نجوم عملاقة أكبر من الشمس بحوالي 5 إلى 10 أضعاف فـي القطر، كما أن هذه النجوم الزرقاء الساخنة، تتراوح درجة حرارة سطحها بين 10.000 - 30.000 كلفن، وهي أكثر حرارة بكثير من شمسنا التي تبلغ حرارتها حوالي 5.778 كلفن، وتبعد نجوم الثريا عن الأرض حوالي 444 سنة ضوئية.

ولأن هذه النجوم نالت هذه المكانة عند العرب القدماء فلذلك نجد أنها هي أكثر النجوم ذكرًا فـي الشعر، ولو بحثنا كذلك فـي الشعر العماني لرأينا القصائد المطرزة التي تذكر هذا النجم وتشبه به الممدوحين فـي البريق واللمعان والشرف والرفعة، فهذا الشاعر العماني الغشري يمدح أحدهم فـيقول أنه رقى على هامة الثريا فقال:

خاطرتَ بالنفسِ حتى أنْ رقيتَ على

هامِ الثُّرَيَّا وأنَّ المجدَ فـي خَطَرِ

ولجْتَ بابَ العُلاَ لما جعلتَ له

مفاتحَ البِيضِ والْخَطّيَّةِ السمُرِ

أما الشاعر ابن شيخان السالمي فذهب فـي تصوير نجوم الثريا وكأنها نساء مجتمعات يشكون لبعضهن ما فـي أنفسهن من الحب والهوى فقال:

كأنَّ السماك استأسر الليل سمكه

فخاض حشاه رمحه المتواردُ

كأنَّ الثريا نسوة قد تجمعت

فكلُّ على بثّ الهوى متواجدُ

فـي حين نجد الشاعر المشهور أبو الصوفـي يمدح السلطان فـيصل بن تركي فـيقول:

عَمْرَك اللهَ لَوْ رَقيتَ الثريا

لَمْ تجدْ غيرَ فـيصلٍ عنك حامى

يبذُل النفسَ والنَّفـيس إذَا مَا

نَسرُ بَغْيٍ عَلَى الرعية حاما

أما الشاعر المعولي فقد ذكر نجم الثريا فـي معرض مدحه للسلطان بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي ثالث أئمة دولة اليعاربة، فقال:

فاعل قدرًا وأين تَعْلُو وقد خلتُ

الثريّا لإِخْمَصيكَ نِعَالاَ

من نواليك أو يُدانيك يرجُو

منكَ يُسرا لا يختشى إقْلالاً

كما ذكر الشاعر العماني موسى بن حسين بن شوال نوء الثريا فقال:

لَم يُبدِ مِن آياتهِ وسماتهِ

لِلعينِ إلّا نوّه ورجامهُ

أَبلى حداثتهُ وعفّا رسمهُ

نوّ الثريّا وبلُه ورهامهُ

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نجوم الثریا هذه النجوم الثری ا

إقرأ أيضاً:

شاعر الحب والألم والصحافة الذكية.. ذكرى ميلاد كامل الشناوي| فيديو

تمر اليوم الأحد، ذكرى ميلاد الشاعر والصحفي الكبير كامل الشناوي، أحد أبرز وجوه الأدب العربي في القرن العشرين، الذي ارتبط اسمه بالإبداع والشجن والظرف، وحكاية حب مأساوية لازمته حتى وفاته في نوفمبر 1965.

يارب فرج قريب.. أحمد الشناوي يدعم رمضان صبحيطارق الشناوي: من حق أم شيماء جمال مقاضاة صناع ورد وشوكولاتةأحمد الشناوي يهنئ يوسف أوباما بعيد ميلاده .. ماذا قال ؟ولادة ونشأة في أسرة عريقة

ولد كامل الشناوي في السابع من ديسمبر 1908 بقرية نوسا البحر بمحافظة الدقهلية، بعد أشهر قليلة من وفاة الزعيم مصطفى كامل، فأطلق والده اسمه كامل تيمنا بالزعيم الراحل.

نشأ في أسرة تجمع بين العلم والمكانة الاجتماعية؛ فوالده الشيخ سيد الشناوي كان قاضياً شرعياً، ووالدته صديقة هانم بنت سعيد باشا، وكان شقيقه مأمون الشناوي شاعراً غنائياً، بينما كان عمه الإمام الأكبر الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الأزهر.

مسيرة تعليمية وصحفية غنية

التحق كامل الشناوي بالأزهر لخمس سنوات قبل أن يتجه إلى المطالعة الحرة والانخراط في مجالس الأدباء، حيث درس الأدب العربي والأجنبي.

بدأ حياته الصحفية بالعمل مع طه حسين في جريدة الوادي، ثم انتقل إلى روز اليوسف مع محمد التابعي، وتنقل بين آخر ساعة والمصور، قبل أن يتولى رئاسة قسم الأخبار في الأهرام عام 1954، ثم رئاسة تحرير أخبار اليوم حتى رحيله.

كان يقول عن نفسه: "ما بقتش في شعري صحفي، لكن أصبحت شاعرا في صحافتي"، وهي العبارة التي تلخص العلاقة المتشابكة بين الشعر والصحافة في حياته.

الإبداع الشعري وأغاني الخلود

عرف الشناوي بذكائه الحاد وخفة ظله، حتى وصفه أنيس منصور بأنه «آخر ظرفاء الأدب والصحافة»، رغم أن هذه الروح المرحة كانت تخفي ألماً دفيناً بدا جلياً في قصائده العاطفية.

أبدع الشناوي أعمالاً متميزة مثل: «اعترافات أبي نواس»، «أوبريت جميلة»، «الليل والحب والموت»، و«أوبريت أبو نواس»، وغنت أعماله كبارالفنانين مثل:

أم كلثوم: «على باب مصر»

محمد عبد الوهاب: «الخطايا»، «نشيد الحرية»

عبد الحليم حافظ: «لست قلبي»، «حبيبها»

نجاة: «لا تكذبي»

فريد الأطرش: «عدت يا يوم مولدي»، «لا وعينيكي»

وقد أصبحت قصائده العاطفية قصصًا مغناة، يعيش القارئ معها تجربة حب حقيقية، وليس مجرد أبيات شعرية.

لقب «الشاعر المحروم» وتجربة الحب المأساوية

لقب كامل الشناوي بـ«الشاعر المحروم» بعد أن عاش تجربة حب مأساوية ظلت تطارده طوال حياته. وفق رواية رجاء النقاش في كتابه شخصيات لا تنسى، كشف مصطفى أمين أن الشاعر كان يزور المقابر يومياً، تحضيراً للجو الذي سيواجهه بعد رحيله.

العقاد وصفه بالعبارة الشهيرة: "لا تزال كما أنت، لست صغيرا ولا تريد أن تكون كبيرا"، وهو تعبير عن الألم الدفين الذي رافقه حتى وفاته، وحدث أن مات مكتئباً دون مرض يذكر.

موهبة شعرية وذكاء ثقافي واسع

رغم أن الشناوي لم يدون سوى ديوان صغير، إلا أن أعماله بقيت كنزاً محبباً لعشاق الشعر. 

وقد كان قادراً على منافسة نزار قباني لولا انشغاله بالصحافة وصخب الحياة.

قبل عام من وفاته، عاش تجربة قريبة من الموت ووصفها بأنها «بروفة للموت»، ليشعر بقرب النهاية التي صدق إحساسه بها.

وكانت ذاكرته القوية وحضوره المتميز في الأوساط الأدبية والفنية سبباً في دعم المواهب الشابة مثل عبد الحليم حافظ وبليغ حمدي، كما حافظ على استخدام اللغة العربية الفصحى طوال حياته، بينما اتجه شقيقه مأمون إلى العامية.

إرث خالد في الشعر والحب

لا تزال قصائد كامل الشناوي، مثل «لا تكذبي» و«عدت يا يوم مولدي»، شاهداً على شاعر عاش الحب حتى الألم، محافظاً على مكانته كواحد من أبرز شعراء العاطفة في العصر الحديث، وترك إرثاً خالدًا يجمع بين الشعر والصحافة والإبداع الفني.

طباعة شارك كامل الشناوي الصحفي الكبير كامل الشناوي ميلاد الشاعر والصحفي الكبير كامل الشناوي

مقالات مشابهة

  • شاعر الحب والألم والصحافة الذكية.. ذكرى ميلاد كامل الشناوي| فيديو
  • أبواب العفاف كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هشام الجخ: الأهلي يتجاوز الرياضة ليُصبح رمزًا وطنيًا إلى جانب الفن والمسرح والأوبرا
  • أبرزهم زليخة طاهر.. نجوم العرب الصاعدين لعام 2025 خلال مهرجان البحر الأحمر
  • أصالة تفجر مفاجأة بشأن أنباء انفصالها عن زوجها الشاعر الغنائي فائق حسن
  • موقف عمومي
  • حكاية انتحال قصيدة تتغنى بالتراب العُماني
  • علي جمعة: عدم العفاف يَسُدُّ بابَ استجابة الدعاء ويُوقِع الضغينةَ بين الناس
  • أيمن بهجت قمر : محظوظ بـ أبويا وبـ أمي وبـ جوز أمي
  • هيئة قصور الثقافة تنعى الشاعر الكبير فوزي خضر