حكايات المندسين والفلول في سوريا
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
آخر تحديث: 13 مارس 2025 - 11:02 صبقلم : فاروق يوسف كنت في مطار دمشق حين سمعت إحدى موظفات السوق الحرة وهي تخبر زميلها أنها رأت عددا من المندسين أمس قرب بيتها. حدث ذلك في مارس 2011، بعد أسبوعين على قيام الحراك الاحتجاجي الشعبي وكان الخطاب الرسمي يركز على وجود مندسين خبثاء بين المحتجين الأبرياء في محاولة لتفسير لجوء السلطات إلى قمع التظاهرات بعنف مبالغ فيه.
حتى بالنسبة للحكومة السورية فإن وجود أولئك المندسين كان شبحيا بحيث لم تتمكن وسائل الإعلام من عرض صورة لأحدهم. غير أن ذلك لم يمنع موظفة المطار من القول إنها رأت عددا منهم. وفي ذلك ما يؤكد استعداد الكثيرين لكي يكونوا مادة طيعة لنشر الأكاذيب. ذهب نظام بشار الأسد واختفى المندسون قبله بعد أن تبين أن الجزء الأكبر من الشعب كان مندسا. وكما يبدو فإن مرحلة ما بعد الأسد لم يتم الإعداد لها جيدا لينأى النظام الجديد بنفسه بعيدا عن الحاجة إلى الكذب. فحين وقعت مجازر في مدن الساحل التي تسكنها غالبية علوية صارت وسائل الإعلام الموالية للتغيير في سوريا تتحدث عن معارك تجري ما بين قوات النظام وبين فلول النظام السابق. على الطرفين هناك شيء غامض. فقوات النظام لا يُقصد بها جيش الدولة بالتأكيد، بل هي الفصائل والجماعات المسلحة التي غزت دمشق بعد أن تم ترحيل بشار الأسد من قصر الحكم. أما فلول النظام السابق فقد كشفت الصور عن آلاف العوائل وهي في حالة هلع وذعر وانهيار بعد أن رأت الموت وهو ينقض على حياة المئات من النساء والأطفال والشيوخ. ومثلما حدث مع حكاية المندسين شكك السوريون بحكاية الفلول. لقد انتشرت عشرات الأفلام المصورة بالهواتف لمقاتلي النظام الجديد وهم يرددون شعارات طائفية ويسخرون من ذعر الأطفال وهلع النساء وخوف الشيوخ. غير أن تأكيد أحمد الشرع على أن ما يجري في مدن الساحل كان متوقعا إنما يؤكد على أن كل شيء كان قد جرى التخطيط له وأن ما يجري لم يكن مجرد رد فعل وأن المسلحين الذين قيل إنهم قاوموا في مدن الساحل لم يقوموا إذا كان ذلك صحيحا إلا بالدفاع عن أنفسهم وعوائلهم ومدنهم. وليس صحيحا ما تم تداوله في وسائل الإعلام من أن هناك تمردا يتم إخماده. باعتباري عراقيا يمكنني أن أقول إنه الفيلم نفسه. لقد جرى تصوير النسخة الأولى منه في العراق وها هي النسخة الثانية يتم تصويرها في سوريا. كانت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تقوم بالتطهير الطائفي في المدن ذات الغالبية السنية تحت شعار القضاء على فلول النظام السابق. وكانت الفلوجة ضحية مزدوجة لقوات الاحتلال والميليشيات الإيرانية. كل قتيل إما أن يكون بعثيا أو قاعديا بغض النظر عما إذا كان طفلا أو شيخا أو امرأة. لقد جرى القتل في العراق علنا في ظل صمت عالمي. وهو الصمت نفسه الذي يواجه به العالم عمليات القتل في سوريا. كلمة السر في ذلك هي أميركا. فما دام مشروع التغيير في سوريا قد تم تبنيه أميركيا فإن كل شيء يحدث هناك لن يجرؤ أحد على الاعتراض عليه أو حتى الإشارة إليه من طرف خفي. كان نظام الأسد يكذب في حديثه عن المندسين بطريقة ساذجة. أما الحديث عن الفلول فهو كذبة فيها الكثير من الابتذال القاسي. ذلك لأنها شعار ينطوي على محاولة تمرير ما تم ارتكابه من مجازر سُميت في سياق الكذبة نفسها معارك. أما الطرف الأضعف الذي حاول أن يدافع عن نفسه فسيوضع في قائمة أعداء التغيير المطالبين بعودة الأسد. غطاء أبله لجريمة كانت متوقعة حسب الرئيس الشرع. أما كان في إمكان الدولة السورية الجديدة أن تمنع وقوع تلك الجريمة؟ ولكن العلويين هم الفئة السورية الثانية التي يتم استهدافها بعد الدروز. فهل بدأت الحرب المتوقعة على الأقليات من غير الالتفات إلى أن سوريا هي بلد أقليات أصلا؟ تبسيط المسألة السورية ليس في صالح السوريين. سوريا بلد معقد. روحه متشظية بين جهات متباعدة ومختلفة. تاريخها يقوم على التعدد الديني والعرقي والطائفي. وليس من المستبعد أن تقود النظرة الأحادية المتشددة إلى تمزيق سوريا بدءا من تدمير روحها القائمة على التعدد. فإذا كان العلويون غير مسؤولين عما فعله نظام الأسدين فإن الانتقام منهم سيكون بمثابة إشارة إلى الطوائف والأعراق الأخرى لكي تنتظر مناسبة القصاص منها. في حالة من ذلك النوع ستكون سوريا دولة التطهير العنصري رقم واحد في عصرنا.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
«المستشارة التى أرادت أن تصبح السيدة الأولى».. قصة لونا الشبل مع النظام السورى بعد فيديوهات مسربة مع بشار
تصدرت الإعلامية السورية الراحلة لونا الشبل، اهتمام مواقع التواصل الاجتماعى والشارع السورى، مرة أخرى، بعد التسريبات المصورة التى نشرتها قناة العربية السعودية برفقة الرئيس السورى المخلوع بشار الأسد أثناء قيادته سيارته فى الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق.
وظهر بشار الأسد ومستشارته الإعلامية لونا الشبل فى مقطع فيديو وهما يتناولان فيه الأحداث فى الغوطة وصور الأسد التى لم يكد شارع فى سوريا يخلو منها.
وأثارت لونا الشبل فى مقطع الفيديو جدلًا واسعًا بعد حديثها عن الغوطة الشرقية والتى طالبت بمغادرتها، ليرد بشار الأسد:« يلعن أبو الغوطة».
كما تتضمن التسجيلات التى بثتها «العربية» مشاهد يسخر فيها الأسد ولونا الشبل من جنود سوريين ظهروا وهم يقبِّلون يد الرئيس المخلوع خلال لقاءات سابقة.
وفى مقطع آخر، قال الأسد للونا الشبل إنه لا يشعر بشيء عند رؤية صوره بالشوارع، وذلك بعد سؤالها له عمَّا يشعر به عند رؤية صوره بالشارع.
وفى مقطع آخر، ظهر الأسد وهو يسخر من اسم عائلته، قائلاً: «يجب تغييره باسم حيوان آخر».
من هى لونا الشبل؟
كشفت مجلة «المجلة» قصة لونا الشبل وعلاقتها بـ بشار الأسد وتفاصيل قتلها فى يوليو 2024، واختفاء شقيقها ملهم وزوجته بعد قصف إسرائيل قنصلية إيران فى دمشق.
وجاءت أبرز المعلومات عن لونا الشبل على النحو التالى:
ولدت لونا الشبل فى دمشق أول سبتمبر 1974 لعائلة درزية.
هجرها والدها لخلافات مع أمها نايفة التى كانت تعمل موظفة فى حزب «البعث» الحاكم فى سوريا، ومدرسة فى مدرسة حكومية.
قاطعت لونا والدها سنوات طويلة حتى وفاته، ذلك قبل وفاتها بسنوات قليلة فى يوليو 2024، وعاشت مع أمها فى برزة بريف دمشق.
كانت حزبية نشيطة فى «طلائع البعث»، التنظيم الشبابى الذى كان تابعا لحزب «البعث» الحاكم.
عملت لونا فى محل تصميم بطاقات أعراس خلال دراستها اللغة الفرنسية فى جامعة دمشق، وتخرجت لتدخل التلفزيون السورى، مقدمة نشرة أخبار، قبل انتقالها إلى «الجزيرة» فى أغسطس 2003، حيث تعرفت على زميلها الإعلامى سامى كليب، فتزوجت منه عام 2008 وأخذت الجنسية اللبنانية.
على الصعيد الشخصى، تزوّجت الشبل مرتين، الأولى من الإعلامى اللبنانى سامى كليب، وانفصلت عنه لتتزوج بعدها من عضو مجلس الشعب السورى السابق ورئيس اتحاد الطلبة فى سوريا سابقاً، عمار ساعاتى، أحد الوجوه البارزة فى سوريا.
تتضارب الأنباء عن كيفية تعرفها إلى بشار الأسد، بين من يقول إنه تم بواسطة قطرية أو من يقول إن ذلك كان مبادرة شخصية منها.
ولدت علاقة خاصة بينهما فى عام 2008، وكانت تزور دمشق سراً للقائه، قبل أن تظهر على قناة «دنيا» السورية الخاصة، فى ديسمبر 2011 لتقول إنها استقالت من قناة «الجزيرة» فى 5 مايو 2010 وترغب بوضع «خبراتها» تحت تصرف النظام السورى.
كانت بداية عملها فى مكتب الأمن الوطنى الذى ترأسه لاحقاً اللواء على مملوك، قبل انتقالها إلى الرئاسة فى فبراير 2012، مسؤولة عن المكتب الإعلامى الذى كانت تديره بثينة شعبان، حيث ظهر صراع حاد بينهما لنيل رضا الأسد.
عملت لونا ضد شعبان، وأبعدتها عن الأسد، كما أبعدت معظم المقربين منه وسيطرت عليه واقتربت من أسماء الأسد.
لعبت دور الوساطة فى ملفات عدة بينها لقاءات مطولة مع رئيس المكتب السياسى لـ«حماس» خالد مشعل قبل مغاردته دمشق، غير أن ماهر قائد «الفرقة الرابعة» فى «الحرس الجمهوري»، وشقيق بشار، رفض دخول لونا إلى مجالسه حتى بعد زواجها من عمار ساعاتى عام 2016، علماً أن ساعاتى كان من «المحسوبين» على ماهر فى جميع أدواره بما فى ذلك رئاسته لاتحاد الطلبة فى الجامعات.
وحسب «المجلة»، حذر ماهر كما حذر قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى (اغتيل بغارة أمريكية فى بغداد بداية 2020)، مستشارى الأسد من لونا.
ومع ذلك، قرّبها الأسد وجعلها مستشارة إعلامية وأصدر مرسوماً رئاسياً بمنصبها منذ نوفمبر 2020، وقرّبتها أسماء وجعلتها عضو مجلس أمناء فى جامعة «المنارة» الخاصة، قبل أن تغضب عليها وتبدأ فى إقصائها مع مطلع عام 2023.
وتزامن ذلك مع الزلزال فى شمال غربى سوريا فبراير 2023، حيث طلبت أسماء أن تصبح لونا مستشارة خاصة لها لا لبشار، ومن هنا بدأت عملية التحجيم الممنهجة للونا التى أودت بحياتها.
كانت لونا تقول للمقربين منها: «يجب أن أكون السيدة الأولى»، وعندما مرضت أسماء بالسرطان مرة ثانية فى مايو 2024، أضافت: «إن شاء الله بتموت».
قبلها بعام، بدأ الثراء يظهر على لونا من خلال شراء عقارات بقيمة 8 ملايين دولار أمريكى فى دبى، بحسب قولها لأصدقاء، إضافة لامتلاك زوجها، عمار، لشركة تأجير سيارات فى دبى ومحطة وقود فى الساحل السورى.
وفى يونيو 2022، أسست مطعماً روسياً فارهاً فى منطقة المزة باسم «ناش كراي»، قيل إن الأسد اشتراه لها، ثم قامت ببيعه إلى رجل الأعمال أبو على خضر بأضعاف ثمنه، تقرباً منها ومن الأسد.
من هذا الباب، بدأت أسماء تتساءل عن مصدر ثروتها، وفى المقابل، بدأت لونا تبث أقاويل بأن أسماء تتحكم بمفاصل الاقتصاد السورى.
كل أملاك لونا فى الخارج كانت مسجلة باسم نسرين محمد، زوجة شقيقها ملهم الشبل، الملحق العسكرى السابق فى بيلاروس الذى عاد إلى دمشق بطلب منها وعين بوساطة منها، «ممثلاً عن رئاسة الجمهورية» فى مركز البحوث العلمية الذى يتضمن جميع البرامج الحساسة عسكرياً فى الأسلحة الكيماوية والصواريخ بالتعاون مع إيران وكوريا الشمالية والصين وروسيا.
وتلاقت لونا وملهم على كره إيران و«حزب الله» والتنظيمات، وكانت تجاهر بهذا الكره أمام الجميع، ما أثار اتهامات فى أوساط النظام وحلفائه الإيرانيين فى دمشق، بأنها تعمل «جاسوسة لصالح إسرائيل»، بعد سلسلة من الاغتيالات ضد شخصيات إيرانية ولبنانية فى دمشق.
تعرضت لونا لحادث سير على طريق الديماس وهى عائدة إلى منزلها فى منطقة «قرى الأسد» يوم 2 يوليو 2024، أدخلها المستشفى وأدى لوفاتها فى 6 يوليو، لكن صورة السيارة تظهر أعراضاً خفيفة من الأذى على سيارة «بى إم دبليو» المصفحة التى كان يملكها زوجها.
حادث وفاة لونا الشبل
روى شهود عيان لـ«المجلة»، أن سيارة اقتربت من لونا الشبل وضربت بها، وقبل أن يترجل المرافق عمار، هجم عليها شخص مجهول وضربها فى منطقة معينة فى خلفية الرأس، ما أدى إلى شلل كامل ثم الوفاة.
نقلت لونا إلى مستوصف «الصبورة» قرب دمشق، وحضر زوجها عمار ومحمد حمشو رجل الأعمال المقرب من ماهر الأسد، ثم نقلت إلى مستشفى الشامى، حيث حضر غسان بلال معاون ماهر الأسد.
وقال أحد الحاضرين: «عندما حاول المرافق عمار الحديث عما جرى معها، تم اعتقاله فوراً وأمام مرأى بقية الحراس والمعاونين».
وروى شاهد عيان لـ«المجلة»: «كان لدى لونا هاتفان محمولان. فقد هاتفها الشخصى، ليعثر عليه فى سلة المهملات لاحقاً، وبقى هاتف محمول آخر مفقوداً».
وأجبرت لونا على بيع معظم أملاكها قبل «حادث» وفاتها، وقيل إنها كانت قريبة من رجل الأعمال، محمد براء قاطرجى، الذى قتل بعدها بأيام فى المنطقة نفسها التى جرى فيها «حادث» لونا.
وقالت مصادر فى دمشق وقتذاك إن لونا «تقاضت منه 15 مليون دولار على أساس أنها للأسد لكنها ذهبت لحسابها».
إعلان وفاة لونا الشبل
أعلنت الرئاسة السورية وقتذاك وفاة لونا الشبل ببيان مقتضب، وخرجت لها جنازة متواضعة، شارك فيها منصور عزام، وزير الرئاسة فى المستشفى فقط، ولم يخرج إلى مقبرة الدحداح فى شارع بغداد بدمشق.
كما شارك مدير مكتب الأسد، وسيم الدهنى، ومدير مكتب أسماء، فارس كلاس (الذى كان يعرفها من سنوات)، إضافة لمحمد حمشو وأحمد الكزبرى، رئيس اللجنة الدستورية فى مجلس الشعب (البرلمان).
وقال بيان الرئاسة السورية الذى نشر عبر منصة «إكس»: «تنعى رئاسة الجمهورية السورية المستشارة لونا الشبل التى توفيت إثر تعرضها لحادث سير أليم».
وتابع: «عملت لون الشبل خلال السنوات الماضية مديرة للمكتب السياسى والإعلامى فى رئاسة الجمهورية، ثم مستشارة خاصة فى الرئاسة»، مضيفاً «نتقدم بخالص العزاء والمواساة لعائلتها وذويها».
وكان المكتب السياسى والإعلامى بالرئاسة السورية أعلن لوكالة «سانا»، أن المستشارة الخاصة لونا الشبل تعرضت لحادث سير على أحد الطرق المؤدية لمدينة دمشق، عصر يوم الثلاثاء 2 يوليو 2024.
كما أضاف المكتب فى توضيحه أن الحادث أدى إلى انحراف السيارة التى كانت تقلها وخروجها عن المسار، مؤكداً أنها تعرضت لعدة صدمات أدت إلى إصابتها إصابة شديدة نقلت على إثرها إلى مستشفى «الشامي» أحد أشهر مشافى دمشق.
المصري اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتسابPromotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/09 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة السيسي يحبط خطة “تاجر الشاي المزيف في السودان”.. كيف أفشل الرئيس المصري تحرك الموساد؟2025/12/09 ما يزال وصول المنظمات الدولية إليها ممنوعاً.. الفاشر تتحول إلى “مسرح جريمة هائل”2025/12/07 الخرطوم تنهض من تحت الركام (1-3)2025/12/07 تقرير إسرائيلي يحذر من صاروخ مصري “قد يغير قواعد اللعبة”2025/12/07 المصارف السودانية في مصر … عقبات تنتظر الحلول2025/12/04 سونا والثروة الحيوانية يتحدون ظروف الأمطار ويعقدون المؤتمر التنويري ال 48 لتوضيح آخر المستجدات2025/12/04شاهد أيضاً إغلاق تحقيقات وتقارير هل يريد ترامب ضمان سلامة السودانيين أم الحصول على استثمارات السعوديين ؟ 2025/12/04الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن