جريدة الوطن:
2025-07-28@20:10:53 GMT

اتجاهات مستقبلية

تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT

اتجاهات مستقبلية

اتجاهات مستقبلية
الأزمات الدولية والعولمة الاقتصادية

تُهدد الأزمات الدولية العولمة الاقتصادية، لتنكمش حركة السلع ورأس المال والخدمات والتكنولوجيا. ومن نماذج هذه الأزمات جائحة كورونا، عندما أغلقت الدول على نفسها مع انتشار الإصابات بالفيروس، ونموذج آخر هو الحرب في أوكرانيا، عندما أثرت على سلاسل التوريد، لارتباط التحديات اللوجستية بالصراع العسكري.

كما تُشير سياسة الرسوم الجمركية من الولايات المتحدة، تجاه الصين وأوروبا وكندا، إلى معنى من معاني “الانعزالية”، حيث يكون الاعتماد على الذات أكثر من التفاعل مع العالم الخارجي.
ومن المعروف أن أبعاد العولمة تتعدد، ما بين اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، إلّا أن البُعْد الاقتصادي ربما يتحمل العبء الكبير من الانتقادات، خاصة من الدول النامية. فبالرغم من تحرر وتوسع التجارة الدولية على مدى العقود الماضية، وبالتالي ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للدول، تعتبر بعض الدول النامية أنها أُجبرت على انفتاح اقتصادي غير مخطَّط له، كما تواجه بعراقيل من الدول المتقدمة أمام حركة العمالة، في مقابل استقطاب العمالة الماهرة من الدول النامية، مع حرية خروج رؤوس الأموال، ناهيك عن عدم قدرة العولمة على تحسين حياة الإنسان، بل ربما زادت حدة الفقر على المستوى العالمي.
وعلى أرض الواقع تنخرط معظم دول العالم، بما تبقَّى لها من نُظُم التخطيط المركزي، في سياسات معولمة، وتتفاخر بارتفاع معدلات التبادل التجاري مع العالم، لكن عند تبدأ الأزمات الكبرى تتغير الأوضاع، وتتجه الدول إلى “التخندق” حول ذاتها. وقد كان للعولمة دور في انتشار جائحة كورونا، دخل العالم نتيجة لها في مرحلة ركود اقتصادي، وبدأت الدول -خاصة الكبرى- تبحث عن ذاتها فقط، مع تعطل الحياة والإنتاج في أوقات الأزمات، وزادت حالة القلق واللايقين في المستقبل.
ونتيجة للتقدم السريع في الاتصالات والنقل، والاتفاقيات التجارية الدولية، استفادت بعض الدول من تسهيلات العولمة، فيما كانت استفادة الدول الأفريقية أقل من بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية. وقد فتحت العولمة الطريق للشراكة في التصنيع بين أكثر من دولة لنفس المنتج، نظرًا لتوفر عناصر الإنتاج أو قلة التكلفة، ثم القيام بتجميعها وتركيبها بعد ذلك كوحدة متكاملة جاهزة للبيع، كما رسخت العولمة من وجود منظمات دولية تنظم التجارة والعمل وغيرها.
وفي جانب الاستهلاك، نوعت العولمة من المنتجات، وقللت من التكاليف، وحسّنت من الجودة، لكنها رسّخت ثقافة الاستهلاك حتى في المجتمعات الفقيرة، فيما أسهمت حرية انتقال الأموال في التقلبات الفجائية باقتصاديات الدول النامية، مع اتجاه رأس المال بشكل كبير إلى البلدان العظمى. وفي نفس الوقت تعرضت البنوك للأزمات، ولعل الأزمة المالية العالمية في 2008 -وهي نتيجة لأزمات بنكية أمريكية- تحولت إلى أزمة تجوب العالم كله.
وبغض النظر عما سبق، شكلت العولمة عالم اليوم على مستوى تبادل الأفكار والثقافات، والتكامل الاقتصادي بين الدول والتكتلات، والاعتماد المتبادل بين الدول في السلع والخدمات والتقنيات ورؤوس الأموال في جميع أنحاء العالم، وباتت إحدى سمات عصر العولمة، لكن يبدو أننا أوشكنا على الاقتراب من النهاية.
في كل الأحوال لن تتوقف حركة التجارة الدولية، ولن تتراجع معظم مظاهر العولمة المختلفة. لكن، مع وجود احتمال الأزمات الدولية من المُتوقع أن يُفضي تَوَجُّه بعض القوى الكبرى نحو الانعزالية إلى مجتمعات أقل تشابكًا في الأسواق الدولية. ومن الواضح أن السياسات الحمائية الأمريكية تتجه نحو هذا المسار، ولاسيّما مع العودة إلى سياسات تضع قيودًا كبيرة على حركة التجارة مع الحلفاء والأعداء، انطلاقًا من سياسة “الدولة أولًا”، أو “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، وهي سياسة إن أفضت إلى حرب تجارية فقد تذهب بنا إلى ركود عالمي.
إن بعض الأزمات قد تدفع باتجاه انحسار العولمة الاقتصادية، مع تسارع وتيرة الأزمات الدولية؛ كالحرب الروسية في أوكرانيا، وجائحة كورونا، والمنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، وخاصة أن الأزمات تكشف مدى الهشاشة في النظام الاقتصادي الدولي، من اعتماد متبادل في خطوط الإنتاج، والاستيراد والتصدير، والمشاركة في الأفكار. وعلينا ترشيد سُبُل التعاون الدولي من خلال أداء المنظمات الاقتصادية الدولية دورًا تنظيميًّا أكبر في عملية العولمة الاقتصادية، وعدم الانغلاق على الذات، فالدول الكبرى تحتاج إلى العالم حتى تبقى كبيرة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العولمة الاقتصادیة الأزمات الدولیة الدول النامیة

إقرأ أيضاً:

مع نظرة مستقبلية مستقرة.. “فيتش” تؤكد تصنيف المملكة عند (A+)

البلاد (الرياض)
أكدت وكالة التصنيف فيتش تصنيفها الائتماني للمملكة عند (A+) مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأوضحت الوكالة في تقرير حديث لها، أن التصنيف الائتماني للمملكة يعكس قوة مركزها المالي، وأن تقييم نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وصافي الأصول الأجنبية السيادية أقوى بشكل ملحوظ من متوسطات التصنيفات “A” و”AA”، مبينة أن المملكة تمتلك احتياطات مالية كبيرة على شكل ودائع وغيرها من أصول القطاع العام. وتوقعت الوكالة أن يواصل صافي الأصول الأجنبية السيادية الحفاظ على مكانته؛ كأحد ركائز القوة الائتمانية بما يعادل (35.3%) من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2027، ويُعد معدلًا عاليًا مقارنة بمتوسط تصنيف “A” (3.1% من الناتج المحلي الإجمالي). وأشارت إلى استمرار المملكة في الإصلاحات المالية التي من شأنها زيادة مرونة الميزانية العامة في مواجهة تقلبات أسعار النفط, وتعد هذه الإصلاحات إلى جانب التحسن المستمر في الإيرادات غير النفطية، داعمة للملف الائتماني للمملكة.

مقالات مشابهة

  • الحصري لـ سانا: يُعد مشروع مطار المزة ضمن مسار دراسات مستقبلية تخدم منطقة دمشق الكبرى والمنطقة الوسطى، وفق رؤية متكاملة توازن بين الاعتبارات الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية
  • التغير المناخي أمام العدل الدولية.. هل تقاضي البلدان الفقيرة الدول الصناعية؟
  • حظر الأسلحة النووية.. لماذا تتهرب الدول الكبرى من التوقيع على المعاهدة؟
  • الدول الأكبر في إنتاج الفحم خلال العام 2024 (إنفوغراف)
  • مع نظرة مستقبلية مستقرة.. “فيتش” تؤكد تصنيف المملكة عند (A+)
  • المجموعة الدولية لإدارة الأزمات: إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة
  • أكدت أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم “التجويع” سلاح حرب.. المجموعة الدولية لإدارة الأزمات تحذر من كارثة إنسانية وشيكة في غزة
  • رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر: لا أعذار لما يحدث في غزة وعلى الدول التحرك فورًا لإنهاء المعاناة
  • «فيتش» تؤكد التصنيف الائتماني للمملكة عند "A+" مع نظرة مستقبلية مستقرة
  • جمال شعبان | الحشيش يهدد حياتك .. يزيد خطر الأزمات القلبية والسكتات