الصراع الاستراتيجي بين تركيا وإيران وإسرائيل
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
د. زكريا ملاحفجي **
يعد الصراع الاستراتيجي بين تركيا وإيران وإسرائيل من أبرز التحديات التي تشكل المشهد السياسي والأمني في الشرق الأوسط. فكل من هذه الدول تمتلك طموحات إقليمية واسعة، وتسعى لتعزيز نفوذها من خلال مزيج من الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية، مما يؤدي إلى تداخل المصالح وتصاعد التوترات، لاسيما الساحة السورية وهي الآن الأكثر تركيزاً واهتماماً، لاسيما بعد الخسارة الساحقة لإيران للساحة السورية ومحاولات العودة بكل الطرق المُمكنة، التي ستستمر في سوريا.
وتركيا لديها طموحات جيوسياسية وتعمل على عزيز الموقف الإقليمي والدولي كلاعب رئيسي، فتسعى إلى استعادة نفوذها في المنطقة، مستندة إلى إرثها الإسلامي وموقعها الاستراتيجي الذي يربط أوروبا بالشرق الأوسط. تتبع أنقرة سياسة خارجية نشطة تشمل التدخل العسكري في سوريا والعراق، ودعم القوى العسكرية في سوريا وليبيا، والصومال وأذربيجان وغيرها.
كما تمتلك تركيا علاقات متوترة مع إسرائيل رغم التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتتنافس مع إيران في عدة ساحات مثل سوريا والعراق، رغم حجم التبادل الاقتصادي الكبير.
أما إيران ومحور المقاومة والتوسع الإقليمي والأحلام الامبراطورية
فتعتمد إيران على تحالفاتها الإقليمية لتعزيز نفوذها، خاصة من خلال دعم الجماعات المسلحة في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وتتعرض هذه الجماعات إلى استهداف أمريكي إسرائيلي لتقويض أذرع إيران وإضعاف هذه الجماعات، فترى طهران أن توسعها الإقليمي جزء من استراتيجيتها لحماية أمنها القومي في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
وتشهد علاقاتها مع تركيا حالة من التعاون الحذر، حيث يتقاطع نفوذهما في بعض القضايا مثل دعم قطر في أزمة الخليج، لكنه يتعارض في سوريا والعراق، حيث تتنافس الدولتان على النفوذ، إضافة لخطر حزب العمال الكردستاني الحزب الكردي التركي الذي انتشر في سوريا، بعنوان جديد.
أما إسرائيل فتسلك مسلك الأمن والردع في مواجهة التهديدات
فتسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبرة أن البرنامج النووي الإيراني ودعم طهران للجماعات المسلحة مثل حزب الله يمثلان تهديدًا مباشرًا لأمنها، فتستخدم إسرائيل استراتيجيات متعددة تشمل الغارات الجوية في سوريا واستهداف منشآت إيرانية. في المقابل، تحافظ إسرائيل على علاقات متوترة مع تركيا، رغم التعاون التجاري، حيث تنتقد تل أبيب دعم أنقرة لحماس ومعارضتها للتطبيع العربي مع إسرائيل.
إذن يشهد الصراع بين هذه القوى الإقليمية عدة محاور رئيسية، منها:
سوريا والعراق: حيث تتنافس إيران وتركيا على النفوذ، بينما تعمل إسرائيل على إضعاف الوجود الإيراني، ولن تيأس إيران من محاولات كثيرة لعودتها إلى الساحة السورية، وتسعى تركيا لإنشاء قاعدة عسكرية جنوب سوريا، وتضغط إسرائيل لمنع ذلك، فيما تسعى القيادة الانتقالية في دمشق لمنع استفزاز أية دولة، فهي حالة وليدة.
وفي ظل استمرار التوترات الإقليمية، من المتوقع أن يستمر التنافس بين تركيا وإيران وإسرائيل، مع احتمالية تصاعد المواجهات غير المباشرة في سوريا ولبنان والعراق. قد تسعى كل دولة لتعزيز تحالفاتها لكسب المزيد من النفوذ، حيث تعزز إسرائيل تعاونها مع الدول العربية، وتسعى أن يكون جنوب سوريا بعمق 65 كيلومتمترا منزوع السلاح وتعمل على تحسين العلاقات مع الجنوب السوري لاسيما السويداء، لاسيما في ظل عدم غياب تفاهم حقيقي بين الجنوب والحكومة الحالية، بينما تحاول إيران وستبقى تحاول تعزيز حضورها من جديد في الساحة السورية سواء عبر لبنان أو من العراق.
وسيظل هذا الصراع بين تركيا وإيران وإسرائيل مستمرا ولاسيما أن القيادة الأمريكية الجديدة متماهية مع إسرائيل، وسيكون هذا الصراع أحد أبرز عوامل عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث تسعى كل دولة لتحقيق مصالحها عبر أدوات مختلفة، وسييقى المشهد الإقليمي عرضة لمزيد من التعقيد بسبب تضارب الأجندات الاستراتيجية لهذه الدول، وفي الوقت نفسه هناك توازن استراتيجي فيما بينها، إضافة إلى مساندة كبيرة من الأمريكيين لإسرائيل لضمان استقرارها وحفظ أمنها، لاسيما في غياب حضور استراتيجيات لتعزيز الأمن القومي العربي.
** باحث وأكاديمي سوري، ينشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تايمز أوف إسرائيل: البرهان لن يوقع اتفاقا يتناقض مع انتصاراته العسكرية.. والتطبيع بين السودان وإسرائيل تلوث بسبب الإمارات
الوكالات – متابعات تاق برس- قال الكاتب الإسرائيلي جيفين سيركين في مقال له على موقع تايمز أوف إسرائيل إن الجيش السوداني حقق انتصارات كبيرة في معركته ضد قوات الدعم السريع، رغم التوقعات الأولية التي كانت تشير إلى غير ذلك.
وأضاف جيفين أن هذه الانتصارات أثبتت أن التقديرات الأولية فشلت، وأن الجيش السوداني تمكن من كسر شوكة قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إجبار الفريق البرهان على التوقيع على اتفاقيات تتناقض مع انتصاراته العسكرية.
وأشار جيفين إلى أن شرعية النخب العلمانية في السودان قد تأثرت بشكل كبير بعد تحالف بعض عناصرها مع قوات الدعم السريع، مما أدى إلى فقدانها للشرعية والثقة لدى الشعب السوداني.
وتابع جيفين أن انتصارات الجيش السوداني في الخرطوم وود مدني ومعارك دارفور أثبتت أن مشروع التطبيع بين السودان وإسرائيل قد تلوث بسبب دعم الإمارات لقوات الدعم السريع. وأشار إلى أن إسرائيل لم تدعم تلك القوات، إلا أن الانطباع العام كان له أثر سلبي واضح.
وأكد جيفين أن الافتراض بأن الفريق البرهان يمكن إجباره على التطبيع خلف الأبواب المغلقة دون مراعاة للتغيرات السياسية والميدانية كان خطأً فادحًا.
وقال إن الرأي العام في السودان أصبح مشككًا في مصداقية إسرائيل تجاه البرهان، خاصة بعد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للبرهان قبيل اندلاع الحرب بأسابيع، ثم صمت إسرائيل عن إدانة الدعم السريع بعد الحرب.
ونقل جيفين عن دبلوماسي سوداني سابق قوله إن ما حدث كان “طعنة في الظهر”، مشيرًا إلى أن هذا التصرف أضر بالعلاقات بين البلدين.
وأشار جيفين إلى أن بعض الدول الأوروبية تعول على جهاز المخابرات السوداني بقيادة الفريق مفضل في مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.
ودعا جيفين إلى إعادة ضبط مسار التطبيع مع إسرائيل، وفصل هذا المسار عن أي محاولات لتغيير النظام أو إقصاء أيديولوجي لا معنى له.
وقال إن الرهان على النخب العلمانية وربط التطبيع بإقصاء الآخرين كان خطأً فادحًا، خاصةً وأن هذه النخب قد “تبخرت” شرعيتها بعد تحالف بعض عناصرها مع قوات الدعم السريع.
وأكد جيفين أن السياسات يجب أن تُبنى على الفاعلين الحقيقيين على الأرض، لا على المفضَّلين سياسيًا.
وقال إن ربط انهيار السودان بالإقصاء والتطبيع سيقوّض فرص السلام والتقارب، ويفتح الباب لموجات تطرف عنيف.
وأشار إلى أن الحل يكمن في ترك السودانيين يقررون مصيرهم بأنفسهم من خلال حوار شامل يضم الإسلاميين والعلمانيين والتيارات التقليدية والجيش ومؤسسات الدولة كافة.
البرهانالتطبيع بين السودان وإسرائيلالسودان