ماذا وراء الهجوم الأمريكي على الحوثيين؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
صعدت الولايات المتحدة ضرباتها ضد الحوثيين في اليمن، في خطوة تعكس نهج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ممارسة أقصى الضغوط على إيران ووكلائها.
وتقول بورجو أوزسيليك، وهي باحثة أولى في أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، إن الرئيس ترامب تعهد في أسبوعه الأول من ولايته، بتصنيف جماعة الحوثي في اليمن، كمنظمة إرهابية أجنبية.
وبعد أسابيع، في 15 مارس (آذار) الجاري، أمر ترامب بشن ضربات جوية وبحرية واسعة النطاق على عشرات الأهداف، في مناطق يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران.
What Trump’s Latest Houthi Strike Really Means https://t.co/qgZxXXewWb via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) March 18, 2025وترى أوزسيليك أنه من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأكبر قصف عسكري حتى الآن في ولايته الثانية، تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق عدة أهداف في آن واحد: إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين، وتطبيق سياسة "الضغط الأقصى" ضد قدرة إيران على تمويل وكلائها، وتوجيه تحذير لمشتري النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، وعلى رأسهم الصين.
وقد بررت إدارة ترامب استخدام القوة العسكرية ضد الحوثيين، باعتباره إجراء ضرورياً للحفاظ على "المبدأ الأساسي لحرية الملاحة، الذي تعتمد عليه التجارة الدولية". إلا أن حسابات واشنطن تتجاوز مسألة الأمن البحري.
فللإدارة الأمريكية جدول أعمال جيوسياسي أوسع نطاقاً، يشمل التصدي لنفوذ الصين الاقتصادي، لاسيما اعتماد بكين على النفط الإيراني.
ومن خلال استهداف الحوثيين، لا تعمل الولايات المتحدة فقط على حماية الممرات الملاحية الحيوية، بل تمارس أيضاً ضغوطاً على محور الطاقة بين إيران والصين، وهو عنصر رئيسي في الاستراتيجية الإقليمية لبكين.
وبحسب أوزسيليك، تهدف العملية العسكرية الأمريكية أيضاً إلى منع الحوثيين من ترسيخ نفوذهم داخلياً في ظل عملية السلام الهشة هناك، وإحباط قدرتهم على إعادة تنظيم صفوفهم لدعم عقيدة الدفاع المتقدم الإيرانية المحدثة، التي تعتمد على تمويل وكلائها. وقد يؤدي استمرار الحملة العسكرية الأمريكية إلى إضعاف الترسانة العسكرية للحوثيين وربما تصفية قيادتهم.
ولكن الحوثيين يديرون اقتصاد حرب يتسم بالتنوع، يتيح لهم تحقيق أرباح من تهريب سلع غير مشروعة تتراوح ما بين الوقود والسجائر والمكونات ذات الاستخدام المزدوج والمواد العسكرية، إضافة إلى فرض الضرائب ككيان شبيه بالدولة. وهذا يجعل نظام العقوبات الأمريكي والغربي ركيزة أساسية لمواجهة الحوثيين، لكن تعمق علاقاتهم مع جهات فاعلة رئيسية يعقد فعالية تلك العقوبات.
وفي عام 2024، كانت الصين الوجهة الرئيسية لما يصل إلى 90% من صادرات النفط الإيرانية، ما يؤكد تنامي العلاقات الاقتصادية بين بكين وطهران رغم العقوبات الأمريكية. ومن خلال المساهمة في تمويل الخزانة الإيرانية، تساعد الصين فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في تمويل وكلاء مثل الحوثيين.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، كشفت إعلانات بارزة لوزارة الخزانة الأمريكية عن روابط سرية بين الصين والحوثيين.
وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على أفراد حوثيين مقيمين في اليمن والصين، لدورهم في تسهيل نقل الأسلحة والمكونات ذات الاستخدام المزدوج إلى اليمن.
وتقول أوزسيليك إن هذه التطورات كشفت عن شبكة سرية تربط بين الصين والحوثيين، ما يثير تساؤلات حاسمة لصناع السياسات الدفاعية والأمنية في الولايات المتحدة. وقد يؤدي استهداف الحوثيين إلى تداعيات أوسع، ليس أقلها التأثير على تدفق النفط الإيراني إلى الصين.
ورغم صعوبة تأكيد ذلك، فقد أفادت تقارير بأن الحوثيين ربما تلقوا تعويضات مالية أو أشكالاً أخرى من الدعم من الصين، مثل مكونات عسكرية صينية الصنع، مقابل السماح بمرور السفن المرتبطة بالصين بحرية في البحر الأحمر.
وفي إطار سياسة روسيا الخارجية المناهضة للولايات المتحدة، ورد أن موسكو قدمت بيانات استهداف عبر الأقمار الاصطناعية للحوثيين لضرب السفن الأمريكية في البحر الأحمر والممرات المائية المجاورة.
وقد تعمقت العلاقة بين روسيا والحوثيين خلال الصراع في غزة، وزادت وضوحاً في 5 مارس (آذار) الجاري، عندما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عقوبات على 7 من كبار قادة الحوثيين بتهمة تهريب مواد عسكرية وأنظمة أسلحة والتفاوض على صفقات تسليح مع روسيا.
كما شملت العقوبات عنصراً حوثياً يشتبه في قيامه بتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا لصالح روسيا.
وفي 14 مارس (آذار) الجاري، عقد اجتماع ثلاثي بين روسيا وإيران والصين في بكين لمناقشة البرنامج النووي الإيراني وقضايا أخرى.
وأصبح الحوثيون ركيزة استراتيجية لإيران، ومن المرجح أن تسعى طهران على المدى الطويل إلى تعزيز قدراتهم للحفاظ على الحصار البحري في البحر الأحمر وربما توسيعه.
وتزايدت أهميتهم لدى إيران، خاصة بعد الخسائر التي تكبدتها شبكاتها في لبنان وغزة وسوريا.
ومع تقييد قدرة إيران على نقل الدعم المالي والتقني للحوثيين، من المتوقع أن تعمد الجماعة إلى تصعيد أنشطتها في شبكات التهريب غير المشروعة، بما في ذلك تهريب المخدرات والنفط والتبغ، لتعزيز قوتها الاقتصادية والتنظيمية.
وتشكل التحالفات الناشئة بين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل "القاعدة في جزيرة العرب" و"حركة الشباب" في الصومال تهديداً متزايداً.
وإذا رأى الحوثيون أن هجماتهم لم تلحق ضرراً كبيراً، فقد يوسعون نطاق عملياتهم العسكرية من البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى منطقة القرن الأفريقي.
ومن خلال استهداف الحوثيين ضمن حملة "الضغط الأقصى" على إيران، تؤكد الولايات المتحدة أنها لن تتردد في ضرب الجماعات المسلحة المرتبطة بطهران.
وهذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق قد تكون الهدف التالي في الأشهر المقبلة، مع تكثيف واشنطن ضغوطها على بغداد لنزع سلاح هذه الفصائل وتقليص النفوذ الإيراني في البلاد، وذلك قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الرئيس ترامب جماعة الحوثي اليمن إيران للحوثيين الصين الصين روسيا الحوثي إيران أمريكا اليمن النووي الإيراني الحوثيون البحر الأحمر الصين روسيا الولایات المتحدة فی البحر الأحمر النفط الإیرانی من خلال
إقرأ أيضاً:
موسكو تتهم الغرب بالوقوف وراء هجمات أوكرانيا على المطارات العسكرية |فيديو
أكد مراسل "القاهرة الإخبارية" في موسكو، حسين مشيك، أن روسيا توصلت إلى قناعة بأن الهجمات الأخيرة التي استهدفت مطاراتها العسكرية لم تكن من تخطيط وتنفيذ أوكرانيا وحدها، بل تقف خلفها أجهزة استخبارات غربية.
وأشار إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اتهم بريطانيا مباشرة بالوقوف وراء هذه العمليات، فيما يعتقد بعض الخبراء الروس أن "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة قد تكون شاركت في التخطيط لها، أو أن الرئيس الأمريكي كان على علم مسبق بها.
وأوضح مشيك، خلال رسالة له على الهواء، أن موسكو باتت تتعامل مع هذه الضربات على أنها جزء من استراتيجية غربية أشمل للضغط على روسيا، خصوصًا أنها جاءت عشية جولة مفاوضات جديدة بين موسكو وكييف في إسطنبول. ورأى مراقبون داخل روسيا أن ما قامت به أوكرانيا بدعم غربي لا يعدو كونه مسارًا ممنهجًا لاستفزاز موسكو، تمهيدًا لتوريطها في مواجهة أوسع مع الغرب، وربما دفعها لاستخدام السلاح النووي كخيار وحيد.
وأضاف أن هناك قلقًا متصاعدًا في موسكو من أن الغرب، حتى لو نجحت روسيا في حسم الميدان الأوكراني، سيحاول فتح جبهة جديدة ضد الجيش الروسي. ولهذا، يرى محللون روس أن اللجوء إلى السلاح النووي، وخصوصًا النووي التكتيكي، قد يصبح خيارًا لا مفر منه إذا استمرت هذه الاستفزازات الغربية.