يواصل العدو الإسرائيلي انتهاكاته للقرار 1701 ولإعلان وقف إطلاق النار ، فيما تتواصل الاتصالات بين الدولة اللبنانية والمسؤولين الأميركيين للضغط على إسرائيل بوقف عدوانها على لبنان وتحديد موعد للانسحاب الكامل من الجنوب.
ووفق المعلومات، فان المسؤولين الأميركيين أكدوا انهم يعملون لإنجاز هذا الملف لكن يربطون ذلك بجملة ترتيبات أمنية وتفاوض عبر لجان ثلاثية أبعد من تقنية لحسم النقاط المتنازع عليها وتحديد الحدود النهائية.


ولفتت المعلومات الى ان الأميركيين وفور التأكد من سيطرة الجيش الكاملة على جنوب الليطاني واتخاذ الحكومة إجراءات أمنية حدودية وسيادية واصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية سيطرحون بقوة ملف الحدود بكل تفاصيله كسلّة واحدة عبر تفاوض بين لبنان وإسرائيل.
إلا أن مصادر رسمية اكدت لـ»البناء» ان التفاوض المطروح في الوقت الراهن هو التفاوض غير المباشر مع إسرائيل او عبر لجنة الإشراف ولا مشاركة لوفود دبلوماسية.

وافادت أوساط وزارية عبر "نداء الوطن"، أن الدوائر الرسمية تبلغت من الولايات المتحدة الأميركية التي تترأس لجنة وقف إطلاق النار، موقفاً، اعتبرت فيه واشنطن أن "حزب الله" ليس فقط لا يلتزم تطبيق قرار وقف إطلاق النار، بل يعمل عكسه". ولفتت الإدارة الأميركية إلى "أن "الحزب" يسعى مجدداً إلى التسلّح وإعادة ترتيب صفوفه، ما يعني أن لبنان لا يمكن أن يحصل على أي مساعدات قبل أن تتحمل الدولة مسؤولياتها بموجب هذا القرار". وأعربت الولايات المتحدة عن تأييدها لاعتماد لبنان جدولاً زمنياً يتم بموجبه نزع سلاح "حزب الله". وأبدت "عتباً على رئيسَي الجمهورية والحكومة لعدم أخذهما بالاعتبار هذا الجدول".

وكتبت" الاخبار": يريد الأميركيون أن تبدأ العملية من خلال «المجموعات الثلاث التي دعت إلى تشكيلها نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، والمخصّصة لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، والانسحاب من الجنوب، وتحديد الحدود الدولية بين البلدين على أن تشمل النقاط الـ13 الواقعة على الخط الأزرق»، لتنتهي في نهاية المطاف بمفاوضات مباشرة حول التطبيع.
واليوم يشترك الإسرائيليون والأميركيون ومعهم بعض العرب في تكرار سيناريو عامي 82 و83، من خلال العمل على جبهتين: عسكرية حيث يواصل العدو بالنار تنفيذ حزام أمني في الجنوب وتوسيعه إلى عمق أوسع من كيلومترين، إضافة إلى منطقة عازلة تحيط بالنقاط التي لا تزال تحت الاحتلال التي يستخدمها جنود العدو للوصول إلى هذه النقاط. أما الجانب السياسي من الحملة، فيتمثّل بالضغط على السلطة السياسية وتجميد أي مساعدة أياً كان شكلها قبل الرضوخ والقبول بهذه الشروط.
هذه المطالب والشروط كانت موضع بحث في الاجتماع الذي عُقد أول أمس بين الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، قبل الإفطار الرمضاني في القصر الجمهوري، من دون التوصل إلى أي اتفاق. وقالت مصادر مطّلعة لـ «الأخبار» إن «هناك إرباكاً واضحاً لدى السلطة التي تصلها كل يوم أو يومين اتصالات من أورتاغوس تسأل فيها أين أصبحت الاستعدادات، فيما يتهرّب عون من حمل المسؤولية وحده، ويعتبر برّي أن السلطة التنفيذية هي من عليها أن تتعامل مع هذه المطالب وتتخذ قراراً في هذا الشأن».
ورغمَ المعلومات التي تحدّثت عن وجود تفاهم حول «اعتماد آلية للتفاوض مع إسرائيل، برعاية القوات الدولية، وبإشراف هيئة الرقابة الدولية المولجة بتطبيق الاتفاق»، إلا أن الهجمة الأميركية تضع لبنان أمام منعطف خطير، وتجعل الأثمان التي سيدفعها لبنان كبيرة جداً.
وفيما رجّحت المصادر أن يبادر أهل الحكم إلى صياغة ملتوية للتنازلات لعدم إغضاب واشنطن والشروع في تأليف هذه اللجان، فإن ذلك لن يكون كافياً للأميركيين والإسرائيليين لأن ما يريدونه أكبر من ذلك بكثير».
وتتحدّث المصادر عن «ترتيبات تحضّر لها واشنطن، وقد سمع مسؤولون لبنانيون من دبلوماسيين فرنسيين أن الولايات المتحدة تريد تقليص عديد اليونيفل في جنوب لبنان إلى أقل من النصف، خصوصاً أنها هي من تدفع نصف موازنتهم، وتعتبر أن لا حاجة إليهم في الفترة المقبلة». وكشفت المصادر أن «الفكرة البديلة، كما قال الفرنسيون، هي إبقاء قوة صغيرة تشبه قوة أندوف في الجولان، حيث يكون هناك مراقبون لعمل اللجان التي ستتولى مراقبة الوضع على الحدود، في موازاة عمل اللجان الثلاث». وكشفت المصادر أن «هذا الأمر لمَّح إليه رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز عندما أشار في أحد الاجتماعات إلى أن مهمة اللجنة «محدودة ومؤقّتة».
ونقل زوار للرياض عنها أنها «لن تدفع فلساً واحداً في إعادة الإعمار». وتؤكد مصادر مطّلعة أن «الرئيس عون سمِع هذا الكلام بشكل غير مباشر خلال لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مطلع هذا الشهر»، كما سمِع «رفضاً سعودياً لرفع الحظر عن سفر السعوديين إلى بيروت، إذ سأل ابن سلمان عون ما إذا كان يضمن سلامة المواطنين السعوديين على طريق المطار في بيروت المليئة بصور لقادة من حزب الله وإيران»، قائلاً: «على الأقل أزيلوا الصور»! وهو مطلب نقله عون إلى بري بعد عودته سائلاً عن «إمكانية تخفيف الصور على طول الطريق».
وعلمت «الأخبار» أن عون سيطلب مساعدة فرنسية، خلال زيارته لباريس في 28 الجاري، لإقناع الرياض بالعدول عن موقفها والمباشرة في مساعدة لبنان. إلا أن كل التوقعات تشير إلى أن هذه المساعي لن تلقى نجاحاً.
ونقلت قناتا "العربية " و"الحدث " عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي قوله أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في النقاط الخمس التي يتمركز فيها في لبنان حالياً، ما لم يتم التأكد من أن الجيش اللبناني قادر على ضبط الحدود 100 بالمئة. واضاف المصدر أن إسرائيل تعمل على منع أي تسلح لحزب الله في لبنان ونقل الأموال له وتعلم الجهات المعنية عن كل محاولة تهريب أموال أو سلاح، مشدداً بالقول: "لن نكتفي بدور المراقبة". واعتبر المصدر أن بقاء القوات الإسرائيلية في 5 نقاط بجنوب لبنان "يتوافق مع آلية المراقبة" المنبثة عن اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان إثر الحرب التي خاضتها إسرائيل مع حزب الله في الخريف الماضي. مواضيع ذات صلة نتنياهو يشكر ترامب على أسلحة "إنهاء المهمة" ضد محور إيران Lebanon 24 نتنياهو يشكر ترامب على أسلحة "إنهاء المهمة" ضد محور إيران 22/03/2025 05:24:33 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي: المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والروس بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا مهمة Lebanon 24 رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي: المحادثات بين المسؤولين الأميركيين والروس بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا مهمة 22/03/2025 05:24:33 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 ضغط أميركي لبدء المفاوضات وعون يؤكد: إسرائيل رفضت كل الاقتراحات الّتي تقدّم بها لبنان Lebanon 24 ضغط أميركي لبدء المفاوضات وعون يؤكد: إسرائيل رفضت كل الاقتراحات الّتي تقدّم بها لبنان 22/03/2025 05:24:33 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 "الناتو": محادثات بوتين وترامب توحي ببدء مفاوضات أوكرانيا Lebanon 24 "الناتو": محادثات بوتين وترامب توحي ببدء مفاوضات أوكرانيا 22/03/2025 05:24:33 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً عون: المرحلة أمنية بامتياز ... وسلام: "الثلاثية" أصبحت من الماضي Lebanon 24 عون: المرحلة أمنية بامتياز ... وسلام: "الثلاثية" أصبحت من الماضي 23:12 | 2025-03-21 21/03/2025 11:12:00 Lebanon 24 Lebanon 24 إنتعاش Lebanon 24 إنتعاش 19:06 | 2025-03-21 21/03/2025 07:06:37 Lebanon 24 Lebanon 24 حديث في الخفاء.. تأجيل لمدة محدودة Lebanon 24 حديث في الخفاء.. تأجيل لمدة محدودة 18:55 | 2025-03-21 21/03/2025 06:55:51 Lebanon 24 Lebanon 24 مقدمات النشرات المسائيّة Lebanon 24 مقدمات النشرات المسائيّة 17:55 | 2025-03-21 21/03/2025 05:55:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مأساة داخل منزل في كسروان.. مُسدس يقتل إبن الـ10 سنوات Lebanon 24 مأساة داخل منزل في كسروان.. مُسدس يقتل إبن الـ10 سنوات 17:43 | 2025-03-21 21/03/2025 05:43:41 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد رحلة مؤلمة مع المرض.. هدى شديد وداعاً Lebanon 24 بعد رحلة مؤلمة مع المرض.. هدى شديد وداعاً 15:49 | 2025-03-21 21/03/2025 03:49:41 Lebanon 24 Lebanon 24 توتر بين ماغي بوغصن و"زوجها".. اكتشفت خيانته مع حبيبته السابقة! Lebanon 24 توتر بين ماغي بوغصن و"زوجها".. اكتشفت خيانته مع حبيبته السابقة! 09:00 | 2025-03-21 21/03/2025 09:00:33 Lebanon 24 Lebanon 24 بشأن الـ1000 ليرة... هذا ما يحصل بين التجار والمواطنين Lebanon 24 بشأن الـ1000 ليرة... هذا ما يحصل بين التجار والمواطنين 09:07 | 2025-03-21 21/03/2025 09:07:58 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان من مؤسسة كهرباء لبنان.. هذا ما أعلنته Lebanon 24 بيان من مؤسسة كهرباء لبنان.. هذا ما أعلنته 08:10 | 2025-03-21 21/03/2025 08:10:28 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد انحسار الموجة القطبيّة... الأب إيلي خنيصر: هكذا سيُصبح الطقس Lebanon 24 بعد انحسار الموجة القطبيّة... الأب إيلي خنيصر: هكذا سيُصبح الطقس 09:29 | 2025-03-21 21/03/2025 09:29:24 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 23:12 | 2025-03-21 عون: المرحلة أمنية بامتياز ... وسلام: "الثلاثية" أصبحت من الماضي 19:06 | 2025-03-21 إنتعاش 18:55 | 2025-03-21 حديث في الخفاء.. تأجيل لمدة محدودة 17:55 | 2025-03-21 مقدمات النشرات المسائيّة 17:43 | 2025-03-21 مأساة داخل منزل في كسروان.. مُسدس يقتل إبن الـ10 سنوات 17:12 | 2025-03-21 وزير الإعلام مستذكراً هدى شديد: حملت لواء الحقيقة بشرف حتى آخر رمق فيديو رحمة رياض تكشف عن عمرها.. ونادمة لهذا السبب (فيديو) Lebanon 24 رحمة رياض تكشف عن عمرها.. ونادمة لهذا السبب (فيديو) 01:21 | 2025-03-20 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 مُجددا سلاف فواخرجي تُثير الجدل.. هذا ما قالته عن الثورة السورية والأسد وصيدنايا والعلويين (فيديو) Lebanon 24 مُجددا سلاف فواخرجي تُثير الجدل.. هذا ما قالته عن الثورة السورية والأسد وصيدنايا والعلويين (فيديو) 00:40 | 2025-03-20 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 نهاد الشامي إلى السينما.. فيلم برسالة إيمانية في زمن الصوم Lebanon 24 نهاد الشامي إلى السينما.. فيلم برسالة إيمانية في زمن الصوم 06:30 | 2025-03-19 22/03/2025 05:24:33 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار حزب الله هذا ما

إقرأ أيضاً:

ما هي الصدمة الثلاثية التي تعيق عودة السوريين إلى وطنهم؟

شكل سقوط نظام بشار الأسد ديسمبر/كانون الأول 2024 نقطة تحول مفصلية في الأزمة السورية المستمرة المتعلقة بالتشريد القسري (للاجئين والنازحين داخليا)، غير أن العودة الجماعية المرتقبة ما زالت معرقلة بفعل جملة من العقبات المركبة التي تتجاوز نطاق التحليل التقليدي.

تشير إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى أنه بين ديسمبر/كانون الأول 2024 ومنتصف 2025، عاد ما يقارب 500 ألف لاجئ و1.2 مليون نازح داخليا إلى مناطقهم الأصلية، وهي أرقام متواضعة مقارنة بإجمالي أعداد المشردين قسريا، والذين يناهز عددهم 6.8 ملايين لاجئ، و6.9 ملايين نازح داخليا، موزعين في دول المنطقة وخارجها.

ويكشف هذا المعدل المحدود للعودة، رغم إزالة العائق السياسي الرئيسي، عن وجود معوقات أعمق وأشد تعقيدا، تستوجب دراسة حقوقية أكثر تفصيلا.

تركزت الجهود التقليدية في فهم هذه العقبات على الجوانب المادية والملموسة؛ كالبنية التحتية المدمرة، والنزاعات المتصلة بحقوق الملكية، والتدهور الاقتصادي، والمخاوف الأمنية المتبقية، دون أن يُمنح الاهتمام الكافي لبعد بدأ يفرض نفسه بقوة، بعد أحداث الساحل والسويداء في سوريا، وهو انتشار خطاب الكراهية والتحريض الطائفي على الإنترنت، والذي يتخطى حدود المكان، ويسهم في إدامة حالة التشريد من خلال آليات رقمية وافتراضية.

تفترض هذه المقالة أن خطاب الكراهية الإلكتروني والتحريض الطائفي والانتشار الواسع لمقاطع الفيديو التي تصور العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تشكل فئة مستقلة من عقبات العودة، ذات أثر واضح في تشكيل قرارات العودة لدى النازحين واللاجئين السوريين.

عوائق العودة الطائفية

يمثل تحول التوترات الطائفية من المجال المادي إلى الفضاء الرقمي تطورا في كيفية تعاطي مجتمعات ما بعد الصراع مع الانقسامات الهوياتية وتكريسها.

تبين المفاهيم التقليدية للطائفية، المبنية على السيطرة على الأرض والعنف المباشر، محدوديتها في استيعاب ديناميكيات النزوح المعاصرة، حيث خلقت الوسائل التقنية مساحات افتراضية جديدة تطيل أمد النزاع.

إعلان

يتطلب هذا التطور إعادة نظر في مفهوم الحواجز الطائفية، آخذين في الحسبان الخصائص الخاصة للبيئة الرقمية؛ من حيث استدامتها، وسهولة انتشارها، وقدرتها على تجاوز الحواجز الزمنية والجغرافية.

تتمثل الطائفية الرقمية بنشر الكراهية القائمة على الهوية عبر المنصات الإلكترونية بشكل مكثف، مما يؤدي إلى تعزيز الشقاقات والتوترات والانقسامات الداخلية، مهددة الاستقرار المجتمعي لمرحلة ما بعد الصراع.

وعلى عكس العنف الطائفي التقليدي الذي يتطلب التقارب الجغرافي والقدرة التنظيمية، تعمل الطائفية الرقمية من خلال شبكات لامركزية عابرة للحدود، تسهم في ترسيخ الانقسامات بين مجتمعات الشتات.

وتعكس الحالة السورية هذا التحول بوضوح، حيث تظهر منصات التواصل الاجتماعي انتشارا واسعا للخطاب الطائفي قبل وبعد سقوط نظام الأسد، لا سيما عقب أحداث الساحل والسويداء، مما أدى إلى خلق بنية رقمية متزايدة الحدة في الانقسامات الطائفية.

تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورا رئيسيا في تعميق هذه الانقسامات عبر آليات متعددة:

أولا، تساهم الخوارزميات في تضخيم المحتوى الطائفي وتعزيز انتشاره، في حين تحجَب الأصوات المعتدلة. ثانيا، يؤدي الطابع الفيروسي للمحتوى التحريضي إلى منح الحوادث الفردية أو المحلية حضورا رقميا مبالغا فيه، مما يعمم مخاوف محلية لتصبح عامة. ثالثا، تسمح الطبيعة المجهولة لكثير من المنصات بنشر خطاب متطرف يصعب التعبير عنه في التفاعلات الاجتماعية المباشرة.

وتنتج هذه الآليات مجتمعة ما يمكن وصفه بـ"البنية التحتية العاطفية للكراهية"، أي البنية الرقمية التي تغذي وتعزز المشاعر الطائفية بشكل دائم عبر الزمان والمكان.

التأثير النفسي والاجتماعي لخطاب الكراهية عبر الإنترنت

يكشف الترابط بين التعرض الرقمي للمحتوى الطائفي وتحديات الصحة النفسية للنازحين عن مسارات معقدة يتحول من خلالها خطاب الكراهية الإلكتروني إلى معاناة إنسانية فعلية.

ويمثل السياق السوري تحديا في هذا المجال، إذ يواجه النازحون قسريا مصادر متشابكة ومتراكمة للصدمات النفسية؛ بدءا من التعرض المباشر للعنف، مرورا بالصعوبات المرتبطة بالنزوح، وانتهاء بالتعرض المستمر للمحتوى الرقمي الطائفي الموجه ضد مجتمعاتهم. وتعقد هذه "الصدمة الثلاثية" التحديات النفسية التي يعانيها ضحايا التشريد القسري.

تسهل المنصات الرقمية انتشار ما يسميه المختصون النفسيون "الصدمة غير المباشرة"، عبر التداول الواسع لمقاطع الفيديو التي تصور مشاهد العنف، ما يؤدي إلى إعادة تنشيط استجابات الصدمة لدى المشاهدين.

وتشير الدراسات التي أجريت حول النازحين إلى أن هذه الآثار النفسية لا تتضاءل مع مرور الوقت، بل قد تتزايد نتيجة استمرار التعرض للمحتوى الرقمي الصادم، والذي تساهم الخوارزميات في تكرار ظهوره أمام المستخدمين الذين سبق أن تفاعلوا مع محتوى مرتبط بالصراع، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء دورات من الصدمات المتجددة، تبقي النازحين في حالة تأهب مستمرة، حتى مع تراجع التهديدات الجسدية.

يسهم زرع الخوف عن طريق الخطاب الطائفي الرقمي في تشكيل قرارات العودة لدى النازحين واللاجئين عبر آليات نفسية محددة، حيث يخلق المحتوى التحريضي عبر الإنترنت قلقا استباقيا تجاه سيناريوهات العودة، محولا الاحتمالات النظرية إلى مخاوف واقعية من خلال استخدام لغة وصور تهديدية ومباشرة.

إعلان

وتؤكد دراسات ميدانية حول العائدين المحتملين أن التعرض للمحتوى الطائفي الرقمي يزيد من شعورهم بالتهديد، ويضعف الثقة في الضمانات الأمنية المعلنة، ويرفع من تقديرات المخاطر المحتملة عند العودة.

إن استمرار تواجد المحتوى التحريضي على الإنترنت يجعل من التهديدات التي صدرت خلال ذروة النزاع حاضرة دوما في أذهان النازحين، فيما يعرف بـ"الانهيار الزمني"، مما يضطر العائدين المحتملين إلى تقييم أوضاعهم لا بناء على الظروف الراهنة فحسب، بل استنادا إلى المحتوى الرقمي المستمر الذي يشير إلى ضعف محتمل في المستقبل.

ساحة المعركة الرقمية في سوريا وأثرها على ديناميكيات العودة

برزت البيئة الرقمية في سوريا ما بعد الصراع كساحة معركة محتدمة، تتصارع فيها السرديات الطائفية حول تشكيل تصورات العودة وظروفها، كانت هذه الظاهرة في البداية منحصرة نسبيا ضمن نطاق المواجهة بين الموالين لنظام الأسد والمعارضين له، غير أن الأحداث الأخيرة في الساحل خلال مارس/ آذار، وفي السويداء خلال يوليو/ تموز 2025، فجرت موجة من الخطاب الطائفي، يرجح أن تكون لها تداعيات بعيدة المدى تتجاوز المستقبل المنظور.

ولا تقتصر هذه الظاهرة على مجرد تصعيد في حدة الخطاب، بل تشير إلى تحول جوهري في آليات تكوين الهويات الطائفية وتوظيفها سياسيا واجتماعيا كسلاح في الصراع السوري.

وتستغل هذه الهويات البيئة الرقمية متعددة المنصات، ما أدى إلى انتشار واسع النطاق لمحتوى الكراهية، مع استدامة لم تعهدها الأشكال التقليدية من النزاعات الطائفية.

تطور الخطاب الطائفي على الإنترنت من مجرد إشارات مبطنة أو تلميحات غامضة إلى خطاب صريح قائم على استهداف واضح للهويات الفرعية، ما أدى إلى نشوء توترات وانقسامات داخلية تهدد بجدية فرص التعايش السلمي.

ويعكس هذا التحول اللغوي تحولات هيكلية أعمق على مستوى الإدراك المجتمعي السوري لمفاهيم الاختلاف والانتماء، إذ يسهم الأرشيف الرقمي للهويات الطائفية عبر الوسوم (الهاشتاغات) والمجموعات والعبارات المنتشرة في خلق ما يمكن وصفه بـ"أرشيف الكراهية"، وهو ما يجبر العائدين المحتملين على التعامل معه كجزء من تقييمهم لفرص العودة الآمنة إلى مناطقهم الأصلية.

وقد برزت منصات رقمية محددة كقنوات رئيسية لنشر وتعزيز الخطاب الطائفي، وتمتاز كل منها بسمات خاصة تؤثر في طبيعة المحتوى المنشور وانتشاره. إذ تتحول مجموعات فيسبوك المنظمة وفق التقسيمات الجغرافية إلى ساحات افتراضية توثق فيها الحوادث الطائفية وتناقش وتضخم، فتُحول بذلك الحوادث المحلية إلى روايات عامة تؤثر في العلاقات بين مختلف الطوائف.

في حين تسهم مجموعات واتساب، بحكم خصوصيتها وتشفيرها ودينامياتها القائمة على التقارب الشخصي، في انتشار واسع للتقارير غير الموثقة والشائعات التحريضية ضمن دوائر موثوقة اجتماعيا، ما يمنح الخطاب الطائفي مصداقية أكبر من خلال التفاعل المباشر.

وتتيح طبيعة منصة إكس، بما فيها من مزايا التفاعل الآني وانتشار الوسوم، التصعيد السريع للتوترات الطائفية خاصة في أوقات الأزمات أو الأحداث البارزة. كما تؤدي قنوات تليغرام دورا محوريا كمنصات للتنسيق والتعبئة الطائفية، خصوصا تلك التي يديرها أشخاص أو جماعات ترتبط بالنظام السابق، أو بفصائل مسلحة، أو بمجموعات متطرفة، وتسعى عبر محتواها التهديدي إلى استهداف مجتمعات بعينها.

وتشير الأدلة المتاحة إلى أن العديد من هذه الحسابات قد تكون موجهة من قِبل دول، أو جهات تسعى لتعميق الانقسامات، بغرض تحويل الأزمة الطائفية إلى مواجهات مسلحة تبقي النازحين بعيدا عن أوطانهم الأصلية.

مقاطع الفيديو العنيفة كوسيلة رادعة للعودة

يمثل تداول مقاطع الفيديو التي تصور العنف عبر الشبكات الرقمية وسيلة فعالة وواسعة الانتشار في إطالة أمد النزاع الطائفي، لتصبح حاجزا نفسيا وعاطفيا قويا يردع اللاجئين والنازحين عن العودة، متجاوزا الاعتبارات العقلانية المتعلقة بالتقييم الأمني للوضع.

إعلان

وتنتشر على نطاق واسع تسجيلات تبث عنفا طائفيا تاريخيا أو حديثا، بدءا من مشاهد المجازر القديمة وانتهاكات الكرامة الإنسانية، ووصولا إلى لقطات التدمير والترهيب المعاصرة، وتوزع هذه المواد المرئية عبر الشبكات الرقمية السورية بتأثير قوي تضمنه الخوارزميات الحديثة.

وتقوم هذه المقاطع بوظائف متعددة، فهي تخلد الصدمات التاريخية، وتكرس التهديدات المستمرة، وتلقي بظلالها على سيناريوهات العودة المستقبلية. ويؤدي استمرار توفر هذه المواد الرقمية إلى إبقاء تأثير العنف الماضي حاضرا بشكل دائم، مما يقلص المسافة الزمنية بين فظائع الأمس وقرارات اليوم.

يظهر تأثير هذه الفيديوهات جليا على عمليات اتخاذ القرارات الخاصة بالعودة لدى اللاجئين والنازحين، وذلك من خلال آليات نفسية معقدة تدمج الأدلة البصرية بشكل مباشر في تقييم المخاطر.

ويشير العائدون المحتملون إلى أن مجرد مشاهدة مقطع واحد يصور عنفا طائفيا في مناطقهم الأصلية قد يكون كافيا لترجيح قرار عدم العودة، حتى لو تعددت التقارير التي تتحدث عن تحسن نسبي في الظروف الأمنية.

وتضمن الطبيعة الفيروسية لهذا المحتوى أن تكتسب الحوادث المنعزلة أو المتفرقة أثرا مبالغا فيه، حيث تنتقل هذه المقاطع بسرعة كبيرة بين مجتمعات الشتات السوري، متجاوزة بذلك أي معلومات سياقية أو تقييمات موضوعية للمخاطر الفعلية، مما يعزز ما يعرف في الأدبيات النفسية بـ"سلاسل التوافر المعرفي"، أي أن الصور والمقاطع المتوفرة بسهولة عن العنف تهيمن على إدراك النازحين لمستوى المخاطر المحتملة.

ويخلق هذا المحتوى الرقمي "جغرافيات خوف متخيلة"، وهي بنية نفسية وعاطفية تكرس استمرار النزوح وتحدي المفاهيم التقليدية للانتماء الجغرافي. وتتحول مقاطع الفيديو التي تصور العنف إلى "نصب رقمية" دائمة تذكر النازحين بأماكن يعتبرونها ملوثة بالعنف الطائفي بشكل لا يمكن تجاوزه أو نسيانه، بغض النظر عن الواقع الحالي.

وتتكون هذه الجغرافيات المتخيلة من خرائط عاطفية قوامها الخوف والاشمئزاز والغضب، وتؤثر بقوة في قرارات العودة، حتى من مسافات بعيدة. ويصف اللاجئون السوريون ردود أفعالهم الغريزية عند مشاهدة مقاطع توثق عنفا في مناطقهم الأصلية، والتي تتحول إلى مشاعر نفور واشمئزاز عميقين، لتتحول تلك المشاعر إلى قرارات ترفض العودة.

خاتمة

تشكل خطابات الكراهية الرقمية، والتحريض الطائفي، وانتشار مقاطع الفيديو التي تصور العنف عبر منصات التواصل الاجتماعي ما يمكن تسميته بـ«البعد الرابع» لأزمة النزوح السوري؛ وهو بعد يتداخل مع عوامل النزوح التقليدية كالتدمير المادي، والتهديدات الأمنية، والعقبات القانونية، والقيود الاقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يتمتع باستقلالية واضحة عنها.

يتميز هذا البعد الرقمي بخصائص تستدعي إعادة النظر في السياسات والمقاربات المتعلقة بالعودة؛ إذ إنه عابر للحدود، ومستمر رغم التحولات السياسية، ويخلق عوائق نفسية وعاطفية قد تكون أكثر صعوبة من العوائق المادية.

وتؤكد الحالة السورية بوضوح كيف يجد النازحون واللاجئون أنفسهم أمام تحديات لا تقتصر على تدمير البنى التحتية أو النزاعات المتعلقة بحقوق الملكية، بل تشمل كذلك بيئة رقمية مشبعة بالكراهية الطائفية، تعيد باستمرار إنتاج الظروف النفسية والاجتماعية المسببة للصراع.

إن الاعتراف السياسي بالطائفية الرقمية بوصفها عائقا أساسيا أمام عودة النازحين واللاجئين يحمل في طياته تداعيات جوهرية، ويتطلب من الحكومة السورية ومن المجتمع الدولي تطوير إستراتيجيات متقدمة تدمج ما بين الجوانب التقنية، والنفسية، والسياسية.

إذ ينبغي استكمال الجهود التقليدية لتيسير العودة، والتي تتركز عادة على إعادة إعمار البنية التحتية، وحل النزاعات القانونية، وتوفير الضمانات الأمنية، بمبادرات رقمية تهدف إلى بناء السلام والتعايش.

وتتضمن هذه المبادرات تأسيس وحدات متخصصة ضمن آليات العدالة الانتقالية، تتولى رصد وتحليل ومعالجة خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الفضاء الرقمي؛ بالإضافة إلى تطوير شراكات فعالة مع منصات التواصل الاجتماعي الكبرى من أجل تحديد وإزالة المحتوى الذي يحرض على العنف الطائفي.

كما ينبغي العمل على إنشاء برامج تعليمية تعزز «محو الأمية الرقمية»، بهدف تمكين النازحين واللاجئين من تقييم المحتوى الرقمي نقديا، وتشجيع ودعم إنتاج روايات بديلة ترفض التأطيرات الطائفية وتعمل على تعزيز التعايش والتماسك الاجتماعي.

إعلان

علاوة على ذلك، فإن مواجهة تحديات المجال الرقمي تتطلب تشريعات متخصصة، وبناء قدرات مؤسسية، وأطر تعاون دولي وأممي تكون قادرة على التصدي للطبيعة العابرة للحدود الوطنية للمحتوى الطائفي.

لا يقتصر تحقيق العودة المستدامة للسوريين على إعادة بناء المدن المدمرة أو تصحيح الأوضاع القانونية وحدها، بل يقتضي أيضا استعادة المجال الرقمي من تجار الكراهية والتحريض الطائفي. يتطلب هذا الأمر تحولا في إدراك مفهوم العودة بعد انتهاء النزاع؛ من مجرد انتقال جغرافي إلى تفاوض معقد مع بيئات رقمية تؤثر بشكل عميق في تصورات الهوية، والأمن، والتعايش المشترك.

ومن خلال إدراك هذه الحقيقة، يمكن للمجتمع الدولي أن يساهم في خلق الظروف الملائمة التي تمكّن ملايين النازحين واللاجئين السوريين من العودة إلى ديارهم، دون أن يرافقهم خوف مستمر من الكراهية الرقمية التي ما زالت تنتشر بقوة في شبكات التواصل التي تجمعهم وتفرقهم في آن واحد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • في لقاء مع اليونيفيل... أمهات القرى الحدودية يطالبن بحق العودة وإعمار المنازل
  • وزير الدفاع وبلاسخارت: تشديد على التعاون مع اليونيفيل والالتزام بالقرار 1701
  • ما هي الصدمة الثلاثية التي تعيق عودة السوريين إلى وطنهم؟
  • القطاع الغربي في اليونيفيل: الإبلاغ عن 73 ذخيرة غير منفجرة حفاظًا على سلامة المدنيين
  • إسرائيل ترسل تعديلاتها على رد حماس.. وحديث عن "ضغط أميركي"
  • إسرائيل ترسل تعديلاتها على رد حماس.. وحديث عن "ضغط أميركي"
  • خلال 24 ساعة.. كم بلغ عدد المهام المنفذة من قبل الدفاع المدني؟
  • غوتيريش يحذر: إسرائيل تستفزّ اليونيفيل لإخراجها من لبنان
  • ضغوط أميركيّة على لبنان وآلية حصر السلاح أمام مجلس الوزراء الثلاثاء
  • اليونيفيل عن مقتل روني: نُرحّب باختتام إجراءات المحاكمة