البلاد ــ جدة
يمثل اليوم العالمي للمياه الذي يصادف الـ 22 مارس من كل عام؛ اعترافًا بأهمية الماء للإنسان؛ حيث تعود فكرة هذه اليوم العالمي إلى عام 1992م، وهو العام الذي عُقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في العاصمة الأرجنتينية “ريو دي جانيرو”، كما اعتمدت في نفس العام الجمعية العامة قرارها 47/193 الذي أعلنت فيه يوم 22 مارس من كل عام يومًا عالميًا للمياه التي تغطي أكثر من 70 % من سطح الأرض.


وتعتبر المملكة أكبر منتج للمياه في العالم، وتأتي في طليعة الابتكار العالمي في قطاع المياه مستخدمة الذكاء الاصطناعي في تحلية المياه، والتي تسهم في رفع كفاءة التشغيل وتقليل الأثر البيئي، كما تطوّر حلولًا متقدمة باستخدام أشجار النخيل لمكافحة التآكل وتسهم في إطالة عمر البنية التحتية المائية الحيوية؛ معززةً هذه الابتكارات مكانة المملكة مركزًا عالميًا لتقنيات المياه، مما يعكس التزامها الراسخ بالاستدامة، وقدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، وحماية البيئة.
ويعتمد قطاع المياه في المملكة على هيكلة مؤسسية متكاملة، أساسها فصل الاختصاصات على طول سلسلة الإمداد، مما يعزز أهمية ودور الهيئة السعودية للمياه تحت مظلة وزارة البيئة والمياه والزراعة؛ لتضطلع الهيئة بدورها المحوري في الإشراف والتنظيم والتخطيط لضمان استدامة القطاع، والامتثال للمعايير، وجودة الخدمات.
وتعمل الهيئة السعودية للمياه بالتعاون مع كافة الجهات المعنية بقطاع المياه على إعادة رسم مفهوم الإدارة المستدامة للمياه، لضمان استمرار ريادة المملكة بصفتها نموذجًا عالميًا متقدمًا في إدارة الموارد المائية بكفاءة رغم تحديات ندرتها، والذي يتضح من خلال إشراف الهيئة على إنتاج أكثر من 15 مليون متر مكعب من المياه يوميًا في المملكة، من القطاعين العام والخاص، والتي تحقق جميعها أفضل معدلات الكفاءة في استهلاك الطاقة والتكاليف الرأسمالية والتشغيلية، ويتم نقل المياه المنتجة عبر شبكة نقل ذات كفاءة تصميمية استثنائية وبأطوال تتجاوز اليوم 14,000 كلم عبر مختلف التضاريس، وضخها في شبكات توزيع تمتد لأكثر من 135,000 كلم منتشرة في مختلف أنحاء المملكة.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

من أرز المياه المالحة إلى السواك.. السعودية تدجن نباتات جديدة بالصحراء

قبل نحو 10 آلاف عام، بدأ الإنسان رحلة طويلة مع نبات الأرز الذي أصبح منذ ذلك الحين واحدا من أهم محاصيل الغذاء في العالم. لكن، كما هو الحال مع الكثير من المحاصيل المستأنسة، أدت عمليات التهجين والاختيار البشري إلى تقليل التنوع الجيني للأرز، مما جعله أقل قدرة على مواجهة تحديات بيئية مثل الجفاف والملوحة وارتفاع درجات الحرارة.

وفي مواجهة هذه التحديات، زرع فريق بحثي من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) في السعودية -بالتعاون مع جامعة فاخنينغن الهولندية- بذور الأمل بالعودة إلى جذور الأرز من أقربائه البرّيين الذين تطوروا في بيئات صحراوية قاسية ومياه مالحة على مدار 15 مليون سنة، واحتفظوا بتركيبة جينية غنية وقوية تحمل مفتاح تطوير أصناف أرز تتحمل الظروف الصعبة.

ولكن القصة لا تتوقف عند الأرز فقط، ففي السياق نفسه يدرس الباحثون إمكانات شجرة السواك، ذلك النبات الصحراوي المدهش الذي يتحمل الملوحة والجفاف، وينتج ثمارا غنية بالعناصر الغذائية تشبه التوت الأزرق، لكنها ليست بنفس الحلاوة، ويمكن زراعتها باستخدام مياه مالحة في الصحراء، مما يفتح آفاقا جديدة للزراعة المستدامة في المناطق القاحلة.

أجزاء كبيرة من جينومات هذه النباتات تتغير بسرعة وتتحول بشكل مستمر (غيتي) اكتشاف "الجينات القافزة"

في البداية، شرع العلماء -بقيادة البروفيسور رود وينغ، من قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية لدى (كاوست) وقائد مشروع جينوم الأرز بمعهد أريزونا لعلم الجينوم- في دراسة الجينوم الخاص بـ11 نوعا من الأرز البري، منهم 9 أنواع رباعية الصبغيات (أي تحتوي على 4 نسخ من كل كروموسوم) واثنان من ثنائيات الصبغيات.

ومن خلال تحليل دقيق لتسلسل الحمض النووي، أعلنوا في دراسة نشرت بدورية "نيتشر جينتكس" عن اكتشاف أن هناك أجزاء كبيرة من جينومات هذه النباتات تتغير بسرعة وتتحول بشكل مستمر، مدفوعة بعناصر جينية تسمى "الجينات القافزة" التي تسهم في إيجاد تنوع وراثي هائل.

ووجد الباحثون أن نواة جينوم أنواع الأرز البري تشترك في كثير من الجوانب، لكن هناك أجزاء أخرى من الجينوم متغيرة للغاية، مما يمنح هذه النباتات القدرة على التكيف مع ظروف بيئية قاسية مثل الحرارة المرتفعة والملوحة والجفاف. وهذا هو مفتاح الأرز البري في مواجهة تحديات المناخ الحالي، حيث منحته القدرة الإلهية تطوير جينات مقاومة عبر ملايين السنين، والتي كانت بمثابة اختبار للبقاء.

إعلان

ويقول وينغ للجزيرة نت إن هناك العديد من الجينات التي تم اكتشافها في الأرز البري "تساعد في مقاومة الظروف البيئية القاسية مثل الجفاف والملوحة. ومن بين هذه الجينات، يُعد الجين (دي آر أو 1) من أشهرها، حيث يساهم في جعل جذور الأرز تنمو بعمق داخل التربة، مما يساعد النبات على الوصول إلى المياه الجوفية وبالتالي يزيد من تحمله للجفاف".

وأضاف "بالفعل تم دمج الجين (دي آر أو 1) في برامج تربية (تهجين) الأرز، وهذه البرامج نشطة بشكل أساسي في منطقة جنوب شرق آسيا، ولكن يجري العمل بها أيضا بمناطق أخرى مثل أفريقيا وأميركا الجنوبية والولايات المتحدة. وستكون الخطوات التالية اكتشاف المزيد من الجينات المقاومة ودمجها في أصناف الأرز المزروعة لزيادة قدرتها على مقاومة الحرارة والملوحة والجفاف".

السواك ليست مجرد أداة للعناية بالفم إنه نبات سحري بكل ما تحمله الكلمة من معنى (غيتي) أرز المياه المالحة

ويعمل الفريق حاليا على نوع بري من الأرز يسمى "أوريزا كواركتاتا" وهو نبات نادر ينمو بشكل طبيعي في المياه المالحة، والفكرة هي "تدجينه" (أي تحويله إلى نوع مزروع بشكل منتظم) باستخدام المعلومات الجينية المستخلصة من الأرز المزروع حاليا، مما سيسمح بزراعة الأرز في أماكن تعاني من نقص المياه العذبة، مثل بعض مناطق الخليج وشمال أفريقيا، ويسهم في تأمين الغذاء المحلي دون الاعتماد على الاستيراد.

ويحتاج استخدام "أوريزا كواركتاتا" إلى معالجة إحدى أبرز مشاكله، وهي "تساقط البذور التلقائي" التي تحدث بسبب انفصال أو تساقط الحبوب أو البذور من النبات قبل الحصاد نتيجة انفلاق الغلاف أو السنبلة تلقائيا عند النضج، وهذه سمة طبيعية في النباتات البرية تساعد على نشر البذور والتكاثر، لكنها في الزراعة تعتبر ظاهرة غير مرغوبة لأنها تؤدي إلى فقدان المحصول قبل جمعه، مما يقلل من الإنتاج.

إعلان

ويقول البروفيسور وينغ "نعمل على تعديل هذا الأمر وراثيا كما حدث مع أنواع الأرز المزروعة الأخرى، التي خضعت للانتخاب البشري لتقليل أو إزالة هذه الظاهرة، حتى لا تفقد الحبوب قبل الحصاد".

الفريق يعمل على نوع بري من الأرز يسمى "أوريزا كواركتاتا" وهو نبات نادر ينمو طبيعيا بالمياه المالحة (الجزيرة) السواك محصول زراعي مستقبلي

وبعد نجاحه وزملائه في تفكيك أسرار التنوع الجيني للأرز البري، قرروا الاستفادة مما تعلموه مع نبات عربي أصيل طالما ارتبط بالنظافة والتقاليد، وهو شجرة السواك.

ويقول وينغ "أحب أن أطلق عليها اسم فرشاة الأسنان السعودية، لكنها ليست مجرد أداة للعناية بالفم، إنها نبات سحري بكل ما تحمله الكلمة من معنى".

ويشرح كيف أن هذه الشجرة الصحراوية تتمتع بقدرة مذهلة على الصمود في وجه الظروف البيئية القاسية، فجذورها العميقة تساعد في تثبيت التربة ومنع التصحر، كما يمكنها النمو باستخدام مياه مالحة، وهي ميزة نادرة في عالم النباتات، والأروع من ذلك أنها تنتج ثمارا تشبه التوت الأزرق.

ولكن الطموح لا يتوقف عند حدود الزراعة، فالفريق البحثي في "كاوست" يعمل على تدجين هذا النبات باستخدام علم الجينوم، وهي نفس التقنية التي استخدموها في فك شيفرة التنوع الوراثي للأرز وأقربائه البرّيين، بهدف تحويل السواك من شجرة تقليدية إلى محصول زراعي مستقبلي يزرع بالصحراء، ويسقى بماء البحر، وبالتالي يقلل الأثر البيئي لشحنه عبر نصف الكرة الأرضية إلى أسواق الشرق الأوسط.

وأضاف وينغ "تدجين النباتات المحلية المتكيفة مع البيئات القاسية هو المستقبل في المناطق الجافة. نريد أن ننتج الغذاء والأدوية والألياف في بيئتنا، دون الاعتماد على الخارج".

نقلة نوعية بعلوم الزراعة

من جانبه، يشيد الدكتور طارق قابيل أستاذ التكنولوجيا الحيوية بجامعة القاهرة بالاكتشاف الجينومي الجديد الذي أنجزه فريق كاوست، مؤكدا أن نتائج دراسة الأرز تمثل نقلة نوعية في علوم الزراعة والغذاء.

ويقول قابيل للجزيرة نت "لأول مرة نحصل على خريطة جينية كاملة لتطور الأرز على مدى 15 مليون سنة، وهذا الكشف لا يضيء فقط تاريخ الأرز التطوري، بل يقدم أدوات حقيقية للمستقبل، لمواجهة التغير المناخي، وشح المياه، وتراجع الأراضي الصالحة للزراعة".

إعلان

ويوضح أن ما توصل إليه الباحثون في مجال الأرز يمثل نموذجا يمكن تكراره مع نباتات أخرى مثل السواك، ومحاصيل غذائية رئيسية أخرى تعاني من الفقر الوراثي، مثل القمح والذرة.

ويلفت الدكتور قابيل إلى تحديات أخلاقية وثقافية تتعلق باستخدام تقنيات التحرير الجيني في الزراعة، حيث قد تواجه المحاصيل المعدلة جينيا مقاومة بالمجتمعات العربية، نظرًا لما تثيره من مخاوف بشأن "تلاعب الجينات" وتأثير ذلك على "طبيعة" النباتات.

ويشير إلى أن نقل الجينات من الأنواع البرية إلى المحاصيل المزروعة قد يثير تساؤلات حول السلامة الغذائية، مع خوف المستهلكين من التأثيرات غير المعروفة لهذه الجينات على صحة الإنسان. ويؤكد ضرورة تطبيق اختبارات صارمة وشفافية تامة لضمان سلامة المنتجات المعدلة، وهو أمر قد يواجه تحديات تنظيمية في بعض البلدان العربية.

كما يلفت إلى وجود مخاوف دينية وثقافية، حيث يُنظر أحيانا إلى تعديل الجينوم باعتباره تدخلا قد يتعارض مع القيم والمعتقدات التقليدية، ويحذر من احتمال انتقال الأصناف المحسنة جينيا إلى البيئات البرية عبر التهجين الطبيعي، مما قد يؤثر سلبا على الأنواع البرية الأصلية ويخل بالتوازن البيئي.

العدالة في التوزيع

ومن الناحية الاقتصادية، أشار الدكتور قابيل إلى أن تطوير هذه الأصناف قد يتركز في يد شركات أو دول تمتلك التكنولوجيا المتقدمة، مما قد يقيد وصول المزارعين -في المناطق النامية مثل شمال أفريقيا- إلى هذه الأصناف بسبب ارتفاع التكاليف وحقوق الملكية الفكرية.

وفي هذا السياق، يؤكد الأكاديمي المصري على أهمية وضع ضمانات أخلاقية لضمان توزيع عادل لفوائد التكنولوجيا الحديثة، لا سيما في المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ويشدد قابيل على ضرورة تعزيز الشفافية عبر إشراك المجتمعات المحلية وشرح فوائد هذه التقنيات لضمان قبولها. كما يدعو لوضع أطر تنظيمية صارمة تحمي السلامة الغذائية والتنوع البيولوجي، ودعم المبادرات الدولية التي تسعى لتوزيع التكنولوجيا بشكل عادل، بما في ذلك الشراكات مع مراكز الأبحاث الزراعية بالمناطق القاحلة. ويعتبر أن إشراك علماء الأخلاقيات والقادة الدينيين بهذه المناقشات مفتاح لتسهيل قبول التعديلات الجينية ضمن الأطر الثقافية والدينية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • من أرز المياه المالحة إلى السواك.. السعودية تدجن نباتات جديدة بالصحراء
  • “الهيئة السعودية للمياه” توثق رحلة 50 عامًا لتحلية المياه في المملكة
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين: خيرات المملكة تجوب العالم والبرنامج يحظى بتقدير جميع المسلمين
  • لامين جمال الأعلى قيمة في العالم ومركز مفاجئ لمبابي
  • ضيوف خادم الحرمين: خيرات المملكة تجوب العالم والبرنامج يحظى بتقدير عالمي
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين: خيرات المملكة تجوب العالم
  • الهيئة السعودية للمهندسين تختتم سلسلة لقاءات المهندسين في عدد من مدن المملكة
  • موعد مباراة السعودية ضد البحرين اليوم في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم
  • الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس تحتفل باليوم العالمي للغذاء
  • قبل مباريات اليوم.. ترتيب مجموعة السعودية قي تصفيات كأس العالم