[موديبو] يحتاج إلیٰ مٶدِب !!
تاريخ النشر: 24th, March 2025 GMT
ليس المقصود بهذا العنوان الزعيم المالی [موديبو كيتا] ولا زعيم قبيلة الماهرية الرزيقات الأول مادبو علی بن برشم من فرع أولاد محيميد، ذلك الذی أعلن العصيان علی عبد الله ود تور شين فقُبض عليه حيث قتله حمدان أبوعنجة فی الأُبيض عام 1886م، وكلمة (مادبو) هي إسمٌ، أو هو لقب أصله (المٶدبُ) أي معلم الصبيان لكن الإسم ينطق فی غرب أفريقيا مُحَرَّفاً فيُقال (موديبو) وتحول في السودان إلیٰ مادبو، وسيرة مادبو الأول المولود فی شكا بدارفور بدأت بمبايعته المهدي فی قدير عام 1882م ورجع لدارفور وقام بمهاجمة قوات سلاطين، لكنه انقلب علی الأمير كرم الله كركساوی، عامل المهدية علی شكا الذی قبض عليه وأرسله إلى الخليفة بأم درمان حيث قتله حمدان أبوعنجة فی الأبيض وأرسل رأسه فقط إلیٰ البقعة!! وخلفه ابنه موسی مادبو، الذی حبسه الخليفة عام 1895 بتهمة مساعدة صديقه سلاطين علی الهروب، ولم يشهد واقعة كرری، 1898م فقد هرب صباح ذلك اليوم مع أسرته، وقبض عليه المسيرية لمدة عام قبل أن يُطلقوا سراحه، ثم قبض عليه السلطان علی دينار وحبسه حتی عام 1901م،ثم آلت النظارة بعد وفاته عام 1920م لإبنه الناظر إبراهيم موسی مادبو،ثم خلفه أخوه محمود، الذی خلفه ابنه إبراهيم محمود موسی حتی وفاته عام 1994م،فخلفه سعيد موسی مادبو.
الناظر الحالي هو محمود موسی إبراهيم الذي كانت من أقواله (حميدتي خط أحمررر) وقال أيضاً مهدداً بإجتياح العاصمة (الخرطوم دي بنطويها فی ساعة) فاستخف قومه فأطاعوه، ولم تستطع قوات المليشيا وهي المسلحة بأحدث أنواع السلاح من صواريخ الجافلن والكورنيت الأمريكية الفتاكة من طي الخرطوم وقد وضعت القوات المسلحة يدها عليها غنيمة مستحقة بعد أن طوت صفحة مليشيا آل دقلو فی الخرطوم التی زعم ناظر المليشيا بطيها فی ساعات فطوتها يد الجيش في ساعة، وعينها علی الضعين فقد ضبطت النشكاة علی حدودها من أم ورقات وحتی الجلابي، وليس بين دونكي أبْ سكين، ودونكي أبْ عِمَّة، وكل محطات سوق أُم دَوَرْوَرْ الرُطْرطْ وأب سنيديره وقميلاية،،ألخ.
ولا يُعرف لناظر المتمردين أي إنجاز أو مشاركة فی قتال أو حرابة أو إنه قدم حلولاً لفض أي نزاع سویٰ إنه قدم تعازيه لزميله المحتار مختار، فی هلاك المتمرد جلحة الذی قال الأخ الأستاذ محمد محمد خير فی وصفه (جلحة جُراب الكُضُب) بينما الناظر محمود أحقّ بهذا الوصف من جلحة الذی زعم بأنه يستطيع تدمير السد العالي، وقال محمود إنه يستطيع أن يطوی الخرطوم فی ساعة.
وهكذا يتبين لنا إن موديبو أو هو مٶدبُ يحتاج إلیٰ مٶدبٍ!!والجيش كفيل بالقيام بذلك الواجب، لكن ياجيش، “السكران فی ذمة الواعی”.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
سعد: الغائب الذي لم يَغب
صراحة نيوز ـ الدكتور أسعد عبد الرحمن
يا أيّها الغالي سعد…
لا أحد يدرك، لا أحد يستطيع أن يدرك، كيف أن مطرقة رحيلك الصاعق قد هدمت ابراجاً داخلية عندي لطالما ظننتها منيعة. قد سحقت لبناتٌ شيّدها في داخلي التفاؤل المزمن الذي لطالما صاغ نفسيتي، وحماني من الهموم المتكاثرة في هذه الدنيا لكنك ذهبت. وبذهابك، سقط السقف.
صحيح، صحيح تمامًا، أنك أخي، ابن أمي وأبي. لكن هذا، وحده، لم يُتوّجك سلطانًا على قلبي، ولا جعلك توأم روحي الذي أصبحتَه. لقد جاءت “كلمة السر” في هذه العلاقة الإنسانية الاستثنائية من نبعٍ أعمق من صلات الدم، من ينابيع الصداقة التي تنامت بيننا، منذ كنت طفلًا يحبو. ثم، تفتحت من جديد – بعد انتهاء انقطاع قسري- مع التئام شملنا في الكويت حين بلغت أنت الخامسة والعشرين… ومنذ تلك اللحظة، كأن الحياة ابتسمت لي بك. كأننا، نحن الاثنان، استعدنا بقايا طفولة مؤجّلة، وعشناها بنضج من يعرف معنى أن يجد في أخيه صديقًا يسند الظهر، ويقرأ الصمت، ويكون مرآة الروح.
وحين غربت شمسك، ذات “فجرٍ” من حزيران الأسود عام 2023، غرب معك شيء لن يعود. لم يكن يومًا عاديًا. كان انسحابًا هادئًا لظلّك من كل زاوية في حياتنا. وتركتنا (تركتني انا بالذات) أُعاني من رحيلك ومن تلاشي دعوة متكاملة كنت قد وجهتها لك لرحلات متتابعة نقوم بها لتعزيز توأمة الروح التي جمعتنا، قبل أن يحين الأجل المحتوم والذي “توقعناه” في غضون سنوات…كأننا ظننا في اللاوعي عندنا اننا نعيش في”بروج مشيدة”!!!!!غير ان الحقيقة المرّة انفجرت حين غادرتنا بطريقة جعلت الوداع لا ينتهي.
بكيتك، سرًا وعلانية. بكيتك كما يُبكى الوطن حين يُغتصب، كما يُبكى الضوء حين يُطفأ فجأة ولا يعود. ثم، فجأة، انحبس الدمع وجفّ، الأمر الذي حيّرني. وحين سألني صمتي عن السبب، وجدتُ الجواب في دمار “قطاع غزة” ودمار شمال “الضفة”… في فلسطين التي تنزف ولا تموت. هناك، بكى وجعي الأكبر: فما سكبته عيناي من دموع على أهلنا لم يعلم به أحد. كان ذلك السرّ بين ربي وبيني. وكم حرصتُ على ألّا يعرف أحد عن ذلك الانكسار، لا عائلتي، ولا أصدقائي، ولا زملائي. آنئذٍ، صارت الفجيعة بك-اعذرني ياحبيب- تنزوي في ظلّ فاجعة أكبر.
لكن يا سعد…
عدتَ إليّ، من حيث لم أكن أتوقّع. عدت إليّ حين اجتمعنا في منزلكم لإحياء ذكراك. عدت اليّ في الصور المتكئة على جدران منزلك وفي استعادتي لعباراتك الظريفة كلما تحلقنا حول مائدة طعامكم الشهي. عودتك-هذه المرة- تداخلت مع المفارقة بالتجويع الظالم للأهل في “قطاع غزة”. كل هذه التداعيات “فجرّتني” بالبكاء من جديد، كأنني لم أبكِك من قبل، فحملتُ قلبي المتعب، واندفعتُ خارجًا من منزلك…لا لأهرب منك، بل لأهرب اليك.
ياسعد…
لا أحد يدرك، لا أحد يستطيع أن يدرك كم أفتقدك. وسواء كنتُ وحدي، أو مع الأقارب أو الأصدقاء، لطالما وجدتك تزورني، غالبًا بنعومة، وأحيانًا بشدّة. كنتُ أتجلّد. أتجمّد. كي لا “أفسد الجو”، كما كنت تمازحني…
لكن، آه يا توأم الروح، ما أشدّ وقع هذا التجلّد، وما أبطأ هذا النوع من الموت!
كلما عاد حزيران، سقطت من قلبي صفحة. وكلما اقترب “فجر” يومه الأول، يوم رحيلك، أدركت أنه ليس فجرًا… بل موعدٌ مع وجع، مع غيابٍ لا يرحل، ومعك، أنت، الذي ما زلت تعيش في كل ركنٍ من ذاكرتي. واليوم، انا لم أكتبك لأرثيك… بل لأُبقيك حيًّا. في الورق. في اللغة. في الذين سيقرؤونك دون أن يعرفوك. كتبتك لتظلّ بيننا.
ونعم، يا سعد، غبتَ جسدًا لكنك لم تغب من قلبي لحظة. تسكنني كما يسكن الضوء المرآة: لا يُرى، لكنه يُضيء كل ما يمرّ عليه. فسلامٌ عليك، في الذكرى الثانية، كما يليق بروحٍ نادرةٍ، لا يتكرّر غيابها، ولا يُشفى من فقدها.