لجريدة عمان:
2025-06-26@12:54:36 GMT

شبح الجوع يخيم على أجواء غزة من جديد

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

وسط شوارع غزة الضيقة والمدمرة، تتجول أم حسين - سيدة فلسطينية في منتصف الخمسينات من عمرها - تحت أشعة الشمس الحارقة، وهي تعاني من مرض السكري الذي يزيد من تعبها وإرهاقها. تمسك بيدها عصا تساعدها على السير بينما تلهث من التعب، وهي تبحث عن مخبز ما زال يعمل رغم الأزمة الخانقة. بات الحصول على ربطة خبز بمثابة حلم يراودها كل يوم، حيث تضطر للانتظار ساعات طويلة أمام المخابز التي لا تزال تعمل لتلبية احتياجات عائلتها.

تروي أم محمد قصتها بعينين مليئتين بالحسرة والأسى: «أخرج من بيتي كل صباح لأبحث عن الخبز. أقف في طوابير طويلة أمام الأفران، وأحيانًا أعود بلا شيء. أشعر بالضعف والإرهاق، لكن ليس لدي خيار آخر. أبنائي جياع، ويجب أن أوفر لهم ما يسد رمقهم».

تواصل السيدة حديثها وقد ارتعشت يداها من التعب: «حتى عندما أتمكن من الحصول على الخبز، يكون قد مضى على انتظاري ساعات طويلة، وسط زحام خانق ومشاجرات بين الناس المتعطشين للحصول على رغيف واحد».

تضيف أم محمد بصوت متهدج: «الحياة أصبحت قاسية جدًا. كأنني أعيش في كابوس لا ينتهي. جسدي لم يعد يحتمل هذه المشقة، لكن لا سبيل آخر أمامي». تعجز عن مواصلة الحديث وهي تنظر إلى الأرض بحسرة.

تلك المعاناة ليست حكرًا على أم محمد فقط، بل هي صورة مصغرة لأزمة كبيرة يعيشها سكان قطاع غزة، حيث تزداد الأوضاع سوءًا يومًا بعد يوم بسبب انعدام غاز الطهي والوقود، ما أجبر معظم المخابز على الإغلاق.

أزمة إنسانية حادة تهدد غزة

يعيش قطاع غزة على حافة كارثة إنسانية نتيجة للحصار الإسرائيلي المشدد، الذي يتسبب في إغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية والبضائع منذ 22 يومًا. هذا الإغلاق المستمر تسبب في نقص حاد في الدقيق وغاز الطهي والوقود؛ وهي مستلزمات ضرورية لتشغيل المخابز، مما أدى إلى إغلاق العديد منها أمام آلاف المواطنين المحتاجين إلى الخبز كوجبة رئيسية. الوقت نفسه، استأنف الاحتلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ 18 مارس الحالي، مما زاد من تفاقم الأوضاع.

ووفقًا لتقارير رسمية، فإن المخابز في غزة لا تستطيع العمل إلا بالحد الأدنى، وبعضها أغلق أبوابه تمامًا بسبب نفاد غاز الطهي، بينما تعاني أخرى من نقص حاد في الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء. تتزايد طوابير المواطنين أمام الأفران التي لا تزال تعمل، في مشاهد تعكس مدى الأزمة الحادة التي يعيشها القطاع.

الخبز حلم بعيد المنال

«لقد أصبح الخبز حلمًا بعيد المنال».. يقول أبو خالد عبدالرحمن خلال حديثه لـ«عُمان»، وهو أب لخمسة أطفال. يقف في طابور طويل أمام أحد الأفران التي ما زالت تعمل بشق الأنفس.

يتحدث أبو خالد وعيناه تنظران بقلق إلى الفرن الذي قد يتوقف عن العمل في أي لحظة: «نحن نعيش في أزمة لم نعهدها من قبل. نحن على أعتاب مجاعة جديدة. الخبز الذي كنا نعتبره شيئًا بديهيًا أصبح الآن كالحلم. نقضي ساعات طويلة في انتظار ربطة خبز، وقد نعود في النهاية دونها».

يتابع أبو خالد حديثه بغصة: «ليس لدي سوى هذا الخبز لأطعم أطفالي. حاولت الطهي على الحطب مثل كثيرين هنا، لكنه أمر شاق ومتعب. الحطب ليس متوفرًا بكثرة، واستخدامه يستغرق وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا. إضافة إلى أن الطهي على الحطب لا يلائم كافة أنواع الطعام، كما أن الرائحة والدخان المتصاعد يؤثران على صحة أطفالي».

وفي شهادة أخرى، تقول خالدة شراب، وهي أم لثلاثة أطفال: «أجبرت على الطهي على الحطب في ظل انعدام غاز الطهي. أقضي ساعات في إشعال النار وتحضير الطعام لأطفالي، وهو أمر شاق خاصة مع سوء الطقس وانخفاض درجات الحرارة. لم أكن أتخيل أن نصل إلى هذه المرحلة المأساوية».

وتضيف لـ«عُمان»: «نحن محاصرون من جميع الجهات، ولا أحد يسمع صوتنا. هل نحتاج أن نموت جوعًا حتى يتحرك العالم لإنقاذنا؟ الخبز بالنسبة لنا ليس رفاهية، بل ضرورة أساسية للبقاء».

أما عادل الرفاتي، وهو صاحب مخبز قديم في غزة، فيقول: «أغلقت المخبز قبل يومين بسبب نفاد غاز الطهي تمامًا. كان هذا مصدر رزقي الوحيد، وأشعر بالعجز أمام عائلات تعتمد عليّ في توفير الخبز».

ويتابع خلال حديثه لـ«عُمان»: «الأزمة الحالية لا تطاق، وإذا استمر الحال على ما هو عليه، سنشهد كارثة حقيقية».

خطر المجاعة يتجدد

وقال سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: «الأزمة الحالية خطيرة للغاية ونحن نواجه نقصًا حادًا في غاز الطهي والوقود الضروري لتشغيل المخابز. المتبقي لدينا من الدقيق لا يكفي إلا لأيام معدودة، وإذا لم يتم فتح المعابر وإدخال المواد الأساسية، فإن الوضع سيتحول إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة».

وأضاف معروف في تصريح لـ«عُمان»: «نناشد المجتمع الدولي وكل الجهات المعنية بالتدخل الفوري لفتح المعابر وضمان إدخال الوقود والمواد الأساسية، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة بالكامل».

وتابع: «نحن نقوم بكل ما بوسعنا من أجل ترشيد استهلاك الموارد المتبقية وتوزيعها بشكل عادل على المناطق المختلفة، لكن الأزمة أكبر من قدراتنا بكثير. إن صمت المجتمع الدولي سيعني مزيدًا من المعاناة لأبناء شعبنا الذين لا ذنب لهم سوى أنهم محاصرون».

وأشار معروف إلى أن الكميات المتوفرة حاليًا من الدقيق في مخازن المخابز لا تكفي سوى لبضعة أيام فقط، مضيفًا: «ما تبقى لدينا من وقود وغاز طهي هو الحد الأدنى المطلوب لتسيير الحياة اليومية بشكل محدود. إذا لم يكن هناك استجابة عاجلة، سنواجه كارثة إنسانية حقيقية في القريب العاجل».

كما أكد معروف أن السلطات المحلية تبذل جهدًا كبيرًا لتوزيع المواد المتاحة بشكل عادل، مشيرًا إلى أن استمرار الإغلاق سيؤدي إلى انهيار كامل للبنية التحتية الغذائية في القطاع، مما سيضع آلاف العائلات أمام خطر المجاعة مجددًا.

عملية تجويع متعمدة

خلال الفترة الأخيرة، سعت بعض الجهات والمؤسسات الدولية، مثل منظمة الغذاء العالمي، إلى دعم المخابز التي ما زالت تعمل في قطاع غزة، من خلال توفير الدقيق والغاز والوقود. وكان الهدف من هذه المساعدات هو تمكين المواطنين من الحصول على ربطة خبز بسعر رمزي قدره شيكلين. لكن، وبسبب استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والغاز إلى القطاع، اضطرت معظم المخابز إلى الإغلاق، في ظل سياسة التجويع المنهجي التي تفرضها إسرائيل على السكان المحاصرين في غزة.

وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن الوضع في قطاع غزة يزداد سوءًا مع نقص حاد في الإمدادات الغذائية والمياه والخدمات الصحية، وذلك نتيجة قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع دخول المساعدات الإنسانية وقطع الكهرباء والماء عن القطاع. وأضاف المكتب أن "سكان غزة يواجهون تحديات متزايدة في الحصول على الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية من الطعام والماء والرعاية الصحية، إلى جانب نقص حاد في الوقود ووسائل العيش الأخرى".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحصول على نقص حاد فی غاز الطهی قطاع غزة لـ ع مان فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

خريجو ”زادك“: قصة نجاحنا بدأت بشغف الطهي وتُوّجت بوظيفة الأحلام

عبّر عدد من خريجي أكاديمية زادك السعودية لفن الطهي عن سعادتهم بتتويج مسيرتهم التعليمية بحصولهم على وظائف في قطاع الضيافة قبل موعد التخرج، مؤكدين أن ما بدأ بشغف الطهي، تحوّل اليوم إلى واقع مهني ملموس، بفضل البيئة التدريبية التي وفّرتها لهم الأكاديمية، والدعم المتواصل الذي مكّنهم من صقل مهاراتهم وتحقيق أحلامهم.
جاء ذلك خلال تخريج 99 طالباً وطالبة من خريجي الدبلوم، والدبلوم المشارك بالأكاديمية السعودية لفنون الطهي“زادك”الذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأربعاء بمقر غرفة الشرقية.
أخبار متعلقة رقصة "الخماري" تستحضر ذاكرة الفنون الشعبية الشرقيةأمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع عقود استثمارية بين الأمانة ومستثمرين بقيمة تجاوزت ملياري ريالوأوضح عدد من الخريجين لـ ”اليوم“ خلال أن التجربة لم تكن تقليدية، بل حملت في طيّاتها تحديات وفرصًا نادرة، حيث تعلّموا خلالها أساسيات الطهي وفنونه، إلى جانب مبادئ الاستدامة والهوية الوطنية في المأكولات، مما عزز من جاهزيتهم لدخول سوق العمل بثقة وكفاءة. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك أحد خريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك خريجو أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك الاحتفال بخريجي أكاديمية زادك var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
بداية حقيقية
وأشار بعضهم إلى أن التخرج يمثل بداية حقيقية لمهنة لطالما حلموا بها، فيما وصف آخرون لحظة استلام الشهادة وتوقيع العقود بأنها ”نقطة تحوّل“ في حياتهم المهنية والشخصية.
وشهد الحفل الختامي، الذي أقيم في مدينة الخبر، تخريج 99 طالبًا وطالبة ضمن الدفعة السابعة من برنامج دبلوم فنون الطهي، وهو الرقم الذي وصفته الأكاديمية بأنه غير مسبوق من حيث الجاهزية والتوظيف المبكر، حيث تم توقيع عقود جميع الخريجين مسبقًا مع مؤسسات فندقية وشركات غذائية مرموقة.
وأكدت رانية معلا، رئيسة مجلس إدارة الأكاديمية، أن ما تحقق يعكس التزام ”زادك“ برفع كفاءة الكوادر الوطنية وتقديم مخرجات تعليمية ترتقي لمستوى المنافسة، مشيرة إلى أن الدعم اللامحدود الذي يقدّمه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، لأبناء المنطقة، كان له الدور المحوري في نجاح الأكاديمية وطلابها.
التكامل مع القطاع الخاص
وشدّدت معلا على أهمية التكامل مع القطاع الخاص في دعم مسيرة التعليم المهني، مؤكدة أن الشراكات الاستراتيجية ساهمت في فتح آفاق عملية واسعة أمام الخريجين، وساعدت في بناء جسور مباشرة نحو التوظيف، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تمكين الشباب ورفع نسبة التوطين في القطاعات الحيوية.
من جهته، عبّر الشيف محمد الياسين، أحد خريجي الأكاديمية، عن مشاعره قائلًا إن هذه اللحظة لا تُوصف، فهي خلاصة تعب وشغف سنوات طويلة، مؤكدًا أن زادك منحته أدوات حقيقية ليبدأ مشواره بثقة.
ولفت الشيف سعيد المدن، إلى أنه ضمن أول دفعة في الدبلوم الأساسي، معتبرًا أن هذه التجربة غيّرت حياته، وفتحت له آفاقًا لم يكن يتصورها.
ورأى الشيف تميم الحربي أن هذا التخرج لا يمثل نهاية بل بداية حقيقية لمهنة يحلم بها، مشيرًا إلى أن ما تعلمه في الأكاديمية من تفاصيل دقيقة عن فنون الطهي، أضاف له الكثير.
وأعربت الشيف آمنة شيبة عن امتنانها لكل من دعمها خلال مسيرتها، مضيفة أنها اليوم تقطف ثمار تعبها في شكل وظيفة تحقق ذاتها. وشاركهم الرأي الشيف أحمد السعيد، الذي أكد أنه حوّل شغفه إلى مهنة، بفضل التدريب المكثف والدعم المستمر الذي تلقاه من إدارة الأكاديمية.
وتُعد أكاديمية زادك إحدى أبرز المبادرات الوطنية غير الربحية التي تُعنى بتأهيل الطهاة السعوديين وفق معايير دولية، من خلال تقديم دبلومات مهنية مكثفة تجمع بين الجوانب النظرية والتطبيقية، وتسهم في دعم قطاعي السياحة والضيافة، بوصفهما من ركائز الاقتصاد الوطني الجديد.

مقالات مشابهة

  • “الأغذية العالمي”: المساعدات التي وصلت غزة منذ أيار أقل من احتياجات يوم واحد للسكان
  • أصوات الجوع في زمن الهدنة .. غزة تحت وطأة الانتظار| تفاصيل
  • خريجو ”زادك“: قصة نجاحنا بدأت بشغف الطهي وتُوّجت بوظيفة الأحلام
  • 13 طن دقيق.. حملات أمنية مكثفة على المخابز المخالفة بالمحافظات
  • نافورة مياه تهاجم بن نافل خلال التدريبات وضحكاته تنعش أجواء الحماس .. فيديو
  • أجواء غير كروية.. محمد هاني يعلق على خروج الأهلي من مونديال الأندية
  • كالكاليست: إسرائيل تواجه خطرا وشيكا بشأن غاز الطهي
  • 10 أطنان دقيق.. حملات مكبرة على المخابز المخالفة بالمحافظات
  • أجواء حارة تنتظر الأهلي أمام بورتو.. وديانج الأقرب للمشاركة
  • تموين الدقهلية: حملات على المخابز والأسواق بجميع مراكز المحافظة