الشهيد الوائلي.. كابوس إيران الذي لم يمت
تاريخ النشر: 27th, March 2025 GMT
لم يكن استشهاد الفريق الركن أمين الوائلي مجرد خبر عابر تعرضه قناة ميليشيات الحوثي الإرهابية، التي يُجبر المختطفين في سجونها على متابعتها كجزء من التعذيب النفسي، بل كان حدثًا هزّ المنطقة، ولم يكن شأناً محلياً، بل عابراً للحدود وجد في طهران احتفاءً استثنائياً خصصت له القنوات التلفزيونية أغلب برامجها لتغطية تأثيره على عوامل صمود الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مواصلة صد الهجمات البربرية الحوثية الإيرانية منذ بداية ذلك العام 2021.
شاهدنا هذه التغطية المكثفة من القنوات الإيرانية واحتفائها بالخبر ونحن في سجن الإرهابي عبدالقادر المرتضى بمعسكر الأمن المركزي بصنعاء، وبعكس ما دأبت عليه الميليشيا لم تُفتح شاشة القناة الحوثية كما هي العادة، بل من قناة العالم الإيرانية، التي هللت بـ”الانتصار الكبير”، وأعلنت أن قائد الجبهة في مأرب قد قُتِل.
عُرضت التغطية الإيرانية أمام المختطفين في محاولة لاستعراض القوة والهيمنة ولكسر المعنويات، لكنهم لم يجدوا إلا وجوهاً صامدة شامخة، ونظرات تفيض بالعزيمة أكثر مما يعتريها الحزن، ووجدوا أكثر من ذلك عندما بثّوا بعد أيام من استشهاده مقطع فيديو له في جبهة مأرب، قابله الأسرى والمختطفين بهتافات النصر والتحية العسكرية، كما كانوا يفعلون مراراً عندما تُعرض قياداتهم الوطنية في قنوات الميليشيا، لتتحول فرحة الميليشيات الحوثية إلى خيبة وانتقام وتهديد ووعيد، ويضطر المشرفون إلى تغيير القناة، هروباً من حقيقة كانوا يرفضون الاعتراف بها: أن الروح المقاومة لا تموت، حتى في أحلك الظروف.
لقد أثبتنا للسجان أن الروح المقاوِمة لا تموت لكن بعض الأحداث لا تمر مروراً عابراً بل تترك أثرها عميقاً في الذاكرة توقظ ذكريات مضت لكنها لم تُنسَ، وفي تلك الليلة الثقيلة عاد بي الزمن إلى آخر تواصل لي مع الشهيد القائد الوائلي قبل احتلال صنعاء، حينها كنت رئيساً للجنة الإعلامية في اللجنة التحضيرية للمطالبة بإعلان وصاب وعتمة محافظة وضمّها إلى إقليم تهامة، كنت برفقة الصديق العزيز اللواء الركن عبدالكريم عوبل السدعي، قائد محور مران قائد اللواء الثالث عروبة، وما زالت كلمات الشهيد الوائلي ترنّ في ذاكرتي وهو يقول لنا: “تتحقق الأحلام بعزم الرجال”.
لم تكن تلك الكلمات والموافق مجرد مشهد عابر في ذاكرتي بل بقيت محفورة في وجداني حتى بعد خروجي من السجن حيث وجدت ذات الحزن والألم في عيون القادة الأوفياء الذين عرفوا قيمة الشهيد وعاشوا معه تفاصيل معركة الجمهورية وكان في مقدمتهم الصديق العزيز اللواء الركن عبدالكريم عوبل السدعي الذي التقيته بعد تحريري من سجون الإرهابيين الحوثيين، فوجدت في صوته حزناً ممزوجاً بالعزم، وهو يستذكر القائد الوائلي ومآثره العظيمة ويتحدث بحرقة عن الشهيد أمين الجمهورية الذي لم يكن مجرد قائد عسكري، كان جمهورية تمشي على قدمين، وحصنًا منيعًا للجمهورية ضد المد الفارسي، وسيفًا مسلطًا على رقاب أذناب طهران في اليمن، ليس مجرد اسم في معركة بل كان الخط الأحمر الذي كسر زحف الميليشيات في كل جبهة قادها وهزمهم في كل مواجهة حتى صار هدفًا أولًا لإيران.
قال لي القائد السدعي بصوت يملؤه العزم والإيمان: أمثال أمين لا يموتون بل تتحول أرواحهم إلى رايات تقود مسيرة النضال وإلى شعلة لا تنطفئ في وجدان كل يمني حر. القائد أمين الوائلي لم يكن رجلاً عاديا كان مشروعاً جمهورياً متكاملاً وقائداً من طراز نادر، من أولئك الذين يولدون مرة كل قرن ليغيروا مجرى التاريخ. عاش مقاتلاً لا يعرف الهزيمة وقائداً لا يساوم ظل في الميدان حتى آخر لحظة وفي كل خطوة كان يرسم ملامح النصر القادم.
بهذه الكلمات كان السدعي يتحدث عن أمين الجمهورية الرجل الذي ظل حتى آخر لحظة حارساً للكرامة وسنداً للوطن ورمزاً جمهورياً خالداً.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةاتحداك تجيب لنا قصيدة واحدة فقط له ياعبده عريف.... هيا نفذ...
هل يوجد قيادة محترمة قوية مؤهلة للقيام بمهمة استعادة الدولة...
ضرب مبرح او لا اسمه عنف و في اوقات تقولون يعني الاضراب سئمنا...
ذهب غالي جدا...
نعم يؤثر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: فی الیمن فی مأرب لم یکن
إقرأ أيضاً:
جدل بالمنصات الجزائرية بعد حفل هيفي ميتال قرب مقام الشهيد
أثار حفل موسيقي أقيم ضمن فعاليات المهرجان الدولي للشريط المرسوم في الجزائر العاصمة جدلا واسعا بمنصات التواصل الاجتماعي، بعد عزف موسيقى "هيفي ميتال" الصاخبة بالقرب من مقام الشهيد الذي يعد رمزا لتخليد ذكرى شهداء الاستقلال.
وأقيم المهرجان الدولي للشريط المرسوم "فيبدا" في نسخته الـ17 قبل نحو أسبوعين بساحة رياض الفتح في الجزائر العاصمة، برعاية وزارة الثقافة والفنون، وحملت هذه النسخة اسم "طبعة الأطفال" احتفاء بالرسوم المتحركة والشخصيات المصورة وتكريم مبدعيها.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4غزة والجزائر والكاريبي.. فرانز فانون ينبعث سينمائيا في مئويته رغم التغييب الفرنسيlist 2 of 4لأسباب تتعلق بالاحتشام.. قواعد جديدة في الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائيlist 3 of 4كندا تحظر دخول فرقة "نيكاب" لدعمها فلسطين.. والفرقة تلجأ للقضاءlist 4 of 4ميديا بارت: جولة مغن مؤيد لحرب إبادة غزة تثير جدلا في أوروباend of listوفي ختام المهرجان السنوي، نظم القائمون عليه حفلا موسيقيا عزفت فيه موسيقى الروك المعروفة بـ"هيفي ميتال" ذات الإيقاعات الصاخبة، حيث تفاعل الحضور مع الموسيقى من خلال الرقص والحركات التي تتميز بها هذه النوعية من الأغاني.
وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذا الحفل أثار موجة واسعة من الجدل بين الجزائريين، حيث اعتبره البعض فعلا مسيئا للرمز الوطني ومخالفا لقيم المجتمع، في حين رأى آخرون أنه مجرد تعبير فني ضمن فعاليات ثقافية معتمدة رسميا.
ولم يقتصر الأمر على الجدل في المنصات الرقمية، بل تطور إلى تحرك برلماني، حيث وجه النائب البرلماني عن حركة مجتمع السلم بلخير زكرياء عريضة رسمية إلى الوزير الأول ضد ما وصفه بحفلة لشباب متأثرين بفكر عبدة الشيطان.
وقال النائب في عريضته إن ما تم تداوله من صور ومشاهد يمس بحرمة مقام الشهيد وبالقيم الدينية والوطنية للمجتمع الجزائري، داعيا الحكومة إلى فتح تحقيق عاجل لمعرفة ظروف الترخيص لهذه الحفلة واتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرار مثل هذه التجاوزات.
آراء متباينةورصد برنامج شبكات (2025/10/12) جانبا من تعليقات الجزائريين على الحفلة والصور والمشاهد التي تابعوها عبر منصات التواصل الاجتماعي من هذا الحفل الموسيقي.
من تلك التفاعلات ما كتبه جفيل:
الأخطر من ذلك هو تغييب العقيدة وطمس المعالم مقابل تقليد أعمى لا يمت لهويتنا بصلة، فهل تم فعلا الترخيص لهذا الأمر؟ ومن يقف وراءه؟
في المقابل، رأى تفال أن الأمر يتعلق بحرية التعبير الفني، وكتب:
لا يمكنك أن تطالب بالحرية وأنت تقصي الآخر، فجوهر الحرية هو القبول بالاختلاف، فالأولاد الذين يحبون الكوسبلاي لا يرتكبون خطأ، إنهم فقط يعبرون عن فنهم بطريقتهم الخاصة.
وغرد طارق مؤيدا موقف النائب البرلماني قائلا:
يجب الضرب بيد من حديد ومحاسبة المسؤولين والمشاركين، لعدم تكرار مثل هذه العادات المشينة والدخيلة على مجتمعنا الأصيل".
بينما دعا رضوان إلى التعقل في التعامل مع الموضوع، مشيرا إلى أن:
الفعل يحتاج الكثير من التمهل والتعقل، هذا الفضاء يسمى بالفضاء العمومي وعندي عليه ملاحظات ولكن المكابح ضرورية.
وتعود بدايات موسيقى "هيفي ميتال" إلى الستينيات حينما أرادت فرق موسيقى الروك أن تعزف موسيقى أكثر صخبا وبإيقاع أسرع وأقوى، ثم تطورت في السبعينيات حتى تحولت إلى ثقافة كاملة تميز جمهورها بأزياء معينة وشعر طويل وتفاعل جسدي خاص مع إيقاعات الأغنيات.
إعلانومنذ نشأته، واجه هذا النوع من الموسيقى رفضا اجتماعيا في بداياته بالغرب، خصوصا من جماعات دينية مسيحية رأت في طقوس هذه الأغاني إساءة للكنيسة وتهديدا للقيم الاجتماعية، قبل أن يتطور ليصبح جزءا من المشهد الثقافي الموسيقي العالمي.