الأول بعد سقوط الأسد في سوريا.. بأي حال عدت يا عيد؟
تاريخ النشر: 28th, March 2025 GMT
سوريا – لا يريد السوريون أن يغادروا مساحة التفاؤل رغم أن واقعهم الحالي بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد لا يزال صعبا.
وهم اليوم إذ يقفون على مسافة قصيرة من أول عيد فطر في ظلال الحكم الجديد فإن الظروف المعيشية لم تختلف بشكل كبير عما كانت عليه سابقا رغم انخفاض أسعار بعض السلع وتوفر سلع أخرى ما كانت موجودة في السابق ليبدو مشهد الزحام في الأسواق قبيل العيد وكأنه ازدحام وهمي قائم على استحضار أجواء غابرة لا يقوى المال الشحيح الذي في الجيوب على محاكاتها إلا أن تتولى الذاكرة ذلك فتطال بالأمنيات ما لا سبيل إلى تحقيقه اليوم على أرض الواقع.
بأي حال عدت يا عيد
يحاول أحمد (الموظف في مبنى محافظة دمشق) توصيف العيد بالنسبة لجل السوريين باعتباره اليوم “منازلة صعبة مع الظروف المادية تفضي في الغالب إلى إنتصار هذه الأخيرة” .
وفي حديثه لـRT يؤكد أحمد أنه قضى أياما بلياليها وهو يتدبر في الطريقة التي يمكنه من خلالها شراء ثياب جديدة لأطفاله الثلاثة في حين أن راتبه لا يتجاوز 400 ألف ليرة أي أقل من 40 دولارا تضاف إليه المنحة التي صرفتها الحكومة الجديدة قبيل العيد والتي يحتاج الحصول عليها إلى الوقوف لساعات طويلة في الطوابير أمام الصرافات القليلة المتواجدة في العاصمة.
من جانبه يرى لؤي (معلم مدرسة) أن انخفاض أسعار بعض المواد والسلع عقب سقوط نظام الأسد لا يعني بأن الحال قد تغير كثيرا بالنسبة للمواطنين السوريين الذين انتظروا شهورا لقبض رواتبهم على مراحل زمنية متقطعة لا تسمح بوجود آلية للتدبر في كيفية الإنفاق الخاضعة أصلا للتقشف الشديد.
مشيرا إلى أنه اضطر لتصريف الـ100 دولار التي أرسلها له أخوه من ألمانيا من أجل شراء ملابس وأحذية لأطفاله بعدما ماطل في الموضوع طويلا على أمل أن ينهض الراتب والمنحة بالأمر.
بدوره يحاول عدي (عامل في مطعم) خلق جملة مقارنة بين أجواء العيد قبل وبعد سقوط النظام لجهة الأجواء والأسعار. يتذكر الرجل الخمسيني الذي يسكن مع زوجته وأطفاله الخمسة في بيت متواضع في منطقة ركن الدين بأن الأسعار في عهد النظام السابق كانت مرتفعة جدا حيث تجاوز سعر صحن البيض الـ60 ألف ليرة وكيلو اللحمة وصل إلى 200 ألف ليرة أي ما يعادل نصف راتب الموظف في حين كان شراء جرة غاز واحدة يتجاوز هذا المبلغ.
ووصف عدي في حديثه لموقع RT الأوضاع الاقتصادية عقب سقوط النظام بأنها تندرج في إطار التحسن البسيط فالأسعار لا تزال عالية والمادة التي انخفض سعرها انخفضت جودتها بنفس المقدار، مشيرا إلى أنه لاحظ ذلك من خلال شرائه ملابس العيد لأولاده حيث انخفض سعر ألبسة الولادي والبيجامات إلى النصف، لكن ذلك كان على حساب الجودة.
السيدة إلهام تساءلت من جانبها عن عدد الرواتب التي يمكن أن تجعل للعيد قيمة ومعنى في نفوس الأسرة. “ربما يجب أن يتضاعف إلى خمسة أو ستة أضعاف” تؤكد السيدة الأربعينية، مشيرة إلى أنها اشترت بعض الملابس من السوق بمناسبة العيد واضطرت لتدوير ملابس أخرى لكي تناسب الصغار من أطفالها الذين شعروا بالغصة لأن إخوتهم الكبار حصلوا على الملابس الجديدة فيما كان القديم الرث من نصيبهم هم .
أديب( صاحب محل لبيع الألبسة) في منطقة الشيخ سعد أكد في حديثه لـRT أن حركة السوق قبيل العيد قد لا تعطي مؤشرا دقيقا لحركة البيع، لافتا إلى أن الكثير من الناس يخرجون لاستطلاع السوق ويحجمون عن الشراء نتيجة ضعف السيولة رغم انخفاض الأسعار نسبيا، وأضاف أن إنتشار البسطات الكثيف ومن دون ضوابط ورقابة حكومية أثر بشكل كبير على مبيعات محله وبقية المحلات التي تدفع فواتير الكهرباء والمياه الباهظة للدولة الأمر الذي يضطرها لرفع السعر فيما لا يجد أصحاب البسطات حاجة لذلك فيبيعون كميات أكبر بأسعار منافسة فيما لم يعد يهم المواطن السوري شراء ثيابه من أماكن أنيقة طالما أن غايته الأساسية تتمثل في توفير أي مبلغ مالي مهما كان بسيطا.
بدوره يرى بشير (صاحب محل موالح) أن الحكومة الجديدة تحتاج إلى المزيد من الوقت لجعل حالة السوق أكثر استقرارا، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق برفع الرواتب إلى أربعة أضعاف كما وعدت الحكومة وزيادة ساعات التغطية الكهربائية واستقرار سعر صرف العملات الأجنبية التي يتم بموجبها ضبط الأسعار في الأسواق.
ولفت بشير إلى أن أسعار الموالح قد انخفضت بنسبة كبيرة بعد سقوط نظام الأسد فسعر الكيلو الفاخر كان قد وصل إلى حوالي 300 ألف ليرة، في حين أنه يباع اليوم بأقل من نصف ذلك المبلغ كما أن المكسرات من الجوز واللوز والبندق التي يشتريها المواطنون عادة من أجل إعداد حلويات العيد والتي تباع على البسطات وفي السيارات المتوقفة على الأرصفة باتت متوفرة وبأسعار رخيصة نسبيا الأمر الذي أثر على حركة الشراء من محله في هذا العيد بنسبة كبيرة.
الفقر وغياب العلاقات الاجتماعية في العيد
ترى السيدة بيسان، وهي عضو في إحدى الجمعيات الخيرية في دمشق، أن العيد ليس مجرد ثياب تشترى وطعام لذيذ يبسط على موائد السوريين بل هو قبل ذلك جو من الفرح والألفة والتواصل بين الأهل والأقارب والأصدقاء ويجب أن يتجاوز ذلك إلى حالة من الإنفتاح الشجاع والصادق في العلاقة بين المكونات السورية التي يضمها الوطن الواحد.
وفي حديثها لـRT أشارت بيسان إلى أن الكثير من طقوس العيد والتي كانت تعكس حالة المودة والتواصل بين السوريين قد انكفأت بسبب من الأحوال المادية الصعبة التي كانت ترتب على أي زيارة اجتماعية مبلغا من المال لم يعد أغلب السوريين يطيقون تحمله.
ولفتت السيدة بيسان إلى أن أبسط هدية يحملها سوري يريد أن يزور قريبه في العيد ستشكل عبئا ثقيلا على راتبه المتواضع أصلا، ولذلك فإنهم باتوا يفضلون التواصل الهاتفي الذي يحد من العلاقة الاجتماعية دون أن يلغيها.
وأشارت السيدة بيسان إلى أن كل ذلك يهون مقابل ذلك الشعور الأليم الذي يعيشه رب الأسرة السوري حين يعجز عن إسعاد أطفاله في العيد الذي يصبح بالنسبة له مناسبة عصيبة يتمنى لو أنها سقطت من أوراق الزمن إلى ذلك اليوم الذي يملك فيه رب الأسرة ما يحفظ ماء وجهه أمام أطفاله.
وختمت السيدة بيسان حديثها لموقعنا بالإشارة إلى وجوب أن تلحظ الحكومة ما يمكن أن يتركه تأثير الفقر على السوية النفسية لمواطنيها وخصوصا الأطفال منهم ممن ستلازمهم عقدة النقص طوال العمر حتى لا توصف بأنها حكومة لا تخطط للمستقبل بما يحفظ استقرارها وتمكينها في نفوس مواطنيها قبل أن تشرع في انتزاع أي اعتراف دولي هو أقل منزلة من اعتراف وطني يدعو فيه مواطن سوري لهذه الحكومة بالديمومة ويدعو لحكامها بطول العمر.
فالناس وفق عضو الجمعية الخيرية يحتفون بما تقدمه لهم الحكومة من خدمات أكثر بكثير من احتفائهم بالخلفية العقائدية والسياسية اهذا الحاكم أو ذاك حيث المواطنة هي المعيار الحق للعدالة.
المصدر: RT
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
ميغان 2 دمية القرن الجديد التي أعادت تعريف رعب الدمى في السينما
عرضت شاشات السينما حول العالم في عام 2022 فيلم خيال علمي ورعب منخفض الميزانية بعنوان "ميغان" (M3GAN)، وحقق الفيلم إيرادات بلغت أضعاف ميزانيته، والأهم من ذلك الإشادات التي حصل عليها من المتفرجين والنقاد على حد سواء، مما جعله مرشحًا بقوة لجزء ثانٍ يعيد نجاح الجزء الأول.
صدر فيلم "ميغان 2" (M3GAN 2.0) في عام 2025 ليستكمل قصة الدمية المخيفة، التي تختلف عن كل الدمى المرعبة الأخرى التي قدمتها الأفلام السينمائية.
View this post on InstagramA post shared by M3GAN 2.0 (@m3gan)
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يحب أولادك أفلام الرعب؟ أعمال مخيفة مناسبة للأطفالlist 2 of 2هل يتناول فيلم "سوبرمان" حرب الإبادة في غزة؟end of listميغان دمية من القرن الحادي والعشرين
تُعد الأفلام المبنية على قصص دمى شريرة نوعا فرعيا من أفلام الرعب النفسي، وهي تأخذ شيئا بريئا ومألوفا، غالبا مخصصا للأطفال أي الدمية، وتحوله إلى مصدر تهديد ورعب للجميع. وتعددت الأفلام التي قدمت هذه الحبكة، ومن أشهرها سلسلة "لعبة أطفال" (Child’s Play) المعروفة بشخصية الدمية تشاكي، المسكونة بروح قاتل محترف، و"آنابيل" (Annabelle)، الدمية المسكونة بروح شريرة تجلب الكوارث لكل من يمتلكها.
تحوّل هذه الأفلام لعبة أطفال بريئة إلى شيء مرعب، مما يخلق توترًا نفسيًا مضاعفًا. كذلك، فإن الشخصيات الفيلمية عادةً ما ترفض تصديق أن هناك دمية قاتلة، الأمر الذي يجعلها ضحية مثالية، ويزيد من انغماس المتفرج في التوتر والرعب. كما تفتح هذه الأفلام المجال واسعًا للكثير من التأويلات النفسية، مثل رمزية الدمية إلى طفولة تعيسة، أو ذكريات قديمة، وغيرها.
يقدّم "ميغان" في جزئيه الأول والثاني دمية مشابهة، لكنها تنتمي إلى القرن الحادي والعشرين، وعلى وجه التحديد إلى العقد الحالي. فهي تبدو في البداية دمية لطيفة، تساعد الطفلة كيدي (فيوليت ماكجرو) على التأقلم مع الوفاة المفاجئة لوالديها، وإقامتها مع خالتها جيما (أليسون ويليامز). الدمية إلكترونية حديثة للغاية، تعمل بالذكاء الاصطناعي الذي يساعدها على تفهّم احتياجات الطفلة وتلبيتها بشكل عاطفي حساس، ربما أكثر من البشر أنفسهم.
إعلانتعلم المتفرجون من خلال سنوات من الخبرة السينمائية أن دمى مثل ميغان ستنقلب في أي وقت إلى أعداء صريحين، وبالفعل، تقوم ميغان في الجزء الأول بعدة جرائم قتل، كان الهدف منها حماية كيدي، حتى هاجمت جيما، فاضطرت كيدي إلى تدمير ميغان بنفسها.
يبدأ الجزء الثاني بكيدي وهي أكبر عمرًا، على أعتاب المراهقة، وتعيش مع جيما في منزل تحركه التكنولوجيا. على الجانب الآخر، أصبحت جيما مناهضة لتعريض الأطفال واليافعين للتكنولوجيا بشكل مفرط، وتدعو إلى عالم تسوده قيم أكثر تقليدية، خصوصًا فيما يتعلق بتربية الأطفال. غير أن هذا العالم المستقر الذي بنته جيما مع كيدي يختل توازنه عندما تظهر آلية تُدعى "إميليا" (إيفانا سكنو)، صنعتها الولايات المتحدة كسلاح حربي باستخدام تكنولوجيا ميغان، لكن الآلية تتمرد على القواعد، كما كان متوقعًا، الأمر الذي يضع الجميع في مأزق.
View this post on InstagramA post shared by M3GAN 2.0 (@m3gan)
نسخة حديثة من "المدمر"
بعدما كانت ميغان في الجزء الأول رمزًا للعنف والذكاء الاصطناعي الشرير، تصبح في الجزء الثاني الملاذ والحل، ومن هنا تبدأ مغامرة من نوع مختلف، الأمر الذي يُحيل إلى ثنائية أفلام قُدّمت في منتصف القرن العشرين ونجحت في تقديم حبكة مشابهة، لتصبح أيقونة من أيقونات أفلام الأكشن والخيال العلمي، وهي سلسلة "المدمر" (The Terminator) التي عُرض أول أفلامها عام 1984.
في الفيلم الأول من سلسلة "المدمر"، نتعرّف على الآلي المدمر (أرنولد شوارزنيجر) القادم من المستقبل لتنفيذ عملية قتل ضد طفل سيكبر لاحقًا ليصبح أحد القادة المناهضين للذكاء الاصطناعي. وينتهي الجزء الأول بهزيمة هذا الآلي، بينما يبدأ الجزء الثاني بآلي آخر في مهمة مشابهة، لكن يحمي الطفل نسخة أخرى من المدمر (أرنولد شوارزنيجر)، تقوم بدور المدافع الطيب ضد الآلي الأحدث والأشرس.
نقاط التشابه بين السلسلتين لا يمكن تجاهلها، خصوصا وأنها تمتد حتى مشهد النهاية تقريبًا، والأهم هو الفكرة الأساسية وراء الجزء الثاني على وجه الخصوص.
الجزآن الأولان من "المدمر" و"ميغان" مدفوعان بأيديولوجيا مضادة للذكاء الاصطناعي؛ ففي حالة "المدمر"، يُجسّد الذكاء الاصطناعي العنف والدمار ومحاولة محو الحضارة البشرية، بينما في "ميغان"، يمثل الذكاء الاصطناعي بديلًا عن الأسرة والتربية التقليدية. ليأتي الجزء الثاني في كلتا السلسلتين ويتصالح، بدرجات متفاوتة، مع هذا الذكاء، ويطرح احتمالية التعايش والوصول إلى حلول وسط بين البشر والآلات؛ فيستفيد الأول من الثاني، مع الحفاظ على هويته الإنسانية.
لم يقدّم "ميغان" في جزئيه أي طرح جديد في موضوع الذكاء الاصطناعي، بل اكتفى بتقديم الفكرتين المركزيتين في تناول العلاقة بين البشر والذكاء الاصطناعي. لكن ذلك لم ينتقص من جودة الجزء الأول، الذي أدهش المتفرجين والنقاد بذكائه في مزج خفة الظل والرعب. فالدمية التي كانت بحجم طفلة في الجزء الأول وذات ملامح بريئة، قدّمت مشاهد قتل عنيفة بشكل مفاجئ وممتع في الوقت ذاته.
أما الجزء الثاني، فتحوّل من الكوميديا والرعب إلى الأكشن والكوميديا، إذ تقوم ميغان -التي أصبحت الآن بحجم امرأة شابة- بمشاهد تحاكي ما قام به توم كروز في الجزء الأول من سلسلة "المهمة المستحيلة"، وترقص على أنغام موسيقى حديثة، ثم تضحي بحياتها في سبيل إنقاذ البشرية.
View this post on InstagramA post shared by M3GAN 2.0 (@m3gan)
إعلانفقد الفيلم في جزئه الثاني ميزته الأهم، وتحول إلى نسخة باهتة من نفسه، وإن كانت أكثر صخبًا وألوانًا. لكنه لم يقدم لمتفرجيه ما جذبهم في الجزء الأول، فلم يحقق الإيرادات المتوقعة، ولم يفتح الباب لجزء جديد.