لجريدة عمان:
2025-12-13@05:59:44 GMT

لماذا لا أستطيع الادخار؟

تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT

أكثر ما يؤلمني عندما يصلني هذا السؤال، وأكتشف أنه من امرأة -كون أغلب عميلاتي من النساء- على درجة عالية من الثقافة المالية والالتزام؛ فعلت كل ما تعلَّمَته في هذا المجال، من أجل ضبط نفقاتها وادخار جزء من دخلها للمستقبل، أو لتحقيق أهداف مالية وضعتها لنفسها باستخدام كل أدوات تحديد الأهداف التي تعلَّمتها.

ولكنها، عندما تأتي إلى التنفيذ، تواجه مشكلة ما تبتلع كل مدخراتها. وأحيانا قد تشتكي لأنها لم تستطع الالتزام بنسبة الـ 20/30/50 التي ينصح بها الخبراء، وكثير من هؤلاء النسوة يعشن على الحد الأدنى من الأجور، فالمشكلة ليست دائمًا في سوء الإدارة المالية؛ إذ هناك عوامل كثيرة تدخل في عملية إدارة المال، وليس من العدل أن نلوم شخصا على عدم التزامه بالادخار، وهو -كما ذكرت- يعيش على الحد الأدنى، ورغم أنني دائمًا ما أنصح بتبنِّي الادخار كسلوك، فإنني أؤكد أنه يجب أن يكون "كلٌّ حسب استطاعته"، وبدون جلد للذات؛ ذلك أن علاقتنا بالمال لا تتشكَّل من قراراتنا الفردية فقط، بل تتأثر بشكل كبير بالأنظمة الاقتصادية والاجتماعية التي نعيش داخلها.

فالأنظمة الاقتصادية تُنتج بيئة قد تُسهِّل أو تُصعِّب على الأفراد اتخاذ قرارات مالية جيدة. فعلى سبيل المثال، هناك فجوة واضحة في الأجور؛ فبينما ترتفع تكاليف المعيشة عالميًا، تبقى الرواتب عند مستويات لا تواكب هذا الارتفاع. وهذا يؤدّي إلى شعور دائم بالضغط، بل أحيانًا إلى اللجوء إلى القروض فقط لسدّ الاحتياجات الأساسية.

ومن جهة أخرى، هناك أيضًا ضغط اجتماعي قوي: مناسبات اجتماعية وما يرافقها من هدايا ومجاملات، سيارات جديدة، وطلبات أطفال يتأثَّرون بما يشاهدونه على شبكات التواصل الاجتماعي. هذه التوقعات الاجتماعية تُشكِّل عبئًا على الفرد، وتجعل كثيرًا من الناس يعيشون فوق طاقتهم لمجاراة المجتمع، وهو ما يجعل الادخار غاية في الصعوبة بالنسبة لهم.

لكن هذا لا يعني أن نرفع أيدينا ونتوقّف عن السعي، بل أن نفهم الصورة كاملة؛ فالوعي بهذه الأنظمة يجعلنا أكثر ذكاءً في خياراتنا المالية. فبدلًا من محاولة تطبيق نصيحة لا تناسب وضعك، ابحث عن حلول تُراعي ظروفك الحقيقية، وخطِّط بما يتوافق مع دخلك وأولوياتك.

في النهاية، المال ليس فقط أرقامًا في البنك، بل هو انعكاس لحياتنا، واختياراتنا، والأنظمة التي نعيش في ظلها.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هل هناك موت ثقافي في القدس؟

القدس ليست مدينة عادية، فهي مدينة مركزية للديانات، وتمتد حضارتها لآلاف السنين، تعاقبت عليها حضارات وثقافات متعددة، تمتلك تراثا معماريا متنوعا وهائلا، كما أن كونها محتلة من قبل الصهاينة، هذا يمنحها قداسة وأهمية مضاعفة في عيون العرب والفلسطينيين وأحرار العالم، هذه الأيام بالذات تشتد الهجمات على القدس من قبل محتليها، وتتنوع الهجمات ما بين مداهمات للمكتبات ومصادرة كتب كما حصل مع مكتبة عماد منى، في شارع صلاح الدين، قبل أشهر، وما بين مداهمة حفلات إحياء التراث الفلسطيني كما حدث قبل أسبوعين مع مسرح الحكواتي، حيث منع المحتلون هذا الحفل وطردوا الأطفال والعائلات، وأغلقوا المسرح.

نحن نعرف أن هناك شبه موت اقتصادي في القدس بفعل إجراءات الاحتلال وإغلاق المدينة أمام المدن الفلسطينية الأخرى، لكن هل هناك موت ثقافي؟ ثمة نقاش دائم حول ذلك، هناك من ينفي هذا الموت كالفنان المسرحي حسام أبو عيشة الذي قال لنا: أعتقد حازما أن في ذلك تجن على الحالة الثقافية في القدس، هناك الكثير من الحالات الثقافية المستمرة والمتقدمة رغم ظرف القدس المعروف، قد يكون أنه بعد السابع من أكتوبر حصل سبات ما وليس موتا، إذ لا عودة بعد الموت، على سبيل المثال لا الحصر هناك خمس (إنتاجات مسرحية جديدة في المسرح الوطني الفلسطيني، هناك عملان موسيقيان للمعهد الوطني للموسيقا وفرقة بنات القدس، هناك عروض (سينما فلسطين) كل أول شهر لشباب مخرجين ومصورين من القدس، هناك مؤسسات ثقافية مهمة نفخر فيها جميعا أبرزها: مؤسسة يبوس ومسرح الحكواتي، وغيرها.

رغم تحديات الاحتلال وإجراءاته القمعية وحصاره للثقافة والحياة فإن مسرح الحكواتي استطاع تقديم خدمة ثقافية مهمة للمسرحيين الفلسطينيين ولمتذوقي المسرح وأيضا للكتاب والشعراء الذين يديرون منذ سنوات طويلة ندوة شهرية اسمها (ندوة اليوم السابع)، أما مؤسسة يبوس فتعمل على إحياء البنية التحتية الثقافية في القدس من خلال ترميم وإعادة بناء سينما القدس التاريخية وتحويلها إلى بؤرة ثقافية متكاملة تحوي قاعات للحفلات والعروض والورش.

وقد أطلقت المؤسسة مهرجانات مهمة: مهرجان القدس ومهرجان الحكايات ومهرجان الفنون الشعبية وليالي رمضان، وهي نشاطات تسحر الجمهور وتنهض بالفن الفلسطيني.

كما تنظّم يبوس أمسيات أدبية وحفلات توقيع كتب، وندوات ثقافية اجتماعية وسياسية، ومعارض فنية، مما يساهم في خلق مناخ ثقافي مضيء. وتقدّم ورشات مسرحية وقصصية وفعاليات ترفيهية تخدم الأجيال الصاعدة وتطور الإبداع لديها).

لكن القاص المعروف محمود شقير له رأي آخر: نعم، مقارنة بما كانت عليه أحوال الثقافة في سبعينيات وثمانينيات القرن (العشرين، فإن تجلّيات الثقافة في القدس هذه الأيام ليست على النحو المطلوب، وذلك بسبب عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني في محاولات دائبة لتهويدها، وبسبب الحالة الأمنية المتردّية في المدينة، حيث تتضاءل حركة المواطنين عند الغروب أو قبله بقليل.

وثمة ضرائب باهظة تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين، فتجعل أحوالهم الاقتصادية صعبة، ما ينعكس سلبًا على الحالة الثقافية. ثم إنّ وباء كورونا ترك أثرًا سلبيًّا على الأنشطة الثقافية واضطر بعض الهيئات الثقافية مثل ندوة اليوم السابع إلى ممارسة نشاطها الأسبوعي إلى يومنا هذا عبر منصّة زووم، فيما يمارس المسرح الوطني الفلسطيني ومركز يبوس ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى أنشطة ثقافية لها حضورها النسبي إلى حدٍّ ما).

فجّر الفنان الفلسطيني المقدسي خالد الغول، فكرة الجفاف الثقافي في القدس، عبر اقتراحه الذي كرره أكثر من مرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإنشاء مكتبة عامة، تخدم الناس والطلاب والباحثين والمثقفين، الفنان المقدسي العاطل عن العمل الآن (ليس عن الحلم والأمل)، بعد سنوات من خدمة الثقافة الفلسطينية عبر مؤسسة يبوس المقدسية الشهيرة، يجيب عن سؤال بداية لمعان الفكرة في قلبه: (لمعت شرارة المبادرة بالصدفة، وفي ظروف اجتماعية محضة.

ففي زيارة اجتماعية لجمعية أهلية تعنى بشؤون الناس الاجتماعية والثقافية في القدس. قال لي أحد العاملين فيها، إن مقر الجمعية المقامة سيتم هدمه ويتحول إلى بناية تجارية. وعرض عليّ أن آخذ الكتب والمخطوطات من المقر قبل هدمه. وبالفعل نقلت الكتب. وفي الأسبوع ذاته، طلب مني صديق بعض الروايات والدواوين الشعرية لابنه اليافع، الذي ما زال معنيًّا بقراءة الكتب المطبوعة ولم تسيطر عليه بعد عقلية التذوق للأعمال الأدبية من خلال التكنولوجيا الحديثة والرقمية.

وبعد أن زودت الفتى بالكتب التي طلبها، نشرت على صفحتي في "فيسبوك" طالبًا التبرّع بكتب تحت عنوان "نحو مكتبة أهلية عامة في القدس"، فلبّى الكثيرون من الأصدقاء الطلب، وانهالت عروض التبرع بالكتب والمساعدة، وما زلت منهمكًا في جمع الكتب والبحث عن مكان مناسب يلبّي الغرض).

القدس المقدسة تحتاج منا جميعا مثقفين ورجال أعمال وأكاديميين، ومؤسسات أهلية ومن السلطة الوطنية الفلسطينية ومن المؤسسات الثقافية العربية واتحادات الكتّاب العرب مزيدًا من الدعم والاهتمام لتعزيز هويتها، ووقف تهويدها.

مقالات مشابهة

  • المطربة أنغام البحيري: أستطيع الغناء بكل الألوان الموسيقية
  • "ابن مصر".. شهادة ادخار في بنك مصر بعائد 51%
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • وزير المالية يسعى لتخفيف الأعباء عن المستثمرين.. برؤية أكثر استهدافًا لتيسير حركة التجارة وتحفيز تنافسية الاقتصاد المصري
  • البنك التجاري الدولي يرفع أسعار الفائدة على شهادات الادخار حتى 17.25%
  • أردوغان: حل الدولتين الطريق الوحيد لسلام دائم في غزة
  • هل هناك موت ثقافي في القدس؟
  • بنك مصر والبنك الأهلي يستمران في طرح شهادات بعائد 17% وسط ترقب اجتماع «المركزي»
  • لماذا تخطط المالية استبدال ضرائب الأرباح الرأسمالية بالدمغة..الوزير يجيب
  • لماذا تحتاج المؤسسات المالية إلى الأخلاق؟