انتقل الكاتب المصري الطاهر شرقاوي بمجرد تخرجه من الجامعة إلى القاهرة، ورغم مرور أكثر من عشرين عاماً على استقراره بها، إلا أنه لا يشعر في قرارة نفسه بأنه جزء من المدينة الضخمة، وما يزال الشوق إلى بلدته "أرمنت" في الصعيد يحرك وجدانه، خاصة في رمضان.

يؤكد الطاهر أنه يشعر، الآن، بأن أيام الشهر الفضيل باتت عادية، لكنه يعتقد أن ذلك شيء طبيعي، فدائماً ما يظل هناك حنين لدى الشخص إلى أيام الصبا ومحاولة لاستعادتها مرة ثانية.

ويقول: "أفتقد البهجة التي كنا نشعر بها كأطفال في رمضان، ربما بسبب التقدم في العمر. المختلف أيضاً عدم اهتمامي بصنع مشروبات أو طعام معين كما كنت أفعل في الماضي، لكني ما زلت أتمسك بوجود "التمر" لأنه يذكرني دائماً بالأيام الجميلة القديمة".

كيف يبدو رمضان بالنسبة للشخص المغترب مثلك؟ أسأل ويجيب: "في البداية كنت أعزم أصدقائي علي الإفطار وأصنع لهم وجبات ومن ضمنها طهي وتحمير الفراخ رغم أنني نباتي، لكن بمرور الزمن وسفر وابتعاد ومشغوليات الأصدقاء، صرت أفطر معظم الأيام وحدي".

يتذكَّر الطاهر شغفه هو وبقية الرفاق، في فترة الطفولة، بامتلاك مدفع صغير. يحكي: "كنا نصنعه عند الحدَّاد، ونملأ فجوته برؤوس أعواد الكبريت، ثم نخبطه في جدار أسمنتي حين ينطلق أذان المغرب".

ومن الطقوس أيضاً الذهاب إلى القرية لشراء الثلج قبل موعد الإفطار بفترة قصيرة حتى يشرب الصائمون ماء بارداً منعشاً، وذلك قبل دخول الكهرباء لبيوتهم المتناثرة وسط الحقول، وهذه المهمة صعبة لأن الثلج يذوب ويحتاج إلى نقله جرياً حتى يصل الجزء الأكبر من الثلج إلى البيت سليماً في وقت مناسب قبل الإفطار. ومن تلك الطقوس كذلك الغناء عند آذان المغرب فرحاً بالإفطار حيث كان الأطفال يصيحون: "افطر يا صايم.. على الكعك العايم" وغيرها من الأغاني، كما أن هناك طقساً كان يسبق رمضان وهو بناء زاوية مسجد عبارة عن جدار قصير من الطين اللبن تحت أشجار المانجو والصلاة بها جماعة، خاصة صلاة المغرب والعشاء والتراويح.

وحول طقوسه الخاصة في رمضان يقول: "فيما يخص الحياة العادية فأنا أمارس عملي كالمعتاد، لكن الميزة خلال الشهر الكريم أن ساعات العمل الحكومية تكون أقلَّ، أما الكتابة فتكون صعبة، ولذلك أنشغل أكثر بالقراءة خاصة في التاريخ الاجتماعي، كما أهتم أيضاً بالمشي بعد الإفطار، في الحواري والشوارع الصغيرة بأحياء السيدة زينب وعابدين والجمالية، وهو ما يتيح اكتشافات مبهرة لا تكون متاحة في الأيام العادية، حيث اكتشف مقامين أو ضريحين لشيخين قديمين، يقبعان في الدور الأرضي لعمارتين صغيرتين مشغولتين بالسكان، وهو ما أثار لديَّ الكثير من التساؤلات حول كيفية السكن وممارسة الحياة العادية فوق ضريح لشيخ، أو كيف تم تحويل الضريح إلى بناية سكنية مع الاحتفاظ بحق صاحب الضريح في شقة بها. كما يطيب لي في رمضان أيضاً استعراض وتأمل وترتيب ما أمتلكه من لوحات وأعمال فنية أو ترتيب مكتبتي وإعادة تصنيفها".

هل يحرص الطاهر على متابعة الدراما بشكل عام؟ يجيب: "أتابع الدراما من خلال البحث عن كاتب العمل أو المخرج أولاً، وليس النجم أو حجم الدعاية للمسلسل، أو آراء وانطباعات الناس في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي البداية أشاهد حلقات متفرقة من أعمال متعددة لحين الاستقرار على متابعة عملين أو أكثر بشكل دائم، أما ساعات القراءة في رمضان فتصبح أكثر مقارنة بالأيام العادية، حيث يكون هناك وقت متاح بنسبة أكبر، كما أن الشوارع والبيوت تكون أكثر هدوءاً وهو ما يريحني، لأنني لا أحب ضجيج الشارع".

خلال رمضان يفضِّل الطاهر قراءة الكتب المتعلقة بتاريخ مصر الاجتماعي والسياسي، خلال القرنين الماضيين، ليعرف التحولات منذ عهد محمد علي وحتى الآن، خاصة في مناطق الريف والصعيد، وهو يقرأ حالياً كتاب "إمبراطوريات متخيلة" للدكتورة زينب أبوالمجد، ومن إصدارات المركز القومي للترجمة، ويتناول ثورة للفلاحين في صعيد مصر خلال القرن التاسع عشر، إضافة إلى قراءات أخرى في السينما وعوالمها.

لم يحدث أن كتب الطاهر أحد أعماله في شهر رمضان، فالقراءة تكون مغرية أكثر من الكتابة خلال فترة الصيام، أما دعاؤه المفضل فيكون بالرحمة للأجداد والأحباب الراحلين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی رمضان خاصة فی

إقرأ أيضاً:

109 دولة.. أكثر من 1.2 مليون معتمر يؤدون المناسك خلال 45 يومًا

شهدت المملكة العربية السعودية توافدًا متزايدًا للمعتمرين منذ منتصف شهر ذي الحجة وحتى نهاية شهر محرم.
وبلغ عدد المعتمرين القادمين من خارج المملكة أكثر من 1.2 مليون معتمر من 109 دول حول العالم، في مؤشر على الانتعاش المتواصل لموسم العمرة وتعافي حركة السفر الديني بعد موسم الحج.عدد المعتمرينوأكدت وزارة الحج والعمرة أن هذه الأرقام تعكس الجهود التنظيمية والتنسيقية التي تبذلها المملكة لتيسير أداء المناسك، وتعزيز التجربة الدينية للزوار والمعتمرين.
أخبار متعلقة بالأرقام.. كبار السن الفئة الأكثر أداءً للعمرة الواحدة خلال 12 شهرًاخلال 3 أشهر.. أكثر من 32 مليون رحلة عبر تطبيقات نقل الركاب49877 ساعة عمل تطوعية للهلال الأحمر في الشرقية خلال 6 أشهروشهد الموسم زيادة بنسبة 30% في عدد المعتمرين القادمين بتأشيرة عمرة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، إلى جانب زيادة بنسبة 27% في عدد التأشيرات الصادرة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } 109 دولة.. أكثر من 1.2 مليون معتمر يؤدون المناسك خلال 45 يومًا - وزارة الحج والعمرة
كما تجاوز عدد التعاقدات بين شركاء العمرة والوكلاء الخارجيين حاجز 4200 تعاقد، مما يُظهر مدى التنوع في خدمات العمرة وتوسع شبكة الشراكات العالمية.خدمات ضيوف الرحمنوتأتي هذه الأرقام امتدادًا للجهود التي تبذلها المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030 لرفع جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتيسير وصولهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وسط منظومة تقنية وتنظيمية متكاملة يقودها التحول الرقمي في القطاع.
وتواصل وزارة الحج والعمرة تعزيز جهودها بالتكامل مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة، لضمان موسم عمرة استثنائي يشهد انسيابية في الإجراءات وسهولة في التنقلات، ويجسد كفاءة التنظيم السعودي في خدمة الإسلام والمسلمين.

مقالات مشابهة

  • تحرير أكثر من 112 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة
  • مصرع وإصابة سبعة أشخاص خلال حفل محمد رمضان
  • الداخلية تضبط 10 أطنان دقيق خلال حملات تموينية
  • تسارع الشيخوخة.. متى يبدأ وأي الأعضاء أكثر تأثرا؟
  • في 6 أشهر.. ارتفاع المسافرين جوًا في المملكة إلى أكثر من 66 مليونا
  • 109 دولة.. أكثر من 1.2 مليون معتمر يؤدون المناسك خلال 45 يومًا
  • العادية بـ 60 جنيه.. أسعار استمارة البطاقة الشخصية 2025 في السجل المدني
  • استشهاد شاب فلسطيني في سلواد في هجوم للمستوطنين طال أيضا رمون وأبو فلاح
  • المارديني لـ سانا: نؤمن بأن ما حققناه في مطارات أخرى من زيادة التفاعل الإعلاني ورفع قيمة الإعلانات، يمكن تحقيقه أيضاً في دمشق، مع مراعاة الطابع المحلي والثقافي للمكان
  • نقل أكثر من 19 مليون مسافر وحاج جوًا خلال موسم حج 1446هـ