عربي21:
2025-06-27@09:23:23 GMT

عيد حزين في غزة...!

تاريخ النشر: 30th, March 2025 GMT

طفلة صغيرة متناثرة الشعر تحمل وعاءها الصغير وتزاحم وسط حالة من الفوضى للحصول على بعض الطعام.. تصفعك الصورة حد الصعقة، كيف ولماذا تتخيل أنه لا إخوة لها وإلا لكانوا يزاحمون مكانها، وربما استشهدت عائلتها، وربما بقيت هي وأمها، وربما بعض إخوة أطفال، أو ربما بقيت وحدها تصارع البقاء.. تأخذك الهواجس؛ حيث لا سبيل سوى حزن طويل بات يعشش لسنوات لن تنجو منه غزة التي ضربها زلزال آدمي متوحش لا يتوقف عن القتل ليل نهار، بل يتفاخر بما يرتكبه من جرائم ستبقى شاهدة على مأساة لإنسانية تجردت من إنسانيتها وهي ترى لعام ونصف العام كل هذا البؤس والدمار.



كيف سنشفى من هذا الجرح الذي غرزه السيف الإسرائيلي في روحنا محولاً أطفالنا إلى شظايا؟ وكيف سنشفى من شقاء طفلة وجدت نفسها تصارع الحياة وفقدت عائلتها وتلاحقها الطائرات بكل ما تملك من أسلحة الدمار؟ والسؤال الساذج الذي نكتبه دوماً هو: كيف ستشفى البشرية من فضيحتها الأخلاقية التي ستلاحقها طويلاً بعد هذا العري الذي عاشته وهي تتفرج على لحم غزة وأطفالها لدرجة أن يخجل منها وزير إسرائيلي متطرف سابق مثل موشيه يعالون، ويقول: إن اسرائيل ترسل جيشها لقتل الأطفال في غزة قبل أن تنفتح عليه بوابات جهنم في الدولة التي أجمعت على إرادة إبادة الآخر عائدة لمقولة: إن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت.

لا عيد في غزة لدى هذا الشعب الحزين الذي تخلى عنه القريب والبعيد، فقد ظهرت الأمة العربية على حجمها الحقيقي بعد أن حاولت أن تعطي لنفسها بالشعر والخطابة وزناً في عالم اتضح أنه لا يقيم وزناً لها، وانكشفت الأمة الإسلامية وكأنها لا تدرك أن صورة أشلاء تفطر ألف صائم، لكنها كالعادة هي الأمة التي تهرب من واقعها نحو تخيلاتها، فقد أقنع كيسنجر ذات مرة الدول العربية بالمساهمة بالمال والرجال في حرب أفغانستان؛ بأن حربهم الدينية ضد الاتحاد السوفياتي الكافر ستعفيهم من سؤال عدم تحرير القدس، قائلاً: فمن سيجرؤ عن سؤالكم عن القدس وأنتم تدافعون عن الدين؟ تلك هي قصة الأمة المتكررة.

وحيداً وجد الغزي نفسه يتيماً من كل الآباء، انهارت أمامه كل ما أنتجته الثقافة العربية من قيم متخيلة حاول أن ينسبها لنفسه كالعزة والكرامة والنخوة والشرف، وكل ما قيل من مصطلحات يتم تداولها لدى أمم تكررها، خشية من أن تكتشف الحقيقة وتغلف نفسها بالوهم حتى لا تجد نفسها أمام أم الحقائق أنها مجرد أمة مهانة مضروبة تتصارع فيما بينها على الثروة والجاه.

لا شيء يقال لأهل غزة في هذه المحرقة المستمرة بلا توقف والنار التي تحاصرهم من كل الاتجاهات من البر والبحر والجو، ولا باب للنجاة أو الهروب.. إنه حكم جماعي بالإعدام بكل الوسائل وأحدث ما أنتجته المصانع الأميركية من أسلحة، فقد تحولت غزة إلى مقبرة جماعية لا تجد فيها سوى الدم والدموع التي تسيل بلا توقف؛ لأن لا أحد في العالم قادر على ردع اسرائيل.

عيد كئيب على غزة التي أدمنت الحزن كما الأعياد التي مرت في هذه الحرب.. عيد للبكاء على الأحبة الذين كانوا وقود حطبها. يتذكر الغزيون الأحبة الذين كانوا يقيمون شعائر الفرح منذ الفجر يقبلون على الحياة بِنَهَم لا مثيل له ويصنعون الحب في منطقة لم تخلق سوى لتكتب المأساة وتعيد قراءتها على الأجيال لتحفظها على جلدها الذي تشرعه للرماح الغادرة.

في العيد حزن يلف غزة وشوارعها وبقايا أطلالها وذكرياتها التي كانت يوماً، وما تبقى من رجالها ونسائها وأطفالها وعجائزها التي كان البؤس رفيق عقود رحلتها الطويلة من نكبة إلى نكبة دون أن تلتقط أنفاسها. فقد كانت الحياة مجرد استراحات متقطعة بين الرصاص.

أما آن لغزة أن تستريح أم كتب عليها أن تصادق الموت للأبد؟ تلك مسؤولية أبنائها الذين لا يدخرون ما لديهم من فائض اندفاعة ومغامرة وهم يشاهدون العالم، خاصة القريب، يشاهد لحمهم الموزع على الأسطح والبنايات، ربما هذا درس التاريخ الأبرز.

لا كلام يقال وسط المقتلة، ولا كلام يكتب يمكن أن يغطي جبال الحزن. ففي كل شارع مقبرة وفي كل بيت مأساة، وفي كل زقاق ذكريات تعرضت للاغتيال وذاكرة تم اغتيالها، يأتي العيد لأناس يقيمون على ركام البيوت بعد أن كانوا يزينونها بالأبناء وبالحب، ليتحول إلى طقس للبكاء على حلم مضى كانت فيه غزة تشبه المدن وكانت الناس تشبه العائلات، وكان العيد يشبه الفرح، وكان الأطفال يشبهون الأطفال، والنساء كنّ يشبهن النساء، وكان للشوارع لون وطعم ورائحة قبل أن تستولي عليها روائح الموت. ما حدث لهذه المنطقة سيكتبه التاريخ مكللاً بعاره للأبد.. طوبى للغزيين لأنهم يرثون الحزن ويسيرون صباح العيد بالدموع حجيجاً نحو دروب المقابر.
(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الهجرة النبوية.. محطة وعي وبناء في وجه الهيمنة

يمانيون | تقرير
في زمن تعصف فيه التحديات بالأمة الإسلامية، وتتجدد فيه حملات الاستكبار والغزو الثقافي والفكري، يبرز إحياء ذكرى الهجرة النبوية الشريفة كحدث يتجاوز حدود التذكّر التاريخي إلى استنهاض روحي وثقافي يعيد للأمة بوصلتها الإيمانية والتحررية.

إذ أن الهجرة لم تكن مجرد انتقال من مكة إلى المدينة، بل كانت ثورة تغيير شاملة، ونقطة تحول صنعت من المستضعفين أمة حاملة لمشروع إلهي، قاومت به طواغيت الأرض وانطلقت لبناء حضارة العدل على منهاج النبوة.

وفي هذا السياق، شهدت عدة محافظات، وعلى رأسها الحديدة وإب وريمة، فعاليات ثقافية وخطابية متعددة في ذكرى هذه المناسبة العظيمة، حملت رسائل وعي وصمود، وتأكيد على ارتباط أبناء اليمن العميق بنهج الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، واستلهام دروس الهجرة في مواجهة الطغيان الحديث، وتجديد العهد مع قيم التضحية والبناء والتحرير.

إحياء ثقافي واسع للهجرة النبوية في مديريات الحديدة
في الجامع الكبير بمدينة الزيدية بمحافظة الحديدة، نظّمت التعبئة العامة ندوة ثقافية جامعة بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية للعام 1447هـ، حضرها عدد من العلماء والقادة المحليين والشخصيات الاجتماعية، في مشهد إيماني وثقافي يجسّد عمق التفاعل الشعبي مع هذه الذكرى الخالدة.

في الندوة أكد اللواء فاضل الضياني، مسؤول التعبئة العامة وقائد المحور الشمالي، في كلمته، أن الهجرة تمثّل لحظة انقلاب استراتيجي في مسار الأمة، إذ لم تكن انتقالًا مكانيًا، بل كانت نقطة انطلاق نحو صناعة الوعي وبناء الدولة المقاومة.

وأوضح أن استحضار هذه الذكرى اليوم، في ظل تكالب الأعداء على الشعوب الإسلامية، يحمل دلالات عظيمة على الثبات والارتباط بالمشروع المحمدي التحرري.

كما أشار مدير مديرية الزيدية، حسن الأهدل، إلى رمزية الهجرة في نقل الأمة من زمن الاستضعاف إلى زمن البناء والانطلاق، مؤكدًا أن ذكرى الهجرة النبوية مسؤولية جماعية ينبغي تحويلها إلى وعي حيّ يتحرك في مواجهة المشاريع الاستعمارية التي تستهدف هوية الأمة.

أما العلامة أحمد شوعي فقد تناول سيرة الرسول الأعظم في لحظة الهجرة وما سبقها من صبر وثبات وتحدٍ للواقع، مشيرًا إلى أن تلك اللحظة لم تكن فقط خلاصًا من الاضطهاد، بل كانت انطلاقة لبناء مجتمع قائم على الإيمان والعدل، ومثالًا يُحتذى في مسار التحرر من الهيمنة الغربية المعاصرة.

الهجرة منهج تحرر لا حدث عابر
وفي مديرية السخنة بالحديدة، أقيمت ندوة ثقافية نظّمها مكتب الأوقاف وقطاع الإرشاد، بحضور علماء وخطباء وممثلي المكاتب التنفيذية، ناقشت أبعاد الهجرة النبوية كمنهج تحرر ومقاومة.

وأجمعت الكلمات على أن الهجرة ليست مجرد حدث تاريخي، بل تمثل انطلاقة لبناء الأمة على أسس من التضحية والصبر والثبات، في مواجهة قوى الضلال والاستكبار.

كما شددت على أهمية الاستلهام من دروس الهجرة في سياق الواقع الراهن، الذي يشهد محاولات متواصلة لطمس هوية الأمة وتجريدها من منظومتها القيمية.

الهجرة النبوية مصدر صمود وقيم نضالية متجددة
وفي ذات السياق، نظّم صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب، فعالية خطابية مميزة تحت شعار “كلمة الله هي العليا”، شارك فيها عدد من مسؤولي القطاعات ومدراء الإدارات والموظفين.

وفي كلمته، وصف مسؤول التعبئة العامة بالمحافظة، عبدالفتاح غلاب، الهجرة بأنها محطة تعبوية عظيمة، تُزود المؤمنين بقيم التضحية والصمود والثبات.

واستعرض جانبا من أحداث الهجرة ودور اليمنيين التاريخي في نصرة النبي الكريم والدعوة المحمدية، مؤكدا أن الشعب اليمني اليوم يواصل ذلك الإرث الإيماني في دعمه للمستضعفين في فلسطين وإيران، ومواجهته لمشاريع الهيمنة.

كما دعا إلى التمسك بالنهج النبوي وتجسيد الهوية الإيمانية قولا وفعلا، في وقت تتطلب فيه المواجهة مع قوى الاستكبار صمودًا فكريًا وعقديًا يُغذي الروح قبل السلاح.

الفعالية تخللتها قصيدة شعرية معبرة، ألقاها الشاعر عبدالقادر البنا، جسدت معاني الهجرة وروح التحدي والمقاومة.

 نحو جيل نقي الهوية وقوي الانتماء
في محافظة ريمة أيضاً، نظمت التعبئة العامة بالتعاون مع مكتب الأوقاف والإرشاد فعالية خطابية بعنوان “كلمة الله هي العليا”، استحضرت من خلالها معاني الهجرة النبوية ودورها في إحياء القيم وتحصين الأجيال من الحرب الناعمة.

وفي كلمته، أشار مسؤول التعبئة بالمحافظة، محمد النهاري، إلى الهجرة كنقطة انبعاث جديدة للحق في وجه الطغيان، مؤكدًا أنها تمثل زادًا روحيًا وثقافيًا في مقارعة مشاريع الإفساد والاستعمار.

بدوره، دعا مدير مكتب الأوقاف فتح الدين النهاري ومسؤول قطاع الإرشاد رضوان الحديدي إلى تعزيز الهوية الإيمانية وترسيخ حب النبي الأكرم في وجدان الأجيال، باعتبارها حصانة حقيقية من كل أشكال الاختراق الثقافي والاستلاب.

مشروع ثقافي وروحي متكامل
تُجسد هذه الفعاليات في محافظات الحديدة وإب وريمة ملامح مشروع ثقافي وروحي متكامل، يعيد للذكرى معناها الأصيل كمحطة تحرر واستنهاض، ويحوّل المناسبة إلى منصة وعي جماهيري، تتفاعل مع التحديات السياسية والثقافية التي تواجه الأمة الإسلامية.

إن ربط اليمنيين اليوم بين الهجرة النبوية ومواقفهم العملية في مواجهة الهيمنة، يعكس عمق ارتباطهم بالمنهج المحمدي الأصيل، ويؤكد أن الهجرة ليست فقط من الماضي، بل من الحاضر أيضًا، وتؤسس لمستقبل تتحقق فيه كلمة الله، ويُرفع فيه لواء الكرامة في مواجهة قوى الاستكبار والعدوان.

مقالات مشابهة

  • الهجرة النبوية.. محطة وعي وبناء في وجه الهيمنة
  • الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي على مبنى التلفزيون الإيراني
  • منصور بن زايد يهنئ الأمة الإسلامية بالعام الهجري
  • الجالية الروسية في مصر تحيي العيد الوطني الروسي
  • مساء حزين في تركيا.. مأساة أدرنة تحصد 5 أرواح
  • دروس وعبر
  • وفاة 49 شخصًا وإصابة 485 آخرين في حوادث مرورية خلال إجازة العيد
  • ما بعد حرب إيران والكيان.. ومستقبل الصراع في غزة
  • العرباوي: نندد بالعدوان الوحشي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني
  • وفاة 49 شخصا وإصابة 485 في 353 حادثاً مروريا خلال إجازة العيد