طبيب شرعي: الاحتلال أعدم عمال إغاثة فلسطينيين ميدانيا
تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT
أكد استشاري في الطب الشرعي فحص جثث 15 من المسعفين وعمال الإنقاذ الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، ودُفنوا بمقبرة جماعية في جنوب قطاع غزة، أن هناك أدلة على إعدامهم ميدانيا، استنادا إلى الموقع "المحدد والمتعمد" للرصاص من مسافة قريبة.
وكان العاملون بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني الفلسطيني والأمم المتحدة في مهمة إنسانية لجمع جثث مدنيين قتلى وجرحى في مدينة رفح صباح يوم 23 مارس/آذار، عندما قُتلوا ثم دُفنوا في الرمال بواسطة جرافة إلى جانب مركباتهم المدمرة، حسب الأمم المتحدة.
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الدكتور أحمد ظاهر أن الإصابات التي لحقت بالضحايا تدل على إطلاق نار من مسافة قريبة، ما يعزز فرضية أنهم أُعدموا عمدا، مشيرا إلى أن بعض الجثث حملت آثار تقييد قبل الوفاة، وهو ما يتسق مع شهادات شهود عيان وتقارير طبية محلية.
وبعد فحصه جثث خمسة من الضحايا في مستشفى ناصر بخان يونس بعد استخراج رفاتهم، قال ظاهر إن جميعهم لقوا حتفهم متأثرين بجروح ناجمة عن طلقات نارية، مضيفا أن جميع الحالات كانت مصابة برصاصات متعددة، باستثناء حالة واحدة، بسبب تضررها بعد نهشها من كلاب، مما جعلها تبدو وكأنها مجرد هيكل عظمي".
إعلانوتعرضت سيارات الإسعاف التي كان هؤلاء العمال يستقلونها لهجوم عنيف، قبل أن يتم دفن الضحايا في مقبرة جماعية بواسطة جرافة عسكرية إسرائيلية، وفقا لتقارير وشهادات محلية.
ورغم أن جيش الاحتلال برر الحادثة زاعما أن سيارات الإسعاف اقتربت بشكل مريب من مواقع عسكرية دون تشغيل أضواء الطوارئ، فإن هذه الادعاءات قوبلت بتشكيك واسع، إذ لم تقدم إسرائيل أي دليل ملموس على أن المستهدفين كانوا يشكّلون تهديدا أمنيا، بينما أكد الهلال الأحمر الفلسطيني والمنظمات الإنسانية أن جميع الضحايا كانوا في مهمة إنقاذ واضحة المعالم.
وأثارت هذه الجريمة موجة استنكار واسعة في الأوساط الحقوقية والدبلوماسية، حيث وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي غزة بأنها "أخطر مكان في العالم للعاملين في المجال الإنساني"، داعيا إلى إجراء تحقيق مستقل، ومحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل هذه.
كما دعت المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، إلى اتخاذ تدابير لحماية الطواقم الطبية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
وحذرت منظمات حقوقية دولية من أن مثل هذه الانتهاكات ترقى إلى جرائم الحرب، مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي في الأحداث الأخيرة. وأكدت تقارير صادرة عن جهات مستقلة أن استهداف العاملين في المجال الإنساني يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، الذي ينص على حماية الطواقم الطبية والإغاثية أثناء النزاعات المسلحة.
وكانت صحيفة الغارديان كشفت، خلال تحقيق نشرته في فبراير/شباط، أن أكثر من ألف من الكوادر الطبية قُتلوا في أنحاء غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى بدء وقف إطلاق النار المؤقت في يناير/كانون الثاني، في حين دُمّر العديد من المستشفيات في هجمات خلصت لجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أنها ترقى إلى جرائم حرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي يفشل في تحقيق أهدافه الاستراتيجية ضد إيران.. حرب دون مكاسب
رغم ما روج له الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة بشأن "نجاح الضربات العسكرية" ضد إيران، إلا أن الوقائع الميدانية والسياسية تشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أخفق في تحقيق الأهداف التي شن من أجلها الحرب.
فبعد أكثر من عشرة أيام من القصف المتبادل، لم تدمر المنشآت النووية الإيرانية بالكامل، ولم يضعف النظام الإيراني داخليا، بل أظهر قدرا من الصمود والردع٬ مما أثار قلق الدوائر الأمنية الإسرائيلية نفسها.
عندما بدأ الاحتلال الإسرائيلي هجماته الجوية المكثفة على المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، كانت الرسالة واضحة٬ "تحجيم البرنامج النووي الإيراني، وتوجيه ضربة معنوية وعسكرية للنظام الحاكم في طهران".
لكن مع مرور الأيام، وتوسع نطاق الرد الإيراني بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، تبين أن الغارات الجوية لم تحقق سوى أضرار جزئية، فيما بقيت البنية التحتية النووية قيد التشغيل، وفق ما أظهرته تقارير استخبارية غربية.
والأهم أن تل أبيب لم تنجح في إحداث شرخ داخلي داخل النظام الإيراني، بل أدت الغارات الإسرائيلية إلى تعبئة شعبية وإعادة الزخم إلى شعارات "الموت لإسرائيل" في الشارع الإيراني، ما يشير إلى نتائج معاكسة للتقديرات الأولية التي روّجت لها حكومة نتنياهو.
ردع محدود.. ومفاجآت غير محسوبة
كان الاحتلال الإسرائيلي يراهن على ما يسميه "الضربة الاستباقية" ضد القدرات النووية الإيرانية، لكن الرد الإيراني جاء مختلفا تماما عن الحسابات الاستخباراتية.
فطهران لم تكتف برد محدود كما حدث في سنوات سابقة، بل أطلقت موجات من الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، استهدفت مواقع حساسة في تل أبيب وحيفا وبئر السبع، بعضها خلف دمارا واسعا رغم فاعلية منظومة "القبة الحديدية".
ويعترف محللون عسكريون إسرائيليون بأن فاعلية الدفاعات الجوية كانت أقل من المتوقع، وأن مستوى الضرر النفسي في الداخل المحتل كان كبيرا، خاصة مع عمليات النزوح الجماعي من المناطق الشمالية والجنوبية إلى الوسط، إلى جانب موجة الهجرة العكسية التي كشفت عنها مصادر بحثية إسرائيلية.
تآكل صورة الردع
من بين أكبر الخسائر الاستراتيجية للاحتلال في هذه المواجهة هو ما وصفه محللون أمنيون بـ"تآكل صورة الردع الإسرائيلي" فعلى مدى سنوات، بنت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خطابًا يعتمد على قدرة الردع الساحقة ضد أي تهديد وجودي، وهو ما تكرس في أدبيات السياسة الإسرائيلية تجاه إيران.
وكسر الرد الإيراني المباشر والمكثف هذه المعادلة، وخلق واقعا جديدا، ظهر فيه الاحتلال الإسرائيلي كدولة يمكن ضربها بالصواريخ الباليستية دون أن يكون ردها حاسما.
كما أن موقف الولايات المتحدة، حليفة الاحتلال الأولى، بدا أقل حماسة هذه المرة. فرغم مشاركة واشنطن في ضرب بعض المنشآت الإيرانية، إلا أن البيت الأبيض بقيادة الرئيس دونالد ترامب سارع إلى الإعلان عن وقف شامل لإطلاق النار، مع تأكيده على أن التصعيد لن يستمر. وعزز هذا الموقف الانطباع بأن تل أبيب باتت معزولة في حساباتها التصعيدية.
ولا تشير النتائج الميدانية والسياسية فقط إلى فشل إسرائيلي، بل إلى صعود إيراني على أكثر من مستوى. فقد نجحت طهران في إثبات قدرتها على الرد والاحتفاظ بحق المبادرة، وأظهرت مرونة سياسية عبر تواصلها الدبلوماسي مع تركيا وروسيا وقطر وعُمان لتقليل مخاطر الانزلاق إلى حرب شاملة.
إقليميا، لم يلق الاحتلال الإسرائيلي الدعم العلني من أي من حلفائها في الخليج ممن وقع معهم اتفاقات أبراهام، بل أبدت عدة عواصم عربية توجسا من جر المنطقة إلى حرب مفتوحة لا تعرف نهاياتها.
وفي حين حاول نتنياهو تصدير العملية باعتبارها "دفاعًا عن الأمن الإقليمي"، فإن الشعوب العربية، وحتى بعض الحكومات، نظرت إليها على أنها مغامرة غير محسوبة.
الداخل الإسرائيلي.. شرخ أعمق من الحرب
سياسيًا، لم تفلح الحكومة الإسرائيلية في استثمار الحرب لتحقيق وحدة وطنية داخلية. بل على العكس، تعرضت قيادة نتنياهو لانتقادات شديدة من قبل المعارضة، ومن مسؤولين أمنيين سابقين رأوا أن قرار شن الحرب لم يكن مدروسًا، وأن الدخول في مواجهة مع إيران في هذه المرحلة لم يكن في مصلحة إسرائيل خاصة مع عدم تحقيق أهداف الحرب حتى الآن في غزة.
كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، بحسب معهد الديمقراطية الإسرائيلي، تراجعًا طفيفًا في ثقة الجمهور بأداء الحكومة، رغم الدعم الأولي للعملية. ويعكس هذا التراجع خيبة أمل من قدرة المؤسسة العسكرية على إدارة مواجهة مع دولة بحجم إيران، ومخاوف متزايدة من دخول البلاد في حالة استنزاف طويلة.
ورغم نجاح الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق مكاسب تكتيكية في الميدان، وإحداث أضرار موضعية في المنشآت النووية الإيرانية، واستهداف قادة عسكريين وعلماء٬ لكنه فشلها في تحقيق أهدافه السياسية والاستراتيجية التي رفعها منذ بدأ العدوان.
وتشير الوقائع أن البنية التحتية العسكرية في إيران لم تُدمر، وصورة الاحتلال الإسرائيلي كقوة إقليمية لا تُقهر تلقت ضربة معنوية كبيرة٬ خاصة بعد فشل نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب التي رفعها في غزة مع دخول الإبادة عامها الثاني.
وهكذا فإن الحرب التي أرادت منها تل أبيب أن تكون "عملية ردع حاسمة"، تحولت إلى أزمة إستراتيجية قد تدفع الاحتلال إلى إعادة حساباته، مع كثرة مشاهد الدمار والخراب التي انتشرت في الداخل المحتل جراء الصواريخ الإيرانية.