حول القمة البريطانية لاجل إيقاف الحرب في السودان (2)
تاريخ النشر: 3rd, April 2025 GMT
حول القمة البريطانية لاجل إيقاف الحرب في السودان (2)
هل ستعتذر بريطانيا عن دورها أو دور حلفائها في حرب السودان ؟
تناولت في المقال الاول الاعلان عن القمة البريطانية لاجل إيقاف الحرب في السودان ودور السودانيين في إنجاح القمة لاجل إيقاف الحرب وتطرقت لضرورة وحدة القوى المدنية السودانية واتفاقها على حد أدنى كي توحد كلمتها وموقفها وتستفيد من هذا المحفل .
ونحن في العد التنازلي تجاه هذه القمة هناك قضايا لابد من طرحها وعلينا وأعضاء القمة وضعها في الاعتبار حيث أن أطراف كثيرة قد شاركت بسياساتها ومواقفها دون تحفظات ساعدت في قوة شوكة الأطراف العسكرية التي تحمل السلاح وسوف نحاول أن نضعها من ناحية عامة أمام الادوار التي قامت بها ولن نعود الي تاريخ بعيد لكننا نذكر على سبيل الامثلة وليس الحصر . ولكي ناخذ تاريخا واحداث قريبة فلنبحث في موقف المملكة المتحدة ( بريطانيا) الراعية لهذه القمة والداعية لها . ولنسال ماهو الدور الذي قامت به من حيث اتساقها مع المبادئ الأممية في دعم الديمقراطية وزيادة الحيز المدني وحماية حقوق الإنسان . فمن الواضح جدا تحت دعاوي السلم والحفاظ على الأرواح انفقت بريطانيا مع رصفائها من اوربا وكندا قبل ثورة ديسمبر ٢٠١٨ في تغليب خيار التسوية برعايتها واستخدام كل المقدرات الممكنة تجاه تلك التسوية بين نظام الإسلاميين العسكري وبعض القوى المدنية عبر مؤتمرات عديدة وفي بلدان مختلفة فرنسا وألمانيا ثم أديس أبابا الا ان ارادة الشعب السوداني وتوقه للحريات ومقاومته السلمية استطاع أن يركل عبر تضحيات ونضال مستمر إحدى أعتى الدكتاتوريات حيث في ديسمبر ٢٠١٨ كانت الشرارة التي توجت ذلك في ابريل ٢٠١٩ حيث اجبرت الجماهير بقوتها السلمية رغم ما قوبلت به من عنف استطاعت أن تجبر النظام الإسلامي أن يتوارى قليلا ويتخلى عن رأسه وصفه الاول في القيادة ليقدم الصف الثاني الاكثر شراسة وتطرفا عبر لجنته الأمنية ويعلن زورا انحيازه للثورة كيف لا وقادة اللجنة الأمنية لنظام البشير متورطون معه في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المثبت في تقارير منظمات حقوق الإنسان واروقة لجان الأمم المتحدة وعلى رأس تلك اللجنة الأمنية (آله الفور) الذي مازال يحكم بالبطش وإشعال الحروب فمهما طالت الحرب المهم لديه فإنه الحاكم الأمر والناهي تحت أعين وربما حماية العالم فلقد ضربت الأمم المتحدة عرض الحائط بالمبادئ العامة لحقوق الإنسان عندما سمحت لمجرم ( متهم) بمخاطبة جمعيتها تحت زريعة البروتوكول والقانون الدولي وحق الدولة وتجاهلت أيضا حقوق الملايين وايضا فعلت بريطانيا عندما استقبلته في تشييع الملكة اليزابيث التي في حياتها حيت الثوار في السودان واشادت بنضالهم .
أن الدولة المملكة المتحدة (, بريطانيا ) في حالة السودان لم تدعم وفقا لمقاصد الأمم المتحدة توسيع رقعة السلم في العالم وزيادة الحيز المدني بل واصلت في السعي للتسوية بين النظام القديم في السودان والحفاظ عليه فايدت فكرة الشراكة بين العسكر والمدنيين ودعمتها وسخرت كل إمكانياتها لذلك الدعم فوظفت لجانها المحلية من منظمات غير ربحية للعمل وسط القوى المدنية السودانية بالترويج لذلك.كما مراكز طباخة القرارات عبر معهد الدراسات الدبلوماسية المتخصص في التأثير على القرارات الحكومية (تشاتم هاوس) والذي يدعم فكرة الشراكة بين العسكر والمدنيين ويروج لها . وهذا الوضع لم يختلف برغم تغيير الحكومات في بريطانيا من محافظين الي عمال فواصلت السياسسة تجاه السودان كما هي فانسان السودان ليس من حقه دولة مدنية ديمقراطية إلا عبر شراكة مدنية عسكرية .
وبجانب العسكر الرسميين تدعم وتفتح أراضيها لعسكر الحركات المسلحة الدارفورية ومليشيا الجنجويد فقادة وافراد هذه الحركات والمليشيات يتحركون بكامل الحرية في الأراضي البريطانية وهم مشاركون في الحرب الدائرة الان في السودان فعليا في الميدان أو عبر استخدام المنصات التي تؤجج نارها التي يكتوي بها المواطن السوداني وتفتح لهم ابواب مراكز اتخاذ القرار فيها دون تحفظ فهل فعلا هذا عمل جاد لإيقاف الحرب ؟
من الأمثلة العالقة في الذهن أن بريطانيا لم تقدم أي دعم يعضد النظام المدني في السودان من حيث المبدا فلقد دعمت بمبلغ ٤٠٠ مليون دولار عبارة عن قرض تيسيري ( Bridge Loan) ليغطي مديونية لبنك التنمية الافريقي حتى يمهد الطريق للتعامل مع البنك الدولي مشكورين عليه ، لكن مكافأة شعب تخلص من قيوده وساهم مع العالم في تثبيت مفاهيم السلم وأسهم بشكل كبير في ركل مجرمين عالميين مطلوبين للعدالة الدولية ومهددين للسلم للأمن العالمي يفترض أن تكون مزيدا من فرص دعم التعليم وتثبيت الحقوق في التنمية والصحة والحريات والعدالة وبشكل أوضح دعم المجتمع المدني اتساقا مع المبادئ العامة وليس أضعاف القوى المدنية بمساندة القوى العسكرية ودعم مشاركتها . فهذا أمر خطير جعل تلك القوى تستاسد رويدا رويدا وتفرص نفسها وصيا وصاحبة حق في الحكم وفي الوصايا على الشعب فهي لا ترى غير ذلك وعندما تقوى تبداتتصارع من الانفراد بالسلطة وتتخلص من المدنيين وتعرقل القوانين وتتماطل في تسليم المجرمين وتنقلب على النظام المدني بانقلاب عسكري كما حدث في أكتوبر ٢٠٢١ ثم تتخلص من شريكها العسكري ( الدعم السريع ) في حرب ابريل ٢٠٢٣ التي تأتي هذه القمة في ذكراها الثانية .
الا تعلم بريطانيا أن اوكرانيا التي تدعمها بالأسلحة والخبرات التقنية وتقتطع ذلك من دافعي الضرائب البريطانيين وردت سيرتها في دعمها لأحد أطراف الحرب في السودان بل بعض الشهادات واجبة التحقق أنها شاركت بقوات فعلية في أرض المعركة بادعاء انها تحارب فاغنر الروسية .
ادعاءات كثيرة ومن ضمنها دور دولة الإمارات في حرب السودان و التي هي أيضا مدعوة لهذه القمة وبالتأكيد أن للامارات وبريطانيا مصالح مشتركة في مجالات عديدة من صفقات السلاح والتقنية العسكرية حتى سباقات الخيول والاستثمارات ذات العائد الوطني لبريطانيا كتلك التي توظف في البنى التحتية وهذا ربما يبرر اغماض العين عن الدور الاماراتي .
الاستمرار في تفنيت المواقف البريطانية الدبلوماسية والسياسية والإنسانية تجاه الحرب في السودان لن يكفي مقال واحد ومعظم القوى الفاعلة التي دعاها وزير الخارجية البريطاني لهذه القمة دون استثناء لهم مصالح مشتركة عملوا من أجلها زادت من قوة أطراف الحروب في السودان سوا كان الموسسة العسكرية أو المليشيات فاوربا مشتركة بأكملها بدعمها الجنجويد تحت غطاء منع الهجرة عبر عملية الخرطوم (Khartoum Process ) أو صمت المجتمع الدولي تجاه الارتزاق العلني وتمليش القوات الرسمية السودانية في اليمن والذي بسببه أيضا تراكمت ثروات قيادات اللجنة الأمنية وبالتالي من يساندها من تنظيمات واتباع سوا كان ذلك في القوات المسلحة أو في الدعم السريع .
لذلك من المهم أن تتغيير السياسة البريطانية تجاه السودان فكثير من السودانيين كطبيعة البشر يتوقون الي الحريات والدولة المدنية التي تحقق أحلامهم في السلم والأمن والنماء والاستقرار والذي أن وجد على أراضيهم سيغنيهم عن البحث عن ذلك في بلدان قريبة أو بعيدة فالشعب السوداني من حقه أن يعيش كما ينبغي وان لا يُفرض عليه من يحكمه ومن الأفضل للعالم أن يتعامل مع دولة مؤسسات بدلا من دولة قهر وقطاع طرق ورباطة . والأهم الآن أن ينظر المشاركين في القمة إلي أن المطلب الاهم الان هو أن تنتهي الحرب تماما وان لايفلت مرتكبي الجرائم التي تم إثباتها أنها ضد الإنسانية وارتقت الي الإبادة الجماعية من العقاب فهذه هي القاعدة من أمن العقاب اساء الادب . لابد للقمة أن تضع في الاعتبار ايضا ان هذه الحرب خلقت اكبر نزوح في التاريخ خلال القرن الماضي والحالي وان هناك من يحتاجون التدخل الإنساني الان يفوقون ال٢٥ مليون نسمة وان الجرائم لا زالت مستمرة والسلاح منتشرا ، وان الحرب ان حاولوا اخفاء معالمها في الخرطوم فهي لازالت مستمرة في أماكن عديدة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق وان الاسرى والمحاضرين يموتون بسبب انعدام الغذاء والدواء فالموقف الإنساني يجب أن يفرض إيقاف الحرب في التو واللحظة . نأمل أن تفضي القمة إلي مواقف تصب لصالح الشعب السوداني ويكون الحافز والدعم الذي يصدر منها مساندا للقوى المدنية ولدولة الموسسات التي تحفظ الحقوق وتنجز العدالة وتنصف الضحايا . ونواصل
عبدالرحيم ابايزيد
٢/ابريل ٢٠٢٥
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرب فی السودان إیقاف الحرب فی القوى المدنیة هذه القمة
إقرأ أيضاً:
سفير السودان في الأردن “سوار الذهب” يحاضر عن الثقافة زمن الحرب في اتحاد الكتاب
صراحة نيوز- وسط حضور لافت من الأدباء والكتاب والاعلاميين والسياسيين تناول سفير جمهوية السودان لدى المملكة الأردنية الهاشمية سعادة الأستاذ حسن صالح سوار الذهب في ندوة نظمها إتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين وإدارها رئيس الاتحاد عليان العدوان مرحبا بالحضور الجماهيري الكبير.
وتطرق إلى مآسي الحروب على الثقافة الشعبية وعلى مجموعة القيمة الإنسانية والاعتداء على الآثار والترات وعلى هوية الأمة وأمثلة ذلك ماحصل في العراق وسوريا وقطاع غزة وطمس المعالم الحضارية التاريخية وضرب الحائط بمجموعة القيم والعادات والتقاليد
أقيمت هذه المحاضرة الهامة في العاصمة عمّان ،وتطرق سعادة السفير حسين سوار الذهب للأثر العميق الذي خلّفته الحرب على الثقافة السودانية ، مستعرضاً ثلاثة مسارات بدت كأنها ثلاث ندوب محفورة في جسد وطن بأكمله.
أول الندوب: محو الذاكرة وتجريف التراث
أوضح السفير سوار الذهب، أن الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 لم تكن مجرد اشتباك عابر بل كانت هجوماً منظماًعلى الذاكرة الجمعية للسودانيين.
ولفت ، السفير، أن الميليشيا المتمردة لم تكتفِ بإزهاق الأرواح بل اتجهت مباشرة إلى أكثر نقاط السودان حساسية: تراثه الذي يسبق ميلاد كثير من الحضارات الحديثة.
وتابع ، فُتحت أبواب المتحف القومي على نهب غير مسبوق سُرقت خلاله قطع كوشية ومروية لا تقدّر بثمن، وتعرّضت أكثر من مئة ألف قطعة أثرية للتدمير والنهب والتهريب، مضيفا أن متاحف بيت الخليفة والفاشر ، والمواقع المدرجة على قائمة اليونسكو مثل النقعة والمصورات نالها ما نال غيرها ، ولم تنجُ من ميليشيات الدعم السريع ، أمّا الفجيعة الأكبر فكانت العبث بالأرشيف الوطني ومكتبة السودان بجامعة الخرطوم ، وكأن اليد العابثة أرادت سحق شريان الذاكرة قبل أي شيء آخر.
ثاني الندوب: شروخ الروح وتفكك المجتمع
انتقل السفير إلى الجرح الثاني ذلك الذي لم يضرب الحجر بل ضرب القلوب، الحرب لم تكتفِ بتدمير المباني بل زعزعت القيم التي عُرف بها السودانيون عبر تاريخهم: التعايش التسامح وراحة النفس في اختلافاتها.
اشتعلت النعرات القبلية وتحوّلت رموز ثقافية كانت تُستخدم للإصلاح وبث الحكمة—مثل الحكّامة والهدّاي—إلى أدوات تحريض تُحركها الميليشيا. تصدّعت الثقة وظهرت صدمات نفسية متراكمة: اكتئاب اضطرابات ما بعد الصدمة وخسارات لم يعد ممكناً إحصاؤها.
توقفت الحياة الثقافية أغلقت الجامعات والمدارس وتحولت بعض منها إلى ثكنات… وكأن الزمن توقف عند لحظة لم يحبّ أحد أن يعيشها.
ثالث الندوب: مقاومة الجمال… حين يصبح الفن درعاً أخيراً
ورغم اتساع حجم الخراب لم تُطفأ روح السودان. ظهر الفن فجأة كأقوى ما يستطيع الإنسان التمسك به. الرسامون صاروا شهوداً على الجرح، ينقلون الخراب على اللوحات كي لا يُنسى.
الأدباء في المنافي كتبوا “الحكايات الصغيرة” التي تُنقذ ذاكرة يوم عادي نجا من الرصاص.
الموسيقى بدورها ارتفعت فوق أصوات البنادق أغنيات تُذكّر بالوطن وتحثّ على صونه… وكأن الفن بأكمله تكفّل بمهمة حماية روح السودان حين عجزت السياسة والسلاح.
بهذه المحاور الثلاثة، رسم السفير سوار الذهب لوحة وطن يقاوم الفناء وطن قُطِعت عنه الكهرباء والماء لكنه أبى أن تُقطع عنه قصته.
فالذاكرة تتعرّض للمحو… والروح تُستنزف… لكن الثقافة السودانية تظل واقفة ترفع رأسها في وجه الحرب وتُعلن أنّها آخر ما سيُهزم. وفي نهاية المحاضرة أجاب سعادة السفير السوداني على كافة أسئلة ومداخلات الحضور ، قدم وقدم الاستاذ عمر العرموطي موسوعة عمان. والدكتور محمد النجار مجموعة من نتاجه الثقافي وتشرفة رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الاردنيين الشاعر عليان العدوان بتقديم شهادة تكريمية لسعادة السفير حسن سوار الذهب تقديرا لجهوده في خدمة الثقافة ، كما تم التقاط الصور التذكارية، لهذه المحاضرة القيمة .