يعد السودان من أغنى دول العالم بالمواقع الأثرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والحضارات القديمة، مما يجعله مركزًا هامًا للتراث الثقافي. غير أن الحرب المستمرة بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع الارهابية أدت إلى دمار ونهب واسع النطاق للمتاحف والآثار السودانية، حيث أكد النائب العام، خلال إحدى الليالي الثقافية في بورتسودان، تعرض 20 متحفًا سودانيًا للنهب والتخريب.
نهب
المتحف القومي السودانيفي مقابلة خاصة مع (سونا)، أكدت د. إخلاص عبد اللطيف، نائب مدير الإدارة العامة للآثار والمتاحف، أن المتحف القومي السوداني، الذي يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، تعرض لعمليات نهب واسعة النطاق منذ يونيو 2023.وأشارت إلى أن مقتنيات المتحف، التي تشمل آثارًا من العصر الحجري، وحضارة كرمة، ونبتة، ومروي، والعصور المسيحية والإسلامية، تمت سرقتها ونقل بعضها إلى خارج السودان، خاصة عبر الحدود الجنوبية.كما أوضحت أن مخازن المتحف القومي، التي كانت تُعد المستودع الرئيسي لجميع آثار السودان، تعرضت للنهب الكامل، مما أدى إلى فقدان كنوز وطنية لا تقدر بثمن، مثل المومياوات القديمة، والتماثيل، والفخار التاريخيتدمير ونهب متاحف أخرىلم يقتصر الدمار على المتحف القومي، فقد تعرضت متاحف الإثنوغرافيا، القصر الجمهوري، والمتحف الحربي في الخرطوم للنهب والتخريب.وأكد د. النذير تيراب، مدير
متحف إثنوغرافيا السودان، أن تقييم حجم الأضرار بدقة لايزال صعبًا نظرًا لموقع المتحف في شارع الجامعة بوسط العاصمة.في أمدرمان، تعرض متحف الخليفة عبد الله التعايشي للسرقة، وتضررت أجزاء من مبناه، فيما نُهبت مقتنياته بالكامل.وفي دارفور، لم يسلم متحف السلطان علي دينار في الفاشر من التدمير، حيث استُهدف بالقصف المدفعي، مما أدى إلى تدمير هياكله الداخلية وتحطم نوافذه الزجاجية، كما نُهب متحف نيالا بالكامل، بما في ذلك الأثاث وخزائن العرض.اتجار غير مشروع بالقطع الأثريةأدى هذا الدمار إلى انتشار القطع الأثرية السودانية المنهوبة في الأسواق الدولية، حيث تم رصد بعض الكنوز للبيع على منصات إلكترونية مثل “eBay”. وحثت منظمة اليونسكو القطاع الخاص على الامتناع عن شراء هذه القطع المسروقة، بينما تم تتبع بعضها عبر طرق التهريب إلى جنوب السودان.جهود محلية ودولية لاستعادة التراث السودانيوسط هذه الكارثة الثقافية، تكثفت الجهود لاستعادة التراث المسلوب. ففي 26 فبراير 2025، التقى وزير الثقافة والإعلام خالد الإعيسر وفد بريطاني يرأسه مايكل مالينسون، عضو مجلس المعماريين الملكي، لمناقشة خطة حماية التراث السوداني بالتعاون مع المتحف البريطاني، وجامعة كامبريدج، والمعهد البريطاني لشرق إفريقيا.واتفق الطرفان على إعداد قائمة مفصلة بالقطع الأثرية المنهوبة، ووضع تقرير شامل حول الأضرار التي لحقت بالمؤسسات الثقافية السودانية، إضافةً إلى وضع خطط لإعادة تأهيل
المتاحف المتضررة.ووفقًا للإعيسر، تقدر الخسائر الأولية في قطاع الثقافة والآثار والسياحة بحوالي 110 ملايين دولار.مبادرات لحماية التراثبالرغم من الدمار الواسع، ظهرت مبادرات محلية لحماية ما تبقى من التراث السوداني، من بينها:مبادرة حماية تراث السودان، التي أطلقتها منظمة (تراث من أجل السلام) في 2023، وتهدف إلى توثيق الأضرار والدعوة لحماية المواقع الثقافية.مجلس المعماريين الملكي وشركاؤه، الذين ساهموا في إعادة تأهيل أكثر من 12 متحفًا سودانيًا.جمعية أصدقاء المتاحف السودانية، التي تجري زيارات ميدانية لتقييم وضع المتاحف وتقديم خطط إعادة إعمارها.مخاوف دولية وتحذيرات من اليونسكوأعربت منظمة اليونسكو عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بتعرض المتاحف والمواقع الأثرية في السودان للنهب، محذرةً من أن هذه الممارسات تمثل تهديدًا خطيرًا للهوية الثقافية السودانية.ختامًايعد نهب المتاحف السودانية كارثة ثقافية تهدد السرد التاريخي والهوية الوطنية، حيث يؤدي فقدان هذه الكنوز إلى انقطاع الصلات بماضي السودان العريق. ومع ذلك، فإن الجهود المحلية والدولية تبعث الأمل في إمكانية استعادة هذا الإرث وحمايته للأجيال القادمة.تقرير: الرسالة عبدالرحيم – سونا
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية:
التراث السودانی
المتحف القومی
متحف ا
إقرأ أيضاً:
خالد فودة يتفقد دير مارمينا الأثري بالإسكندرية ويؤكد: صون التراث القومي أولوية رئاسية
أجرى اللواء أ.ح دكتور خالد فودة، مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية ورئيس اللجنة العليا لإدارة مواقع التراث العالمي، اليوم السبت، جولة ميدانية بمنطقة دير مارمينا الأثرية غرب الإسكندرية، لمتابعة آخر مستجدات أعمال الترميم والتطوير ومشروع خفض منسوب المياه الجوفية، في الموقع المدرج ضمن قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
رافقه في الجولة الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، وعدد من كبار المسؤولين، من بينهم اللواء عمرو عبد المنعم، مساعد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، والدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والمستشار محمد أبي زيد، نائب رئيس محكمة النقض ومستشار الصندوق السيادي، والعميد حسني رضوان، مدير مكتب مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية، والدكتور عبد الله عيسى الشريف، والدكتور محمد متولي، مدير عام آثار الإسكندرية، والنائب وجيه سنبل، عضو مجلس الشيوخ، إلى جانب ممثلين عن الوزارات والجهات المعنية.
وأكد اللواء خالد فودة خلال الزيارة أهمية منطقة مارمينا الأثرية، باعتبارها واحدة من سبعة مواقع مصرية مُدرجة على قائمة التراث العالمي، لما تحمله من قيمة حضارية وأثرية وروحية، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تأتي تنفيذًا لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية بضرورة الحفاظ على المواقع التراثية والتاريخية، ومعالجة التحديات التي تواجهها لضمان استدامتها.
من جانبه، أوضح محافظ الإسكندرية أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تضع حماية وصون التراث القومي على رأس أولوياتها، انطلاقًا من إيمانها بدور هذا التراث في تعزيز الهوية الثقافية والحضارية لمصر. وأضاف أن دير مارمينا يُعد نقطة محورية على خريطة السياحة الدينية القبطية، ويجري التنسيق مع وزارات السياحة والآثار والري لتوفير بنية تحتية متكاملة، تدعم تحويل المنطقة إلى مقصد عالمي للسياحة الثقافية والدينية، بما يعزز فرص الاستثمار ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
كما شهدت الجولة عرضًا توثيقيًا تناول المراحل التاريخية التي مرت بها مدينة مارمينا الأثرية، منذ نشأتها وحتى اكتشافها على يد القمص تداوس أفامينا، منسق العلاقات بين وزارة السياحة والآثار.
واختتم الوفد جولته بتفقد الموقع الأثري، حيث قدم الأستاذ محمد متولي شرحًا تفصيليًا حول مشروع خفض منسوب المياه الجوفية، مؤكدًا أن مؤسسات الدولة تعمل بتكامل لحماية موقع أبو مينا الأثري، باعتباره جزءًا من التراث الإنساني العالمي الذي يستوجب الحماية والرعاية.