بين موهبة الرسامين ونهب الكتب.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي جوهر الإبداع الإنساني؟
تاريخ النشر: 6th, April 2025 GMT
هل يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي الذي ينتج صورا، ونصوصا، وأفلاما بكبسة زر أن يحل محل اليد البشرية التي تمضي عقودا في صقل موهبتها في ميادين الكتابة والفن؟
يزداد الجدل حول مصير الإبداع البشري، وحدود ما يمكن للآلة أن تحققه من دون المساس بجوهر الفن، والحق الفكري لصنّاعه. من طوكيو إلى لندن، تتوزع مشاهد القلق والمواجهة، بين صُنّاع الرسوم المتحركة والمؤلفين، في وجه زحف "الخوارزميات" على عوالم الجمال والكلمة.
في اليابان، حيث تشكلت أرقى أشكال الرسوم المتحركة في أستوديو غيبلي، يعبّر المخرج غورو ميازاكي (نجل رائد الأنمي هاياو ميازاكي) عن قلقه من سرعة تطور الذكاء الاصطناعي، ويقول: "لن يكون مفاجئا إذا تم إنتاج فيلم بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي خلال عامين"، لكنه يتساءل: "هل سيكون الجمهور مستعدا فعلا لمشاهدة عمل بلا روح بشرية؟".
ففي عالم اعتاد أن يستغرق إنجاز إطار واحد ساعات من العمل اليدوي المتقن، يبدو من الصعب على أبناء "الجيل زد" المتشبعين بالتقنية، أن يروا في الرسم اليدوي وسيلة ممكنة للعيش أو للتعبير. ويضيف غورو: "في عالم يستطيع الناس فيه مشاهدة أي شيء، في أي وقت، فقدَ الإبداع اليدوي قدرا من سحره وضرورته".
إعلانلكن التحدي لا يقف عند حدود الفرشاة، بل يمتد إلى أقلام الكتّاب. ففي لندن، نظم نحو 100 مؤلف بريطاني وقفة احتجاجية أمام مقر شركة "ميتا"، متهمين الشركة بـ"سرقة" أعمالهم الأدبية لاستخدامها في تدريب نماذجها الذكية، من دون إذن أو تعويض. وهتف المحتجون: "ميتا، ميتا، سارقة الكتب!"، متهمين رئيسها مارك زوكربيرغ بـ"نهب" مكتبة "ليب جين" (LibGen) الرقمية التي تحوي ملايين الكتب والمقالات الأكاديمية. وذلك لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
وما أثار غضب المؤلفين أكثر هو تقارير صحفية تفيد بموافقة زوكربيرغ على استخدام تلك المكتبة، رغم ما تحمله من انتهاكات محتملة لحقوق النشر. الروائي إيه جيه ويست، صاحب رواية "ذا سبيريت إنجينيير" (The Spirit Engineer)، عبّر عن شعوره بـ"الاشمئزاز" لرؤية عمله يُستخدم "لتغذية تكنولوجيا صُممت لتدميرنا"، حسب تعبيره.
قرصنة الخوارزمياتويبدو أن سؤال "من يملك المعرفة؟" يعود بقوة في عصر الذكاء الاصطناعي. هل يمكن اعتبار تغذية النماذج الذكية بنصوص وصور من دون إذن أصحابها تطورا طبيعيا في مسار التقنية، أم أنها إعادة صياغة للقرصنة، ولكن بلغة خوارزمية؟
الأزمة تكشف عن مفارقة عميقة: فبينما تسهل التكنولوجيا توليد محتوى بصري وأدبي هائل، فإنها تُهدد أيضا بأتمتة الإبداع، وتجريد العمل الفني من بصمته الإنسانية. هاياو ميازاكي، في فيديو شهير له عام 2016، وصف تجربة للذكاء الاصطناعي في رسم مخلوق زومبي بأنها "إهانة للحياة نفسها"، مضيفا أن هذا النوع من الفن "مقزز".
وبينما لم يحصل ميازاكي حتى اليوم على خليفة يُضاهي رؤيته، يبدو أن ابنه غورو –وإن كان يدرك صعوبة معادلة الإبداع في عصر التقنية– لا يزال مؤمنا بأن "اليد التي تعرف طعم الألم والحياة، لا يمكن أن تحل محلها خوارزمية".
ولا يهدد الاجتياح المتسارع لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي فقط مصدر رزق الفنانين وأصالة أعمالهم، بل يلقي بظلال من الشك على قيمة الإبداع الحقيقي في نظر الجمهور. يُخشى أن يصبح المنطق السائد هو: "لماذا ننتظر الفنان ليبدع، طالما أن الآلة تستطيع فعل ذلك بشكل أسرع وأرخص؟".
بعد إصدار النسخة المحدثة من "شات جي بي تي" المسماة "جي بي تي 4 أو" (GPT4o)، شهدت الصفحات الإلكترونية سيلا من الصور والميمات التي أُنشئت بأسلوب أستوديو الرسوم المتحركة الشهير، المعروف بتنفيذه أفلاما شهيرة بينها "ماي نيبر توتورو" و"بوركو روسو" و"برنسس مونونوكي".
إعلانويبدي غورو ميازاكي اعتقاده أن الذكاء الاصطناعي قد "يحل محل" صنّاع المحتوى يوما ما، قائلا "لن يكون مفاجئا إذا تم إنتاج فيلم (رسوم متحركة) بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي خلال عامين".
كما فتحت هذه الموجة من الصور الواسعة الانتشار -التي أنشئت بواسطة البرنامج التابع لشركة "أوبن إيه آي"- نقاشا حول حدوث انتهاك محتمل لحقوق الملكية الفكرية واستخدام المحتوى لتطوير هذا البرنامج.
لكن خلال مقابلة أجريت في نهاية مارس/آذار الماضي في مقر أستوديو غيبلي في غرب طوكيو، تساءل غورو ميازاكي عما إذا كان الجمهور سيكون مستعدا لمشاهدة فيلم رسوم متحركة يتم إنشاؤه بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، يقر المخرج -البالغ من العمر 58 عاما- بأن التقنيات الجديدة توفر "إمكانات كبيرة لظهور مواهب غير متوقعة".
الجيل الجديدتواجه اليابان نقصا في رسامي الرسوم المتحركة المؤهلين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن معظمهم يعتاشون من وظائف منخفضة الأجر لسنوات قبل أن يتعلموا أساسيات المهنة.
وأسس والد غورو أستوديو غيبلي مع إيساو تاكاهاتا عام 1985، بعد عام من إخراج فيلم الرسوم المتحركة "ناوسيكا أميرة وادي الرياح" الذي تدور أحداثه ما بعد نهاية العالم.
بعد وفاة تاكاهاتا عام 2018، واصل هاياو ميازاكي (84 عاما) صناعة أفلام الرسوم المتحركة مع المنتج توشيو سوزوكي (76 عاما).
ويقول غورو ميازاكي، ردا على سؤال عن مستقبل أستوديو غيبلي "إذا لم يعد هذان الشخصان قادرين على الحركة أو التحرك، فماذا سيحدث؟"، مضيفا "ليس من الممكن استبدالهما".
وعلى الرغم من سنه، فاز هاياو ميازاكي بجائزة الأوسكار الثانية في مسيرته العام الماضي عن فيلم "ذا بوي آند ذا هيرون" (The Boy and the Heron)، الذي من المرجح أن يكون آخر أفلامه الروائية الطويلة.
عادة ما تستهدف الرسوم المتحركة الأطفال، لكنّ تاكاهاتا وهاياو -اللذين ينتميان إلى "الجيل الذي شهد الحرب"- أضافا عناصر أكثر قتامة تناسب البالغين، بحسب غورو ميازاكي.
إعلانويصف غورو ميازاكي "رائحة الموت" التي تعبق بها هذه الأفلام، قائلا "ليست هناك حلاوة فحسب، بل مرارة أيضا وأشياء أخرى متشابكة بشكل جميل في العمل"، و"هذا ما يعطي هذا العمل عمقه".
بالنسبة للشباب الذين نشؤوا في زمن السلم، "من المستحيل أن يخلقوا شيئا يحمل القدر نفسه من المعنى والنهج والموقف مثل جيل والدي"، كما يقول غورو ميازاكي.
مع انتشار الصور المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي على غرار صور أستوديو غيبلي عبر الإنترنت، ظهر مقطع فيديو يعود لعام 2016 لهاياو ميازاكي رأى فيه البعض إشارة إلى نفوره من التكنولوجيا.
وقال المؤسس المشارك لأستوديو غيبلي في فيلم وثائقي على قناة التلفزيون العامة اليابانية (إن إتش كيه): "أعتقد بصدق أن هذا الأمر يشكل إهانة للحياة نفسها".
وكان يتفاعل مع رسوم متحركة أنشئت بمساعدة الذكاء الاصطناعي لمخلوق يشبه الزومبي، وصفه بأنه "مقيت للغاية".
انضم ابن هاياو ميازاكي إلى أستوديو غيبلي عام 1998 وأخرج فيلمين للرسوم المتحركة.
كما أشرف على تطوير متحف غيبلي في منطقة كيتشيجوجي في طوكيو ومتنزه غيبلي الذي افتُتح في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في منطقة آيتشي (وسط اليابان).
وقد أحب غورو ميازاكي الرسم منذ الطفولة. ويقول إنه تعلم كثيرا من مشاهدة أعمال والده وتاكاهاتا، على الرغم من أنه "لم يعتقد أنه يمكن أن يصبح رساما" للأعمال الكرتونية بما يضاهي موهبتهما.
ويقول المخرج إن "والدتي، التي كانت تعمل رسامة للرسوم المتحركة، حثتني أيضا على عدم متابعة هذه المهنة، لأنها صعبة وتتطلب كثيرا من الجهد"، مضيفا أن والده هاياو نادرا ما كان يوجد في المنزل.
ويضيف "لكنني كنت أرغب دائما في القيام بشيء إبداعي… وأعتقد أن كوني مخرجا يناسبني".
مظاهرة لندنومن اليابان إلى لندن حيث تظاهر محتجون ضد شركة "ميتا"، يبدي هؤلاء المؤلفون قلقا خاص إزاء استخدام "ميتا" المفترض للمكتبة الإلكترونية "ليب جين" (LibGen) التي تعزز الوصول المجاني والمفتوح إلى المعرفة الأكاديمية وتحتوي على أكثر من 7.5 ملايين كتاب ومقالة علمية.
إعلانوفي دعوى قضائية رفعها عدد من المؤلفين ضد "ميتا" في الولايات المتحدة، تشير وثائق داخلية للشركة إلى أن زوكربيرغ وافق على استخدام "ليب جين"، حسب تقارير إعلامية أميركية.
نشرت مجلة "أتلانتيك" أخيرا قاعدة بيانات تحتوي على كل العناوين المتوفرة على "ليب جين".
وقال ناطق باسم "ميتا" لصحيفة غارديان البريطانية: "نحترم حقوق الملكية الفكرية للأطراف الثالثة، ونعتقد أن استخدامنا للمعلومات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يتوافق مع القانون المعمول به".
لكن خارج المقر الرئيسي للشركة في لندن، قال الروائي إيه جيه ويست إنه شعر "بالاستغلال والاشمئزاز" عندما اكتشف أن كتابه "ذا سبيريت إنجينيير" موجود في قاعدة البيانات.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن "رؤية أعمالي (…) تُستخدم للسماح لأصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا بكسب مزيد من المال، من دون إذني، أمر مثير للاشمئزاز".
وأضاف "لقد أخذوا كتبي لتغذية تكنولوجيا مصممة خصيصا لتدميري".
حاول إيه جي ويست الدخول إلى مقر "ميتا" لتسليم رسالة موقعة من كثير من المؤلفين، بينهم كايت موس وريتشارد أوسمان، عند مدخل الشركة، لكن الأبواب كانت مغلقة.
وبات الروائي يدعو الحكومة إلى التدخل في مواجهة "أكبر هجوم على حقوق النشر البريطانية في التاريخ".
وأواخر فبراير/شباط الماضي، ندد أكثر من ألف فنان بريطاني، بينهم إلتون جون ودوا ليبا، بخطة لحكومة حزب العمال تهدف إلى الحد من القيود المفروضة في قانون حقوق النشر للسماح لشركات الذكاء الاصطناعي باستخدام المحتوى بسهولة أكبر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بواسطة الذکاء الاصطناعی الرسوم المتحرکة من دون
إقرأ أيضاً:
تراجع الهيمنة الأمريكية في سباق الذكاء الاصطناعي
صراحة نيوز- قال تحليل نشرته “فورين أفيرز” إن ريادة الولايات المتحدة العالم في مجال الذكاء الاصطناعي ربما بدأت تتلاشى.
أفاد التحليل بأنه على مدى السنوات القليلة الماضية، قادت الولايات المتحدة العالم في تطوير الذكاء الاصطناعي؛ حيث لعبت شركات أمريكية مثل OpenAI وGoogle وAnthropic وMeta دوراً محورياً في دفع عجلة الابتكار بفضل الجمع بين التميز الأكاديمي، والاستثمار الخاص، والتنظيم الحكومي الخفيف نسبياً. وحققت النماذج الأساسية الأمريكية مثل GPT وGemini تقدماً سريعاً في قدرات الاستدلال والمعالجة متعددة الوسائط وحل المشكلات العلمية، مما عزز حصتها في الأسواق العالمية وتفوقها على نظيراتها الصينية.
لكن بحلول أواخر عام 2024، بدأ هذا التفوق الأمريكي بالتلاشي. فقد حققت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية مثل DeepSeek وBaidu وAlibaba وTencent تقدماً هائلاً، وقلصت الفجوة مع النماذج الأمريكية إلى بضع نقاط مئوية. ويعزى هذا التقدم إلى استراتيجية الصين المدفوعة من الدولة والتي تشمل استثمارات ضخمة في أشباه الموصلات والبنية التحتية للطاقة، وتنسيقاً وثيقاً بين القطاعين العام والخاص، ونظاماً تعليمياً يخرج كوادر متخصصة في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، من التصنيع إلى الخدمات العامة.
وكانت شركة Xiaomi في بكين أحد أبرز الأمثلة على ذلك. ومصنع الشركة يستخدم أكثر من 700 روبوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي لإنتاج سيارة كهربائية كل 76 ثانية. كما تستخدم المدن الصينية الذكاء الاصطناعي لإدارة حركة المرور والمراقبة والتنفيذ القانوني، وتقوم الحكومات المحلية بتجريب تطبيقات جديدة في التعليم والرعاية الصحية. وفي الوقت نفسه، قامت الشركات الصينية بتحسين برمجياتها لزيادة كفاءة استخدام العتاد المتوفر، مما خفف من تأثير القيود الأمريكية على تصدير الرقائق المتقدمة.
نتيجة لذلك، تواجه الولايات المتحدة واقعاً جديداً: تفوقها في الذكاء الاصطناعي لم يعد مضموناً. وقد أدركت إدارتا الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب هذه الحقيقة، فاتبعتا استراتيجيات لتأخير أو منع هذا التراجع من خلال فرض قيود على التصدير وتكثيف الابتكار المحلي عبر استثمارات في أشباه الموصلات والبنية التحتية واعتماد الذكاء الاصطناعي في الحكومة، خصوصاً في الأمن القومي والصحة ومكافحة الاحتيال.
ومع ذلك، لم يعد التفوق الأمريكي مسألة محسومة. ويبدو سباق الذكاء الاصطناعي الآن وكأنه ماراثون طويل الأمد. لذا، على صانعي السياسات في واشنطن أن يستعدوا لعالم تتقاسم فيه الولايات المتحدة الريادة مع قوى أخرى، أو حتى تحتل المرتبة الثانية. لكن هذا لا يعني تكرار أخطاء سباق الجيل الخامس (5G)، حيث تقدمت الصين بسرعة بينما عانت أمريكا من اللحاق بها. لكن بدلاً من ذلك، يجب أن تركز الاستراتيجية الأمريكية على المرونة والقدرة على التكيف والتعاون.
استراتيجية أكثر ذكاءً
ونصح التقرير بأنه بدلاً من التمسك بهيمنة غير مضمونة، يجب على الولايات المتحدة الاستثمار في أطر جديدة تبرز جاذبية نماذجها حتى لو لم تعد الأفضل في المقاييس التقليدية. يمكن لوكالة المعايير الوطنية (NIST) ومعهد سلامة الذكاء الاصطناعي تطوير معايير تقييم جديدة تتجاوز دقة الأداء إلى معايير مثل الشفافية، والأمان، وتكلفة التشغيل، وسهولة التعديل. هذه المعايير قد تكون أكثر أهمية للأسواق الناشئة، حيث تُفضل النماذج القابلة للتكيف والمضمونة والثابتة الكلفة على الأداء التقني البحت.
كما إنه يمكن لواشنطن الترويج لتوافق النماذج المختلفة على المستوى العالمي. فمع تزايد عدد النماذج الأساسية، سيبحث المستخدمون عن حرية التنقل بينها دون قيود أو تكاليف باهظة. ويمكن للشركات الأمريكية تسهيل هذا التحول عبر تقليل تكاليف التبديل، وتبسيط التهيئة، وتخفيض متطلبات التدريب والتجهيزات. كما يمكن للحكومة الأمريكية أن تقود جهوداً دولية لتوحيد بروتوكولات واجهات البرمجة (APIs) لجعل التكامل والتنقل بين النماذج أسهل، مما يقلل من الاعتماد على نموذج أو بلد واحد.
من جانب آخر، ينبغي على الولايات المتحدة تطوير طبقات وسيطة للبرمجيات تفصل بين التطبيقات والنماذج الأساسية. هذه الطبقات تقلل من التبعية لنموذج معين، وتتيح مرونة أكبر في التبديل إذا تغير النموذج أو ظهرت بدائل أفضل. وفي حال تفوقت النماذج الصينية، ستكون هذه الطبقات أداة حيوية لتقليل المخاطر مثل الرقابة أو تعطيل الخدمة.
وبالإضافة لذلك، سيكون من الضروري تطوير أنظمة “تحكيم” برمجية تقارن مخرجات نماذج مختلفة. ففي تطبيقات حرجة مثل التشخيص الطبي أو اكتشاف الاحتيال، يمكن لتلك الأنظمة تقييم الإجابات من نماذج موثوقة محلياً وأخرى أكثر كفاءة ولكن أجنبية، وتحذير المستخدم من الإجابات غير الدقيقة. ورغم أن هذا يضيف تكلفة ويبطئ الأداء، إلا أنه يضمن السلامة والموثوقية في مجالات حساسة.
أصعب التحديات
ووفقا للتحليل، فإنه من أصعب التحديات التي ستواجهها الولايات المتحدة هو تحديد متى وكيف تشارك بياناتها. ففرض حظر شامل على مشاركة البيانات مع الصين قد يبدو خياراً آمناً، لكنه قد يضر بالمصلحة العامة. فإذا أثبت نموذج صيني أنه أكثر فعالية في تشخيص الأمراض أو توقع الكوارث، فإن منع استخدامه قد يضر الصحة العامة أو الاقتصاد.
والحل الأمثل هو اعتماد سياسة مدروسة لمشاركة البيانات بناءً على تحليل الفوائد والمخاطر. ويمكن استخدام تقنيات مثل إخفاء الهوية، وتشفير البيانات، والخصوصية التفاضلية لتقليل خطر التسريب مع الحفاظ على الفائدة. ويجب على واشنطن وضع إرشادات واضحة لمتى تكون مشاركة البيانات مقبولة، وتدريب الحلفاء والشركاء، خاصة في الدول النامية، على الاستخدام الآمن والتنقل بين النماذج.
وشدد التقرير على أنه رغم أن شركات الخدمات السحابية الأمريكية مثل أمازون ومايكروسوفت وغوغل ما زالت تهيمن على أكثر من 60% من السوق العالمي مقارنة بـ4% فقط لعلي بابا، إلا أن هذه الهيمنة قد تتراجع. فالابتكار في الذكاء الاصطناعي قد يصبح أبطأ وأكثر تكلفة، مما يمنح الصين ذات التنسيق المركزي ميزة تنافسية.
والخطة الوطنية الجديدة للذكاء الاصطناعي التي ستُصدر في يوليو/تموز يجب أن تعكس هذا الواقع المتغير. وينبغي على أمريكا أن تعترف بأن الريادة مهمة ولكنها ليست مضمونة.