من اللعب إلى البتر.. قصة جيل ضائع بين حقول الألغام
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
7 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: امتد المشهد الحزين في البصرة، مطلع هذا العام، حين انفجر مخلف حربي ليودي بحياة ثلاثة طلاب في قضاء أبي الخصيب.
حادثة ليست جديدة في عراق ما بعد الحروب، لكنها ترمز إلى إرث قاتل لم ينتهِ بانتهاء العمليات العسكرية.
واستعرضت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في تقريرها الصادر في 4 نيسان 2025، الأرقام والتفاصيل التي تؤكد عمق الأزمة.
هذا الحجم الهائل من التلوث لا يعكس خطر الموت فقط، بل يشكل حاجزًا أمام التنمية وإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى قراهم وحقولهم.
وروت اللجنة عبر تقاريرها قصصا حقيقية من قلب المعاناة.
حسين، ابن محافظة الديوانية، لم يكن قد تجاوز الحادية عشرة عندما فقد ساقه في حادثة عبث طفولية بجسم لم يعرف أنه قاتل.
وعلى بعد مئات الكيلومترات، خطت سندس على لغم وهي تهرب مع عائلتها من جحيم الحرب في نينوى، فانتهت طفولتها على عتبة كرسي متحرك.
وغرّد الصحفي العراقي مصطفى سعدون قائلًا: “مئات الضحايا سنويًا في جنوب وشمال العراق بسبب تركة الألغام.. الملف بحاجة إلى تحرك سياسي ومجتمعي، لا بيانات سنوية فقط”.
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن 78 شخصًا وقعوا بين قتيل وجريح بين عامي 2023 و2024 بسبب هذه المخلفات، وأشارت إلى أن الأطفال ما زالوا الفئة الأكثر تعرضًا للموت أو الإعاقة نتيجة هذه الأجسام المنسية.
وتحدثت نورا مراد، وهي مختصة في إزالة الألغام في سنجار، عن مفارقة العمل الإنساني: “في كل مرة أغادر إلى العمل، تبكي ابنتي، لكننا نفرح حين نرى أرضًا خُلّصت من الموت، تُزرع من جديد”.
ودعمت اللجنة جهود المؤسسات الوطنية، ففي عام 2024 وحده، سُلمت أكثر من 2,440 قطعة من معدات إزالة الألغام، فيما حضر قرابة 6,000 شخص جلسات توعوية مباشرة في المناطق المتأثرة. لكن ذلك لا يوازي حجم الأزمة.
وأبرز التقرير أن الفرق الميدانية تواجه مخاطر الموت مثلها مثل المدنيين، في ظل تضاريس معقدة، وخرائط منقوصة، وميزانيات لا تواكب التحديات.
وأكدت المنظمة الدولية أن المعركة ضد هذا “الإرث المميت” ما زالت بعيدة عن نهايتها، داعية جميع الجهات المحلية والدولية إلى التكاتف والعمل على تحويل هذه الأراضي الملوثة إلى حقول أمل بدلًا من ساحات فزع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
المباراة بين القدم والقلم
أروي بالسند المتصل عن عمي عبد الرحمن عن أبيه سيدي الجد علي بن محمد الجفري رحمه الله أنه قال كل مولود يولد ومعه كيس من اللعب ولا بد أن يلعب في فترة الصبا حتى يكمل ما في الكيس، وإلا فإنه سوف يلعب وهو كبير.
وقد لعبت في صباي حتى انتهى ما في الكيس المعنوي هذا. أما زملائي فقد كانوا يشترون الراديو الترانزستور قبل ظهور التلفزيون ويلتصقون ببعض ليستمعوا لإرسال إذاعة القاهرة الضعيف وهو يبث مجريات مباريات الزمالك والأهلي والإسماعيلي والاتحاد السكندري. فسمعت عن صالح سليم والشيخ طه وغيرهم من لاعبي الستينات.. لكني كنت أفضل أن ألعب على أن استمع. وقد حضرت واقفا مباراة للشباب الكبار قبل وجود المدرجات وجاءت كرة تهوي ناحيتي فلما اقتربت مني ركلتها بكل قوتي بقدمي اليمني. وبعد ذلك لم أشعر إن كانت قدمي في مكانها أم أنها قد طارت مع الكرة التي لا يتحمل وزنها ابن التاسعة أو العاشرة من العمر.
العام الماضي تذكرت تلك الكرة الثقيلة بعد ستين سنة من صدها بقدمي. إلا أن هذه المرة كانت أشد. ففيما كنت أمشي في إحدى الساحات بالشرفية بجدة حيث كان يلعب مراهقون إذا بضربة الكرة تنطلق فتقع على أم رأسي من حيث لا أحتسب. خطوت بعدها أول خطوة كمثل الطفل الرضيع وثاني خطوة وفي الثالثة فقدت توازني فسقطت بطولي. وجاء الفتى الذي فعل فعلته ليطمئن علي. فتحاملت على ذراعيّ حتى انتصبت واقفا. تخيل يا عزيزي أن الضربة لو نزلت بمقدار سنتيمترين أو ثلاثة لهشمت أنفي. قال تعالى: يحفظونه من أمر الله. وذكر المفسرون أن الآية تعني يحفظونه بأمر الله. وقالت لي الركلة الكروية بلسان الحال إن المرء لا يفقد توازنه من ضربة كرة إلا إذا كان الشباب قد ولى.
ولما نفد كيس اللعب عندي أقبلت على القراءة والثقافة والأدب. وقد قال عثمان حافظ رئيس تحرير جريدة المدينة رحمه الله في مقدمة كتابة عن الصحافة في المملكة العربية السعودية: والأدباء والشعراء هم من أفلس خلق الله منذ أن عرف الناس الشعر والأدب. لكني مع ذلك أحمد الله أن ما كنا نلعبه أفضل بكثير من انكباب الناشئة الحالية على الأجهزة المحمولة ساعات طويلة فهم شبه محرومين من تلاقح الأفكار مع الراشدين. ناهيك عن حرمانهم من الرياضة الجسمانية. لقد استعصى كيس اللعب الحالي على النفاد. فالفتيان والفتيات عاكفون على وسائل التواصل الاجتماعي ليل نهار. ولست أعلم حلا لهذه المعضلة سوى الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد.
لعل وعسى.