الجزائر "العُمانية: يجمعُ الشّاعر الجزائريُّ رابح ظريف بين كتابة الشّعر، والرواية، والسيناريو؛ وهي المجالات الثلاثة التي كان له فيها العديد من الكتابات التي أثرى بها المكتبتين الجزائرية، والعربية.

ويواصل الشاعر البحث عن ذاته الشّعرية عبر اقتحام أراضٍ بكر، قد يجدُ فيها ضالّته كشاعر يُحاولُ أن يكون صوتًا مختلفًا؛ بأدواته، ومواضيعه الشّعرية.

في ديوانه الأخير، الذي سيصدرُ بالتزامن في الجزائر والعراق، تحت عنوان "قال لي الخيّام"، يحفرُ عميقًا في التاريخ الصُّوفيّ، وتجاربه الإسلاميّة الثّريّة، لينسج قصائد شعريّة تقول ما يختلجُ في الذات الإنسانيّة القلقة، والتي تزداد قلقًا في هذا العالم وهو يتحوّل باستمرار ليفقد الجانب المضيء من إنسانيّته.

وفي حديثه لوكالة الأنباء العُمانية، قال: إن هذا الديوان هو عبارة عن مجموعة مقاطع شعرية رُباعيّة في أغلبها، كتبت في فترات مختلفة، وتُمثّل حالة شعريّة تجريديّة وروحيّة، قد يكون الخيّام أقرب إليها من غيره، إذ حاول من خلالها رصد هذه الحالة التي تملّكت عددًا من الشُّعراء عبر التاريخ وربّما كان يمكن للخيّام وحده أن يكتبها، وسيصدر العمل عن دار الشؤون الثقافية العامة في العراق، كما سيصدر أيضًا عن دار خيال للنشر والترجمة في الجزائر.

وأكد الشاعر على أن الشعر في حدّ ذاته لحظة تصوُّف، إذا فهمنا لحظة الكتابة؛ فهي رفضٌ للواقع الرّديء، ليوميات لم تستطع أن تقدّم إضافة للفرد، حيث يركز في هذا العمل على الفردانيّة ويثور على ثقافة السّائد واليومي من خلال التوجُّه إلى الله مباشرة، إلى النقاء المطلق الذي عاشه السّادة الصُّوفيّة عبر التاريخ.. إلى ما تبقّى من نقاء في ذاته.. وأن هذا العمل يتحدّث فيه اليتيم داخله؛ اليتيم الذي لا يبحث عن والدين، بل عن أبوين وتعرفُ الفرق بين الوالد والأب، مشيرًا إلى أن "اليتم" هو العنوان الثاني للعمل، على اعتبار أنّ كلّ الرُّسل عاشوا أيتامًا. ويقول الشّاعر رابح ظريف، في أحد مقاطع هذا الديوان:

وأسألُ مــــثل إبراهيم.. إنّي وإن آمـــنتُ.. لستُ بمطمئنِّ

وأنظرُ لا أرى طيرًا أمامي لأذبــــحه.. فأذبــحُ فيّ ظنّي

يقيني جائعٌ والشكّ ســـــمٌّ فيا جــوع اليقين.. إليك عنّي

ويا سكّين إبراهيمَ إني الـ فداءُ ذبــحتني.. وحييتَ منّي

يُشار إلى أنّ الشّاعر، رابح ظريف، سبق له أن نشر أعمالًا شعرية، أبرزُها "العودة إلى الجنة" (1997)، و "فاكهة الجمر" (2002)، و "التشكُّل في الغمام" (2007)، و"إلى وجهي الذي لا يراني" (2014). وفي مجال الرواية صدر له "قديشة" (2011). أمّا في مجال كتابة السيناريو، فقد أنجز العديد من الأعمال التي تمّ تصويرُها في أعمال تلفزيونية، أبرزُها سيناريو الفيلم الروائي الطويل "الظل والقنديل" (2015)، وسيناريو الفيلم الروائي الطويل "بربروس" (2015)، وسيناريو الفيلم السينمائي "ابن باديس" (2017)، وسيناريو الفيلم السينمائي "أحمد باي" (2019).

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل

منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الإسرائيلي على غزة، اتضح أن المعركة ليست فقط على الأرض، بل هي أيضا معركة على الوعي، على الرواية، وعلى الحقيقة ذاتها. الاحتلال لم يكتفِ بالقصف والتجويع والتدمير، بل سعى بكل ما أوتي من أدوات إلى طمس الصورة ومنع الكلمة الصادقة من العبور إلى العالم.

أغلقوا أبواب القطاع في وجه وسائل الإعلام العالمية، وفرضوا حصارا مزدوجا: حصارا على الإنسان وحصارا على المعلومة. فالمراسلون الأجانب ممنوعون من الدخول، والمراسلون المحليون يعيشون تحت القصف المستمر، بلا حماية ولا ضمانات، بل مستهدفون عمدا.

الصحفيون الفلسطينيون في غزة أثبتوا أنهم جنود الصف الأول في معركة كشف الحقيقة. هم الذين يوثقون الجرائم، بالصوت والصورة والكلمة، في وجه آلة عسكرية تمتلك قوة النيران وقوة التضليل.

لكن الاحتلال يدرك خطورة هؤلاء الجنود غير المسلحين، ولذلك يضعهم في مرمى النيران، ويبرر جرائمه بحقهم بأكاذيب رخيصة واتهامات جاهزة.

اليوم، أضاف الاحتلال جريمة جديدة إلى سجله الأسود باغتيال الصحفي أنس الشريف، مراسل الجزيرة المعروف، الذي شكّل نموذجا للمهنية والشجاعة.

لم يكن أنس يحمل سلاحا سوى الكاميرا، ولم يكن يقاتل إلا بكلمة الحق، لكنه في عرف الاحتلال كان خطرا يجب إسكاته. لماذا؟ لأنهم يغتالون الصحفيين حين يعجزون عن اغتيال الحقيقة التي يحملونها. اعتقلوه في الماضي ثم أطلق سراحه، ثم تم تهديده بأنه إن لم يصمت فسيتم اغتياله وهذا ما حصل.

هذا الاغتيال ليس حادثا فرديا ولا خطأ عرضيا، بل هو جزء من سياسة ثابتة. وفق منظمات حقوقية دولية، قُتل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى اليوم مئات الصحفيين والعاملين في الإعلام في غزة، فيما وصفته "مراسلون بلا حدود" ولجنة حماية الصحفيين، بأنه الاستهداف الأكثر دموية للصحفيين في تاريخ النزاعات الحديثة.

إعلان

هذه الأرقام المروعة تعكس نية واضحة: كتم الشهود على الجريمة، ومنع توثيقها، وتخويف كل من يحاول أن ينقل الحقيقة.

إن ما يجري في غزة هو اختبار صارخ للمجتمع الدولي: هل سيقف العالم مكتوف الأيدي أمام جريمة مركّبة تجمع بين قتل المدنيين، وقتل من يحاول أن يوثق مأساتهم؟ هل سيقبل أن تتحول حماية الصحفيين من نصوص في القانون الدولي إلى مجرد شعارات جوفاء؟

أقول بوضوح: هذه الجرائم يجب ألا تمر بلا حساب. اغتيال أنس الشريف وكل زملائه الشهداء هو اغتيال لحق كل إنسان في أن يعرف، واغتيال للمادة الخام التي تُبنى عليها العدالة.

نحن نطالب بتحقيق دولي مستقل وشفاف في كل حالة قتل لصحفي في غزة، ومحاسبة كل من أمر أو نفذ أو برر هذه الجرائم. كما نطالب الأمم المتحدة والمؤسسات الإعلامية العالمية بأن تتحمل مسؤوليتها في حماية الصحفيين، لا بالتصريحات فقط، بل بالضغط الحقيقي والمساءلة الجادة.

قد يعتقد الاحتلال أنه بقتل الصحفيين يغلق ملف الحقيقة، لكنه يخطئ. الحقيقة لا تُقتل، بل تنتشر أكثر؛ لأن دماء الشهداء من الصحفيين تكتب فصلا جديدا من رواية شعب لا يرضى أن يُمحى من الذاكرة.

أنس الشريف رحل، لكن كلماته وصوره ستبقى، شاهدا على أن في غزة من يقف في وجه الموت ليقول للعالم: نحن هنا، وهذه هي الحقيقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • المنقذ.. الرجل الذي جاء من اللامكان!!
  • السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
  • الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
  • اتصالات الجزائر تطلق عرض جديد بتدفق انترنت جد عال
  • أنس الشريف.. صوت غزة الذي اغتاله جيش الاحتلال
  • أنس الشريف .. صوت غزة الذي فضح جرائم الاحتلال
  • البحوث الفلكية زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب شمال مرسي مطروح
  • بيان هام حول تسجيلات طلبة البكالوريا
  • ما مقدار البروتين الذي يحتاجه الجسم؟
  • نظام الدفع الأفريقي الموحد.. ما الذي يعنيه انضمام الجزائر لأكبر شبكة تسوية مالية في القارة؟