أعتقد أن العروبة لها دور في النفاق، والمقصود هنا عندما يجتمع سوء الخلق مع الفصاحة، لأن اللغة العربية واسعة جدا وفيها مترادفات ومجال واسع للتلاعب بالالفاظ، وهذا ما قال الرسول الكريم (إن من البيان لسحرا).

لفت نظري أن المعرد من الدعامة يهرب من الخرطوم ويظهر في الضعين ويقول (قدام بس) .. من الخرطوم للضعين قدام، طيب لو ورا تصل وين؟ جزر الفوكلاند؟

الغريب أن بمقدوره الحديث لساعات عن انتصارات وهمية وبجرأة يحسده عليها خطباء المنابر، وهو جبان ومهزوم، ترك ورائه جنوده وأبناء قبائل أخرى للمجهول وربما باعهم للموت مقابل نجاته.

حميدتي نفسه أداته الاساسية هي الكلام والخداع والتضليل، توظيف الأمثال ومفردات البادية لدرجة أن خصومه يعيشون على انتاجه، (شرك أم زريدو) و (الجوية يا مطر الحصو).
حتى عبد الرحيم دقلو الأرعن الكذاب له نصيب كبير من الفصاحة والدراما.
اللغة العربية خصبة ولكن التربة الخصبة تنتج الريحان والبرتقال، وتنتج الحشيش والأفيون.
الحالة الوحيدة التي حيرتني في الجمع بين الفصاحة والصدق .. نحن الرباطاب والحمد لله أهل كلام ولكن لا يعرف النفاق إلينا سبيلا.
نتعاطى الصراحة كما يتعاطى الكاهن خمر البِتع.

البِتع: خمر من عسل النحل والأعشاب، وانتقلت من الهند لليمن ثم العرب، وتسمى في الهند سورا، ويعتبرها كهنة الهندوس أنها ملهمة الأفكار في طقوس التانترا (التفاعل مع الاله)
لذلك عندما انتقد وصف الرئيس البرهان بالكاهن لا أتحدث عن فراغ، إذ لم تأتي الكهانة في التراث الاسلامي إلا مع الشرك والوثنية والدجل والخمر.

(من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم!

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

عندما تنتصر الإرادة تُستعاد السيادة

 

 

سُلطان اليحيائي

 

ما عادت "الدّولة" تعني ما كانت تعنيه يومًا. كانت تُشير إلى كيانٍ له سيادة وحدود وقرار، فإذا بها اليوم تُشبه شركةً متعددة الجنسيات، لا تملك من استقلالها إلّا الاسم والعَلَم. تُدار من الخارج وتُدارى من الداخل، ويُراد لشعوبها أن يصدّقوا أنّهم أحرار داخل سجنٍ كبير اسمه "الاستقلال".

 

مفهومُ الدولة حين تهتزّ الأرض من تحتها

 

الدولة ليست قطعة أرضٍ مرسومة على الخريطة، بل إرادةٌ تُعبّر عن نفسها. وما دامت هذه الإرادة مرهونة، فالكلمة "دولة" لا وزن لها. السيادة لا تُمنح؛ بل تُنتزع. وما رأيناه في العقود الأخيرة أنّ كثيرًا من الدول قد باعت سيادتها بالرضا، وتنازلت عنها مقابل حماية أو دعم أو رضا قوّة كبرى.

 

الخديعة الكبرى دولة فلسطين

وعندما اجتمع الغرب بكل دهائه، وثلّة من العرب بكل غبائهم، ليقنعوا العالم بأن هناك "دولة فلسطينيّة" ستُقام على أرض عام 1967، كانت المسرحيّة في ذروتها. سبعون عامًا من الوهم، والناس ما زالوا ينتظرون ميلاد دولة وُئدت قبل أن تُولد.

 

لكن السابع من أكتوبر كشف المستور. جاءت غزوةُ طوفان الأقصى لتُسقط القناع عن الجميع. فإذا "الدولة" التي وعدوا بها لم تكن سوى سراب سياسي في صحراء الكذب. لم تُحرّرها المفاوضات، بل حرّرها الدم. لم يُثبّت وجودها القرار الأممي، بل ثبّتَه صمود غزّة وثبات رجال المقاومة الإسلاميّة.

غزّة: الدولة التي لم يُعترف بها

غزّة وحدها اليوم تُعيد تعريف الدولة. بلا مقعد في الأمم المتّحدة، وبلا جيش نظامي، وبلا سفارات، ومع ذلك أرغمت العالم أن يعترف بها - لا بالاسم، بل بالفعل. هي دولة في الإرادة، في الكرامة، في العقيدة. أسقطت أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، وفرضت معادلة جديدة على من ظنّ أنّه يملك القرار وحده.

محلّلو الهزيمة وجنرالات الورق

وفي الطرف الآخر يقف المتشدّقون المتفيقهون في شاشات التحليل، يملؤون الدنيا صخبًا بمصطلحات عسكرية لا يعرفونها إلا من كتب المناهج القديمة. يضعون النظريات على الورق ثم يقيسون عليها دماء الميادين. يعيشون وهْم البطولة خلف الميكروفون وكأنّ الشجاعة لا تكون إلا صوتًا مرتفعًا وتحليلًا باردًا.

يتحدّثون عن "تكتيك" و"خطط محكمة"، وهم الذين لم يختبروا رائحة بارود العدو، ولم تطأ أقدامهم ساحة قتال حقيقية. خاضوا حروبًا تمثيلية في الصحراء، وكتبوا تقاريرهم في القاعات المكيّفة، ثم خرجوا ليُقيّموا حرب غزّة كما لو كانت مناورات تدريبية. ينظرون إليها ماديًا لا معنويًا، لأنهم أبعد ما يكونون عن الإيمان بالله، وبأنّ النصر وعدٌ من عنده لا من عند سلاحهم. أولئك ليسوا محلّلين؛ بل شهود زور على بطولة لم يفهموا معناها.

أمّا أولئك المجاهدون في غزّة، فهم أحفاد حمزة وخالد وجعفر الطيّار وعبد الله بن رواحة، لم تكن على أكتافهم النجوم ولا الأوسمة المزيّفة، ولم يحملوا الكيلوغرامات من المعادن التي تُعلّق على صدور الجبناء في العروض العسكرية. سلاحهم الإيمان، ودرعهم الصبر، ورايتهم الحق. لم يدخلوا حربًا في ألعاب الفيديو، ولا تدربوا على القتال مع أعدائهم في صحاري التبعيّة وعلى نفقة بلدانهم، بل دخلوا النار بأقدام ثابتة وقلوب مطمئنّة بأنّ وراءهم وعد الله بالنصر أو الشهادة. فمن أراد أن يرى الإسلام حيًّا، فليذهب إلى غزّة، ففيها يسكن الشرف ويتنفّس الإيمان.

المُثبّطون بالأمس المُشكّكون اليوم

ويأتي أحدهم من هنا وهناك ممن لم يكن لأهل غزّة به صلة إلا بالتقليل من نضالهم، وبالتشكيك في صبرهم، وبالتخوين لمن يساندهم. يتحدّث اليوم كأنّه العارف بخفايا الميدان، فينظّر ويُشكّك، ولا يترك للناس بارقة أمل أو خيط تفاؤل بقيام دولة لأطهر وأشرف خلق الله على وجه الأرض في زماننا، وهم أهل غزّة ومقاومتهم الشريفة.

هؤلاء لا يُدافعون عن الحق؛ بل يُدافعون عن عجزهم، لأن قلوبهم خوَت من الإيمان، وأرواحهم بردت من شدّة الخنوع. مرادهم خَطف فرحة القلوب بالانتصار وبثّ في النفوس الهزيمة والإحباط والانكسار.

نحن المتفرّجين المرجِفين

ونحن اليوم أبناء اللسان والدين والجلد، نقف عند أسوار المجد متفرّجين، نُصفّق ولا نتحرّك، نرفع الشعارات ولا نحمل الهمّ. نُمارس البطولة في الكلام، ونخفي الجبن في صدورنا، نُدمن الجدل ونتقن النقد، لكن لا نملك الشجاعة أن نقف موقفًا يُغضب السيّد الأشقر أو يعبر عن غضبتنا أمام سفارات الظلم والظلال.

منّا من يعيش على فتات الإعلام، ومنّا من تهيّأ له أنّ الإيمان بالحق لا يتطلّب تضحية. نُكثر من التحليل، ونقلّل من العمل. نُفاخر ببطولة غزّة، ونحن في بُعدنا عنها شركاء في خذلانها بصمتنا وخوفنا وتبريرنا للباطل.

الحمد لله رب العالمين الذي جعل من غزّة ميزانًا تُوزَن به الأمم وتكشف الأستار الزائفة وتسقط الأقنعة عن الوجوه الكالحة.

من كان معها فهو في صف الحق، ومن خذلها فقد خذل الله.

﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (آل عمران: 26).

مقالات مشابهة

  • رئيس مدغشقر يظهر عبر فيسبوك ويقول إنه في مكان آمن
  • كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية: السلطة الفلسطينية ستتولى إدارة غزة عندما تكون جاهزة
  • مجمع اللغة العربية بالشارقة يضيء على مبادراته العالمية في الرياض
  • حجام: “تأهلنا نعم.. ولكن لقاء أوغندا مهم لتحضير “الكان””
  • إسرائيل تفرج عن مئات الأسرى الفلسطينيين.. ولكن بشروط صارمة
  • كلية اللغة العربية بأسيوط تعقد المجلس الطلابي الأول للاستماع إلى الطلاب وتلبية متطلباتهم
  • مصطفى شوبير: الناس تتخيل أن المباريات سهلة من التليفزيون ولكن كل منتخبات أفريقيا صعبة
  • عندما تنتصر الإرادة تُستعاد السيادة
  • الصَلب الفلسطيني: جرحى نازفون… ولكن غير مهزومين
  • فضيلة الداعية الشيخ «محمد الغزالى» (5)