«فيتش» تؤكد التصنيف الائتماني لمصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة
تاريخ النشر: 12th, April 2025 GMT
أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل بالعملة الأجنبية عند «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت فيتش في تقرير التصنيف الائتماني لمصر، إن هذا التصنيف يدعم اقتصاد مصر الكبير نسبيًا، وإمكانات نمو الناتج المحلي الإجمالي المرتفعة نسبيًا، والدعم القوي من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف، وتُوازِن هذه العوامل ضعف المالية العامة، بما في ذلك ارتفاع استثنائي في فوائد الدين/الإيرادات، واحتياجات تمويل خارجية كبيرة، وتقلبات تدفقات التمويل التجاري، وارتفاع التضخم، والمخاطر الجيوسياسية.
وأشارت وكالة فيتش، إلى حفاظ مصر على احتياطياتها الخارجية عقب دفعة الربع الأول من عام 2024 من الاستثمار الأجنبي في رأس الحكمة (مما يؤكد الدعم من شركاء مجلس التعاون الخليجي) وتدفقات غير المقيمين إلى سوق الدين المحلي.
ونوهت إلى ارتفاع الاحتياطيات الدولية بمقدار 12.4 مليار دولار أمريكي منذ أوائل عام 2024، لتصل إلى 45.5 مليار دولار في مارس 2025.
فيتش تؤكد تعافي صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية
وأكدت «فيتش» للتصنيف الائتماني على تعافى صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي في مصر بشكل كبير من عجز قدره 17.6 مليار دولار أمريكي في يناير 2024 مسجلا فائض قدره 2.8 مليار دولار في يونيو الماضي، ذلك قبل أن يعود إلى عجز قدره 1.9 مليار دولار في فبراير 2025، وتزامن ضعف صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك مع نهاية عام 2024 مع تدفقات رأس مال خارجية معتدلة، مما حدّ من انخفاض قيمة العملة.
وتتوقع وكالة فيتش، أن يتسع عجز الحساب الجاري بمقدار 0.2 نقطة مئوية في السنة المالية 2025 (التي تنتهي في يونيو 2025)، ليصل إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، قبل أن يتقلص إلى 4.0% في السنة المالية 2026، مع انتعاش تدريجي فقط في عجز الطاقة، مدعومًا بالاستئناف الجزئي للاستثمار من قبل شركات الطاقة العالمية والحصول على واردات الغاز منخفضة التكلفة.
وقالت فيتش: إن تعرض مصر المباشر للرسوم الجمركية الأمريكية وتخفيضات المساعدات الاقتصادية الأمريكية محدود نسبيًا.
وكالة فيتش تتوقع ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلى 15 مليار دولار العام المالي 2026
وتوقعت وكالة فيتش أن يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلى 15 مليار دولار (3.8% من الناتج المحلي الإجمالي) في السنة المالية 2026، مدعومًا بالاستثمارات العقارية الجديدة في دول مجلس التعاون الخليجي، وأن تنتهي الاحتياطيات الدولية في السنة المالية 2026 عند 4.2 شهر من المدفوعات الخارجية الحالية، من 5.1 شهر في السنة المالية 2024، وهو ما يتماشى بشكل عام مع متوسط «B» البالغ 4.3 شهر.
اقرأ أيضاً«فيتش» تخفّض نظرتها المستقبلية للبحرين إلى سلبية مع تصنيف ائتماني عند «+B»
موديز تثبت التصنيف الائتمانى لمصر مع نظرة مستقبلية إيجابية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاقتصاد المصري وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر توقعات فيتش لمصر ملیار دولار وکالة فیتش
إقرأ أيضاً:
اتجاهات مستقبلية
اتجاهات مستقبلية
سيناريوهات ما بعد السيطرة الإسرائيلية على غزة!
يتسارع المشهد الفلسطيني بصورة تجعل من العصي على كثير من المتابعين توقع تبعاته لتعقد متغيراته، وتبرز خطة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة كتحول استراتيجي يحمل أبعادًا أمنية وسياسية وإنسانية بالغة التعقيد. وقد كشفت التقارير الإعلامية عن تفاصيل هذه الخطة، التي تتضمن مراحل زمنية محددة واستعدادات عسكرية ولوجستية تهدف إلى فرض واقع جديد في القطاع. إذ أشارت تقارير إلى أنها قد تمتد إلى نصف عام على الأقل، وذلك وفقًا لجدول زمني يبدأ خلال أسبوعين بإخلاء تدريجي لسكان شمال القطاع نحو “مناطق إنسانية” في جنوبه، وتبدأ المرحلة الأولى من العملية بنقل أكثر من 800 ألف فلسطيني من مدينة غزة إلى منطقة المواصي، وهو ما يُتوقع أن يستغرق ما لا يقل عن 45 يومًا وفقًا للتقديرات.
وعليه تأتي هذه الخطة في سياق ديناميكيات إقليمية ودولية متشابكة، ما يستدعي تحليلًا معمقًا للسيناريوهات المحتملة التي قد تنجم عن تنفيذها، سواء على مستوى الداخل الفلسطيني أو على صعيد العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية، وكذا العربية الإسرائيلية، فضلًا عن انعكاساتها على الأمن الإقليمي والاستقرار الدولي.
فأمنيًّا؛ من المرجح أن يؤدي تنفيذ الخطة إلى تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي داخل غزة، مما قد يفضي إلى مواجهات مسلحة طويلة الأمد مع الفصائل الفلسطينية، ولا سيما في ظل غياب تسوية سياسية شاملة. هذا التصعيد قد ينعكس سلبًا على الأمن الداخلي الإسرائيلي، ويزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة برمتها، كما يفتح الباب مليًّا لتنامي النزعات المتطرفة في كلا الجانبين. أما سياسيًّا؛ فتطرح الخطة تساؤلات جوهرية حول مستقبل الحكم في غزة، خاصة في ظل ما أُثير سابقًا عن احتمالات فرض إدارة مدنية بديلة، وهو ما يخلق عبئًا مضاعفًا على أي طرف يتحمل المسؤولية بعد انقضاء خطة السيطرة الإسرائيلية. كما قد يقوض ما تبقى من أي آمال تتعلق بجهود المصالحة الفلسطينية ويُعمق أزمة السلطة الفلسطينية وشرعيتها في الشارع الفلسطيني، وعليه سيؤثر ذلك جوهريًّا على أية احتمالات لاستئناف المفاوضات السياسية.
من ناحية أخرى، إذا كانت الخبرات السابقة للجيوش تشير إلى الحاجة لنحو 20- 25 جنديًّا للسيطرة على 1000 مدني، فإن ذلك يعني حاجة إسرائيل إلى نشر 40- 50 ألف جندي (فرقتين عسكريتين) للسيطرة على قطاع غزة. بل وقد تحتاج إلى أعداد أكبر في حال إذا أطلق الغزاويون انتفاضة واسعة النطاق كالانتفاضتين الأولى والثانية. ومن أجل تفادي الدوائر الإسرائيلية لهذا الخطر ولأغراض تخفيف التكاليف الاقتصادية والعسكرية، من المرجح أن تنفذ إسرائيل إعادة احتلال غزة جزئيًّا فقط، مما يعني استمرار الفراغ الأمني، وتدهور الظروف الإنسانية في ظل الافتقار المستمر لسلطة حاكمة مستقرة. كما قد تتضمن الاستراتيجية الإسرائيلية لتخفيف التكاليف، زيادة حصر السكان المدنيين الفلسطينيين في مناطق خارج سيطرة الجيش الإسرائيلي. وتجنب دمج القوات العسكرية الإسرائيلية في النسيج الأمني المدني في غزة، على عكس الضفة الغربية. أيضًا من المرجح أن تُؤخر إسرائيل جهود إعادة الإعمار المهمة في غزة.
هذه الإجراءات قد تعني في المقام الأخير، استمرار الفراغ الأمني والاقتصادي حتى مع إعلان غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي الكامل، وتمكين خلايا حماس من مواصلة عملياتها وهجماتها ضد القوات الإسرائيلية، واستمرار تفاقم الأزمة الإنسانية ووصول السكان إلى شفا المجاعة. فنتيجة للعمليات العسكرية وتقييد حركة المنظمات الإغاثية، ستتصاعد التحديات أمام مواصلة الجهود الإغاثية، كالجهود الإماراتية الحيثية عبر استمرار عمليات الإنزال الجوي للمساعدات والمستشفى العائم أمام العريش، مما ينال من مردود هذه الجهود ويهدر مستهدفاتها في تخفيف المعاناة الإنسانية في الداخل.
من ناحية ثالثة، تفتح هذه العملية الإسرائيلية الباب على مصراعيه أمام مواصلة بعض الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين تأييدهم لكل من تهجير الفلسطينيين قسرًا، والاستيلاء العسكري الإسرائيلي الفعلي على السلطة في غزة. صحيح أن عدم شعبية إعادة احتلال غزة، في الداخل الإسرائيلي قد يشير إلى احتمال أن تُجبر أي حكومة إسرائيلية ستنبثق عن انتخابات أكتوبر عام ٢٠٢٦، على تغيير استراتيجيتها، لكن تزايد الخلاف حول مستقبل غزة بعد الحرب قد يجعل من أي تغيير يُحدثه خليفة نتنياهو غير جوهري، حيث يتراوح بين إطالة أمد الاحتلال المفتوح للسيطرة على غزة وتغيير تركيبتها السكانية، أو انسحاب فوضوي يُعيد خلق الظروف الأمنية التي أدت في البداية إلى صعود حماس.
في النهاية؛ يبدو أن خطة السيطرة الإسرائيلية على غزة لا تمثل مجرد إجراء عسكري أو أمني، بل هي خطوة تحمل في طياتها تداعيات استراتيجية قد تعيد تشكيل المشهد الإقليمي برمّته. وأن هذه الخطة إذا ما تم تنفيذها وفقًا لما هو معلن، قد تفتح الباب أمام سلسلة من الأزمات المتداخلة، تبدأ من الداخل الفلسطيني، وتمتد للداخل الإسرائيلي، وتعبرهما وصولًا للعلاقات الدولية.
وعليه يمكن القول: تبرز الحاجة إلى مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية، وتُبنى على أسس الحوار والتفاهم وركائز عملية السلام والشرعية الدولية، لا على منطق القوة والسيطرة. فغزة، بما تمثله من رمزية وطنية وإنسانية، لا يمكن أن تُدار بمنطق التجريب العسكري، بل تحتاج إلى رؤية استراتيجية تُعيد للإنسان الفلسطيني حقه المسلوب، وتكون مدخلًا لسلام إقليمي شامل يجنب الجميع تبعات غيابه المكلفة.