بقلم ـ أ / هاشم شرف الدين*
أدري – أنكم أيها الأعداء الخبثاء والخونة الحمقى، قد استثقلتم حملة ” مدري ” التي التزم بها شعبنا العزيز، لكنني أؤكد لكم، أنها ليست سوى قمة جبلٍ من الوعي الذي يختبئ في أعماقه.
أدري – أن سهام سخريتكم، موجهة نحو بساطة ” مدري ” لكن شعبنا يعلم أنها درع واقٍ، يحمي أسراره من تقنيات تجسسكم ورصدكم.
أدري – أنكم تحسبون ” مدري ” جهلاً، ولكنها في حقيقتها، حكمة العارف الذي يصمت ليحمي، ويداري ليصون.
أدري – أنكم تتمنون لو أن كل فمٍ نطق بما يعرف، ولكن هيهات، فقد علّم الصمودُ شعبَنا أن الصمت يكون أدعى حين يمكن أن يخدمكم الكلام.
أدري – أنكم تظنون أن ” مدري ” نهاية المطاف، ولكنها ليست سوى خطوة مهمة في مسار حماية الشعب لنفسه، وصون حمى وطنه.
أدري – أنكم تستخفّون بقدرة شعب على التوحد خلف جملة أو كلمة، ولكن ” مدري ” أثبتت لكم مجدداً أن شعبنا صفٌ واحد، وهدفَه واحد، هو هزيمتكم.
أدري – أنكم تسعون جاهدين لزرع الفتنة بين أبناء شعبنا، ولكن ” مدري ” هي السد المنيع الذي يحول بينكم وبين تحقيق مآربكم الخبيثة.
أدري – أنكم تتلصصون على همسات شعبنا، ولكن ” مدري ” هي شفرة يفهمها شعبنا وحده، ويستخدمها ليعمي أبصاركم ويصم آذانكم عن رؤية وسماع ما لا تريدون له أن يخفيه.
أدري – أنكم تحلمون بمعرفة كل شاردة وواردة عن شعبنا، وتتوقون لأي زلّة لسان، ولكن ” مدري ” هي الحارس الأمين لأسراره، يقظ لا ينام ولا يغفل.
أدري – أنكم تراهنون على أن يغفل شعبنا، ولكن ” مدري ” هي دليل يقظته، وبرهان وعيه، وعنوان وحدته في وجه عدو يتربص به الدوائر.
* وزير الاعلام
* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: كلام الله ليس محل نقاش.. وأوهام «الفيل الوردي» ليست فكرًا
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن بعض الناس يريدون أن يجعلوا كلام الله محلًّا للمناقشة والآراء والأفكار، بدعوى الحرية مرة، وبدعوى نزع القداسة مرة أخرى، وبدعوى المكافأة — يعني أنهم كُفء لهذا — مرة ثالثة.
وتابع علي جمعة، في منشور له: "وكل ذلك يخرج عن المنهج العلمي إلى المنهج الغوغائي؛ فأنت لا تملك القدرة على الفهم باللغة، ولا تمتلك أصول الفهم وأسس المعرفة. وتأتي بأفكار أشبه بسمادير السكارى؛ فالسكران عندما يدخل في السكر، يرى خيالات تصل إلى الفيل الوردي."
ما هو الفيل الوردي؟
وأشار إلى أن السكران يرى أن هناك فيلًا لونه وردي يهجم عليه من الحائط، وذلك لأن عينيه قد احمرَّتا من السكر. فأطلق العرب على هذا "سمادير السكارى"، أي الهذيان الذي يتخيله السكران.
وتابع: "فإذا كان الإنسان فاقدًا لأدواته، غير قادر على إدراك المنهج السليم للفهم الصحيح، وفاقدًا لأسس الفهم، ثم أراد بعد ذلك أن يُجادل في الله بغير علمٍ ولا هدىً ولا كتابٍ منيرٍ، ﴿ثَانِيَ عِطْفِهِ﴾؛ فهذه الحالة التي هو فيها هي من سمادير السكارى."
الحريةوذكر علي جمعة أن من سمات هذا العصر "الحرية"، والحرية في مقابل الـ Freedom، ولو أننا كنا من مكان المترجمين الأوائل لاخترت لهم "التفلُّت" بدلًا من "الحرية"، فـ Freedom في بعض معانيها، أو في كثير من دلالاتها، تعني "التفلُّت"، ولا تعني كلمة "الحرية" التي يدل عليها هذا المصطلح في استعماله التراثي في مقابل العبودية.
الحرية أمر طيب، يتشوَّف له الشرع الشريف، ويُغيّر كثيرًا من الأحكام من أجل تشوّفه للحرية. لكن عندما نُسمِّي شيئًا له تحميلات فلسفية أخرى قد تتوافق وقد تتخالف مع ما لدينا، فقد حصل بذلك احتلالٌ لهذا المصطلح، وحدث اختلالٌ لمعناه، وأصبح هذا ممّا يزيد الفجوة بيننا وبين موروثنا.
استحلال الخمرويقول النبي المصطفى، والحبيب المجتبى، عن شأن آخر الزمان: "يستحلُّون الخمر يسمُّونها بغير اسمها". ولنقف عند هذه الجملة، وننظر ما وراءها، ونرى سيِّد المرسلين وهو يُوجِّه أصحابه الكرام إلى هذه القاعدة، وهذا المفتاح، وذلك الباب الذي إذا التزمه الناس تميَّزوا في دعوتهم إلى الله، وإذا ما تركوه انفرط عقدهم، وانحلَّ نظامهم: "يستحلُّون الخمر يسمُّونها بغير اسمها"... وقد كان.
وتابع: "نعم، أسمَوها الشمبانيا، والويسكي، والجِن، وبأنواعٍ لا تتناهى لا يُحصيها الخمّار... شاعت وذاعت في البلاد والعباد، وأخذ الناس يتساءلون عن الفرق بين الشمبانيا وبين الخمر، وكأن الخمر قد حُصرت في نباتٍ معين! والنبي ﷺ يقول: (كلُّ مسكرٍ خمر)، ونهى رسول الله ﷺ عن كل مسكرٍ ومُفَتِّر، فنهى عن المسكرات، ونهى عن المخدرات، وأجمعت الأمة على أن الحشيشة التي تُخدِّر عقل الإنسان وتُغيِّبه عن وعيه وعن التكليف الذي أمره به ربُّه، أنها حرام، شأنها شأن الخمر؛ لأنها تُذهب العقل."