بقلم: د. عمر بادي
عمود : محور اللقيا
يجتاحني إحساس بالإحباط يحيلني في تخبط كخبط العشواء مضرب المثل حتى يخيّل لي أنني لست فرداً في ذلك وإنما يشابهني الكثيرون من المتابعين لأخبار السودان. لقد صرت كحال فرقة (هارامبي) الشرق أفريقية في الستينات، التي كانت تجوب الدول الأفريقية التي كانت معظمها حديثة الإستقلال وتقدم عروضها الفنية من خلال شعارها (أي الطرق نسلك؟).
اليوم 11 أبريل 2025 ويمثل الذكرى السادسة لإنحياز قيادة الجيش السوداني لثورة ديسمبر المجيدة وأنهائها لحكم البشير والمؤتمر الوطني رغما عن أنها كانت اللجنة الأمنية للمؤتمر الوطني، وكنت كتبت في ذلك حينذاك في صفحتي في الفيسبوك أنه إذا صدقت اللجنة العسكرية – الأمنية في إنحيازها للثوار فإنها سوف تدخل التاريخ من إوسع أبوابه. لو كان حدث ذلك لكان وضع السودان الآن مختلفاُ جداً، بل وصار مضرباً للنجاخ يُحتذى به! الوضع الحالي في السودان يا سادتي كالآتي:
• في الشهر الماضي كانت زيارة وزير الخارجية السوداني إلى روسيا لمنحهم قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر في السودان من أجل حمايته كما كان قد فعل البشير في زمانه.
• في الشهر الماضي كان إنسحاب الدعم السريع من الخرطوم عن طريق سد جبل الأولياء وعبور النيل الأبيض لجهة الغرب. هل كان ذلك عودة لتنفيذ بنود محادثات جدة، رغماً عن تصريحات البرهان أن لا عودة للتفاوض ولا للتسوية؟
• قبل أسبوعين صرح وزير الخارجية الأمريكي أنه لا يمكن إيصال المساعدات للشعب السوداني إلا بعد وقف الحرب.
• قبل أسبوعين كانت زيارة البرهان للسعودية وإجتماعه في الرياض بمحمد بن سلمان ومحمد كاكا رئيس دولة تشاد.
• قبل أسبوعين وفي خطابه بمناسبة عيد الفطر المبارك ذكر البرهان أن لا تفاوض ولا مساومة مع الدعم السريع.
• قبل أسبوع كانت زيارة مبعوث البرهان إلى إسرائيل، ورشح ربما كان السبب توسط إسرائيل للسودان تجاه أمريكا.
• قبل أسبوع كانت زيارة الوفد السعودي للسودان ومقابلة البرهان في بورتسودان من أجل إغاثة الشعب السوداني وإعادة إعمار ما دمرته الحرب خاصة في مجال مطار الخرطوم والكهرباء والبنية التحتية.
• قبل أسبوع كانت زيارة وزير الخارجية المصري لنظيره السوداني من أجل مشروع إعمار السودان مقابل الذهب والثروة الحيوانية والمنتوجات الزراعية. أيضاً كان إتفاق وزير المالية السوداني مع مصر لتجميع وصهر العربات المحطمة في الخرطوم.
• قبل أسبوع دعت وزارة الخارجية البريطانية لمؤتمر في يوم 15 أبريل الجاري من أجل وقف الحرب وإغاثة وإعمار السودان ودعت له حتى الآن عشرين دولة فيهم 6 دول عربية، وقد إحتج السودان لعدم دعوته لهذا المؤتمر.
• أمس كان إجتماع وزير الخارجية السعودي مع وزير الخارجية الأمريكي وإتفاقهما على عودة محادثات جدة.
• أمس كانت شكوى السودان في محكمة الجنايات الدولية ضد دولة الأمارات العربية المتحدة بسبب التطهير العرقي الذي قام به الدعم السريع ضد المواطنين المساليت في دارفور.
• أمس كانت زيارة البرهان لأريتريا وإجتماعه مع أسياسي أفورقي.
• اليوم كانت زيارة البرهان لتركيا لحضور مؤتمر أنطاليا ومقابلة أردوغان، ربما لمعرفة كيفية الحفاظ على عودة المؤتمر الوطني للحكم.
• هذه الأيام توالت هجمات مسيرات الدعم السريع على سد مروي وعلى محولات الكهرباء وعلى دنقلا وعطبرة ومحطات كهرباء قرّي وكوستي،وسبق ذلك تحطيم محطة توليد كهرباء بحري الحرارية وتحطيم محطات المياه,
• هذه الأيام توالت هجمات الدعم السريع على مدينة الفاشر وتفاقمت المجاعة بين المواطنين، خاصة في معسكر كلمة.
• هذه الأيام تناقصت التكايا التي تقدم خدمات الطعام للمواطنين مجاناً بنسبة 70% وذلك لتناقص تبرعات المانحين.
أخيراً، أنا أدري أي الطرق نسلك، لكن العيب في المغيبين.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الدعم السریع کانت زیارة قبل أسبوع من أجل
إقرأ أيضاً:
صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان
شهدت الساعات الأخيرة داخل معسكر بورتسودان تصاعدًا لافتًا في التوتر بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقيادات الحركة الإسلامية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، بعد تفجر خلاف علني على خلفية تصريحات البرهان التي نفى فيها وجود عناصر من الإخوان المسلمين أو كوادر الحركة ضمن قواته المنخرطة في الحرب منذ أبريل 2023.
غير أن النفي لم يمرّ مرور الكرام؛ إذ ردّت قيادات الحركة الإسلامية بسلسلة تسجيلات ومقاطع فيديو تثبت—وفق روايتهم—مشاركتهم المباشرة في العمليات الجارية، بل وتظهر أنهم "العصب الرئيسي" للقتال، بينما اعتبر بعضهم أن الجيش السوداني لا يمكنه الاستمرار دون دعمهم.
وفي أحدث ردٍّ على تصريحات البرهان، قال أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد نظام البشير، إن "من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وإن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من أفراد الحركة". وأضاف بتحدٍّ: "هل ما زال هناك من ينكر أن الحرب في السودان هي حرب الحركة الإسلامية؟"
وأكد عباس أن الحركة الإسلامية لا تعمل في الظل، بل تمارس دورها بشكل مباشر، قائلاً: "نحن من نسند الحكومة، ونحن من يجلب لها الدعم… وحتى علاقاتها الخارجية تُحلّ عبرنا". كما شدد على أن التنظيم لا يزال يسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد، رغم حلّ لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.
من جانبه، يواجه البرهان انتقادات متزايدة بعد إنكاره أي وجود للإخوان داخل السلطة التي يديرها حاليًا، رغم أن الواقع الميداني—وفق مراقبين—يشير إلى هيمنة واسعة لعناصر التنظيم على مفاصل الدولة العسكرية والمدنية. وهو ما أكده القيادي الإسلامي عبدالحي يوسف خلال ندوة في إسطنبول حين قال: "البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين لأنهم موجودون حتى في مكتبه".
تصريحات يوسف وعباس فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول حجم الشرخ بين المؤسسة العسكرية وقيادات الحركة الإسلامية التي تُعد الشريك الأبرز للجيش في الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع.
وفي تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، قال الطيب عثمان يوسف، الأمين العام للجنة تفكيك التمكين، إن حديث البرهان عن عدم سيطرة الإخوان على السلطة "يكذبه الواقع"، مقدّرًا نفوذهم بما يفوق 95% من أجهزة الدولة ومؤسساتها. وأضاف أن اللجنة تمتلك من الأدلة ما يكشف حجم الجرائم والفساد الذي مارسه التنظيم وكيفية تمكين كوادره داخل قطاعات الأمن والقضاء والاقتصاد.
ويرى محللون أن هذا الجدل العلني غير المسبوق بين طرفي التحالف الحكومي–الإسلامي لا يُعد مجرد سجال إعلامي، بل يعكس أزمة بنيوية عميقة داخل المعسكر الذي يقود الحرب. فبينما يسعى البرهان لإظهار الجيش كقوة وطنية مستقلة بلا هوية أيديولوجية، يتمسك الإسلاميون بإبراز دورهم المركزي كقوة قتالية وتنظيم سياسي يريد فرض نفسه لاعبًا رئيسيًا في مرحلة ما بعد الحرب.
ويحذر خبراء من أن هذا التوتر المتصاعد قد يكون مقدمة لتحولات أكبر في بنية التحالف القائم، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة، وتراجع الوضع الميداني في عدة جبهات.
ومع استمرار الحرب وتعقّد المشهد، تبدو العلاقة بين الجيش السوداني وحلفائه الإسلاميين مرشحة لمزيد من الانفجار، وسط مؤشرات على صراع نفوذ داخل السلطة المؤقتة. ففي وقت يسعى البرهان إلى تقديم نفسه للمجتمع الدولي كلاعب مستقل، يصر الإخوان على تذكيره بأنهم جزء أساسي من قوته على الأرض.
وبين الاتهامات المتبادلة والظهور العلني للتنظيم، يبدو أن الحرب في السودان لم تعد فقط مواجهة عسكرية، بل صراعًا داخليًا على السلطة والشرعية ومسار الدولة خلال المرحلة المقبلة.