جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-28@14:17:34 GMT

غزة.. بوابة الصبر وأيقونة النصر

تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT

غزة.. بوابة الصبر وأيقونة النصر

 

 

د. سالم بن عبدالله العامري

في سُكون اللحظات الأخيرة، حين تعلو زفرات التَّعب وتوشك الأرواح أن تنكسر تحت وطأة القصف والخذلان، يخرج الصبر من ضلوع العظماء كأنّه نورٌ في عتمةٍ حالكة. هناك، على ضفاف البحر الجريح، حيث تمضي الساعات مثقلة بالدخان والدمع، تقف غزة شامخة، لا تطلب من العالم عونًا، بل تُلقِنه درسًا في معنى الثبات الذي لا يتزحزح.

تنهض غزّة من تحت الركام... لا تسأل: أين العرب؟ ولا تنتظر خلاصًا من مؤتمرات الكلام، بل تعلّق قلبها بالله، وتنسج صبرها من خيوط اليقين، وترتدي جراحها وشاحًا من العِزّة. هناك، تتعب الأرض من كثرة ما نزفت، لكن الإنسان لا يتعب. إنَّها الضمير الأخير في عالمٍ باع الضمير، والمشهد الباقي في مسرحٍ احترقت كل ستائره.

في ميادين القتال، تأتي اللحظات الأخيرة محمّلة بالتعب، والإرهاق، وكثير من الشكوك، وقد يظن البعض أن الهزيمة قريبة حين تشتد المحن، غير أن التاريخ والتجربة الإنسانية يثبتان أنَّ النصر كثيرًا ما يولد من رحم تلك اللحظات العصيبة، وأن الصبر فيها هو الفاصل بين الهزيمة والانتصار؛ فالصبر ليس مجرد احتمال الأذى أو تحمل الألم؛ بل هو ثبات على المبدأ، وتمسك بالأمل، وإيمان بأنَّ العاقبة للمتقين.. وهو في اللحظات الأخيرة من المعركة يكون أعظم أجرًا وأشد تأثيرًا؛ لأن النفس تكون فيها على شفا الانهيار، والإرادة على حافة الاستسلام؛ فمن يصبر في آخر لحظة، قد يظفر بالنصر الذي كان يظنه مستحيلًا؛ أمًا من ينهار، فقد يخسر كل ما بناه، في لحظة ضعف واحدة. إن الفرق بين الطرفين ليس في القوة أو العدد؛ بل في الثبات النفسي والروحي؛ إنه تمامًا كما في السباقات الطويلة، لا يفوز بها من يبدأ بسرعة فقط، بل من يستطيع الحفاظ على عزيمته حتى آخر خطوة. وفي غزة، تتجلى أعظم صور الصبر والثبات التي أصبحت مثالًا حيًّا على الصبر في أصعب اللحظات وأشدّها ظلمة.

العالم، برغم ما يملكه من أقمار صناعية وتحليلات سياسية، لم يفهم غزّة بعد! لم يفهم كيف لم تسقط؟ ولماذا لا تركع؟ لم يفهم كيف يصمد شعبٌ يُقصف كل يوم ثم ينهض في اليوم التالي؟ ينفض عن قلبه غبار القصف، ويغرس في عيون أبنائه بذور الكرامة، يَشدّ على وتر الفجر صلاةً لا تضعف، ويكتب على جدران الرماد يقينًا لا يشيخ: سنعود، وإن طال الغياب." إنهم لا يصبرون ليبقوا فقط... بل يصبرون ليقيموا حُجّةً على العالم، أن الإنسان، حين يُجرَّد من كل شيء، يمكنه أن يَصمد بقلبه وحده، أن يحارب بإيمانه، وأن يُربك الطغاة بمجرد بقائه حيًا. ليست المعركة في غزّة كغيرها، فهي ليست صراعٌ بين الحديد والنار، بل صراع بين من يملك كل أدوات الفناء، ومن يملك أعظم ما يمكن أن يُحمله صدر إنسان: الإيمان بأن الأرض لا تُباع، والكرامة لا تُهدى، والنصر وعدٌ إلهيٌ لا يأتي إلا لمن ثبت ساعةً أطول من طاقة البشر. هناك، لا يُقاس الانتصار بما سقط من صواريخ، بل بما بقي من كرامة وحنين للأرض.

غزّة لا تُمارس الصبر كوسيلة عبور أو تكتيك مؤقت، بل تُجسِده كجوهر وجود، وتنسجه خيطًا في نسيج روحها، تعتنق الصبر كفلسفة حياة، تنبض بها الأرض، ويتنفسها الحجر قبل البشر، تختزن آلامها عميقًا، وتُحوّل وجعها إلى جمرة ساكنة في صدورٍ من طين ونار، تُخبّئ الدموع لتسقي بها جذور الوعي، ثم تُقاتل، وتُفاوض، وتُفاجئ، ثم تُصلي وتواصل الصمود بثقة ووعي وإيمان لا يتزعزع، ليس الصبر في معركة غزة أن تحبس دمعة أو تكتم أنينًا، بل أن تقف على شفا الموت وتُقسم ألا تموت إلا واقفًا. إنها آية من آيات الصبر في كتاب التاريخ.

هناك، حين تبلغ المعركة نهاياتها، وتتساقط الأقنعة، وتتشقق الشعارات، تظهر غزة وحدها كما هي دائمًا: عارية إلا من عزتها، محاصَرة إلا من إرادتها، مجروحة إلا من روحها التي لا تنكسر. وفي كل مرة، حين يظن العالم أن المقاومة قد ضعُفت، تُثبت غزة أن الصبر الحقيقي يولد في قلب المحن.. تنهض من قلب الرماد، وتُعيد تعريف النصر لا كحدث عسكري، بل كحدث وجودي، يظهر الصبر كقوة خارقة، تُحبط التوقعات وتقلب المعادلات.

وأخيرًا.. تعلمنا غزة أن النصر قد يتأخر، لكنه لا يغيب، وأنّ اللحظات الأخيرة من كل معركة هي في الغالب لحظات الميلاد الجديد، نتعلم أن النصر العاجل إن لم يتحقق في بعض الجولات، فإن صبر غزة هو نصر استراتيجي طويل الأمد، يزرع الأمل في نفوس الأجيال القادمة، ويؤكد أن الإرادة لا تُهزم. نتعلّم أن الصبر في اللحظات الأخيرة ليس فضيلة فقط، بل معجزة، وأن النصر، حين يتأخر، فإنه لا يذهب بعيدًا؛ بل ينتظر من يستحقه حقًًّا. إنها امتحانٌ يوميٌ لصبر العالم، وشهادة ميلادٍ لكل من اختار أن يحيا بكرامة. إنها القصيدة الأخيرة التي يكتبها الصبر، بمداد الدم واليقين، لترسُم للعالم وجهًا آخر للنصر... نصرٌ لا يُقاس بعدد الغنائم، بل بعدد الذين بقوا واقفين حين ظن الجميع أنهم سيسقطون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

برسالة غامضة.. هل أعلن رونالدو نهاية رحلته مع النصر؟

ألمح النجم البرتغالي المخضرم كريستيانو رونالدو إلى وصوله لنهاية مشواره مع النصر السعودي، بالقول إن "فصلا انتهى" مباشرة بعد المرحلة الختامية من الدوري المحلي التي شهدت تسجيله هدفا في خسارة فريقه أمام الفتح 2-3.

انضم رونالدو، البالغ 40 عاما، إلى النصر نهاية عام 2022 قادما من مانشستر يونايتد الإنجليزي، ويصل إلى نهاية عقده هذا الصيف.

وفي ظل فتح فترة انتقالات استثنائية بين 1 و10 حزيران/يونيو للسماح للأندية الـ 32 المشاركة في كأس العالم المقررة في الولايات المتحدة بالتعاقد مع اللاعبين، كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن امكانية التحاقه بأحد الفرق المشاركة في البطولة المستحدثة.

وفي منشوره الغامض على وسائل التواصل الاجتماعي، كتب رونالدو مع صورة له بقميص النصر "انتهى هذا الفصل"، مضيفا "القصة؟ ما زالت تُكتب. أنا ممتن للجميع".

وبعد انتهاء مشواره عند الدور نصف النهائي لدوري أبطال آسيا للنخبة على يد كاواساكي فرونتالي الياباني الشهر الماضي، فشل النصر في التأهل إلى المسابقة القارية الأم بإنهائه الدوري السعودي ثالثا خلف الاتحاد البطل والهلال الوصيف، فيما نال الأهلي البطاقة الثالثة نتيجة إحرازه اللقب.

وانهى رونالدو الذي قال العام الماضي إنه قد يختم مسيرته مع النصر، الموسم متصدرا قائمة هدافي الدوري برصيد 24 هدفا.

ومؤخراً كشفت صحيفة «أُولِيه» الأرجنتينية عن أن إدارة نادي مونتيري المكسيكي بدأت مفاوضات مع ممثلي النجم البرتغالي، الذي يبلغ من العمر 40 عاماً، في محاولة لضمه لمدة قصيرة.

وينتهي عقد رونالدو مع نادي النصر السعودي في 30 يونيو (حزيران) المقبل.

وتشير التقارير إلى أن عرض مونتيري يتضمن توقيع عقد قصير الأمد لمدة شهر واحد فقط، بهدف مشاركة رونالدو في بطولة «كأس العالم للأندية» المقبلة، حيث قد يواجه نادي ريفر بليت الأرجنتيني.

وهذا التحرك المفاجئ من مونتيري يعكس رغبته في تعزيز صفوفه بنجم عالمي كبير؛ مما يزيد من سخونة المنافسة في البطولة العالمية.

وقبل ذلك أثار رئيس «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)»، جياني إنفانتينو، موجة من الجدل بعد تصريحاته التي لمح فيها إلى إمكانية مشاركة رونالدو في النسخة المقبلة من «كأس العالم للأندية»، رغم أن ناديه الحالي النصر السعودي لم يتأهل للمسابقة.

ووفق شبكة «The Athletic»، فقد قال إنفانتينو، خلال مقابلة مع اليوتيوبر الأميركي الشهير «IShowSpeed»: «رونالدو قد يلعب في (كأس العالم للأندية). هناك مناقشات». وعندما سُئل مجدداً عمّا إذا كانت مشاركة النجم البرتغالي مؤكدة، أجاب: «نعم؛ كريستيانو رونالدو قد يلعب في (مونديال الأندية). هناك محادثات مع بعض الأندية. لذا؛ إذا كان أي نادٍ مهتماً بالتعاقد معه لهذا الحدث... من يدري؟».

تصريحات رئيس «فيفا» أثارت امتعاض ممثلي اللاعب البالغ من العمر 40 عاماً، الذين عبّروا عن استيائهم من الربط بين رونالدو وصفقات محتملة دون أي اتفاق فعلي، خصوصاً أن النجم البرتغالي ما زال في مفاوضات لتمديد عقده مع النصر، ولا توجد أي خطط حالية لإعارته.

وبين النصر، والهلال، والنادي المكسيكي، والوداد المغربي الذي أبدى اهتمامه بمشاركة النجم المخضرم في صفوفه خلال «مونديال الأندية»، مع عدم إغفال وجود ناد برازيلي منافس على خدماته... تظل الإجابة عن مصير رونالدو معلقة حتى اللحظة، مع إمكانية حدوث مفاجأة لعشاق «الدُّون» خلال الساعات المقبلة إذا امتنع النصر عن تجديد عقده ليستمر في صفوفه موسماً آخر.

مقالات مشابهة

  • خاص| هل ينضم رونالدو إلى الأهلي في كأس العالم للأندية؟
  • علي لاجامي يدرس التنازل عن مستحقاته في النصر من أجل المونديال مع الهلال
  • رونالدو ضد ميسي مجددا.. مواجهة "محتملة" خلال أيام
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في كلمة خلال مشاركته في فعالية حلب مفتاح النصر: يا أبناء حلب وبناتها من شيب الأمة وشبابها، يا من كتبتم بالدماء الزكية سطور المجد ونسجتم من الصبر أشرعة الإقدام وصغتم من عرق الكفاح قلائد العزة والرفعة
  • «انتهى هذا الفصل».. 4 وجهات محتملة لكريستيانو رونالدو بعد النصر
  • برسالة غامضة.. هل أعلن رونالدو نهاية رحلته مع النصر؟
  • إبراهيم عسكر: هناك جرائم خلال السنوات الأخيرة بسبب المخدرات التخليقية
  • محامي حفيد الدجوي يكشف مفاجآت صادمة عن اللحظات الأخيرة يوم وفاته
  • بوتين ينجو من محاولة اغتيال في اللحظات الأخيرة
  • رونالدو.. الهلال أم الوداد؟