لماذا يعد سوق بول بوكوز في ليون مقصدا محببا لعشاق الطعام؟
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
من خلال ثلاجات عرض الجبن التي تبدو وكأنها لا تنتهي، والمخابز التي تقوم بتقديم حلوى "الماكارون" بألوانها الزاهية الجذابة، بالإضافة إلى الأكشاك الكبيرة التي تعرض مجموعة متنوعة بين الأسماك والكركند والمحار، يعد سوق "بول بوكوز" في ليون، مقصدا محببا لعشاق الطعام.
ويعمل هذا المكان ذو الشعبية الواسعة بين ذواقة الطعام، على تخليد ذكرى الطاهي الفرنسي الراحل، بول بوكوز، أو "بابا فن الطهي" الشهير، الذي ينحدر من هذه المنطقة، والذي وافته المنية في عام 2018.
ويشار إلى أن بوكوز، المولود شمال المدينة في منطقة "كولونج أو مون دور"، قاد ليون إلى قمة عالم الطهي. ويقول دافيد ديلسار، رئيس الطهاة في مطعم "لي تيراس دو ليون": "يعد بوكوز مصدر إلهام ونموذجا يحتذى به لجميع الطهاة الذين يعشقون مهنتهم". ويقوم الشيف ديلسار، الحاصل على نجمة ميشلان (التي تمنح للمطاعم التي تقدم تجارب طعام استثنائية)، بتقديم أطباق مستوحاة من قدوته في فندق "فيلا فلورنتين" المطل على المدينة القديمة.
وقد أسهم بوكوز، رائد المطبخ الحديث، في تحديد شكل مطبخ الذواقة الحديث بصورة لا مثيل لها، من خلال أطباق أسماك ولحوم أخف، وصلصات أقل ثراء، ونكهات قوية، وحصص أصغر. وقد مكنه ذلك من تقديم قوائم طعام يصل عدد أطباقها إلى 12، حيث قدم لعشاق الطعام مجموعة متنوعة لا مثيل لها.
وكان بوكوز ساحرا في المطبخ، كما كان مروجا مميزا لنفسه ورجل أعمال موهوبا. وسرعان ما صار الطهاة بمطبخه الخاص بأطباق مطبخ مدينة ليون، نجوما، وجزءا من إمبراطورية عالمية للذواقة، يتربع بوكوز على عرشها بجدارة.
إعلانوقد تمكن مطعم "بول بوكوز" من الحصول على أعلى تصنيف في "دليل ميشلان" بواقع 3 نجوم، خلال الفترة منذ عام 1965 حتى عام 2019، دون انقطاع.
وتستفيد مدينة ليون -التي تعتبر عاصمة عالمية للطهي- من شهرة بوكوز، كما قام "معهد بول بوكوز" منذ عام 1990، بتدريب نخبة من الشباب، على كيفية تقديم الطعام. وبالنسبة للطهاة الطموحين من الشباب، فإن الفوز في مسابقة "بوكوز دور"، التي تقام كل عامين من خلال فعاليات معرض "سيرها" التجاري، يعد بمثابة الفوز بميدالية ذهبية في الأولمبياد.
ويقترب السائحون من أسطورة الطهي في "مركز المدينة الدولية لفن الطهي"، ولا سيما بسوق "بول بوكوز" في ليون، حيث يتم تقديم المنتجات المحلية الطازجة. ويتم عرض عينات من الأطعمة الشهية للتذوق في جميع أكشاك السوق تقريبا.
وقد أحب بوكوز التسوق في السوق تكريما لـ"أمهات ليون"، حيث كانت "الأمهات" تدرن نزلا بسيطا، تحول بعضها في وقت لاحق إلى مطاعم راقية. ومن بين الصور المنتشرة لهن في السوق، صورة للشيف أوجيني برازير، التي تدربت على يد بوكوز. وكانت برازير أول من حصل على 6 نجوم من ميشلان بين الطهاة، بواقع 3 نجوم لكل من مطعميها.
ولم يحُل النقص الحالي في عدد المطاعم الحائزة 3 من نجوم ميشلان في ليون، دون منح نجمة واحدة لـ14 مطعما. كما تم منح نجمتين إضافيتين لـ5 مطاعم أخرى، من بينها مطعم بول بوكوز. وتضم قائمة الطعام هناك، أطباق بوكوز الكلاسيكية، مثل طبق سمك القاروص في العجين مع صلصة شورون، والذي يقدم بسعر باهظ، لا يقل عن 220 يورو (نحو 240 دولارا).
وتعتبر الأسعار في البوشونات الكثيرة المنتشرة هناك (أو النزل التقليدية الصغيرة)، مثل "بوشون لي ليونيه" في المدينة القديمة، أرخص سعرا. كما تتضمن قوائم الطعام هناك، أطباقا محلية مميزة، مثل سلطة ليون، والبيض المسلوق بطريقة البوشية، وزلابية البايك مع صلصة الكركند، والدجاج بالخل على طريقة "أمهات ليون".
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
ليون الفرنسية تتحدى الضغط الإسرائيلي وتقدم دعما ماليا لـالأونروا
أقرت بلدية ليون الفرنسية، ثالث أكبر مدن البلاد، تخصيص دعم مالي بقيمة 50 ألف يورو لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في خطوة اعتبرتها السلطات المحلية جزءاً من مسؤوليتها الإنسانية تجاه معاناة اللاجئين في الشرق الأوسط.
وجاء قرار منح المنحة بعد نقاشات مستفيضة داخل المجلس البلدي، حيث حصل على موافقة غالبية الأعضاء، مع معارضة قليلة لم تتجاوز عشرة أعضاء.
في بيان رسمي، أكدت بلدية ليون أن الهدف من هذه الخطوة هو التزام المدينة بالقانون الدولي، وليس توجيه رسالة سياسية، مشددة على أن تقديم المساعدة هو للتخفيف من المعاناة الإنسانية.
وأضاف البيان أن المنحة تمثل تعبيرا عن تضامن المدينة مع اللاجئين الفلسطينيين، خصوصا في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها في المخيمات.
على النقيض، رفض المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF) هذه الخطوة بشدة، واعتبرها استفزازاً لما وصفه بدور الأونروا "المشكوك فيه" في النزاعات الإقليمية.
وعلق فيليب ماير، أحد أعضاء المجلس، قائلاً إن الأونروا متهمة بالتواطؤ مع حركة حماس، خاصة في الأحداث التي وقعت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو ما يجعل دعمها من قبل السلطات المحلية أمراً مرفوضاً من وجهة نظر الجالية اليهودية في فرنسا.
هذا الجدل ليس جديداً، إذ شهدت مدن فرنسية أخرى، مثل مرسيليا، جدلاً مشابهاً عندما أعلنت تقديم دعم مماثل للأونروا بقيمة 80 ألف يورو في العام الماضي، وفي البرلمان الفرنسي، تثار نقاشات متكررة حول مدى شرعية ودور الوكالة في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مع وجود انقسامات سياسية واضحة بين التيارات اليسارية التي تدعم المنظمات الإنسانية، وتيارات أخرى تتهمها بالتحيز.
من جهتها، لا تتخلى بلدية ليون عن مواقفها الإنسانية، حيث سبق أن قدمت مساعدات مالية للصليب الأحمر ومنظمات طبية في غزة، كما دعا عمدة المدينة غريغوري دوسيه إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، مطالباً الحكومة الفرنسية بالسير على نفس النهج.
بالإضافة إلى ذلك، رفعت لافتة على مبنى البلدية تحمل شعارات تطالب بوقف إطلاق النار، واحترام القانون الدولي، والتحرير الفوري للرهائن الفلسطينيين، مما يعكس توجهات المدينة ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية.
من ناحية أخرى، أكدت الحكومة الفرنسية على استمرار دعمها المالي للأونروا، إذ خصصت في 2024 ميزانية تصل إلى 30 مليون يورو لدعم برامج الوكالة في المنطقة، رغم الانتقادات والضغوط السياسية المتزايدة من بعض الأطراف المحلية والدولية.