تحليل: ماذا تعنيه صورة ترامب الجنائية التاريخية في جورجيا؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
تحليل يكتبه ستيفن كولينسون من CNN
(CNN)-- تم التقاط ملايين وملايين الصور لرؤساء أمريكا، ولكن لا شيء مثل هذه. فقد أصبحت صورة دونالد ترامب الجنائية، على الفور واحدة من أكثر الصور شهرة لأي شخص شغل منصب القائد الأعلى.
ويحدق النزيل رقم P01135809 في صورته الجنائية، ووجهه كالحجر. من المستحيل معرفة ما يشعر به ترامب.
فصورة ترامب الجنائية- الصارخة في بساطتها بطريقة تثير بالتأكيد غضب نجم الواقع السابق، حيث تعتبر الصورة هي كل شيء بالنسبة له- وهي كناية عن انتخابات يواجه فيها المرشح الجمهوري المحتمل والرئيس المقبل المحتمل 91 تهمة جنائية في أربع قضايا.
وينفي ترامب ارتكاب جميع المخالفات، وهو بريء حتى تثبت إدانته في جميع القضايا، بما في ذلك اتهامات بالابتزاز المتعلقة بمحاولته إلغاء انتخابات 2020 في ولاية جورجيا.
لكن في بعض النواحي، تمثل الصورة التي اُلتقطت بعد استسلامه للسلطات، الخميس، ذروة حتمية لحياة امتدت وحطمت القيود المحيطة بالرئاسة وكثيرا ما أدت إلى إرهاق القانون، على نطاق أوسع، بالنسبة للرجل الذي بنى أسطورته من خلال لقطات المصورين في أعمدة القيل والقال في نيويورك، والذي يقدر مجلات "التايم" التي تحمل وجهه، فإن الصورة التي اُلتقطت في جورجيا، رغم كل ما فيها من إهانة، تمثل جبهة جديدة أخرى من الشهرة. ولكن بالنسبة لأمة لا تزال متورطة في الاتهامات المتبادلة والغضب الذي يثيره ترامب، فإن الصورة- التي انتشرت على الفور في جميع أنحاء العالم - تمثل نوعا خاصا من المأساة.
وبالنسبة لأولئك الذين يلعنون ترامب بسبب غرائزه الاستبدادية والغوغائية والابتذال وهوسه الذاتي، فإن هذه الصورة قد تقدم مشاعر التبرئة.
أما بالنسبة للملايين من أنصار ترامب، الذين يعتقدون أنه ضحية الاضطهاد، فإن ذلك سيكرس مكانته باعتباره شهيدا سياسيا حيا، وهو ما ترتكز عليه محاولته لاستعادة البيت الأبيض. وفي حين قال فريق ترامب إنه يريد أن يبدو متحديا، فمن المرجح أن تؤدي الصورة الجنائية التي التقطت للرئيس السابق إلى استقطاب الأمريكيين بقدر ما تستقطب سياسته.
كما تطرح الصورة أيضا سؤالا. لماذا يحتاج أشهر رجل في العالم، الذي يقع دائما تحت أنظار عملاء الخدمة السرية، والذين لا يستطيعون حتى مغادرة منازله الفاخرة بدون موكب، إلى صورة جنائية؟ لا يبدو الأمر وكأنه سيختفي فجأة، فهو يطير في طائرة شخصية عليها كلمة "ترامب". ويمكنه السفر إلى أي مكان على الأرض ويتم التعرف عليه فورا. ويبدو أن التفسير الرسمي للصورة هو أن ترامب، رغم سلطته وشهرته السابقة، يجب أن يُعامل بموجب القانون مثل أي شخص آخر. فإذا كان الرجل الذي كانت لديه القدرة على تدمير العالم بترسانة نووية قد اُلتقطت له صورة جنائية، مثل أي مجرم مزعوم آخر في جورجيا، فإن العدالة ستكون متساوية للجميع.
ولكن، حتى لو كانت المصلحة الوطنية تُخدم بالفعل من خلال اتهامات متعددة لرئيس سابق، فهل يمكن أن يؤدي الإذلال الذي تتراكم الآن إلى نتائج عكسية؟ علاوة على ذلك، قام ترامب بتسليح كل جوانب نضاله القانوني لشحن الإيذاء والانتقام، الذي يدفع جاذبيته السياسية.
وسرعان ما نشر ترامب صورته الجنائية على شبكة Truth Social الخاصة به، واستخدمها للعودة إلى "إكس"، المنصة المعروفة سابقًا باسم تويتر. ولقد بدأت حملته نشرها بالفعل في كل مكان، ويُرجح أن تساعد في جمع الأموال التي ينفقها على دفاعه، ليحول عاره إلى نوع جديد من السلطة، في إهانة أخرى لنظام العدالة.
وبالنسبة لأي سياسي آخر، فإن الصورة الجنائية ستكون النهاية. وبالنسبة لترامب، إنها نقطة انطلاق. ففي نهاية المطاف، تمت محاكمته في السجن في أتلانتا بعد 24 ساعة فقط من قيام معظم منافسيه لنيل ترشيح الحزب الجمهوري برفع أيديهم في مناظرة رئاسية في ولاية ويسكونسن ليقولوا إنهم سيدعمونه، إذا أصبح مرشح الحزب الجمهوري.
إن صور أولئك الذين خدموا كرؤساء- والتي غالبا ما يتم تصميمها من قبل أساتذة الإدارة لأغراض دعائية- أصبحت تحدد العصور. ورغم أنه لم يعد في منصبه، فإن صورة ترامب الجنائية ستدخل الآن السجل التاريخي لمجموعة مختارة من الذين اعتبروا البيت الأبيض موطنا لهم. ويشمل ذلك صورا لجون كينيدي وأبنائه في المكتب البيضاوي والتي لخصت صعود جيل من الشباب إلى قمة السلطة. وصورة ليندون جونسون وهو يؤدي اليمين كرئيس على متن طائرة الرئاسة في دالاس في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1963، بجانب السيدة الأولى الأرملة لاحقا جاكلين كينيدي، والتي كانت لا تزال ترتدي بدلة ملطخة بدماء زوجها الذي اُغتيل، تم تصميمها خصيصا لإظهار استمرارية الحكومة في لحظة من الرعب. مثل كل الصور الفوتوغرافية الرائعة، فهي تلتقط لحظة حاسمة وتحتفظ بالقدرة على المطاردة.
وتحية النصر التي أطلقها الرئيس ريتشارد نيكسون من أبواب طائرته المروحية، لم تتمكن من إخفاء وصمة العار التي رافقت خروجه النهائي مهزوما من البيت الأبيض، بعد استقالته بسبب فضيحة ووترغيت.
وفي سبتمبر/أيلول 2001، وقف الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش على كومة من الحطام المتفحم في منطقة غراوند زيرو في نيويورك حاملا مكبر الصوت، بما يعكس تحول الأمة الجريحة من الحزن إلى الحل، بعد أسوأ هجوم إرهابي على الإطلاق.
وبعد أربع سنوات، لخصت صورة له وهو يحدق من الطائرة الرئاسية على ساحل الخليج الغارق، إهمال قيادته بعد إعصار كاترينا. بالنسبة للأجيال القادمة، تحدد مثل هذه الصور فصلا من التقاليد الوطنية عندما تتلاشى كل التفاصيل معا.
وينطبق الشيء نفسه على صورة ترامب الجنائية.
فوجه يعرفه العالم كله متجمدا في الخزي. حقبة أمريكية مروعة تم التقاطها بنقرة زر.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية البيت الأبيض دونالد ترامب صورة ترامب الجنائیة التی ا
إقرأ أيضاً:
اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركية
في تقرير مطول، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن التهديدات التي يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومعاونوه بحجب مليارات الدولارات من أموال الحكومة الفدرالية عن الجامعات لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى ولايته الأولى.
وقالت إن إدارة ترامب تلاحق الجامعات التي يُزعم أنها ظلت تتسامح مع تنامي ظاهرة معاداة السامية في أروقتها، وتتوعد جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات الأميركية المرموقة بحرمانها من التمويل الفدرالي للأبحاث التي تجريها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي غذت اندفاع الهند وباكستان نحو الحربlist 2 of 2برلماني سابق: هؤلاء هم "الإخوان" الحقيقيون في فرنساend of listوقد اتهم البيت الأبيض الجامعات بالفشل في حماية الطلاب اليهود خلال الاحتجاجات في الحرم الجامعي ضد إسرائيل بسبب حربها على قطاع غزة التي بدأت في عام 2023.
ومع ذلك، فإن الصحيفة تشير إلى أن فكرة استهداف جامعات وكليات النخبة بحجب التمويل عنها برزت قبل سنوات، مضيفة أن العديد من المحافظين لطالما كانوا يبحثون في طرق لمكافحة ما يعتبرونها عللا ليبرالية معادية للغرب في مؤسسات التعليم العالي الأميركي، حتى إن البعض منهم الذين يحتلون مواقع في إدارة ترامب الحالية يضغطون من أجل إحداث تغيير.
ونقلت وول ستريت جورنال في تقريرها عن مسؤولين في الإدارة أن هاجس ترامب بما يدور في الجامعات بدأ منذ عام 2018، وأصبح الآن منشغلا بحملة البيت الأبيض -التي يقودها ستيفن ميلر كبير مستشاريه للسياسة الداخلية- للتأثير على الجامعات الأميركية، وخاصة هارفارد.
إعلانوقد رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية ضد قرار إدارة ترامب منعها من قبول الطلاب الأجانب.
ويتهم كبار الموالين لترامب الجامعات بأنها غارقة في الأفكار التقدمية لدرجة أن التغييرات التدريجية الصغيرة لن تكون كافية، وأن على الحكومة الفدرالية فرض تحول ثقافي كبير.
كبار الموالين لترامب يتهمون الجامعات بأنها غارقة في الأفكار التقدمية لدرجة أن التغييرات التدريجية الصغيرة لن تكون كافية، وأن على الحكومة الفدرالية فرض تحول ثقافي كبير.
لكن الصحيفة تقول إن الحاجة إلى ثقافة جديدة في الجامعات كانت فكرة لم تجد صدى، حتى أثارت لكمة في الوجه انتباه ترامب. ففي فبراير/شباط 2019، أقام ناشط محافظ يدعى هايدن وليامز منبرا في جامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي، لإقناع الطلاب بالانضمام إلى مجموعة "تيرنينغ بوينت أميركا" التي أسسها ناشط محافظ آخر اسمه تشارلي كيرك.
وانتشر مقطع فيديو يظهر رجلا مجهول الهوية يسخر من وليامز -أثناء نقاش حاد- قبل أن يوجِّه إليه لكمة قوية. وظهر بعدها وليامز على قناة فوكس نيوز بعين سوداء. ولم يكن المهاجم، الذي أُلقي القبض عليه لاحقا، ولا وليامز نفسه يدرسون في الجامعة.
وأشار تشارلي كيرك إلى أنه قال لترامب إن هذه الحادثة فرصة عليه أن يغتنمها للدفاع عن الطلاب المحافظين، وأنهما تحدثا عن حجب التمويل الفدرالي عن المؤسسات التعليمية التي تنتهك حرية التعبير. وكشفت وول ستريت في تقريرها أن دونالد ترامب الابن نسب الفضل إلى كيرك في دفع هذه الإستراتيجية.
وبعد حوالي أسبوعين من الواقعة، صرح ترامب بأنه يعتزم التوقيع على أمر تنفيذي يلزم الكليات والجامعات بدعم حرية التعبير إذا ما أرادت الحصول على أموال البحوث من الحكومة الاتحادية.
وبعد مدة وجيزة، وقّع ترامب على الأمر التنفيذي، إلا أنه تم تعطيله من قبل المعارضين الذين كان من بينهم جمهوريون في الكونغرس وبعض مسؤولي البيت الأبيض.
إدارة ترامب في الولاية الرئاسية الأولى الأساس القانوني للمعركة الحالية التي تدور رحاها بينها وبين الجامعات الأميركية.
ورغم ذلك، وضعت إدارة ترامب في الولاية الرئاسية الأولى الأساس القانوني للمعركة الحالية التي تدور رحاها بينها وبين الجامعات الأميركية.
إعلانوخلال السنوات الأربع التي تفصل بين ولايتي ترامب الأولى والثانية، بدأ بعض مسؤولي إدارته السابقة في التخطيط لكبح جماح مؤسسات التعليم العالي مرة أخرى.
وقد وضع صانعو سياسات التعليم العالي المحافظون خريطة لكيفية استخدام السلطة التنفيذية، متوقعين، في ذلك الحين، أن الجمهوريين قد لا يملكون 60 صوتا اللازمة للتغلب على تعطيل مجلس الشيوخ.
ووفق تقرير الصحفية، فقد شكلت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين -التي عمّت الجامعات في الولايات المتحدة في أعقاب هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب اللاحقة في غزة- دافعا مفاجئا للإدارة الأميركية لتنفيذ تهديداتها.
ففي جلسة استماع في الكونغرس في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام استجوب أعضاء مجلس النواب رؤساء 3 جامعات كبرى حول تقارير معاداة السامية.
واغتنمت مراكز الدراسات المحافظة، التي تعج بأنصار ترامب، هذه الفرصة للدفع بأجندتها. ففي يناير/كانون الثاني 2024، عقدت مؤسسة "هيريتيدج" فعالية لإطلاق فرقة عمل وطنية لمكافحة معاداة السامية. وانضم عدد من مسؤولي ترامب في ولايته الأولى، بمن فيهم ديفيد فريدمان، السفير السابق لدى إسرائيل.
وكان أن تشجّع فريق ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة 2024 وحصوله على دعم كافة الشرائح الديمغرافية تقريبا. وعقب تنصيبه بأسبوعين، أعلنت وزارة العدل عن تشكيل فرقة عمل جديدة لمكافحة معاداة السامية، وأصدرت في وقت لاحق قائمة بـ10 جامعات مستهدفة شملت جامعات هارفارد وكولومبيا وديوك ونيويورك، بالإضافة إلى جامعة بنسلفانيا وجامعة كاليفورنيا في إيرفين.
غير أن استطلاعات الرأي الأخيرة، من بينها واحد أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، أظهرت أن الأميركيين يعارضون بأغلبية ساحقة قطع تمويل الجامعات للأبحاث الطبية.
إعلانكما أعربت مؤسسة الحقوق الفردية والتعبير في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا -وهي من أبرز منتقدي الجامعات التي تزعم أنها تقمع وجهات النظر المحافظة- عن معارضتها لتكتيكات ترامب، بما في ذلك التهديد بقطع تمويل الأبحاث في جامعة هارفارد.