تصاعد الاحتجاج ضد حرب غزة يربك الجيش الإسرائيلي ويضغط على حكومة نتنياهو
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
القدس المحتلة- تتصاعد وتيرة الاحتجاجات في إسرائيل مع تزايد الدعوات والعرائض المطالبة برفض الخدمة العسكرية، وإنهاء الحرب على غزة، وإتمام صفقة تبادل تؤدي إلى إعادة "المختطفين الإسرائيليين" (المحتجزين لدى حركة حماس)، البالغ عددهم 59 أسيرًا، بينهم 24 يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
تأخذ هذه الدعوات منحى أكثر تأثيرا مع انخراط أوساط عسكرية وأمنية فيها، مما يعكس اتساع الفجوة بين المؤسسة العسكرية والحكومة الإسرائيلية فيما يخص إدارة الحرب.
في هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" أن نحو 1600 من قدامى المحاربين في سلاحي المظليين والمشاة وقّعوا على رسالة تطالب بوقف الحرب، وإعطاء الأولوية لإعادة الأسرى من غزة.
أما صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" فقد ذكرت أن أكثر من 250 عضوا سابقا في جهاز "الموساد" أعربوا عن دعمهم لمطالب المحاربين القدامى، مؤكدين ضرورة إنهاء الحرب من أجل استرجاع الأسرى، حتى وإن تطلب ذلك وقف العمليات القتالية.
وفي تطور لافت، انضم أكثر من 150 طبيبا من قوات الاحتياط العاملة في الوحدات الطبية للجيش الإسرائيلي إلى موجة الاحتجاجات، حيث وقّعوا عريضة طالبوا فيها القيادة السياسية بوقف الحرب فورا، وإعادة الرهائن الإسرائيليين "دون تأخير".
إعلان
تصدع وضغوط
وجاء في العريضة التي وُجهت إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، تحذير صريح من أن "استمرار القتال يخدم مصالح سياسية وشخصية، وليس اعتبارات أمنية حقيقية".
هذه التحركات الواسعة، وفقا لقراءات وتقديرات المحللين، تشير إلى تصدعات عميقة داخل المنظومة الأمنية والعسكرية، وتسلط الضوء على تصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، التي تجد نفسها أمام معارضة متنامية من داخل صفوف من كانوا حتى وقت قريب في قلب مؤسساتها الدفاعية والاستخباراتية.
وحذر محللون من تداعيات هذا التوسع في الاحتجاجات على تماسك الجيش الإسرائيلي وقدرته على مواصلة العمليات العسكرية، وسط أزمة ثقة داخلية متفاقمة.
في قراءة تحليلية للكاتب الإسرائيلي المختص بالشؤون الفلسطينية، يوآف شطيرن، يسلط الضوء على الواقع الصعب الذي يعيشه الجيش الإسرائيلي، الذي يجد نفسه مستنزَفا جراء الحرب المستمرة على غزة، إلى جانب العمليات العسكرية المتواصلة في الضفة الغربية.
ويصف شطيرن ما تواجهه إسرائيل اليوم بأنه أشبه بـ"حرب عصابات" في غزة، تترافق مع تدمير واسع وممنهج، دون أن يتمكن الجيش من تحقيق الأهداف المعلنة للحرب.
ويشير شطيرن، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المجتمع الإسرائيلي بدأ يخرج تدريجيا من صدمة الهجوم المفاجئ الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة"، ومع هذا الخروج بدأت تتصاعد الأصوات المطالبة بإتمام صفقة تبادل الأسرى.
وترافق ذلك مع رسائل وعرائض من جنود وضباط في الخدمة والاحتياط، إضافة إلى قادة سابقين في الأجهزة الأمنية، أعلنوا رفضهم للاستمرار في الخدمة العسكرية، في محاولة واضحة للضغط على حكومة نتنياهو من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى اتفاق يعيد المحتجزين الإسرائيليين.
إعلانويرى الكاتب أن اتساع رقعة هذه الاحتجاجات ستكون له تداعيات سلبية كبيرة على الجيش الإسرائيلي، وعلى وحدة وتماسك ما يعرف بـ"جيش الشعب". ويؤكد أن هذا الحراك يعكس الانقسام المتنامي داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي يزداد عمقا مع استمرار الحرب دون إحراز تقدم في قضية إعادة الأسرى.
ويعزز ذلك -يقول شطيرن-، "القناعة لدى قطاعات واسعة من الإسرائيليين بأن استمرار القتال لم يعد مبرَّرا بأهداف أمنية حقيقية، بل بات مدفوعا بأجندات سياسية وشخصية".
تعكس موجة الاحتجاجات المتصاعدة وتوالي العرائض الرافضة للخدمة العسكرية، وفق قراءة تحليلية للباحث المختص بالشأن الإسرائيلي في مركز "التقدم العربي للسياسات"، أمير مخول، عمق الأزمة المتفاقمة داخل الجيش الإسرائيلي.
ويشير مخول إلى أن هذه الظاهرة تعبِّر عن حالة تذمر واسعة النطاق، لا تقتصر فقط على جنود الاحتياط، بل تمتد أيضًا إلى عائلات الجنود النظاميين، الذين يُمنع عليهم التعبير عن آرائهم داخل المؤسسة العسكرية.
وفي تحليله لتداعيات هذا التصاعد على تماسك الجيش والحكومة الإسرائيلية فيما يتعلق بالحرب على غزة، أوضح مخول في حديثه للجزيرة نت أن هذه الحالة مرشحة لأن تخلق موجة من الإحباط داخل المؤسسة العسكرية والسياسية على حد سواء.
وقدّر أن هذا الإحباط قد يؤدي إلى تآكل الدعم الداخلي لاستمرار العمليات العسكرية، مقابل تعاظم دور حركة الاحتجاج، وعلى وجه الخصوص الحراك الذي تقوده عائلات الأسرى والمحتجزين لدى حماس.
استنزاف وفشل
ويرى مخول أن اتساع رقعة الرفض داخل صفوف الجيش والأجهزة الأمنية، يحمل رسالة اتهام مباشرة إلى القيادة السياسية، وخاصة نتنياهو، بأن استمرار الحرب يخدم أجندات سياسية وشخصية، لا أهدافًا أمنية كما يروج.
إعلانوقدّر أن الحرب، في صورتها الحالية، ووفقا للحراك المتصاعد إسرائيليا لم تعد تحقق أيا من أهدافها المعلنة، بل أصبحت تهدد حياة "المختطفين والجنود والمدنيين، وتؤدي إلى استنزاف قوات الاحتياط دون جدوى".
ويؤكد أن هذا الاتهام الضمني للحكومة بإخفاء أهداف غير معلنة للحرب، يعمق الفجوة بين القيادة والشعب، ويجعل من تصاعد الاحتجاجات دليلا على فشل الحكومة والجيش في احتواء الغضب الشعبي، بل وإخفاقهما في كبح جماح الأصوات المطالبة بوقف الحرب.
وفي ختام تحليله، يشير مخول إلى أن حراك عائلات الأسرى والمحتجزين بات يتجاوز حدود الصراعات الداخلية الإسرائيلية، ويكتسب زخما جديدا من تصاعد حركة الاحتجاج، مما قد يشكل دفعة قوية للمطالبة "بإبرام صفقة تبادل تؤدي إلى إعادة المختطفين، حتى لو كان ذلك على حساب استمرار العمليات العسكرية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
وسط تصاعد شبهات الفساد.. عشرات الآلاف يتظاهرون في مدريد ضد حكومة بيدرو سانشيز
تظاهر عشرات الآلاف في مدريد بدعوة من حزب الشعب المعارض احتجاجًا على حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، مطالبين بانتخابات مبكرة في ظل تصاعد شبهات الفساد التي تطال مقربين منه وزوجته وشقيقه. اعلان
شهدت العاصمة الإسبانية مدريد، يوم الأحد، تظاهرة حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف احتجاجًا على حكومة رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز، وللمطالبة بإجراء انتخابات عامة مبكرة، في ظل سلسلة من اتهامات الفساد التي تطال حزبه والمقربين منه، بل وحتى أفراد عائلته.
وجاءت التظاهرة بدعوة من حزب الشعب المحافظ المعارض تحت شعار "مافيا أم ديمقراطية"، وقدرت سلطات المنطقة عدد المشاركين بما بين 45 و50 ألف شخص، بينما أعلن المنظمون أن الحشد بلغ 100 ألف متظاهر.
وتواجه حكومة سانشيز، منذ أكثر من عام، سلسلة من الفضائح المرتبطة بشبهات فساد، كان آخرها اتهام عضو سابقة في الحزب الاشتراكي بمحاولة تلطيخ سمعة وحدة الحرس المدني، التي تحقق في ملفات تطال زوجة رئيس الوزراء، بيغونيا غوميز، وشقيقه دافيد سانشيز، ووزير النقل السابق خوسيه لويس أبالوس.
وقد نفت لييري دياز، العضو المستقيلة من الحزب، أن تكون قد تصرفت بتكليف من سانشيز أو الحزب، مشيرة إلى أنها كانت تجمع مادة لكتاب حول قضايا الفساد، وذلك عقب تسريب تسجيلات صوتية تُظهرها وهي تعرض تسهيلات قضائية مقابل معلومات تسيء لمحققي الحرس المدني.
Relatedإغلاق معرض مدريد للكتاب بسبب الرياح وإرتفاع درجات الحرارة500 مشرّد يبيتون في مطار مدريد والسلطات تتدخل لمنع الظاهرة... اذا نعرف عن القضية؟مدريد: مظاهرات ضد زيادة الإنفاق الدفاعي وحزب اليسار المتّحد يلوّح بمغادرة الحكومةوتجمّع المحتجون في ساحة "بلازا دي إسبانيا" تحت شمس منتصف النهار، وهم يحملون لافتات كتب عليها "سانشيز خائن" و"ارحلوا"، فيما جدّد زعيم حزب الشعب، ألبرتو نونيز فيخو، دعوته لإجراء انتخابات مبكرة، قائلاً: "إسبانيا بحاجة إلى ثورة من الكرامة والحرية، وسنقودها من الشارع وصناديق الاقتراع... سيد سانشيز، توقف عن الاختباء والكذب، فالشعب يعرفك جيدًا ويعرف ما فعلته. خضع لإرادة الديمقراطية وأعلن عن انتخابات الآن، لأن لا أحد انتخب هذا الوضع، حتى أنصارك".
من جهته، اتهم سانشيز خصومه السياسيين والإعلاميين بشن "حملة ترهيب وتشهير" تستهدفه شخصيًا وزوجته، معتبرًا أن الاتهامات الموجهة إلى غوميز زائفة وتهدف إلى تدميره سياسيًا وشخصيًا.
وتخضع بيغونيا غوميز لتحقيق رسمي بشبهة الفساد واستغلال النفوذ، بعد شكوى قدمتها منظمة "الأيادي النظيفة"، وهي نقابة تدّعي محاربة الفساد لكنها على ارتباط باليمين المتطرف، وقد اتهمتها باستخدام صفتها كزوجة لرئيس الوزراء للتأثير في الحصول على رعاة لبرنامج ماجستير كانت تشرف عليه في إحدى الجامعات. ووصف سانشيز القضية بأنها "ملفقة وخبيثة بدوافع يمينية متطرفة".
أما شقيق رئيس الوزراء، دافيد سانشيز، فيواجه محاكمة في قضية مماثلة، وقد بدأت أيضًا بشكوى من نفس المنظمة وجهات أخرى، فيما ينفي الاتهامات الموجهة إليه.
وتواجه الحكومة أيضًا انتقادات منذ الكشف، في فبراير من العام الماضي، عن تورّط مساعد سابق لوزير النقل أبالوس – الذي كان حليفًا مقرّبًا من سانشيز – في تلقي رشاوى لتسهيل عقود كمامات خلال جائحة كورونا.
في المقابل، لا يخلو حزب الشعب نفسه من ملفات حساسة، إذ يخضع لمساءلات بشأن إدارته لأزمة الفيضانات القاتلة التي ضربت فالنسيا العام الماضي، وهي منطقة يسيطر عليها الحزب.
وتواجه رئيسة منطقة مدريد، إيزابيل دياز أيوسو، وهي من أبرز المنتقدين لسانشيز، اتهامات بشأن البروتوكولات الصحية التي اعتمدتها خلال المرحلة الأولى من الجائحة، والتي شهدت وفاة أكثر من 7200 شخص في دور رعاية المسنين. كما تواجه أسئلة متكررة حول علاقتها بشريكها ألبرتو غونزاليس أمدور، الذي يخضع لتحقيقات بتهم عدة بينها التهرب الضريبي وتزوير مستندات تتعلق بعقود توريد كمامات.
وقد دافعت أيوسو عن شريكها مؤكدة أن استهدافه يأتي فقط بسبب علاقته بها، فيما طالب أحد مسؤولي إدارتها باحترام "قرينة البراءة".
وسعت الحكومة الإسبانية إلى التقليل من شأن الاحتجاجات، واعتبرتها دليلاً على "يأس" حزب الشعب. ونشر وزير النقل، أوسكار بوينتي، صورًا جوية تُظهر أن الساحة لم تكن مكتظة، بينما صرّح وزير التحول الرقمي، أوسكار لوبيز، بأن هدف التظاهرة هو حرف الأنظار عن إخفاقات فيخو ومشاكل أيوسو.
وكتب لوبيز على منصة "إكس": "إنهم قلقون فعلاً... ملأوا ساحة إسبانيا بالشتائم، لا بالناس... وبينما ينشغلون بالوحل، نحن نمضي قدمًا".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة