ترامب يعود لمشروع ضم غرينلاند: إغراءات اقتصادية بدلًا من الدبابات وسط تصاعد التنافس في القطب الشمالي
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
في خطوة تعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة ولكن بأساليب عصرية، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرح خطته المثيرة للجدل بشأن جزيرة غرينلاند، بعد أن كانت قد طويت أوراقها منذ الإعلان عنها لأول مرة في يناير الماضي.
هذه المرة، عاد ترامب إلى المشروع ولكن بعيدًا عن التهديدات العسكرية، مستبدلًا الدبابات والطائرات بـحقيبة من الحوافز الاقتصادية ورسائل ناعمة مغطاة بغلاف الدبلوماسية والتعاون.
حسب شبكة CNBC، لا يسعى ترامب إلى شراء الجزيرة كما سخر منه البعض سابقًا، بل يخطط لتقديم منحة مالية سنوية لكل مواطن غرينلاندي بقيمة 10 آلاف دولار، في محاولة لكسب ودّ سكان الجزيرة الذين يبلغ عددهم نحو 57 ألف نسمة.
وتستهدف الخطة الأمريكية استبدال الدعم السنوي المقدم من الحكومة الدنماركية، والذي يبلغ نحو 600 مليون دولار، بتمويل أمريكي مصدره استثمارات ضخمة في ثروات غرينلاند الطبيعية، التي تشمل المعادن النادرة المستخدمة في صناعة التكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى النفط، والذهب، واليورانيوم.
صدام المصالح وسط أجواء جليدية معقدةغير أن الطموح الأمريكي يصطدم بواقع معقد؛ إذ تعاني غرينلاند من مناخ قاسٍ وبنية تحتية محدودة، فضلًا عن تحديات ذوبان الجليد التي تعيق الوصول إلى الموارد.
وما يزيد الموقف تعقيدًا، هو الضغط الداخلي على الميزانية الأمريكية، حيث طلب ترامب من إيلون ماسك، وزير الكفاءة الحكومية في إدارته، خفض تريليون دولار من الإنفاق الفيدرالي، وهو ما يضع الخطة تحت ضغط سياسي واقتصادي داخلي.
الشراكة من أجل السلام... والتوسعورغم هذه التحديات، أكد ترامب في مؤتمر صحفي عقد مؤخرًا أنه مصمم على تحقيق تقدم في مفاوضات ضم غرينلاند، ما دفع فريقه إلى التحرك سريعًا. حيث توجه مايكل والتز، مستشار الأمن القومي، وجيه دي فانس، نائب الرئيس، إلى الجزيرة لإطلاق ما وصفوه بـ "الشراكة من أجل السلام والازدهار".
ويأتي هذا التحرك في وقت يتصاعد فيه التنافس الدولي في منطقة القطب الشمالي، بفعل ذوبان الجليد وظهور ممرات بحرية جديدة، تغري قوى كبرى مثل روسيا والصين بالدخول إلى المسرح القطبي.
رد فعل دنماركي غاضب وانقسام داخل الجزيرةفي المقابل، لم تتأخر كوبنهاجن في الرد، حيث وصفت ميت فريدريكسن، رئيسة وزراء الدنمارك، التحركات الأمريكية بأنها "ضغط غير مقبول"، مؤكدة أن تقرير المصير هو حق حصري لسكان غرينلاند وحدهم.
وعلى الرغم من إغراءات ترامب، إلا أن الانقسام ما زال حاضرًا على أرض الجزيرة. ففي آخر انتخابات، لم تحصل الأحزاب المؤيدة للتقارب مع واشنطن سوى على دعم ربع الناخبين، ما يعكس حذرًا شعبيًا واسعًا من نوايا واشنطن.
استدعاء التاريخ وتوظيف الإعلامترامب لم يكتفِ بالحوافز المالية، بل استدعى التاريخ، مشيرًا في حملاته الإعلامية إلى علاقة الدم واللغة التي تربط سكان غرينلاند بـشعب الإنويت في ألاسكا، كما روج لدور الولايات المتحدة في حماية الجزيرة من الغزو النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن الإدارة الأمريكية عقدت اجتماعات متتالية لوضع آليات تنفيذية للخطة، وشكلت فرقًا متخصصة لإدارة المحتوى الإعلامي الموجه لسكان غرينلاند عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هل يكون الخيار العسكري مطروحًا؟رغم أن خطاب ترامب الحالي خالٍ من التهديدات المباشرة، يبقى السؤال مطروحًا حول احتمال استخدام القوة مستقبلًا في ظل طموحاته التوسعية، لا سيما في منطقة تشهد تصعيدًا استراتيجيًا متسارعًا.
وحتى اللحظة، تؤكد الإدارة الأمريكية التزامها بالحلول الدبلوماسية والاقتصادية، إلا أن التاريخ الأمريكي في التدخلات الخارجية لا يُطمئن خصوم واشنطن تمامًا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: دونالد ترامب جزيرة غرينلاند الدنمارك القطب الشمالي الولايات المتحدة ايلون ماسك مايكل والتز جيه دي فانس المعادن النادرة الشراكة من أجل السلام التوسع الأمريكي
إقرأ أيضاً:
الذهب يرتفع محليًا وعالميًا وسط جدل حول الرسوم الجمركية الأمريكية على السبائك السويسرية
سجلت أسعار الذهب في السوق المحلية مكاسب طفيفة خلال تعاملات الأسبوع الماضي، تزامنًا مع ارتفاع الأوقية في البورصة العالمية، في ظل تقلبات حادة بالسوق العالمي عقب الجدل الذي أثارته أنباء فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على واردات سبائك الذهب قبل أن تنفي الإدارة الأمريكية رسميًا المضي في القرار.
أسعار الذهب اليوموأظهر تقرير صادر عن منصة "آي صاغة"، المتخصصة في تداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، أن الذهب ارتفع بنسبة 0.4%، بارتفاع قدره 20 جنيهًا لعيار 21 خلال الأسبوع الماضي، ليرتفع من 4600 إلى 4620 جنيهًا للجرام، في المقابل، حققت الأوقية بالسوق العالمية مكاسب بنحو 1% لتصعد من 3363 إلى 3397 دولارًا.
سعر جرام الذهبوقال سعيد إمبابي، المدير التنفيذي للمنصة، إن سعر جرام الذهب عيار 24 بلغ 5280 جنيهًا، وعيار 18 سجل 3960 جنيهًا، وعيار 14 وصل إلى 3080 جنيهًا، فيما بلغ سعر الجنيه الذهب نحو 36960 جنيهًا.
الرسوم الجمركيةوأكد، إمبابي، أن تضارب الموقف الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية على السبائك السويسرية يظل عاملاً مؤثرًا في توجهات السوق، مع احتمال انعكاس أي مستجدات على الأسعار المحلية بسرعة.
كانت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية قد أصدرت في 31 يوليو خطابًا أوضحت فيه أن واردات سبائك الذهب بوزني الكيلوجرام و100 أوقية لن تُستثنى من الرسوم الجمركية، لتخضع لضرائب بنسبة 39% على الواردات من سويسرا – أكبر مركز لتكرير الذهب في العالم – وهو ما أثار صدمة في الأسواق وأربك سلاسل الإمداد العالمية، مهددًا نحو 24 مليار دولار من الصادرات السويسرية إلى الولايات المتحدة.
القرار دفع بعض المصافي السويسرية إلى تعليق أو تقليص الشحنات، فيما وصف البيت الأبيض هذه المعلومات بأنها «مضللة» وأعلن عزمه إصدار أمر تنفيذي لتوضيح الموقف، لكن حالة القلق ظلت مسيطرة على الأسواق.
العقود الآجلة للذهب في نيويورك قفزت إلى 3534 دولارًا للأوقية قبل أن تتراجع إلى 3497 دولارًا، بينما بقيت الأسعار في لندن شبه مستقرة، ما وسّع الفجوة السعرية بين السوقين إلى أكثر من 100 دولار، ويرى محللون أن استمرار هذه الفجوة قد يعيد رسم خريطة تدفقات الذهب عالميًا ويؤثر على جاذبية بورصة «كومكس» الأمريكية أمام المستثمرين الدوليين.
وتُستخدم السبائك عالية النقاء الواردة من سويسرا في دعم العقود المالية المتداولة في «كومكس»، ما يجعل أي قيود جمركية تهديدًا مباشرًا للبنية التحتية للسوق.
وقال كريستوف وايلد، رئيس جمعية مصنعي وتجار المعادن الثمينة السويسرية، إن هذه الرسوم «صفعة جديدة» للعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، محذرًا من انعكاساتها على قدرة السوق على تلبية الطلب العالمي المتنامي.
على الصعيد الاقتصادي، عززت بيانات أمريكية ضعيفة من رهانات الأسواق على أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه سبتمبر المقبل، بعد أن أظهر تقرير الوظائف غير الزراعية تباطؤًا في التوظيف، وانكماش نشاط قطاع الخدمات وفق مؤشر معهد إدارة التوريدات .
ويظل التضخم عامل الحسم؛ فقد ارتفع مؤشر الأسعار المدفوعة في قطاع الخدمات إلى أعلى مستوياته منذ نوفمبر 2022، وهو ما قد يبقي الفيدرالي في حالة ترقب بين السيطرة على التضخم ودعم التوظيف، وتشمل بيانات الأسبوع المقبل مؤشر أسعار المستهلك، ومؤشر أسعار المنتجين، ومبيعات التجزئة، وطلبات إعانة البطالة، إضافة إلى تصريحات عدد من مسؤولي الفيدرالي.
وكشفت وزارة العمل الأمريكية يوم الخميس عن ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأمريكية بمقدار 228 ألف طلب مقابل توقعات بـ 221 ألفًا، والقراءة السابقة 218 ألفًا، بجانب وصول طلبات الإعانة المستمرة إلى 1.97 مليون، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2021.