غارات أمريكية على رأس عيسى تخلّف 38 قتيلًا في اليمن
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تصعيد نوعي ينذر بمزيد من التعقيد في المشهد اليمني والإقليمي، أعلنت وزارة الصحة في صنعاء، وقناة "المسيرة" التابعة لجماعة الحوثيين، عن مقتل ما لا يقل عن 38 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، نتيجة قصف أمريكي استهدف ميناء رأس عيسى النفطي غربي اليمن، الخميس. وبحسب الرواية الحوثية، فإن الضحايا جميعهم من العاملين المدنيين في الميناء.
القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، أكدت بدورها تنفيذ الهجوم، مبررة الضربة بأنها تستهدف "إضعاف البنية الاقتصادية" للحوثيين، الذين يعتمدون على مبيعات الوقود كمصدر رئيسي لتمويل عملياتهم العسكرية. هذا الموقف يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في سياسة واشنطن تجاه اليمن، إذ لم تعد تكتفي بردع الهجمات البحرية الحوثية فقط، بل بدأت في ضرب الأعمدة الاقتصادية التي يرتكز عليها نفوذ الجماعة.
تحول في نمط الاشتباكمنذ منتصف مارس، بدأ الجيش الأمريكي تنفيذ حملة عسكرية متصاعدة ضد الحوثيين، شملت ضربات دقيقة وعنيفة باستخدام قاذفات B-2 الشبحية وقنابل خارقة للتحصينات، في سابقة هي الأوسع منذ دخول الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض في يناير الماضي. ويبدو أن واشنطن تسعى، عبر هذه العمليات، إلى فرض معادلة ردع جديدة تتجاوز الحماية البحرية إلى شلّ قدرات الحوثيين اقتصاديًا ولوجستيًا.
الضربة التي طالت رأس عيسى تمثل تحولاً واضحًا في مسرح العمليات، إذ لم يُستهدف موقع عسكري أو منصة إطلاق، بل مرفق حيوي يرتبط مباشرة بقطاع الطاقة والوقود. وبينما تؤكد واشنطن أن الهدف من الضربة ليس إيذاء المدنيين، إلا أن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين يضع تساؤلات أخلاقية وقانونية حول مشروعية استهداف منشآت مدنية حيوية.
الحوثيون.. من الدفاع عن غزة إلى تكريس النفوذ
في سياق موازٍ، يواصل الحوثيون تبرير هجماتهم على سفن البحر الأحمر بأنها رد فعل على العدوان الإسرائيلي في غزة، في محاولة لربط النزاع اليمني بقضية إقليمية تحظى بتعاطف واسع، لكن ما يتّضح بشكل متزايد هو سعي الجماعة لتكريس حضورها الإقليمي والضغط على القوى الكبرى من خلال أوراق اقتصادية وأمنية، تشمل تهديد الملاحة والتصعيد في وجه العقوبات.
تصريحات CENTCOM بأن الحوثيين "يستخدمون الوقود كسلاح للسيطرة" وأن أرباح الميناء "تموّل الإرهاب"، تُظهر أن الصراع لم يعد يُقرأ فقط من زاوية حرب بالوكالة، بل كصراع اقتصادي-سياسي على الموارد والنفوذ في منطقة تتداخل فيها خطوط النفط والممرات البحرية والاستراتيجيات الكبرى.
ردود دولية غائبة ومخاوف من انفجار إنساني
رغم ضخامة الحدث وعدد الضحايا، لم تُسجّل حتى الآن مواقف دولية واضحة تدين أو تدعم الهجوم الأمريكي، ما يعكس حالة من الترقب وربما التواطؤ الصامت تجاه تصعيد بات يهدد حياة آلاف المدنيين في اليمن. وتشير الحادثة إلى إمكانية تصاعد حاد في الأزمة الإنسانية، إذ يُعد ميناء رأس عيسى من المنافذ الحيوية لإمداد المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بالوقود والغذاء.
وفي ظل إصرار واشنطن على مواصلة العمليات حتى "توقف هجمات البحر الأحمر"، يُخشى أن تتحول الهجمات على البنية التحتية إلى استراتيجية مستدامة، على حساب المدنيين الذين يجدون أنفسهم عالقين بين مطرقة الضربات وسندان الحصار.
الضربة على ميناء رأس عيسى تمثل أكثر من مجرد عملية عسكرية محدودة؛ إنها رسالة استراتيجية مزدوجة من واشنطن: إلى الحوثيين بأن قواعد الاشتباك قد تغيرت، وإلى حلفائها بأن الهيمنة على مفاتيح الاقتصاد والنفط في المنطقة ما تزال أولوية قصوى. لكن ثمن هذه الرسائل يُدفع بالدم، من قبل المدنيين الأبرياء الذين تتكاثر أرقامهم في كل موجة تصعيد جديدة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المشهد الصحة رأس عیسى
إقرأ أيضاً:
إشاعات العقوبات مكشوفة: توازنات الحكومة الإقليمية تثمر عن رسائل أمريكية إيجابية
11 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تشير التحليلات لتصريحات المبعوث الأميركي مارك سافيا الى أن العراق يبتعد كثيراً عن أي عقوبات أميركية مفترضة، في تضاد مع ما يلوّح به خصوم النظام السياسي في بغداد، بان الحصار قادم على العراق، حيث اكد سافيا ان واشنطن تعمل مع العراق من أجل بلد ذي سيادة، في رسالة حملت طابع التهدئة وسط تصاعد التكهنات بشأن ضغوط اقتصادية محتملة.
وفي هذا السياق يبرز ما يعتبره مراقبون تحولاً مهماً في السياسة الخارجية العراقية خلال حقبة رئيس الحكومة محمد السوداني، إذ نجحت بغداد في إيجاد توازن أوضح بين علاقتها مع واشنطن ودول الجوار، ولاسيما إيران، بما يخدم المصلحة العراقية ويحدّ من احتمالات الانجرار إلى محور واحد، وهو توازن تحرص الإدارة الحالية على تعزيزه في الملفات الأمنية والاقتصادية والطاقة.
ومن جانب آخر تدرك الدوائر الأميركية أن الظروف الدولية الراهنة لا تسمح بإعادة إنتاج أي حصار شامل على دولة محورية مثل العراق، إذ يرى مسؤولون سابقون أن فرض قيود واسعة على النفط والتجارة والقطاع المالي سيولد ارتدادات عنيفة على أسواق الطاقة وتحالفات المنطقة، وهو ما تسعى واشنطن إلى تجنّبه في مرحلة تموج بالأزمات وتغيّر خرائط النفوذ.
وتشير أوساط مطلعة إلى عدم دقة ما نشرته شبكة ذا نيو أراب حول حزمة عقوبات مرتقبة، جرى إبلاغ الحكومة العراقية بها عبر قنوات دبلوماسية، ووُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات، بعد تراجع بغداد عن قرار إدراج حزب الله في لوائح تصنيف حساسة، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على موازين الضغط بين خيارات الأمن ومتطلبات السياسة الخارجية في بغداد.
وبموازاة ذلك يحذّر محللون سياسيون من أن أي خطأ تقديري في واشنطن قد يفجر الداخل العراقي، خاصة مع الحساسية المتزايدة تجاه أي ضغوط خارجية على القرار الوطني، فيما تتنامى الأصوات التي تشدد على ضرورة تفادي أي خطوة قد تُفهم كإعادة إنتاج لصيغ الحصار القديمة أو الإملاءات الاقتصادية.
ومن جهة أخرى تنعش هذه التطورات ذاكرة العراقيين حول العقوبات التي فُرضت مطلع التسعينيات واستمرت حتى 2003، حين قيّد مجلس الأمن صادرات النفط وحدّ من الاستيراد وفرض رقابة صارمة على الموارد ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء، في منظومة شكّلت واحدة من أقسى مراحل الانكماش الاقتصادي والاجتماعي في تاريخ العراق الحديث.
ومن ناحيته يرى خبراء أن العراق بات يمتلك اليوم شبكة أوسع من العلاقات الإقليمية والدولية تتيح له هامشاً أكبر للمناورة، ما يجعل أي محاولة لفرض عقوبات شاملة أقل قابلية للتطبيق، خصوصاً مع تزايد دور بغداد في مسارات النفط الإقليمي وترابط الأسواق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts