اختلاف الدول العربية: حجر عثرة أمام السلام في السودان
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
يُعد غياب التوافق بين الدول العربية على التوقيع حجر عثرة رئيسي يعرقل الوصول إلىاتفاق ينهي الحرب في السودان.
لمن يتأمل المشهد، فإن حرب اليمن ما زالت مستمرة لأكثر من عشر سنوات، تديرهاالقوى ذاتها من الدول العربية، إلى جانب إيران. وهي حالة تكشف كيف يمكن لغيابالإرادة السياسية المشتركة، أو التورط في أجندات متضاربة، أن يُطيل أمد النزاعاتويزيد معاناة الشعوب.
بالمثل، نجد أن ذات الدول العربية كانت، إلى جانب مصر، من أبرز الأسباب التي أدتإلى فشل مبادرة بريطانية لتشكيل مجموعة اتصال تهدف إلى تسهيل محادثات وقفإطلاق النار في السودان.
بينما توافقت الدول غير العربية الثلاث المشاركة في اجتماع لندن (المملكة المتحدة،فرنسا، وألمانيا)، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، على التوقيع على بيانمشترك يعكس التزامها بدعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للنزاع في السودان،ورفض جميع الأنشطة، بما في ذلك التدخلات الخارجية، التي تؤدي إلى تصعيدالتوترات أو إطالة أمد القتال أو تمكينه.
وقد نشب جدل استمر يومًا كاملاً بين مصر والمملكة العربية السعودية والإماراتالعربية المتحدة حول صيغة البيان، مما أدى إلى غياب الإجماع العربي.
ويمثل رفض الدول العربية للحلول التي تؤدي إلى سلام السودان انتكاسة دبلوماسيةكبيرة للجهود المبذولة لإنهاء عامين من الحرب الأهلية. بل ويؤكد هذا الموقف السلبيعلى غياب الرغبة الحقيقية لدى بعض الأنظمة العربية في رؤية السودان ينعم بالسلام.
وعلى الرغم من غياب بيان ختامي بسبب الخلافات العربية، فإن البيان المشترك الصادرعن الرؤساء المشاركين يعكس توافقًا بين الدول الغربية الثلاث والاتحادين الأوروبيوالإفريقي على المبادئ التالية:
• دعم الجهود الرامية إلى حل سلمي للنزاع في السودان.
• رفض جميع الأنشطة التي تُسهم في تصعيد التوترات أو تمديد أمد الحرب، بما فيذلك التدخلات الخارجية.
• التأكيد على وحدة السودان وسلامة أراضيه.
ويُظهر هذا التوافق التزامًا مشتركًا بدعم السودان في مواجهة تحدياته، والعمل منأجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
كذلكً يجب التنبيه إلى أن مضامين بيان اجتماع لندن تتقاطع وتتوافق بوضوح مع ماورد في وثيقة ودستور التحالف التأسيسي السوداني "TASIS"، لا سيما في ما يلي:
• ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة وعاجلة لحل النزاع ووقف إطلاق النار الدائم.
• تخفيف معاناة الشعب السوداني.
• الالتزام بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه.
• دعم تطلعات السودانيين لبناء مستقبل سلمي، موحد، ديمقراطي، وعادل.
• تسليط الضوء على الكلفة الإنسانية الكارثية للنزاع، بما في ذلك النزوح الداخلي وتأثيرهعلى دول الجوار.
• التأكيد على إلحاح الوضع الإنساني وضرورة تعزيز التنسيق لإيصال المساعداتالإنسانية.
• أهمية إشراك المدنيين السودانيين، لا سيما النساء والشباب والمجتمع المدني، فيجهود حل النزاع وصياغة مستقبل السودان.
• تحميل الأطراف المتحاربة مسؤولية حماية المدنيين والالتزام بالقانون الدوليالإنساني وحقوق الإنسان.
كسرة:
افتتح وزير الخارجية البريطاني "لامي" المؤتمر بتصريح لافت، قال فيه:
- "لقد فقد الكثيرون الأمل في السودان. وهذا خطأ. إنه خطأ أخلاقي أن نرى هذا العددالكبير من المدنيين يُذبحون، وأطفالًا رُضعًا يتعرضون للعنف الجنسي، بينما يواجهملايين السودانيين خطر المجاعة أكثر من أي مكان آخر في العالم. لا يمكننا ببساطة أننتجاهل الأمر."
وأضاف:
- "بينما أتحدث، يواجه المدنيون وعمال الإغاثة في الفاشر ومخيم زمزم للنازحين عنفًالا يُصدق. العائق الأكبر ليس نقص التمويل أو نصوص الأمم المتحدة، بل نقص الإرادةالسياسية. علينا ببساطة إقناع الأطراف المتحاربة بحماية المدنيين، والسماح بدخولالمساعدات، ووضع السلام كأولوية قصوى."
لكن، وعلى الرغم من هذا النداء الإنساني القوي، لم تُثمر جهود "لامي" لإقناع الدولالعربية بالموافقة على المبادئ الدبلوماسية التي طُرحت كمدخل لمجموعة اتصالمستقبلية حول السودان.
وقد أكد مسؤولون أن المؤتمر لم يكن محاولة للوساطة المباشرة أو منصة لتعهداتمالية، بل هدف إلى بناء تماسك سياسي أكبر بين الدول الفاعلة في الملف السوداني. وشاركت فيه ١٤ دولة، إضافة إلى الاتحادين الأوروبي والإفريقي، وأسفر عن توصيةبعودة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى طاولة التفاوض، وفتح المساراتأمام وصول المساعدات الإنسانية.
كما تعهدت الدول المشاركة بتقديم ما يقرب من ٨٠٠ مليون يورو لدعم المتضررين منالحرب التي تدخل عامها الثالث.
د. احمد التيجاني سيد احمد
١٦ أبريل ٢٠٢٥ روما نيروبي
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدول العربیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
من قلب الكنيست .. «ترامب» يشكر الدول العربية ويعلن عصر تاريخى للشرق الأوسط
«نتنياهو» يلمح لمزيد من الاتفاقيات الإبراهيمية .. ويتراجع عن الحضور لشرم الشيخطرد نائبين طالبا «ترامب» بالاعتراف بفلسطين
شكر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى كلمته أمس، أمام الكنيست الإسرائيلى، الدول العربية والإسلامية التى ساهمت فى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، مؤكداً أن إبرام الاتفاق لم يكن سهلاً مشيراً إلى نهاية عصر الإرهاب مع صمود وقف إطلاق النار الذى توسطت فيه الولايات المتحدة، معلناً أن الاتفاق يمثل نهاية الحرب الإسرائيلية على غزة ونهاية عصر الرعب والموت لافتاً إلى طلب رئيس وزراء الاحتلال الحصول على أسلحة كثيرة لدرجة أن إسرائيل أصبحت قوية ومقتدرة... وهذا ما أدى إلى السلام حسب تعبيره.
وقال الرئيس الأمريكى فى خطابه أمام الكنيست إن ما يحدث اليوم ليس مجرد نهاية حرب بل هو نهاية عصر من الخوف والموت وبداية عصر جديد من الإيمان والأمل بالله مؤكداً أن هذه اللحظة تمثل نقطة تحول نحو وفاق عظيم وانسجام دائم لإسرائيل ولكل شعوب المنطقة التى ستصبح قريباً منطقة مزدهرة بحق، وأضاف: أؤمن بذلك إيماناً راسخاً، فهذا هو الفجر التاريخى لشرق أوسط جديد
من جانبه أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن الالتزام بخطة السلام التى طرحها ترامب هو التزام مشترك قائلاً أنا ملتزم بهذا السلام وأنتم ملتزمون بهذا السلام وسوف نحقق هذا السلام معاً، وقال نتنياهو إنه يعتقد أن القيادة العالمية لترامب ستساعد إسرائيل على تطبيع العلاقات مع المزيد من الدول العربية فى المستقبل، وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى أن خطة ترامب بشأن غزة تمثل اقتراحاً يفتح الباب أمام توسع تاريخى للسلام فى المنطقة، مؤكداً أنها فرصة غير مسبوقة يجب البناء عليها، وأضاف نتنياهو أن دونالد ترامب هو أعظم صديق لدولة إسرائيل فى البيت الأبيض، مشدداً على أن أى رئيس أمريكى لم يفعل من قبل ما فعله ترامب لصالح إسرائيل، وقال كما قلت فى واشنطن فإن الأمر ليس قريباً حتى من ذلك. وأضاف أنه رشح ترامب ليصبح أول شخص غير إسرائيلى يحصل على جائزة إسرائيل، وهى أعلى جائزة تمنحها البلاد. وأضاف مازحاً أن ترامب سيحصل يوماً ما على جائزة نوبل للسلام، وهو الأمر الذى يريده الرئيس الأمريكى بشدة.
فيما ألغى نتنياهو زيارته إلى شرم الشيخ بعد ساعات من توجيه دعوة من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى بناء على طلب من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وذلك بحسب ما ذكره مسئول أمريكى كبير ومصدر مطلع لوكالة أكسيوس.
كان من شأن مشاركة نتنياهو أن تمنح القمة بعداً مختلفاً، إذ كانت ستنقلها من مجرد حدث رمزى لدعم خطة ترامب للسلام فى غزة إلى حدث دبلوماسى أكثر أهمية يمكن أن يعزز جهود الرئيس الأمريكى لدفع مبادرته الجديدة وتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام بعد الحرب.
وبحسب مصادر مطلعة فقد بدأ التخطيط لزيارة نتنياهو إلى قمة شرم الشيخ أثناء رحلته مع ترامب من مطار بن جوريون إلى الكنيست. وفى حديثه لموقع أكسيوس من على متن الطائرة الرئاسية أكد ترامب أنه لم يكن يعلم أن نتنياهو لم يتلق دعوة مسبقة وقال إن المصريين هم المسئولون عن الدعوات. وخلال استقلاله سيارة الليموزين الرئاسية المعروفة باسم الوحش طلب ترامب من نتنياهو الحضور فأبدى الأخير موافقته. وبعد ذلك اتصل ترامب بالرئيس السيسى وطلب منه توجيه الدعوة رسمياً لنتنياهو. وبعد فترة قصيرة بادر السيسى بالاتصال بنتنياهو ووجه له الدعوة التى قبلها بالفعل، لكن فى النهاية قرر نتنياهو عدم المشاركة فى القمة بدعوى اقتراب الأعياد بينما ذكر الإعلام العبرى أنه لم يرغب فى مصافحه أبومازن، وألمح آخرون إلى أن هناك تهديدات بالانسحاب من قبل الوفود المشاركه.
فيما انتشرت لقطات مصورة تظهر ترامب عند وصوله إلى الكنيست وهو يوقع فى الكتاب التذكارى الخاص بالبرلمان حيث كتب بخط يده هذا شرف عظيم يوم عظيم وجميل بداية جديدة، وذيل العبارة بتوقيعه. وأحاط به نتنياهو وعدد من كبار المسئولين الإسرائيليين بينما كان يستعد لإلقاء خطابه قال ترامب إن حركة حماس ستلتزم بخطة نزع السلاح موضحاً أن هذه القضية ستكون جزءاً من المرحلة الثانية من خطة السلام الأمريكية رغم أن الحركة ترفض علناً التخلى عن سلاحها. وأكد أن الإدارة الأمريكية لديها تصور متكامل لكيفية التعامل مع هذا الملف فى المفاوضات المقبلة فيما أهداه بيبى هديه تذكاريه عبارة عن حمامة ذهبية ترمز للسلام.
وعلى هامش الجلسة اندلعت حالة من الجدل والاضطراب فى مقر الكنيست الإسرائيلى، عندما قام اثنان من الأعضاء، وهما أيمن عودة وعوفر كسيف، بخطوة غير مسبوقة خلال خطاب الرئيس الأمريكى، دخل العضوان إلى قاعة الجلسات حاملين لافتات كتب عليها "اعترف بفلسطين"، فى موقف يهدف إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، وذلك وفق ما نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية.
ردت إدارة الجلسة فوراً على هذه الخطوة بإخراج العضوين من القاعة، فى مشهد وصفه مراقبون بأنه يعكس حدة الانقسام السياسى داخل الكنيست حول السياسات المتعلقة بالصراع الفلسطينى الإسرائيلى.