الجزيرة وشباب الأهلي.. «معركة» في الاستحواذ و«صراع» بين السُرعة والتنظيم
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
عمرو عبيد (القاهرة)
أخبار ذات صلةيلعب فريقا الجزيرة وشباب الأهلي عادة بـ«تكتيك» الاستحواذ على الكرة، وهو ما تؤكده إحصاءاتهما خلال مشوارهما في بطولة كأس مصرف أبوظبي الإسلامي، إذ يتساويان في متوسط نسبة امتلاك الكرة، تبلغ 53.
لكن بالعودة إلى المباراة التي جمعتهما في الدوري خلال يناير الماضي، وكذلك مواجهتا الموسم السابق، كان لـ«الفرسان» أسلوب مُختلف، بعدما ترك الكرة لـ«فخر أبوظبي»، الذي بلغت نسب استحواذه في تلك المباريات 56.3% و65.8% و58.8%، على الترتيب، مقابل 43.7% و34.2% و41.2% لشباب الأهلي، الذي فاز مرتين وتعادل في واحدة، وهو ما يطرح تساؤلاً حول استمرار الفريقين على هذا النهج خلال النهائي، أو تتغير تلك «الاستراتيجية».
وعلى الصعيد الفني العام، يتفوق «الفرسان» هجومياً بتسجيل ما يُقارب 2.26 هدف/ مباراة، في جميع بطولات الموسم، وينطبق نفس الأمر على حصاده التكتيكي الجماعي، بتسجيله ما يزيد على 70% من الأهداف عبر التمريرات الحاسمة المُباشرة بين لاعبيه، وفي المقابل أحرز «فخر أبوظبي» أهدافه بمتوسط 1.73 هدف/ مباراة، وتبلغ نسبة نجاحه في اللعب الجماعي 57% تقريباً.
العمق الهجومي لشباب الأهلي يُعد الجبهة الأكثر قوة وتأثيراً خلال الموسم الحالي، وسجّل عبرها أكثر من 52% من أهدافه، ورغم تفوق «اللعب المفتوح» في قائمته التهديفية، بنسبة 60%، فإن استغلاله الركلات الثابتة بنسبة نجاح تبلغ 40%، خاصة فيما يتعلق بالركلات الركنية، يعكس خطورة الفريق الهجومية الفنية بتنوع واضح، ويمزج «الفرسان» بين السُرعة في التحول والهجوم المنظم هادئ الإيقاع، بعدما أحرز 57% و43% من الأهداف عبرهما، على الترتيب.
أما بالنسبة للجزيرة، فإن تأثير الهجوم عبر العمق يتساوى مع خطورة جبهته اليُسرى تقريباً، حيث سجل عبرهما 80% من أهدافه تقريباً هذا الموسم، ويملك «فخر أبوظبي» نقطة تفوق فيما يتعلق بتسجيل الأهداف من تسديدات بعيدة المدى، بنسبة 15%، وهو ما يوازي ضِعف حصاد «الفرسان» في هذا الأمر، ويميل الجزيرة أكثر للتسجيل من «الحركة»، بنسبة 73%، مقابل 27% فقط لأهداف الركلات الثابتة، ويظهر اختلاف «تكتيكي» فيما يتعلق بالإيقاع السريع الذي لازم الفريق في مواسم سابقة، إذ إنه يلعب أكثر بالهجوم المنظم، متماشياً مع معدلات استحواذه، مُسجلاً 63% من الأهداف عبر الإيقاع الهادئ، مقابل 37% للمرتدات والهجمات السريعة.
وبصورة عامة، يملك شباب الأهلي دفاعاً أكثر صلابة من الجزيرة في الموسم الحالي، إذ استقبل مرماه بالكاد هدفاً واحداً في المتوسط خلال كل مباراة، بينما اهتزت شباك الجزيرة بمعدل 1.5 هدف تقريباً/ مباراة، وتبدو تلك المسألة أكثر ظهوراً ووضوحاً في بطولة الدوري، إلا أن الطرف الأيسر الدفاعي لدى «الفُرسان» يُعتبر نقطة الضعف الأبرز في الخط الخلفي، كما استقبل مرماه رُبع الأهداف من ألعاب الهواء، وكذلك تأثر كثيراً بالكرات العرضية من المنافسين، التي بلغت نسبة نجاحها في بلوغ مرماه 35%، وهو ما لا ينطبق على دفاع «فخر أبوظبي» الذي استقبل ما يُقارب 18% فقط من الأهداف عبر التسديدات الرأسية، و25% لأهداف الكرات العرضية العكسية، ويبقى عمقه الدفاعي النقطة الأضعف لديه، بعدما تسبب في اهتزاز شباكه بنسبة 53% من الأهداف.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الجزيرة شباب الأهلي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي من الأهداف عبر وشباب الأهلی فخر أبوظبی وهو ما
إقرأ أيضاً:
من طهران إلى تل أبيب.. معركة السيادة في زمن الهيمنة
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
يُعد العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واستهداف قادتها العسكريين، وعلمائها، ومنشآتها، انتهاكًا سافرًا لسيادتها الوطنية، وتعديًا صارخًا على الأعراف والقوانين الدولية.
ومن البديهي أن من حق إيران المشروع، بل من واجبها، أن تدافع عن نفسها بكل الوسائل المتاحة. وفي هذا السياق، تتحمل إسرائيل المسؤولية الأولى عن العواقب المترتبة على سياساتها العدوانية، واستهتارها بما يسمى بالقانون الدولي. وينبغي أن يكون هذا الجانب محور الإدانة الأساسية لهذا الكيان المصطنع، الذي يجب التعامل معه كما هو، لا كما يراد له أن يصور؛ فهو، عمليًا، يمارس دوره بوصفه أداة في خدمة الإمبريالية العالمية، ولا سيما الأمريكية.
والاعتراف بهذه الحقيقة يعد خطوة ضرورية لفهم طبيعته الفاشية وسبل مواجهته، سواء على الصعيد العسكري، أو في المجال السردي، والتاريخي، والثقافي، والإعلامي، والسياسي. ومن أبرز وجوه المعركة، فضح الزيف الذي تسعى المنظومة الغربية إلى ترويجه، عبر محاولة فصل الكيان الصهيوني عن وظيفته الاستعمارية، وتقديمه ككيان طبيعي. ويبدو هذا الأمر، في نظرهم، أكثر سهولة في هذا العصر الذي تتراجع فيه أشكال الاستعمار التقليدية لصالح استعمار مقنع، بأدوات اقتصادية وسياسية. ورغم وضوح هذه الحقيقة، فإنها تحجب عن الرأي العام بفعل هيمنة الإعلام الاحتكاري، الخاضع بالكامل لمصالح الشركات الرأسمالية.
وربما يعد أعظم إنجازات الإمبريالية هو قدرتها على تقديم إسرائيل ككيان مستقل، ودمجه في المنظومة الإقليمية، في حين أن دوره الفعلي، سابقًا وحاضرًا، هو حماية المصالح الرأسمالية العالمية. ولعل الخطورة الأكبر تكمن في أنَّ هذا الكيان الاستيطاني العنصري يمارس مهامه الوظيفية من داخل المؤسسات الدولية نفسها، في سابقة تاريخية فريدة؛ حيث يحتل كيان استعماري مقنع موقعًا قانونيًا في النظام الدولي. وستبقى أي محاولة لمنحه شرعية طبيعية جهدًا عبثيًا، لأنَّ وجوده غير قابل للاستمرار دون دعم خارجي. وإذا ما تعرض هذا الكيان لخطر وجودي حقيقي، فإنَّ بنيته الاجتماعية ستتفكك، ولن تستطيع الصمود كدرع بشري للمصالح الغربية؛ بل ستظهر تناقضاته الداخلية التي لن تتمكن الدوائر الإمبريالية من احتوائها؛ فقد أبدت بعض هذه الدوائر، في فترات سابقة، استعدادًا للتخلي عنه.
أما التصعيد العسكري الأخير، فيعود جزئيًا إلى أزمات إسرائيل الداخلية، خصوصًا تلك التي يواجهها رئيس حكومتها، الذي يرى في استمرار التوتر وسيلة لتأمين مستقبله السياسي، واستعادة ثقة الغرب بوظيفته ودوره المأجور. وفي هذا الإطار، يأتي عدوانه على إيران كجزء من محاولته لتأكيد دوره الإقليمي. لكن يبقى السؤال، هل سينجح في استعادة هذه الثقة؟ الإجابة ستتضح في ضوء الخطوات الإيرانية، التي اتسمت سابقًا بالحسابات الدقيقة.
ورغم بعض الملاحظات، لم يكن من المنطقي أن تخوض إيران مواجهة مباشرة عقب "طوفان الأقصى"، لعدة أسباب؛ منها: أن المواجهة مع إسرائيل تعني تلقائيًا مواجهة شاملة مع المنظومة الإمبريالية الغربية، وهو ما يتطلب استعدادات ومعطيات مختلفة. خلافًا لمن يعتقد خطأً أن عدم انخراط إيران عسكريًا يُدينها، بينما لا يُحرجه تواطؤه المُخجِل مع إسرائيل. ومع ذلك، قدمت إيران دعمًا ملموسًا لفصائل المقاومة، ضمن حدود إمكاناتها، وبما يتماشى مع رؤيتها وتقديراتها الاستراتيجية. غير أن البعض أساؤوا قراءة هذا الموقف، واعتبروه ضمنيًا تراجعًا عن التزاماتها تجاه محور المقاومة، كما رأوا في العملية الإجرامية التي استهدفت قيادات حزب الله، وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله، اختبارًا حاسمًا للرد الإيراني. وقد غابت عن هذه التقديرات حقائق مُهمة، وهي أن إيران، رغم ما تمتلكه من قوة، تبقى دولة نامية تواجه تكتلًا إمبرياليًا ضخمًا، ولا يُمكنها المجازفة بكل شيء. ومن ناحية أخرى، فإن مواجهة الهيمنة الإمبريالية والصهيونية على الصعيد الإقليمي مسؤولية جماعية، لا تقع على عاتق إيران وحدها. وتدرك إيران تمامًا أن المواجهة ليست مع إسرائيل فقط، بل مع الغرب بأسره؛ ولذلك فهي تُدير صراعها بحذرٍ ووعيٍ تاريخيٍ. ورغم ما أصاب تحالفاتها الإقليمية من ضعف، لا تزال تحافظ على موقف ثابت ومعاد للإمبريالية والصهيونية.
ولا شك أنَّ الكيان الصهيوني وداعميه يرون أن الوقت مناسباً ليس فقط لفرض تنازلات في الملف النووي؛ بل لإسقاط النظام الإيراني. وفي هذا السياق، فإنَّ المواجهة المقبلة ستكون صعبة، ومن المرجح أن تتسع، إلّا أن إيران أثبتت حتى الآن قدرة فائقة على احتواء الضربة الأولى، وتجاوز حالة الإرباك، واستعادة زمام المبادرة. كما تمتلك من المقومات ما يؤهلها لحرب طويلة النفس، تحقق فيها نصرًا مؤكدًا. ولا يغيب عن الأذهان أن الكيان الصهيوني وحلفاءه يُعدون أنفسهم لعملية نوعية، ولن يردعهم عنها سوى رد مُزلزل يفقدهم التوازن، ويُغيِّر قواعد الاشتباك بشكل ملموس؛ فالتجارب التاريخية تؤكد أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة المستعمرين، وترساناتهم النووية والتكنولوجية. وهذا ما سيحدد شكل المواجهة المقبلة، وأساليبها، وحدودها.
رابط مختصر