قصة.. الخرطوم تبدو أقرب من أي وقت مضى
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
قصة
الخرطوم تبدو أقرب من أي وقت مضى….
وقت الظهيرة في مقهى صغير في إحدى دول الجوار، كان عائد يجلس مع صديقه مهاجر، يرتشفان فنجانين من القهوة.
عائد: زول متفائل، شايف إنو الرجعة للخرطوم ضرورة ومسؤولية.
مهاجر: زول متشائم من الوضع، حاسس إنو مافي أمل.
عائد: والله يا مهاجر، الخرطوم دي ما حكاية تراب وبيوت ساي، دي روحنا، حكايتنا، ذكرياتنا في كل شارع وزقاق.
مهاجر (ضاحك بسخرية): تنادينا؟ إنت عاوزنا نرجع الليلة يعني؟ نمشي نسوق أولادنا ونرجع؟ البيت براك شفت الحصل فيهو، السوق اتنهب، والمويه والكهربا ما في. مافي بوليس مافي أمان، نرجع كيف ونرجع لي شنو بالله؟
عائد: يا زول أنا ما بتكلم عن قرار فردي تعملوا الليلة قبل بكرة. أنا بتكلم عن فكرة عامة، عن مبدأ. كل أسرة وظروفها، لكن بقدر الإمكان لازم يكون في زول واحد على الأقل يرجع، يفتح الباب، ينضف الحوش، يشوف الحاصل. البلد دي ما ح ترجع تقيف إلا بينا نحنا.
مهاجر: يا عائد، سيبك من ده كلّو، بالجد الأمان هو أهم حاجة. نحنا ما طلعنا ساي… عدم الأمان هو الخلانا نخلي بيوتنا ونمشي نازحين ولاجئين. ما في زول بخلي بيتو إلا خايف على روحو وأهلو.
عائد: أتفق معاك تماما، الأمان أهم حاجة، ومافي شي بيجي فوق سلامة الناس. لكن هسي شكل المخاطر بقى أقل كتير، والشرطة رجعت، واقسام الشرطة فتحت وبدأت تشتغل تاني.
مهاجر (بشيء من الجدية): كدي خلينا نتكلم بمنطق، القصة دي كبيرة وصعبة حتى على ناس الشرطة نفسهم. البلد لسه ما مستقرة، ولسه في ناس شايلة سلاح.
عائد: كلامك صح، التحديات كبيرة، وما بنقلّل منها. لكن تعرف شنو يا مهاجر؟ الشرطة اكتسبت ثقة جديدة، وتجارب من الحرب، وواضح إنهم جادين في فرض الأمن. والجميل كمان إنهم قالوا: الأمن ده ما مسؤولية الشرطة براها، الأمن مسؤولية الجميع… وعملوا حاجة اسمها “الشرطة المجتمعية”.
مهاجر (مستغرب): أها شفت! دي القصص البتشوش على الواحد… شرطة مجتمعية دي شنو كمان؟ أنا بصراحة بشوش من الحاجات الجديدة دي، وما بقدر أفهمها.
عائد (ضاحك): يا زول لا تشوش ولا حاجة. الشرطة المجتمعية دي ببساطة معناها الشرطة تشتغل مع المجتمع كتفاً بكتف. يعني زي دورية أولاد الحلة زمان، لكن هسي بتكون بتنسيق مع الشرطة المجتمعية، وبكون معاكم فرد من الشرطة المجتمعية ذاتها. يعني كل الناس بيحموا حلتهم سوا.
مهاجر: يعني الموضوع بقى نحنا والشرطة نشتغل يد واحدة؟
عائد: بالضبط كده. دي الطريقة الوحيدة البترجع بيها الروح للخرطوم. ما بنقيف ننتظر الظروف تتحسن براها، لازم نكون جزء من التغيير. نحنا منو؟ نحنا ناس الخرطوم… وإذا ما رجعنا نحنا، منو البيرجع؟
مهاجر (بصوت فيه حسرة): يا عائد، إنت عارف نحنا الكهرباء والموية قطعوا في حلتنا من أول يوم في الحرب؟ من يوم الطلقة الأولى، البيوت ظلام، والناس تجيب الموية من بعيد… أها، نرجع على شنو؟
عائد (هزّ راسو بتفهم): عارف والله، وكلنا كدا. لكن أبشّرك، ناس الولاية شغالين، وناس الكهرباء والموية برضو شغالين. في فرق نزلت المناطق المحررة، بيصلحوا الشبكات وبيشغّلوا المحطات تدريجيًا.
مهاجر: لكن الشغل دا ما ح يلحق لو الناس ما رجعت.
عائد (تلقفها سريع): بالضبط! الحكاية دي محتاجة ناس ترجع، تتابع، تساعد بالممكن. حتى لو بدينا نكنس قدام بيوتنا، نبلغ عن أعطال، نركّب باب مكسور… كل خطوة مهمة.
مهاجر (ضحك ضحكة خفيفة): يعني راجعين نبنيها حبة حبة؟
عائد (ابتسم): وحبة حبة الحلة بترجع، والشارع برجع، والناس ترجع. وبدل ما نستنّى الحكومة تعمل كل شي، نكون إحنا البداية.
عائد: انت عارف يا مهاجر، لو نحن ما رجعنا، تخيل بنكون حققنا واحد من أهداف المليشيا من غير ما نشعر.
مهاجر: كيف يعني؟ ونحن مالنا ومال أهداف المليشيا؟
عائد: الحرب دي أهدافها كتيرة، واحدة منها كانت عمليات التهجير القسري، واحداث تغيير ديمغرافي، واحتلال بيوتنا وفرض أمر واقع جديد.
مهاجر (بصوت متحير): والله ما عارف… لكن المهم هسا الجيش طردهم.
عائد: صحيح، الجيش طردهم… لكن الجيش ما حيقعد يحرس البيوت دي، بيت بيت. الجيش عندو شغل تاني ورامي قدام. ولو بيتك ظل فاضي، انت ما بتضمن إنه مافي زول حيجي يقعد فيه.
مهاجر (ينظر إلى الخارج بحزن): والله يا عائد ما في شيء بيشبه العودة للبيت… دي حاجة تانية خالص.
عائد (بتفاؤل): نعم، العودة ليست مجرد كلمة. الخرطوم تنتظرنا. وإذا ما رجعنا، كيف ستعود الحياة للمدينة؟ الخرطوم ما هي فقط مبانٍ، هي روحنا وتاريخنا.
مهاجر (يتنهد): في النهاية، ما كل الناس حتشعر بالحاجة دي… الحرب سلبت منا أشياء كثيرة، لكن زي ما بتقول، الخرطوم محتاجانا.
عائد (ينظر إلى مهاجر بحزم): يا مهاجر، العودة ليست خيارًا، هي واجب. لو ما رجعنا، بنكون ساعدنا في تحقيق أهدافهم وهم قاعدين في مكانهم.
مهاجر (بخوف): فهمتك لو برضو نحن لو رجعنا، حنواجه بمشاكل كبيرة؟
عائد (بتفكير عميق): أكيد التحديات كبيرة، لكن الأهم هو أننا نواجهها مع بعض.
مهاجر (ينظر بعيدًا): يعني ما في أمل في الرجوع للخرطوم بسهولة، بس على الأقل في أمل.
عائد (يبتسم): أمل أكيد… ودي بداية التفكير بإيجابية.
مهاجر (تفاجأ للحظة): تعرف يا عائد فجأة كده تذكرت كلام قالته الكاتبة السورية نسرين خوري.
عائد (بفضول): نسرين قالت شنو؟
مهاجر (يبتسم وهو يتذكر): قالت: “العودة إلى البيت رغم أنها أكثر الأفعال اعتيادية، تبقى أجمل ما يمكن أن يفعله المرء على الإطلاق.”
عائد (بابتسامة عميقة وصوت مليان أمل): كلامها صحيح… العودة هي فعل أكبر من مجرد مكان. هي رجوع للروح. وزي ما بقولوا الطريق للبيت ما بتقاس بالأميال، بتقاس بالرغبة في الرجوع.
وما بين المفاتيح في يد عائد، ونظرة مهاجر المعلقة في الأفق، بدت الخرطوم أقرب من أي وقت مضى…
النهاية… وربما البداية.
بقلم : عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
١٦ ابريل ٢٠٢٥م
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الشرطة المجتمعیة
إقرأ أيضاً:
بعد قرار البنك المركزي الجديد.. شهادة من بنك مصر بعائد 51%
تشهد شهادة "ابن مصر" الثلاثية من بنك مصر إقبالًا متزايدًا من المواطنين الباحثين عن أدوات ادخارية آمنة وعوائد مرتفعة، رغم القرارات الأخيرة للبنك المركزي المصري بشأن خفض أسعار الفائدة، ما يجعلها أحد أبرز منتجات الادخار في السوق المصرفي المصري لعام 2025.
عائد تراكمي 51% خلال 3 سنوات
تُعد شهادة "ابن مصر" المتناقصة واحدة من أعلى الشهادات عائدًا في السوق حاليًا، حيث تمنح إجمالي عائد 51% على مدار ثلاث سنوات، موزعًا كالتالي:
السنة الأولى: 20.5%
السنة الثانية: 17%
السنة الثالثة: 13.5%
وبذلك، يحصل من يستثمر مليون جنيه في الشهادة على عائد إجمالي يقدر بنحو 510 آلاف جنيه طوال مدة الشهادة، ما يعزز جاذبيتها وسط بيئة اقتصادية متقلبة.
خفض جديد في العائد وسط تغيرات السوق
أعلن بنك مصر مؤخرًا عن خفض عوائد بعض الشهادات الادخارية بنسبة 3%، وذلك تزامنًا مع قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بـ200 نقطة أساس (ما يعادل 2%)، وسط ترقب لإجراء مراجعة جديدة للعائد في اجتماع مرتقب للجنة الأصول والخصوم بالبنك.
ورغم هذا الخفض، تستمر شهادة "ابن مصر" الثلاثية بعائدها الثابت في جذب شرائح واسعة من المدخرين، نظرًا لاستقرارها النسبي مقارنة بباقي أدوات الادخار الأخرى، مثل الشهادات المتغيرة المرتبطة بسعر "الكوريدور"، وعلى رأسها شهادة "يوماتي"، التي شهدت تقليصًا في العائد.
تفاصيل شهادة بنك مصر 2025
المدة: 3 سنوات
دورية صرف العائد: شهريًا
الحد الأدنى للشراء: 1000 جنيه ومضاعفاتها
نوع العائد: ثابت (متناقص سنويًا)
إمكانية الاقتراض: متاحة بضمان الشهادة
استرداد مبكر: غير متاح قبل مرور 6 أشهر
الاسترداد النهائي: بكامل القيمة الاسمية بنهاية المدة
تنويع المنتجات وتوسيع القاعدة الاستثمارية
يؤكد بنك مصر أن طرح هذه الشهادة يأتي في إطار استراتيجيته لتقديم منتجات مالية مبتكرة تتماشى مع متغيرات السوق، وتلبي تطلعات مختلف شرائح العملاء، مع الحفاظ على التوازن بين العائد والمخاطر.
وتسهم هذه الخطوة في تعزيز ثقة المواطنين بالقطاع المصرفي، ودفعهم نحو الاعتماد على أدوات الادخار المحلية، في وقت تسعى فيه الدولة إلى تشجيع الاستثمار غير المباشر وتنشيط دورة رأس المال داخل الاقتصاد الوطني.
كانت قد قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى فى نهاية اجتماعها أمس الخميس، تثبيت سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 21%، و 22% على الترتيب.
ويعقد البنك المركزى المصرى 8 اجتماعات لأسعار الفائدة كل عام.
ويستخدم البنك المركزى أداة سعر الفائدة للسيطرة على التضخم - يعنى ارتفاع أسعار السلع والخدمات - عبر خفض سعر الفائدة مع تراجع التضخم أو زيادة أسعار الفائدة مع ارتفاع معدل زيادة الأسعار.
كانت لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها الاستثنائى يوم 6 مارس 2024، قررت رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.