أصول الأسواق الناشئة تقلص خسائرها مع هدوء الحرب التجارية
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
تتجه أسهم وعملات الأسواق الناشئة نحو تحقيق أفضل أسبوع لها منذ مطلع مارس، وسط تفاؤل بشأن اقتصاد الصين وتعليق الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للرسوم الجمركية.
مع إغلاق مُعظم الأسواق بسبب عطلة عيد الفصح، ارتفع مؤشر "MSCI" للأسواق الناشئة يوم الجمعة، ليصل مكسبه الأسبوعي إلى 2.2%. وتفوقت عملات الدول المرتبطة بالسلع، مثل جنوب أفريقيا، في الأداء الأسبوع الجاري، ما دفع المؤشر قرب أعلى مستوى له في ستة أشهر.
توتر مستمر في الأسواق بفعل ترمب
بدأت أصول الدول النامية تستقر بعد موجة بيع استمرت ثلاثة أسابيع، بفعل تصاعد الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، والمخاوف من ركود اقتصادي أميركي محتمل. لا تزال الأسواق متوترة وسط تردد ترمب بين التهديدات والاستثناءات، ما يترك التقييمات عرضة لتقلبات حادة بفعل العناوين الإخبارية.
في غضون ذلك، بدأ بعض المستثمرين يوجهون أنظارهم إلى عوامل لا ترتبط بالرسوم الجمركية مثل التقييمات والطلب الاستهلاكي في الصين.
قال سامي سوزوكي، رئيس قسم أسهم الأسواق الناشئة بشركة "ألاينس برنشتاين" (AllianceBernstein): "من الواضح أننا لا نعرف ما الذي سيحدث لاحقاً.. ومع ذلك، ينبغي أن نفكر في احتمال التصعيد وكذلك في احتمال التهدئة. هل توجد شركات قادرة على النجاح في كلا السيناريوهين؟ أعتقد أن على المستثمرين في النهاية التركيز على الأسس والتقييمات".
مؤشرات الأسهم تعوض خسائر الحرب التجارية
استفادت تداولات يوم الجمعة أيضاً من تصريح لترمب أعرب فيه عن تردده في الاستمرار برفع الرسوم الجمركية على الصين، نظراً لاحتمال أن يؤدي ذلك إلى عرقلة التجارة بين البلدين. عوض مؤشر "MSCI" للأسهم أكثر من نصف خسائره التي تكبدها في أواخر مارس وأوائل أبريل، مدفوعاً في الغالب بقوة الأسهم الصينية والهندية.
في حين أغلقت بورصتا هونغ كونغ ومومباي أبوابهما يوم الجمعة، واصلت السوق في شنغهاي التداول كالمعتاد، مع استقرار مؤشرها الرئيسي دون تغيّر يُذكر لتنهي الأسبوع على مكاسب. كما واصلت أسهم شركات الشحن الآسيوية غير الصينية ارتفاعها، بعد أن اقترحت الولايات المتحدة فرض رسوم على السفن الصينية التي ترسو في الموانئ الأميركية.
مكاسب ممتدة لتجارة الفائدة
بشكل عام، تراجعت أحجام التداول في الأسواق الناشئة مع إغلاق معظم البورصات بسبب "الجمعة العظيمة"، وفي الساعة 9:42 صباحاً بتوقيت لندن، كان إجمالي عدد الأسهم المتداولة على المؤشر أقل بنسبة 95% عن متوسط 30 يوماً.
سجلت سوق العملات أيضاً تحركات محدودة. فقد تراجع المؤشر الرئيسي لعملات الأسواق الناشئة بأقل من 0.1% يوم الجمعة، لكنه كان في طريقه لتحقيق مكاسب أسبوعية. حقق تجار الفائدة أرباحاً للأسبوع الرابع على التوالي في أطول سلسلة مكاسب لهم منذ يناير 2023.
أعاد البنك المركزي التركي فتح مزادات "الريبو" لأجل أسبوع، بعد يوم واحد من رفع مفاجئ لأسعار الفائدة. تراجع العائد على السندات السيادية التركية لأجل 10 سنوات لليوم الثاني على التوالي، منخفضاً بمقدار 43 نقطة أساس يوم الجمعة، وقال بنك "مورغان ستانلي" إنه يعاود الدخول في تجارة الفائدة على الليرة التركية بـ"حذر".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البنك المركزي المؤشر الأسواق الناشئة المؤشر الرئيسي عملات البورصات المزيد الأسواق الناشئة یوم الجمعة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال الإسرائيلي يفشل في تحقيق أهدافه الاستراتيجية ضد إيران.. حرب دون مكاسب
رغم ما روج له الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة بشأن "نجاح الضربات العسكرية" ضد إيران، إلا أن الوقائع الميدانية والسياسية تشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أخفق في تحقيق الأهداف التي شن من أجلها الحرب.
فبعد أكثر من عشرة أيام من القصف المتبادل، لم تدمر المنشآت النووية الإيرانية بالكامل، ولم يضعف النظام الإيراني داخليا، بل أظهر قدرا من الصمود والردع٬ مما أثار قلق الدوائر الأمنية الإسرائيلية نفسها.
عندما بدأ الاحتلال الإسرائيلي هجماته الجوية المكثفة على المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان، كانت الرسالة واضحة٬ "تحجيم البرنامج النووي الإيراني، وتوجيه ضربة معنوية وعسكرية للنظام الحاكم في طهران".
لكن مع مرور الأيام، وتوسع نطاق الرد الإيراني بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، تبين أن الغارات الجوية لم تحقق سوى أضرار جزئية، فيما بقيت البنية التحتية النووية قيد التشغيل، وفق ما أظهرته تقارير استخبارية غربية.
والأهم أن تل أبيب لم تنجح في إحداث شرخ داخلي داخل النظام الإيراني، بل أدت الغارات الإسرائيلية إلى تعبئة شعبية وإعادة الزخم إلى شعارات "الموت لإسرائيل" في الشارع الإيراني، ما يشير إلى نتائج معاكسة للتقديرات الأولية التي روّجت لها حكومة نتنياهو.
ردع محدود.. ومفاجآت غير محسوبة
كان الاحتلال الإسرائيلي يراهن على ما يسميه "الضربة الاستباقية" ضد القدرات النووية الإيرانية، لكن الرد الإيراني جاء مختلفا تماما عن الحسابات الاستخباراتية.
فطهران لم تكتف برد محدود كما حدث في سنوات سابقة، بل أطلقت موجات من الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، استهدفت مواقع حساسة في تل أبيب وحيفا وبئر السبع، بعضها خلف دمارا واسعا رغم فاعلية منظومة "القبة الحديدية".
ويعترف محللون عسكريون إسرائيليون بأن فاعلية الدفاعات الجوية كانت أقل من المتوقع، وأن مستوى الضرر النفسي في الداخل المحتل كان كبيرا، خاصة مع عمليات النزوح الجماعي من المناطق الشمالية والجنوبية إلى الوسط، إلى جانب موجة الهجرة العكسية التي كشفت عنها مصادر بحثية إسرائيلية.
تآكل صورة الردع
من بين أكبر الخسائر الاستراتيجية للاحتلال في هذه المواجهة هو ما وصفه محللون أمنيون بـ"تآكل صورة الردع الإسرائيلي" فعلى مدى سنوات، بنت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خطابًا يعتمد على قدرة الردع الساحقة ضد أي تهديد وجودي، وهو ما تكرس في أدبيات السياسة الإسرائيلية تجاه إيران.
وكسر الرد الإيراني المباشر والمكثف هذه المعادلة، وخلق واقعا جديدا، ظهر فيه الاحتلال الإسرائيلي كدولة يمكن ضربها بالصواريخ الباليستية دون أن يكون ردها حاسما.
كما أن موقف الولايات المتحدة، حليفة الاحتلال الأولى، بدا أقل حماسة هذه المرة. فرغم مشاركة واشنطن في ضرب بعض المنشآت الإيرانية، إلا أن البيت الأبيض بقيادة الرئيس دونالد ترامب سارع إلى الإعلان عن وقف شامل لإطلاق النار، مع تأكيده على أن التصعيد لن يستمر. وعزز هذا الموقف الانطباع بأن تل أبيب باتت معزولة في حساباتها التصعيدية.
ولا تشير النتائج الميدانية والسياسية فقط إلى فشل إسرائيلي، بل إلى صعود إيراني على أكثر من مستوى. فقد نجحت طهران في إثبات قدرتها على الرد والاحتفاظ بحق المبادرة، وأظهرت مرونة سياسية عبر تواصلها الدبلوماسي مع تركيا وروسيا وقطر وعُمان لتقليل مخاطر الانزلاق إلى حرب شاملة.
إقليميا، لم يلق الاحتلال الإسرائيلي الدعم العلني من أي من حلفائها في الخليج ممن وقع معهم اتفاقات أبراهام، بل أبدت عدة عواصم عربية توجسا من جر المنطقة إلى حرب مفتوحة لا تعرف نهاياتها.
وفي حين حاول نتنياهو تصدير العملية باعتبارها "دفاعًا عن الأمن الإقليمي"، فإن الشعوب العربية، وحتى بعض الحكومات، نظرت إليها على أنها مغامرة غير محسوبة.
الداخل الإسرائيلي.. شرخ أعمق من الحرب
سياسيًا، لم تفلح الحكومة الإسرائيلية في استثمار الحرب لتحقيق وحدة وطنية داخلية. بل على العكس، تعرضت قيادة نتنياهو لانتقادات شديدة من قبل المعارضة، ومن مسؤولين أمنيين سابقين رأوا أن قرار شن الحرب لم يكن مدروسًا، وأن الدخول في مواجهة مع إيران في هذه المرحلة لم يكن في مصلحة إسرائيل خاصة مع عدم تحقيق أهداف الحرب حتى الآن في غزة.
كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، بحسب معهد الديمقراطية الإسرائيلي، تراجعًا طفيفًا في ثقة الجمهور بأداء الحكومة، رغم الدعم الأولي للعملية. ويعكس هذا التراجع خيبة أمل من قدرة المؤسسة العسكرية على إدارة مواجهة مع دولة بحجم إيران، ومخاوف متزايدة من دخول البلاد في حالة استنزاف طويلة.
ورغم نجاح الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق مكاسب تكتيكية في الميدان، وإحداث أضرار موضعية في المنشآت النووية الإيرانية، واستهداف قادة عسكريين وعلماء٬ لكنه فشلها في تحقيق أهدافه السياسية والاستراتيجية التي رفعها منذ بدأ العدوان.
وتشير الوقائع أن البنية التحتية العسكرية في إيران لم تُدمر، وصورة الاحتلال الإسرائيلي كقوة إقليمية لا تُقهر تلقت ضربة معنوية كبيرة٬ خاصة بعد فشل نتنياهو في تحقيق أهداف الحرب التي رفعها في غزة مع دخول الإبادة عامها الثاني.
وهكذا فإن الحرب التي أرادت منها تل أبيب أن تكون "عملية ردع حاسمة"، تحولت إلى أزمة إستراتيجية قد تدفع الاحتلال إلى إعادة حساباته، مع كثرة مشاهد الدمار والخراب التي انتشرت في الداخل المحتل جراء الصواريخ الإيرانية.