السلحفاة المعمّرة بروتوس رافقت المشاهير.. وتعيش في منتجع فاخر بالسيشل
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بمجرد دخوله الجناح الرئيسي في فيلا تبلغ مساحتها 743 مترًا مربعًا في سيشل، يشير نيكولاس لويز فورًا إلى السرير، ويقول ضاحكًا: "أخبرون إنّ لدينا أكبر مرتبة سرير في المحيط الهندي. وهناك قصة وراء ذلك".
ولويز يشغل منصب نائب المدير العام في منتجع "نورث آيلاند"، أحد أفخم المنتجعات في البلاد.
وشرح لويز أنه خلال الزيارة الثانية للضيف، خصّصوا مرتبة له من دون إخباره، وفاجأوه. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا هو المقاس المعتمد للمراتب، مضيفًا أنهم يبدّلون المرتبة كل خمس سنوات.
وسُئل لويز مرات عدّة عما إذا كان ذلك الضيف لاعب كرة سلة محترف. لكن، رغم محاولات متكررة على مدار يومين لاستدراج الاسم منه، لم يرضخ، بل اكتفى بابتسامات ماكرة متفاديًا كل سؤال بدهاء. ذلك لأن اتفاقيات عدم الإفشاء الخاصة بالجزيرة تُلزمه بالحفاظ على خصوصية الضيوف، وهي واحدة من أكثر العوامل جاذبية في هذا المكان.
الهروب المطلقويُعد "نورث آيلاند" منتجعًا فاخرًا يهدف إلى تحقيق توازن بين الفخامة والطبيعة. ويبعد حوالي 15 دقيقة من الجزيرة الرئيسية في سيشل على متن طائرة هليكوبتر، التي تعتبر وسيلة النقل المفضلة للضيوف. وتضم الجزيرة الخاصة 11 فيلا فقط؛ عشر منها تبلغ مساحتها حوالي 464 مترًا مربعًا، أما الفيلا رقم 11 فهي تقريبًا ضعف هذا الحجم.
رغم حجمها الكبير، إلا أن الفيلا رقم 11، المعروفة أيضًا باسم "فيلا نورث"، مُصمّمة لاستضافة ضيفين فقط. إذ تحتوي على غرفة نوم واحدة فقط، بالإضافة إلى مكتب، ومطبخ خاص، وحوض غطس، والعديد من مناطق الجلوس الخارجية. وبحسب ما ذكره لويز، تبدأ أسعار هذه الفيلا من 13 ألف يورو، أي ما يعادل نحو 15 ألف دولار أمريكي لليلة الواحدة.
كل فيلا من فيلات الجزيرة مزودة بجهاز "آيباد" و"آيفون"، يمكن للضيوف من خلالهما التواصل مع الخادم الشخصي لتلبية أي طلب، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، في أي وقت من اليوم أو الليل.
لطالما قال لويز: "أي مكان.. وفي أي وقت، لدينا ضيوف يستيقظون في الرابعة صباحًا ويرغبون بتناول وجبة الفطور. هم يريدون الالتزام بالتوقيت الذي اعتادوه في بلدهم، ونحن نلبي ذلك".
ويُضيف: "إذا كنت تدفع هذا المبلغ مقابل الإقامة في مثل هذا المكان، فمن الطبيعي أن تتوقع مستوى الخدمة ذاته الذي تحصل عليه في منزلك، أو أفضل".
ونظرًا لتكلفة الإقامة في الجزيرة، يقول لويز إن العديد من الضيوف عادةً ما يكونون شخصيات عامة معروفة أو مديرين تنفيذيين معتادين على وجود طهاة وخدم شخصيين. ويقال إن أفرادًا من العائلات الملكية البريطانية ومن هوليوود قضوا شهر العسل في "نورث آيلاند"، كما يُشاع أن عددًا من المشاهير زاروها أيضًا.
لكن لويز، بالطبع، لا يستطيع تأكيد أو نفي ذلك.
ويقول بابتسامة: "قرأت الكثير من التقارير التي تتناول هذا النوع من المعلومات. واطلعت على العديد من المقالات التي تتحدث عن زيارات عملاء بارزين إلى نورث آيلاند، لكن لا يمكنني الجزم إن كانوا فعلًا قد زاروه أم لا".
ولا تضمن التكلفة الباهظة للإقامة في "نورث آيلاند" للضيوف عطلة فاخرة فحسب، بل تساهم أيضًا في تمويل جهود الحفاظ على البيئة في الجزيرة.
التدخّل في شؤون الطبيعةقبل أن تنتشر 11 فيلا على شواطئ "نورث آيلاند"، أسست عائلة من سيشل مزرعة على الجزيرة في العام 1826. وعلى مدار أكثر من 100 عام، زرع المزارعون مجموعة متنوعة من المحاصيل وقاموا بتربية المواشي. وبالإضافة إلى النباتات والحيوانات التي تم جلبها، وصلت أيضًا أنواع دخيلة من طريق الخطأ. وبمرور الوقت، بدأت هذه الأنشطة تُحدث خللًا كبيرًا في الحياة البرية المحلية.
وتشرح ماتيلد لو غريسوس، وهي منسّقة برامج الحفاظ على البيئة في "نورث آيلاند": "خطرت لهم فكرة فذّة، تتمثّل بجلب القطط لأنهم ظنّوا أنها ستقضي على الفئران التي كانت تُشكل مشكلة واضحة بالنسبة لهم.. لكن في الواقع، سرعان ما بدأت الققط بافتراس الطيور المحلية".
وتابعت:"ثم فكّروا بعد ذلك بتجربة البوم، أي تلك البومة البيضاء الأوروبية الضخمة.. لكنها أيضًا هاجمت الطيور المحلية. فكانت مجرد سلسلة من القرارات التي جعلت الوضع يزداد سوءًا".
خلال تلك الفترة، كان المحصول الرئيسي في المزرعة هو جوز الهند المجفّف، المعروف باسم "الكوبرا". ومع انهيار صناعة الكوبرا في السبعينيات، تم التخلي عن المزرعة، ما أدى إلى ترك الحيوانات الداجنة لتتجول بحرية في الجزيرة. ولم تكن هذه الظاهرة حصرًا على "نورث آيلاند"، بل تكررت قصص مشابهة في أنحاء أخرى من البلاد.
"سفينة نوح"وفي العام 1997، اشترت شركة جنوب أفريقية ومجموعة من المساهمين منتجع "نورث آيلاند"، بهدف إحياء تنوّعها البيولوجي وتطوير منتجع فاخر في الوقت ذاته. وقد تزامن ذلك مع برنامج وطني لإعادة تأهيل الجزر، شاركت فيه الحكومة بالتعاون مع منظمات غير ربحية وجزر خاصة. وعمل هذا التحالف على إزالة الأنواع الدخيلة، وتهيئة الطريق لعودة النباتات والحيوانات الأصلية.
وأطلق منتجع "نورث آيلاند" على برنامجه البيئي اسم مشروع "سفينة نوح" بشكل رمزي، وهو مشروع يُموّل بالكامل من عائدات المنتجع. وبعد جهود استمرت لسنوات للقضاء على الفئران، بدأ الفريق تدريجيًا بإعادة إدخال الحيوانات المهددة بالانقراض إلى بيئتها الطبيعية.
واليوم، تعشش السلاحف البحرية على الشواطئ، وتتجول سلاحف "ألدابرا" العملاقة بحرّية، وتغرد مئات الطيور، التي كانت ذات يوم على وشك الانقراض، بين الأشجار.
الحفاظ على الجنّةبالعودة إلى الفيلا رقم 11، يشير لويز إلى قطع الزجاج اليدوية المصنوعة في هولندا التي تزيّن الغرفة. ويسلّط الضوء على مستحضرات التجميل من "هيرميس". وعند طرف السرير، يضغط على زر مخفي في قطعة تبدو وكأنها مقعد تخزين مبطّن، ليظهر تلفاز بشاشة مسطّحة من داخلها.
كل فيلا مزوّدة بعربة غولف خاصة، وفي اليوم التالي، يستقل لويز عربته الخاصة بحثًا عن "المشهور المحلي" للجزيرة، أي سلحفاة ألدابرا تُدعى "بروتوس".
وفي العام 2003، جلب مشروع "سفينة نوح" 15 سلحفاة عملاقة من هذا النوع لتعيش مع عدد قليل من السلاحف التي نجت من فترة الزراعة في "نورث آيلاند". واليوم، يتجوّل حوالي 170 منها بحرّية في أرجاء الجزيرة. معظمها يفضّل البقاء في أماكن محددة، لكن لويز يوضح أن "بروتوس" يحب التجوّل في كل مكان.
وبسبب روحه المغامرة، تعرّض "بروتوس" لاصطدامات عرضية عديدة بعربات الغولف، ولهذا أصبح يرتدي عواكس بيضاء صغيرة على صدفته حتى يتمكن السائقون من رؤيته ليلا.
ويمكن لهذه الزواحف أن تعيش لأكثر من قرن من الزمان. ويقول لويز إن "بروتوس" يبلغ من العمر ما لا يقل عن 150 عامًا، ما يعني أنه شهد كلًا من فترة المزرعة على الجزيرة وفترة الترميم. كما التقى على مر السنين بالعديد من ضيوف الجزيرة المعروفين. ونظرًا لاحترافية لويز والتزامه بالخصوصية، فإن الزوار الفضوليين لديهم فرصة أفضل لإقناع "بروتوس" بالإفصاح عن الأسرار.
يقول لويز فيما يربّت على رأس السلحفاة ضاحكًا: "لقد رأى جميع المشاهير وغير المشاهير الذين أقاموا معنا. وإذا تمكنت من إقناعه، فسيخبرك بكل القصص".
الأغنياءالحيواناتحيوانات مهددة بالانقراضرحلاتسيشلمشاهيرمنتجعاتنشر الثلاثاء، 12 اغسطس / آب 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأغنياء الحيوانات حيوانات مهددة بالانقراض رحلات سيشل مشاهير منتجعات فی الجزیرة
إقرأ أيضاً:
قتل الشاهد.. الجريمة التي تُضاعف جريمة الحرب
تتجاوز خسارة العالم للصحفي في ساحة القتال خسارة غيره؛ إنها خسارة العين التي ترى، والأذن التي تسمع، واللسان الذي ينطق بالحقيقة. وفي غزة حيث تتقاطع حرب الإبادة الهمجية التي تمعن فيها إسرائيل على مرأى ومسمع العالم أجمع مع حرب السردية يصبح استهداف الصحفيين أخطر بكثير من مجرد انتهاك فردي، أو حتى من انتهاك المدنيين. إنه بمثابة إعلان متعمد بأن الرواية الوحيدة المسموح لها بالبقاء هي رواية القاتل.
كان استهداف الصحفي أنس الشريف أمس -وهو أحد آخر المراسلين الذين بقوا في شمال القطاع- حلقة جديدة في سلسلة اغتيالات تستهدف أولئك الذين يملكون القدرة على نقل الصورة الكاملة لما يحدث في غزة. ولا أحد لديه أدنى شك أن استهداف الصحفيين في غزة يأتي في سياق متعمد لقتل الرواية ذاتها، وحجب الحقائق عن الوعي العالمي.
والصحفي في الحرب هو الشاهد الذي يربط بين الحدث وسياقه، بين الصورة والمعنى الذي تشكله في الحرب خاصة وأن الصحفي يتحول هنا إلى «حارس الذاكرة» الذي يحاول أو يسعى ليمنع المأساة من أن تتحول إلى مجرد رقم في تقارير الأمم المتحدة. ولهذا؛ فإن استهدافه هو عملية مزدوجة هدفها إسكات صوت الضحية، وتحرير القاتل من ضغط الاعتراف بما ارتكب.
ما يجري في غزة اليوم يكشف عن ميدان آخر للصراع هو ميدان السيطرة على السرد؛ فالحصار لا يقتصر على الغذاء والدواء، بل يمتد إلى المعلومات التي تسهم في إدانة المحتل، وبمنع الصحافة الأجنبية، وإسكات الصحفيين المحليين يجري خلق فراغ معلوماتي يملؤه الطرف الأقوى بروايته وحدها. وفي هذا الفراغ تتحول الأكاذيب إلى ما يمكن أن تكون حقائق، وتصبح الحرب بلا شهود، وبالتالي بلا ذاكرة.
وخطر هذا الأمر يتجاوز غزة؛ فهو نمط يهدد جوهر النظام الدولي نفسه؛ لأنه يضرب أحد أعمدته: الحق في المعرفة. حين يُقتل الصحفيون بلا مساءلة تتحول «حرية الصحافة» من مبدأ عالمي إلى شعار فارغ، ويصبح الحق في الحقيقة ترفًا مشروطًا بقبول القوى الكبرى له. وحين يقبل العالم هذه السابقة فإنه يفتح الباب أمام جميع الأنظمة الاستبدادية لاستخدام القمع نفسه بذريعة «الضرورة الأمنية».
لا يمكن أن ينظر للصحافة في أوقات الحرب إلى أنها مهنة نقل المعلومة فقط؛ فهي تقوم بأعمال أكبر بكثير في ساحة القتال تمثل في مخاطبة الضمير الإنساني؛ ليستيقظ ويقوم بدوره في وقف المجازر، وهذا فعل مقاومة حضارية ضد المحو والتشويه. وإذا كان التاريخ سيحاكم الجناة فإنه سيحتفظ أيضًا بأسماء من حاولوا إسكات الشهود؛ لأن جريمة إسكات الكلمة لا تقل فداحة عن جريمة قتل الإنسان.
في النهاية؛ الحرب قد تنتهي، لكن آثارها تبقى. وما سيبقى أكثر من الخراب المادي هو الخراب المعنوي الناتج عن غياب الشهود. وحين يغيب الشاهد تصبح الحقيقة أسيرة القوي، والتاريخ ملكًا للمنتصر، بينما تُدفن العدالة تحت ركام الأكاذيب. ولهذا؛ فإن الدفاع عن الصحفيين في غزة هو دفاع عن الحق في التاريخ، وعن آخر ما تبقى للبشرية من ضمانات ضد النسيان.