جامعة القاهرة تقود التحول الذكي في التعليم العربي
تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT
نظّمت اليوم السبت 19 أبريل كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، بالتعاون مع الجمعية العربية للدراسات المتقدمة في المناهج العلمية، المؤتمر الدولي العاشر للكلية والرابع للجمعية، تحت عنوان: "الذكاء الاصطناعي ودوره في الاستثمار في التعليم وتحسين جودة الإنتاج البحثي".
وقد أقيم المؤتمر برعاية كريمة من الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، والدكتور محمود السعيد، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتورة غادة أحمد عبد الباري، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وبإشراف مباشر من الدكتورة إيمان أحمد هريدي، عميدة كلية الدراسات العليا للتربية، والدكتورة وفاء مصطفى كفافي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية.
وشهدت فعاليات المؤتمر حضورًا مكثفًا من القيادات الأكاديمية، والخبراء التربويين، والباحثين من مختلف الدول العربية، إلى جانب عدد من ممثلي وزارة التربية والتعليم، وعلى رأسهم الدكتور أكرم حسن، رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم، ومساعد وزير التربية والتعليم.
د. وفاء مصطفى كفافيوفي كلمتها الافتتاحية، أكدت الدكتورة وفاء مصطفى كفافي أن المؤتمر يأتي في وقت حاسم يشهد فيه العالم تطورات متسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتنوعة، مشددة على ضرورة استثمار هذه التقنيات في التعليم، باعتباره أحد أهم روافد التنمية المستدامة.
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة واعدة يمكن توظيفها لتحسين جودة التعليم والبحث العلمي، إذا ما تم استخدامها بطريقة رشيدة وواعية.
من جانبها، رحّبت الدكتورة إيمان هريدي بالحضور، مشيدة بدعم جامعة القاهرة المتواصل لتوجهات تطوير التعليم. وأكدت أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا لا غنى عنه في مستقبل العملية التعليمية، وأن المؤتمر يُعد خطوة عملية نحو تفعيل رؤية الجامعة في التحول الرقمي والابتكار التربوي.
د. إيمان هريديوأضافت: "إذا تم توظيف الذكاء الاصطناعي بالشكل السليم، فإنه سيكون عاملًا مساعدًا للمعلم وليس بديلًا عنه، حيث أن العقل البشري سيبقى دائمًا هو الإبداع الحقيقي الذي وهبه الله للإنسان".
د.جمال الشاذليوفي كلمته، أوضح الدكتور جمال الشاذلي، أن كلية الدراسات العليا للتربية تؤدي دورًا محوريًا في تشكيل وعي تربوي وأكاديمي متجدد، مشددًا على ضرورة مجاراة التطورات العالمية في الذكاء الاصطناعي، والسعي إلى تحويل مخرجات المؤتمر إلى نتائج ملموسة تسهم في تطوير منظومة التعليم المصري.
كما ألقى الدكتور أكرم حسن كلمة شاملة تناول فيها جهود وزارة التربية والتعليم في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم، مشيرًا إلى التحديات القائمة مثل تطوير أدوات التقويم، ومواجهة مشكلات الغش وتسريب الامتحانات، ودعم فئات ذوي الاحتياجات الخاصة. وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا أكبر على تدريب المعلمين والكوادر التعليمية على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم والتقويم والمتابعة.
د. أكرم حسنأما الدكتور أشرف بهجات، وكيل الكلية للدراسات العليا، فأكد في كلمته أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة محورية في إعداد المعلم وتطوير قدراته المهنية والتربوية، داعيًا إلى الخروج بتوصيات قابلة للتنفيذ من هذا المؤتمر، لتعظيم الفائدة على مستوى المؤسسات التعليمية كافة.
د. أشرف بهجاتوشمل برنامج المؤتمر ثلاث ندوات رئيسية، تناولت الأولى "تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتجارب العالمية"، فيما خصصت الندوة الثانية لـ "الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي"، واختتم المؤتمر بندوة ثالثة بعنوان "الذكاء الاصطناعي وتمكين المعلم وتأهيل القيادات التربوية".
ويُعد هذا المؤتمر محطة بارزة في مسيرة تطوير التعليم في مصر والمنطقة العربية، حيث جمع بين البحث العلمي والتطبيق العملي، وفتح آفاقًا جديدة نحو استثمار التكنولوجيا الحديثة في النهوض بالتعليم وتحسين جودة مخرجاته.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: رئيس جامعة القاهرة وزير التربية والتعليم جامعة القاهرة المؤتمر الدولي العاشر كلية الدراسات العليا مجالات الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی الدراسات العلیا فی التعلیم
إقرأ أيضاً:
هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.
واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.
هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.
ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.
من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلاتويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.
لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".
إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعةوإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.
ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.
لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.
أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.
وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.
لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.
هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.
وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.
إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.
وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.