أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "الاستعلام على وجه رسمي من دار الإفتاء المصرية بالقاهرة، عما إذا كانت الفتوى رقم 10/ 311، صادرة من دار الإفتاء المصرية من عدمه- ومفادها تحريم الاحتفال بشم النسيم-، وفي الحالتين، بيان مدى صحة تلك الفتوى من عدمه، وطلب الإفادة بذلك على وجه رسمي؟".

وردت دار الإفتاء موضحة: أن تلك الفتوى لا وجود لها على الإطلاق في فتاوى دار الإفتاء المصرية منذ إنشائها إلى الآن، بل جميع الفتاوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية واضحة في إباحة الاحتفال بشم النسيم والمشاركة فيه شرعًا؛ سواء في ذلك الفتوى الصادرة في عهد المفتي الأسبق فضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، برقم 314 لسنة 2001م، أو الفتوى الصادرة في عهد المفتي السابق فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، برقم 212 لسنة 2012م، أو الفتوى الصادرة برقم 208 لسنة 2017م.

وسبق لدار الإفتاء المصرية أن أصدرت في ذلك الشأن، الفتوى التالية: “شم النسيم عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأي معتقدٍ ينافي الثوابت الإسلامية، وإنما يحتفل المصريون جميعًا في هذا الموسم بإهلال فصل الربيع؛ بالترويح عن النفوس، وصلة الأرحام، وزيارة المنتزهات، وممارسة بعض العادات المصرية القومية؛ كتلوين البيض، وأكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعًا: فبعضها مما حث عليه الشرع الشريف ورتب عليه الثواب الجزيل؛ كصلة الأرحام، وبعضها من المباحات التي يثاب الإنسان على النية الصالحة فيها؛ كالتمتع بالطيبات، والتوسعة على العيال، والاستعانة على العمل بالاستجمام”.

بعد دعوة الهلالي باستفتاء شعبي على المساواة في الميراث..الهواري: لا ينبغي الاصطدام بالثوابت أو معارضة المستقرهل يجوز الدعاء باللغة العامية في السجود؟.. أمين الفتوى يوضح

وكان الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه -والي مصر من قِبل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- يخطب المصريين في كل عام ويحضهم على الخروج للربيع؛ وذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع؛ كما أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب"، وابن زولاق في "فضائل مصر وأخبارها"، والدارقطني في "المؤتلف والمختلف".

والأصل في موسم "شم النسيم" أنه احتفال بدخول الربيع، والاحتفال بالربيع شأن إنساني اجتماعي لا علاقة له بالأديان؛ فقد كان معروفًا عند الأمم القديمة بأسماء مختلفة وإن اتحد المسمَّى؛ فكما احتفل قدماء المصريين بشم النسيم باسم "عيد شموس" أو "بعث الحياة": احتفل البابليون والآشوريون "بعيد ذبح الخروف"، واحتفل اليهود "بعيد الفصح" أو "الخروج"، واحتفل الرومان "بعيد القمر"، واحتفل الجرمان "بعيد إستر"، وهكذا.

ولم يكن من شأن المسلمين أن يتقصدوا مخالفة أعراف الناس في البلدان التي دخلها الإسلام ما دامت لا تخالف الشريعة، وإنما سعوا إلى الجمع بين التعايش والاندماج مع أهل تلك البلاد، مع الحفاظ على الهوية الدينية.

ولَمّا كان الاعتدال الربيعي يوافق صوم المسيحيين، جرت عادة المصريين على أن يكون الاحتفال به فور انتهاء المسيحيين من صومهم؛ وذلك ترسيخًا لمعنًى مهم؛ يتلخص في أن هذه المناسبة الاجتماعية إنما تكتمل فرحة الاحتفال بها بروح الجماعة الوطنية الواحدة.

وهذا معنًى إنسانيٌّ راقٍ أفرزته التجربة المصرية في التعايش بين أصحاب الأديان والتأكيد على المشترك الاجتماعي الذي يقوي نسيج المجتمع الواحد، وهو لا يتناقض بحال مع الشرع، بل هو ترجمة للحضارة الإسلامية الراقية، وقِيَمِها النبيلة السمحة.

وأما ما يقال من أن مناسبة "شم النسيم" لها أصولٌ مخالفةٌ للإسلام، فهذا كلامٌ غير صحيح ولا واقع له؛ إذ لا علاقة لهذه المناسبة بأي مبادئ أو عقائد دينية، لا في أصل الاحتفال ولا في مظاهره ولا في وسائله، وإنما هو محض احتفال وطني قومي بدخول الربيع؛ رُوعِيَ فيه مشاركة سائر أطياف الوطن، بما يقوي الرابطة الاجتماعية والانتماء الوطني، ويعمم البهجة والفرحة بين أبناء الوطن الواحد، والسلوكيات المحرمة إنما هي فيما قد يحدث في هذه المناسبة أو غيرها من سلوكيات يتجاوز بها أصحابها حدود الشرع أو يخرجون بها عن الآداب العامة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاحتفال بشم النسيم شم النسيم المزيد دار الإفتاء المصریة بشم النسیم

إقرأ أيضاً:

تعرف على السن القانوني لإصدار الفتوى في مصر

يعتبر قانون رقم 86 لسنة 2025 بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية من القوانين الهامة التي أقرها مجلس النواب وصدق عليه الرئيس السيسي الفترة الماضية.

صلاح فوزي: أطالب بإجراء الانتخابات البرلمانية قبل انتهاء الفصل التشريعي بـ3 شهور ونصفجنوب سيناء وتوصيات البرلمان.. بدء إنشاء المنطقة الحرفية وتقنين الأراضيصلاح فوزي: لو تم الأخذ بنظام القائمة النسبية سيهدد بعدم دستورية الانتخابات البرلمانيةمقترح برلماني لتخصيص 60 % من التعاقدات الحكومية لمشروعات الشباب

وتسرى أحكام هذا القانون في شأن تنظيم إصدار الفتوى الشرعية والمختصين بمهام الإفتاء الشرعي ، وذلك دون الإخلال بالإرشاد الديني والاجتهادات الفقهية في مجال الأبحاث والدراسات العلمية والشرعية .

ويستهدف القانون ضبط الفتاوى وتحديد الجهات المختصة بإصدارها، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، ودار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية، وذلك فيما يتعلق بالفتاوى العامة.

وحدد القانون عدة ضوابط واشتراطات لمن يتصدر الفتوى، حيث نص على أنه يشترط لمن يتولى الإفتاء في تلك اللجان أو الاستمرار فيها توافر الشروط والضوابط التي تضعها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وأهمها ما يلي:

1. ألا يقل سنه عن 20 عامًا.

2. أن يكون من خريجي الأزهر الشريف.

3. أن يكون محمود السيرة وحسن السمعة، معروفًا بالورع والتقوى في ماضيه وحاضره.

4. إتمام برامج التدريب والتأهيل في مجال الإفتاء التي تعقدها وزارة الأوقاف بالتنسيق مع دار الإفتاء المصرية.

5. أن يكون له إنتاج علمي بارز في الدراسات الإسلامية.

6. ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة تأديبية.

وفي حال تعارض الفتاوى الشرعية، يرجح رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

طباعة شارك صدار الفتوى الشرعية الفتوى الشرعية إصدار الفتوى تنظيم إصدار الفتوى الرئيس السيسي

مقالات مشابهة

  • ما حكم الزواج العرفي في العصر الحالي؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • ما الفرق بين الرهن والرهان؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • تعرف على السن القانوني لإصدار الفتوى في مصر
  • ما حكم استخدام ChatGPT لمعرفة فتوى؟.. أمين الفتوى يجيب
  • أمين الإفتاء يكشف أعظم حقوق الزوجة على الرجل
  • أمين الإفتاء يحذر: الحياة الزوجية ليست شهوة عابرة
  • هل يجوز صلاة الاستخارة قبل طلاق الزوجة؟.. الإفتاء تجيب
  • أمين الفتوى يوضح الفرق بين الشرط والركن فى الصلاة
  • ما حكم سماع الأغاني دون موسيقى؟.. رد مفاجئ من أمين الإفتاء
  • هل من حق المرأة معرفة مرتب الزوج؟.. الإفتاء تجيب