متحركات الحكومة: عسكرية ودبلوماسية واجتماعية..(1-2)
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
(1) الاستغراق فى تحليل التطورات العسكرية والميدانية ليس هو المدخل الأهم فى معركة الكرامة هذه الأيام ، ذلك أن خارطة المسار العملياتي أتضحت ولم تعد بذات تعقيدات العام 2023م والعام 2024م ، ومع سعى القيادة العسكرية إلى تحييد نقاط قوة مليشيا الدعم السريع المتمردة ، ومع ذلك ، فإن أهم المتحركات فى المرحلة الراهنة فى شمال دارفور دارفور وفى بادية كردفان وفى عمقها ، ويمثل ذلك متحرك الصحراء فى امتداداته وادواره و متابعة حركة المليشيا واستنزاف قدراتها العسكرية ، وقطع خطوط امدادها فى مناطق شمال كردفان ، و المتحرك الثاني وإن لم تبدو ملامحه واضحة ، فهو تمشيط وتأمين منطقة شمال كردفان وحتى الأبيض إنطلاقاً من أمدرمان ، وقد ادركت مليشيا آل دقلو الارهابية خطورة هذا المتحرك ودفعت بقائدها عبدالرحمن جمعة إلى منطقة أم درمان ، لقطع الطريق أمام انتقال الجيش من المدافعة إلى الهجوم على مناطق تمدد مليشيا الدعم السريع المتمردة فى شمال كردفان وتحديداً فى بارا وأم قرفة وأم سيالة وجبرة ، وقد هاجموا صباح امس الأحد 20 ابريل 2025م ارتكازات الجيش فى معسكر النسور ومنطقة الصفوة ، بعد أن غادرت قواتهم يوم الجمعة 18 ابريل 2025م من منطقة دار السلام دون مواجهة.
وتحاول المليشيا منع أي تحرك من هناك إلى ناحية شمال كردفان ، والمتحرك الثالث هو الصياد وقد افردنا لذلك حديث سابق..
والنقطة المهمة فى متحرك الصياد هو تأكيد أن دوره ليس استهداف مجموعة اجتماعية أو قبائل محددة ، وإنما دوره فرض الأمن واخضاع قوة متمردة ، ولهذا من المزعج الحديث عن هجرة المواطنين من ديارهم ، لا أحد لديه غبينة ضد مواطن أو مجموعة قبلية ، وهذه نقطة جوهرية ارجو من الزملاء والفاعلين والمؤثرين الإشارة اليها..
(2)
ومن أهم تحديات الدولة السودانية الآن ، تجفيف منصات ومنابر المليشيا المتمردة خارجياً وإعلامياً ، لقد احدث موقف الحكومة السودانية تقديم شكوى ضد دولة الإمارات العربية المتحدة وحظر المنتجات الكينية (ربكة) فى مصفوفة المليشيا وداعميها وابواقها ، لقد جددت الشكوى تقديم تقارير اعلامية موثوقة وعززت انتباه العالم إلى حجم التدخلات الأجنبية فى القضية السودانية ، والمنابر التى كانت تبادر بالهجوم اصبحت فى موقع الدفاع والتبريرات ، سيكون لهذه الخطوة مع المحاكمات الداخلية التى بدات امس تاثيراً فاعلاً ، كما لعبت الجاليات السودانية بالخارج دوراً كبيراً فى ابراز المواقف الشعبي وقطعت الطريق على محاولات إختطاف الرأى العام السوداني والحديث بإسمه..
ومع ذلك فإن ثمة ادواراً اكثر مطلوبة ، خاصة مع مؤسسات تشريعية ، ونقابات وشرائح المجتمعية..
كما أن ادوار منظماتنا للأسف قاصر ، وخذ مثلاً قضية المختطفين وحالتهم ، هذه جريمة تتحملها كل الأطراف من الداعمين الى الحاضنة السياسية ، وهو مهمة المنظمات والجمعيات الانسانية ونقابات الراى العام والقانون والمؤسسات المتخصصة ، لابد من مفوضية وجمعية لعرض هذه الجريمة وانتزاع الحقوق وكشف الغطاء عن ابعاد هذه الجريمة والوجه القبيح للمليشيا ومن يحاولون تحسين صورتها..
وقد لاحظت تحولاً فى خطابات بعض القوى السياسية التى تتدعي الحياد ولا للحرب واصبحت الآن تتبنى خطاب دعوة المجتمع الدولي للتدخل فى السودان ، وهى دعوة فوق رعونتها ، فإن تجسد انقطاع العشم فى قدرتهم المنافحة السياسية وتباعد مواقفهم مع التيار الشعبي مما جعل كل خيارهم الاستناد إلى تدخل اجنبي يعيدهم إلى المشهد السياسي ، ويا له من حلم بعيد..
حفظ الله البلاد والعباد..
ابراهيم الصديق على
21 ابريل 2025م..
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: شمال کردفان
إقرأ أيضاً:
سيطرة المليشيا على المثلث بتضرب الأمن القومي المصري
(العوينات .. مثلث الشر في خاصرة حدود وادي النيل )
اتحركت قوة عسكرية مصرية بقيادة ضابط و بعض الجنود من إحدى الحاميات العسكرية المصرية في القطاع الحدودي نحو جبال العوينات في مهمة تمشيط و إستطلاع روتينية لكن وقعت في قبضة بعض المتفلتين داخل منطقة جبال العوينات و حينها طلبت القوات المسلحة المصرية من القوات المسلحة السودانية إنو تدخل و تحرر ليها القوة الاحتجزتها المجموعة المتفلتة ، الكلام ده كان تحديدا في منتصف العام ٢٠١٨ و وقتها كان صلاح قوش مدير عام للمخابرات السودانية فقام رسل قوات خاصة من هيئة العمليات قاموا بعملية نوعية كبيرة حرروا فيها القوات المصرية و سلموهم للجانب المصري عبر الطيران و تلفزيون السودان وثق ليها و طلع الناطق الرسمي للجيش المصري شكر الجيش السوداني عبر صفحته الرسمية .
عملنا فلاش باك و رجعنا بالذاكرة لوراء ليييييه ؟ قبل ما اكمل ليكم جهزوا كباية قهوة بدون سكر و دواء و تعالوا نعرف حكاية جبال العوينات او المثلث الحدودي بين مصر و السودان و ليبيا لانو ح اتكلم عن المثلث من جميع اضلاعه ( العسكري و الاستخباراتي و الاستراتيجي ) .
منطقة جبال العوينات هي منطقة جبلية نائية بتقع في نقطة إلتقاء الحدود بين مصر و السودان و ليبيا و هي واحدة من اكتر المناطق وعورة في الصحراء الكبرى ، يلا المنطقة بتمتلك قيمة إستراتيجية و أمنية و تاريخية مهمة لدرجة بعيدة جدا فما تسمع لي كلام اي كائن بيحاول يقلل من اهميتها .
من ناحية إستراتيجية و أمنية بتعتبر من المناطق المن الصعب جدا السيطرة عليها بشكل كامل بسبب التضاريس و بسبب انها بعيدة جدا من اقرب مركز او مدينة و بتمثل موقع حاسم لمراقبة التحركات بين الدول التلاتة و بسبب تضاريسها الصعبة جدا اصبحت ملاذ آمن جدا للمتطرفين و المهربين و اكبر نشاطات تهريب السلاح و البشر و الوقود بتتم من خلالها ، كذلك بتمثل خط دفاع متقدم للمصريين على حدودهم الجنوب غربية بالاضافة لي انو عندها اهمية جيولوجية و مائية لانو فيها ينابيع جوفية كتيرة جدا و لاهميتها دي اصبحت مركز تواجد عسكري و إستخباراتي اتعاونوا فيهو مصر و السودان و ليبيا و اغلبية التواجد الاستخباراتي هناك عبارة عن تواجد غير مباشر ( يعني عندهم عيون و مصادر من البدو و القبائل البتتواجد هناك ) لانو في اهتمام دولي و استخباراتي بالموقع ده و تعتبر نقطة تركيز من الاقمار الصناعية و المراقبة الدولية لانو موقع لعبور كل شئ ممنوع بالاضافة كمان لاهميته التاريخية لانو الكهوف و النقوشات الموجودة على الجبال مسجلة كمواقع تراث عالمي
جبال العوينات دي يا جماعة ما بتشبه اي سلسلة جبال من السلاسل البتعرفوها ، الطبيعة هناك مختلفة تماما و متفردة جداً ، جبال وعرة جدا جدا مشكلة من صخور نارية و فيها كهوف و ( كراكير ) و وديان ضيقة جدا و منخفضات خطيرة فيها بحيرات قديمة جدا و الرياح هناك قوووية جدا و من الصعب جدا انو تتم مراقبتها بالاقمار الصناعية بسبب تكوينات الصخور البتوفر غطاء طبيعي للمنطقة .
من اشهر القبائل البتعرف المنطقة و مجواراها هي قبائل التبو و الزغاوة و واولاد علي و العبيدات من شرق ليبيا و الكبابيش و الهواوير ، فكل الناس الممكن يساعدوا كدللاء للطريق بنلقاهم من القبائل الذكرتها دي .
يلا نجي للمهم في الموضوع و هو الاهمية العسكرية لمثلث العوينات البيعتبر مدخل للعمق الاستراتيجي لكل الدول التلاتة مصر و ليبيا و السودان ، و البسيطر على المثلث بيقدر يتفوق ميدانياً و استخباراتياً و يعمل نقاط إمداد سرية و قادر يشن عمليات هجومية و تخريبية داخل عمق الدول الثلاثة و بسبب طبيعة الارض و التضاريس فاي قوة بتتمركز هناك ح تمتلك ميزة دفاعية عالية و يصبح من الصعب استهدافها بالبر او بالجو من غير خسائر كبيرة
إنسحاب الجيش السوداني من مثلث العوينات معناها اتفتحت ثغرة حدودية خطيرة جدا ح تسمح للمليشا انها تتحرك في اتجاهات واسعة جدا ذي ( الصحراء الليبية و دارفور و صعيد مصر ) بالاضافة لي انو المليشيا ح تستخدم الموقع كمركز تدريب و مخازن للاسلحة و نقاط للتهريب و استقبال الإمدادات من ليبيا و تشاد و السيطرة على المثلث ده معناها خنق الجيش السوداني باكتمال ( منجل ) المليشيا لانو المليشيا مسيطرة على الحدود مع جنوب السودان في نقطة الدالي و المزموم و الحدود مع افريقيا الوسطى في نقطة ام دافوق و الحدود مع تشاد في الجنينة و بالسيطرة على مثلث العوينات ح يكون اكتمل المنجل تماماً ما لم يكن انسحاب الجيش الهدف منه تحقيق اهداف اكبر .
طيب يا نزار سيطرة المليشيا على المثلث بيتضرر منها السودان بس ؟
اكيد لا ، و اكبر المتضررين هي مصر ، فسيطرة المليشيا على المثلث بتضرب الأمن القومي المصري في عمقه الغربي الجنوبي من ناحية الوادي الجديد و المثلث البيربط اسوان بالحدود المصرية الغربية و من الوادي الجديد لحدي وادي العرب و منها لاسوان بتعتبر اقرب واسهل من العوينات لدارفور بالاضافة لي انو ممكن المليشيا تنسق مع الجماعات المتطرفة في ليبيا لاختراق الحدود المصرية او التحريض على تهريب السلاح و العناصر الارهابية لداخل مصر .
جبال العوينات ذي ما ذكرت ليكم بتمثل منصة لمراقبة الاقمار الصناعية و الحركة براً و جواً عبر المثلث و بالواضح كده سيطرة المليشيا على المثلث ح تخلي المثلث عبارة عن نقطة عمياء او نقطة ( عمى أمني ) و ممكن يتم استخدامها كمقر للعمليات الخلفية او مركز للقاء ضباط استخبارات من اطراف خارجية معادية للمحور المصري السوداني ، و سقوط المثلث في يد المليشيا بيعني انو في فشل او خلل إستخباراتي و ميداني يستوجب التدخل و المعالجة السريعة جداً .
و على فكرة سقوط المثلث في يد المليشيا ما بيمثل تهديد للامن القومي في مصر و السودان بس ، بل ح يصل التهديد للقارة العجوز لانو المليشيا ح تشتغل على تجارة تهريب البشر بقوة و دي تجارة بتدخل قروش اكتر من تهريب المخدرات و السلاح .
تعاون حفتر مع المليشيا و دخوله في الحرب بالصورة السافرة دي ما بيعني إلا انو كفلاء حفتر عايزين يضغطو على مصر بصورة غير مباشرة يحققوا من خلالها اهدافهم و كمان حفتر يحقق اهدافه من المصريين خاصة و انو التهديد هنا تهديد مزدوج لمصر ، تهديد من الجنوب عبر المثلث و تهديد من الغرب عبر المليشيات الليبية .
من وجهة نظري بشوف إنو التغاضي عن سيطرة المليشيا على المثلث في حد ذاته جريمة كبيرة جدا و يفترض انو يتم تحرك سوداني مصري مباشر بشن غارات جوية استباقية على مواقع المليشيا في المثلث مع تحرك قوات خاصة و طائرات مسيرة تعطل اي تحرك للمليشيا و إعلان المثلث منطقة عسكرية مغلقة ضمن نطاق عمليات الجيشين المصري و السوداني لمكافحة الإرهاب و حماية السيادة السودانية و المصرية
اي تهاون او تخازل من الجيش المصري معناها ح يخصل تحول امني شبيه لما حصل في سينا و اخطر منو كمان بكتيييير لذلك الموضوع عايز تحرك عاجل و تدخل استخباراتي سريع و حاسم مع تحرك وقائي مشترك قبل ما المليشيا تحول مثلث العوينات لمثلث برمودا يبتلع مصر و السودان مع بعض فمصر براها ما حتقدر على المثلث و خير مثال لذلك ما ذكرناه في اول المقال .
نزار العقيلي