موقع النيلين:
2025-12-12@08:40:58 GMT

الوقائع المؤلمة وساعة القرار

تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT

يزورك الخوفُ حين تتابع ما يجري داخل دواوين الدولة، سقوطها في براثن “الفساد” مدوياً، من يرفض أن يصدق تكاثر الفاسدون، و انهم قد شكلوا اغلبية ميكانيكية، وان نار “الفساد” قد اندلعت في عروق الدولة ويتعذر كبحها، عليه بالنظر إلى عاصفة الانهيار وامواجاً من المظاليم .
بينما هناك من ينتظر منا التصالح مع فكرة ان “الفساد” قد أصبح منهجاً وأن امكانية استعادة الدولة قد أصبحت عصية .

أوجه مقالي هذا إلى قيادة الدولة ، فالشعب يعلم يقيناً أن البلاد قد تمكن منها الفاسدون والخونة، وإنه فقد الكثير في متاهات القيادة .

موسم الحج للعام ١٤٤٦ هجرية ، درجت اللوائح العامة على فتح عطاء عام لشركات النقل البحري والجوي من أجل المنافسة على نقل الحجيج ، هذا العام تقدمت شركات “الجودي اكسبريس” صاحبة باخرة “الجودي” التي أنشئت في العام 1995م، بمساحة (٨٠٠) سرير ، ووجبة عشاء ، وتذاكر مجانية لأمراء الحجيج والمطوفين وشركة “الكنزي” صاحبها مصري الجنسية ، أنشأت في العام 1980م ، بسعة (260) سرير ل (1400) راكب وشركة “تاركو” التي قدمت التزام بنقل الحجيج جواً إذا تعطلت الباخرة، وشركات أخرى.

تم اعتماد شركات (الجودي الكنزي تاركو) لنقل الحجيج بالتوزيع بينهم ، و بالتالي شرعت الشركات الثلاث في ترتيب أوضاعها وصيانة البواخر ، بجانب التواصل مع أمناء الولايات، حتى تكتمل الإجراءات الفنية ومن ثم توقيع العقود النهائية .

بصورة مفاجئة ، اكتشف الجميع أن الأمين العام للحج والعمرة “سامي الرشيد” قد وقع عقد نقل حصري مع شركة “الكنزي” وباخرتها التي تسع (٢٦٠) سرير ، لنقل (1400) حاج ، سيجلس معظمهم على الأرض، وكأنه يتعمد اذلال واهانة زوار بيت الله الحرام.

أخطر ما يمكن أن تصاب به بلاد هو أن يحاول المسؤول العزف على اشواق البسطاء واستغلال حاجتهم، وأن يقدّم منفعته الشخصية على العدالة والمساواة. وأن يلغي كل وازع من ضمير او اخلاق ليكون المرجع الوحيد الممسكَ بالأعناق والأرزاق. وأن يتحوَّل القانون إلى موظفاً صغيراً في مكتبه ، وأن تنتهي الدولة الى ممارسات مافياوية فظة.

لم يكتف الأمين العام للحج والعمرة “سامي الرشيد” بتجاوز القانون واللوائح وتوقيع عقد النقل البحري مع شركة واحدة واستبعاد بقية الفائزون في العطاء، بل فعل ذلك حتى قبل فتح المظاريف، وعندما احتج المغدور بهم ، كان رده قبيحاً، قائلا:” إنا بمزاجي والماعاجبو يمشي يشتكي لمجلس السيادة” ، وكأنه يتوقع أن المعنيون بمجلس السيادة لن يهتموا كثيراً لأمر الحجيج ، قضية السلطة أكثر أهمية.

القيادة التي تلتزم حياداً محيراً تجاه الفساد الذي فاحت رائحته وعمت القرى والحضر؟ ، الا تخشى غضب الناسِ حين يتحرَّكون رداً على الممارسات الوقحة التي ملأت آبار الكراهية حتى فاضت؟ ، و حين يقعون في قبضة باعة الأوهام فيرفضون تجرّع الخسارة ينزلقون إلى الانتفاض على الأوضاع المستفزة.
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إبراهيم شقلاوي يكتب: العودة للخرطوم ورسائل مفضل

أصدر مجلس الوزراء الانتقالي التعميم رقم (18) لسنة 2025 موجّهًا وزارات العدل، الزراعة والري، المعادن، الثروة الحيوانية والسمكية، البنى التحتية والنقل، التحول الرقمي والاتصالات، التربية والتعليم، التعليم العالي، الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية، الشؤون الدينية والأوقاف، والثقافة والإعلام والآثار والسياحة ببدء ترتيبات انتقالها من بورتسودان إلى الخرطوم.

وعلى الرغم من أن القرار يبدو إداريًا، إلا أنه لا يخلو من الدلالات السياسية فهذه الوزارات كانت تعمل في بورتسودان بطاقة محدودة ومهام محدودة ، وعودتها الآن تعني استدعاء كامل القوة العاملة للدولة مع توفير امكانات العمل واستعادة نبض الجهاز التنفيذي إلى مركز السلطة.

وفي الوقت نفسه، فإن انتقالها إلى مقار بديلة داخل الخرطوم، دون منطقة الوسط ، وفقا لتقديرات لجنة الفريق جابر التي تدرس إعادة تخطيط المنطقة المركزية لصناعة عاصمة حديثة. وهنا يكتسب القرار بعده الاستراتيجي: فالدولة لا تكتفي بالعودة إلى الخرطوم، بل تعود ربما وهي تعيد تعريف قلب العاصمة حيث الواقع الجديد ، في خطوة تجمع بين استعادة المؤسسات ، والشروع في هندسة شكل الدولة المقبلة.

عودة الحكومة الاتحادية إلى الخرطوم في ديسمبر الجاري تعيد رسم مركز السلطة في السودان بعد أكثر من عامين من التشتت القسري جراء تمرد مليشيا الدعم السريع . الخرطوم، التي شهدت خرابًا ممنهجًا وفقدت دورها كمسرح للقرار الوطني، تعود لتصبح رمزية الدولة ومرآة سلطتها على الأرض، في وقت ما تزال فيه التهديدات الأمنية والمخاطر السياسية قائمة.

هذا القرار ، إعادة تعريف العلاقة بين المركز والجهاز التنفيذي وإعادة ضبط الأداء المؤسسي على أساس يضمن استقرار العاصمة وقدرة الحكومة على فرض إرادتها لاسيما اننا مقبلون علي خطة للعام الجديد حملت الكثير من الاهداف والتحديات .

بالمقابل جات زيارة المدير العام لجهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل بالأمس لولاية الخرطوم في هذا التوقيت في صميم هذه الاستراتيجية، فهي رسالة مزدوجة: داخليًا تحذر من نشاط المتعاونين مع الميليشيات والخلايا النائمة، وتؤكد أن العودة ليست لحظة انتصار فحسب، بل بداية إدارة دقيقة لما بعد الحرب، وخارجيًا تؤكد قدرة الدولة على التحكم في الخرطوم، وتثبيت وجودها السياسي والأمني قبل أي ترتيبات.

اختيار مفضل لهذا التوقيت ليس صدفة، فهو يتزامن مع القرار الخاص بنقل الوزارات لذلك يهدف إلى ضبط المشهد الداخلي والسيطرة على النسق الأمني والسياسي في العاصمة، وشارة ذكية لتأكيد أن كل تحرك حكومي يتم ضمن خطة واضحة ومنسقة مع كافة الأجهزة الأمنية.

حديث مفضل أيضًا اكد الأهمية الرمزية للأمن والمجتمع المدني والثقافة في تثبيت الدولة: رتق النسيج الاجتماعي، نبذ خطاب الكراهية، وضمان مشاركة مؤسسات الدولة مع المجتمع، كلها أدوات تجعل السلطة ليست مجرد قوة مادية، بل قوة معنوية تستطيع أن تعيد رسم المشهد الداخلي.

لذلك العودة تحمل رسائل واضحة للجبهة الداخلية : أن انتظار القرار لن يكون خيارًا، وأن الخرطوم ستكون مركز المبادرة القادمة ، وأن أي تحرك سياسي داخلي يجب أن يأخذ في الاعتبار طبيعة السلطة المعاد تأسيسها في العاصمة. فالخطر الحقيقي الآن لا يكمن فقط في بقايا الميليشيات، بل في الفراغ السياسي أو التشتت المؤسسي الذي قد يسمح للقوى الداخلية المتربصة أو الخارجية الطامعة بإعادة صياغة الواقع على حساب الدولة.

سياسيًا، القرار يعيد تشكيل القوة بين الدولة وشعبها ، ويؤكد أن الحكومة تتحرك وفق استراتيجية مركزية متدرجة: استعادة السيادة على العاصمة، إعادة ضبط الجهاز التنفيذي، ومزج الأداء الأمني مع العمل السياسي، ما يخلق قدرة أكبر على إدارة الأزمة واستشراف المرحلة المقبلة. هذه الإجراءات ترسل رسالة لكل القوى الإقليمية والدولية: الخرطوم قلب القرار الوطني، بعودتها يعود التوازن وتعود الإرادة الوطنية متماسكة .

العودة للخرطوم إذن ليست مجرد إعادة مقار وزارات او ضبط للأداء التنفيذي للحكومة ، بل إعادة بناء الدولة نفسها من داخل العاصمة، مع وضع جميع الأطراف القيادات العليا ، إداريين، أمنيّين، ومجتمعيين ،ضمن رؤية واضحة لتحقيق تماسك سياسي واستقرار استراتيجي.

بحسب #وجه_الحقيقة ، العودة تمثل تحركًا استراتيجيًا متعدد الأبعاد: داخليًا تؤكد قدرة الدولة على إدارة السلطة وتنظيم المشهد السياسي، أمنيًا تعيد ضبط العاصمة ومواجهة التهديدات، وإقليميًا ترسل إشارات قوية بأن الحكومة ما تزال قادرة على المبادرة والتحكم بزمام الأمور. الخرطوم اليوم ليست مجرد مقر، بل منصة لإعادة تعريف السلطة والسيادة، وقلب أي استراتيجية وطنية أو تفاوضية محتملة ، وما قاله حديث مفضل يؤكد أن المرحلة المقبلة ستُدار بحذر، مع مزج السياسة والأمن والإدارة المؤسسية في بوتقة واحدة لضمان استمرار الدولة واستقرارها.
دمتم بخير وعافية.
الأربعاء 9 ديسمبر 2025م [email protected]

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/09 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يا أيها القبر… كم أنت حلو)2025/12/09 من ينطق2025/12/08 وجوه يجب أن تتقدم المشهد.. لماذا تتجاهل الدولة أصحاب الحجة؟2025/12/08 عائشة الماجدي تكتب ✍️ (يٌمه نحن الجيش)2025/12/08 الصين من الهامش إلي المركز2025/12/08 تحولات آلية دعاية تبرير الغزو2025/12/08شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات غياب الدولة وتمدد المليشيا… ا 2025/12/08

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • قادربوه: قلقون بشأن موقع ليبيا ضمن مؤشرات الفساد الدولية
  • رواتب وامتيازات السلطة المتضخمة مفتاح الفساد!
  • مى عمر تتألق بجمبسوت وساعة ألماس فى مهرجان البحر الأحمر السينمائي
  • عبد المسيح: لبنان لا ينهض إلا بالعدالة والنزاهة
  • مكافحة الفساد الحقيقية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: العودة للخرطوم ورسائل مفضل
  • مجلس شبوة الوطني يرفض الجنوح للقوة ويؤكد أن فرض الوقائع بالقوة يقوّض السلام ويهدد مستقبل المحافظات الشرقية.. عاجل
  • الإمارات تحتفي باليوم العالمي لمكافحة الفساد
  • 6 مبادئ تتبناها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.. التفاصيل
  • ناصري: الجزائر بقيادة الرئيس تبون ماضية في اجتثاث الفساد وصون هيبة الدولة