أبو خابصها ظاهرة بنكهة عراقية .. في سطور
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
أبريل 22, 2025آخر تحديث: أبريل 22, 2025
احمد الحربي جواد
انتشر في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي مصطلح طريف وغريب في آنٍ واحد: “أبوخابصها”.
يطلق هذا اللقب على أولئك الأشخاص الذين يتصرفون بشكلٍ مفرط، غريب، أو حتى “غبي”، وقد يكون تصرفهم هذا مقصودًا أو عفويًا، لكنّ الهدف غالبًا هو جمع أكبر عدد ممكن من الإعجابات والمشاهدات.
لا يمر يوم أو يومان إلا ونجد “أبو خابصها” قد أدلى برأيه في كل شيء: من أسباب فشل العراق في الوصول إلى كوكب المريخ، إلى تفسيره العلمي العميق لاختلاف طعم البامية البايتة في ثريد التشريب!
وفي أي حدث يشغل الرأي العام، ستجده حاضرًا برأي يخالف المنطق والواقع، وآخر مثال هو ما حصل بعد خسارة منتخبنا الوطني في إحدى المباريات، حيث أغرقنا بآرائه التكتيكية والتحليلية، وكأنه مدرب عالمي مخضرم.
ولا يكتفي بذلك، بل يمتد فضوله ليغطي المجال العسكري، بخبرة تعادل ضابط أركان تخرج من أكاديمية “سانت هيرست” البريطانية، ومع ذلك لا يتردد في إظهار مواهبه الهندسية في البناء والفضاء والصواريخ العابرة للسطح… باختصار: موسوعة متنقلة.
أما في السياسة؟ فحدّث ولا حرج. لديه آراء ومعلومات “حصرية” لم يسمع بها السياسيون أنفسهم، ويبدأ حديثه بجملته المفضلة:
“جماعة قالوا لي، وانت أخوية وما أضم عليك شي”، وكأنها وثائق ويكيليكس خاصة به فقط!
لكن الخطر الأكبر يظهر حين يتحول إلى الطبيب العلاّمة.
المريض العراقي اليوم يقف حائرًا بين توجيهات طبيبه المختص، ونصائح صديقه “أبو خابصها” الذي سبق أن أُصيب بنفس الأعراض، والاختلاف فقط في الطبيب، والتشخيص، والدواء!
وفي كل بيت عراقي ستجد “طبيبًا” من هذا النوع، يُشير باستخداماته العشوائية:
“قبل الأكل، بعد الأكل، خذ نص حبة، كلها مرة وحدة”.
وإذا ساءت حالة المريض، وذهب إلى المستشفى، فإن “الكردوس” المرافق لا بد أن يتضمن نسخة من “أبو خابصها”، وستميّزه بسهولة، لأنه سيكون مشرفًا عامًا:
“وين الطبيب؟ وهي وينها الممرضة؟”، رغم أنه يراهم أمامه.
ولا تنسَ تعليقه الحاسم:
“ليش ما شدّوله كانونِة؟ يرادله واحد ياخُذله سونار، وخل يضربوله إبرة أحسن”!
حتى القانون لعبته! فهو قاضي، ومحامي، وإذا لزم الأمر… حرامي.
ويستطيع شرح الفروقات الدقيقة بين قوانين المرور البريطانية والأمريكية، والغرامات والمعاملات الحكومية والعقارية.
أما في قيادة السيارة؟ فـ”أبو خابصها” لا يستخدم الإشارة مطلقًا، وصوت المنبه والإضاءة العالية عنده ليست للسلامة بل للعزف،
يعزف بها “هوسات” وكأن الشارع مسرحٌ خاص به!
“أبو خابصها” موجود في كل مكان، في كل وقت، ومع كل حدث.
وما علينا إلا أن نتجاهله، لا نعطيه حجمًا أكبر مما يستحق، كي لا يتحوّل إلى نقمة علينا… ونعمة عليه.
وللحديث بقية… دمتم سالمين.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
يوم دراسي بالرباط يناقش ظاهرة الشعبوية في العالم المعاصر
نظّم مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، بشراكة مع المركز الدولي للدراسات في الإعلام والتنمية، يوماً دراسياً حول موضوع « الشعبوية في عالم اليوم »، وذلك يوم الإثنين 23 يونيو الجاري، بمقر المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط.
وقد شكّل اللقاء مناسبة لتسليط الضوء على ظاهرة الشعبوية، ومساءلة علاقتها بالسياقات السياسية وبحقل العلاقات الدولية، في ظل ما يشهده العالم من تحولات متسارعة.
في مداخلته، أوضح إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، أن فهم الشعبوية يقتضي اعتماد أربع مقاربات أساسية؛ فهي تُدرَس بوصفها إيديولوجية، وخطاباً، وأسلوباً سياسياً، واستراتيجية سياسية. وأكد في ختام مداخلته أن الشعبوية لا تفضي بالضرورة إلى تصعيد النزاعات الدولية.
أما عبد الحميد بن خطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، فقد عرّف الشعبوية بأنها خطاب سياسي يعتمد على تحريك العاطفة وشخصنة العلاقات السياسية، بهدف التقرب من الجمهور عبر استغلال مشاعرهم ومخاوفهم. واستدل في ذلك بخطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كما أشار إلى أن الشعبويين يسعون إلى شيطنة الإعلام والمؤسسات الدولية، مقدّمين إياها كأعداء مباشرِين للشعب، مشدداً على أن العاطفة وشخصنة السلطة يشكّلان الركيزتين الأساسيتين لهذا الخطاب.
من جهته، تناول محمد عبد الوهاب العلالي، أستاذ التواصل السياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، العلاقة بين الشعبوية والتواصل السياسي، منطلقاً من حالة الصراع الإيراني الإسرائيلي. واعتبر أن الخطاب السياسي في هذا السياق يُبنى على ثنائية الخير والشر، وفكرة « الاستئصال المتبادل »، حيث ينظر كل طرف إلى الآخر كعدو يجب القضاء عليه. وأكد أن مثل هذا الخطاب يوظف التخويف والأساطير والعقائد الدينية، مما يُفضي إلى انتشار الخطابات المضللة، محذّراً من أن الشعبوية تُعد تهديداً حقيقياً للديمقراطية.
أما محسن بن زاكور، أستاذ علم النفس بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، فقد أبرز أن الشعبوية تقوم على البعد العاطفي والتبسيط المفرط للوقائع، وتلجأ إلى خطابات تحفيزية وتوليد عداوات خارجية، لتسويق الوهم للجمهور. وأضاف أن الزعيم الشعبوي يُقدَّم كـ »منقذ »، مما يحوّل الحملات الانتخابية إلى ساحة للتلاعب بالكلمات والمفاهيم.
ويأتي هذا اليوم الدراسي في سياق الحاجة المتزايدة لفهم تعقيدات الخطاب الشعبوي، واستيعاب تداعياته على الممارسة السياسية ومستقبل الديمقراطيات في العالم.
كلمات دلالية الشعبوية