ما تعرضت له الموانئ اليمنية من استهداف وتدمير ممنهج منذ العام 2015م يندرج في إطار جرائم الحرب الكبرى
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
الثورة / أحمد كنفاني
في جريمة جديدة تُضاف إلى سجلّ الاعتداءات الوحشية، دمّر طيران العدوان الأمريكي مساء الخميس الماضي ميناء رأس عيسى النفطي بالصليف في محافظة الحديدة بالكامل، في إطار حرب إبادة ممنهجة تستهدف المنشآت الاقتصادية.
وهذه هي المرة الثانية التي يستهدف فيها الميناء النفطي، حيث تعرّض من قبل لقصف مكثّف من الطيران الأمريكي الإسرائيلي، الذي استهدف البنية التحتية بشكل مباشر، مخلّفًا دمارًا هائلًا في أرصفته ومرافقه الحيوية.
الميناء، الذي كان يُشكّل منشأة مدنية يُستخدم لأغراض مدنية بحتة يقتصر على استقبال وتفريغ المشتقات النفطية والغازية، وتخزينها قبل نقلها وتوزيعها إلى العاصمة صنعاء والمحافظات اليمنية، لتغطية احتياج المواطن من المواد الحيوية المرتبطة بالحياة اليومية، أصبح الآن حطامًا متناثرًا، بعدما مزّقت الصواريخ بنيته وجعلت منه ساحة رمادٍ مليئة بدماء 80 شهيدا، ناهيك عن إصابة أكثر من 150 من عمال وموظفي المنشأة من شركتي النفط والغاز.
لم يكن استهداف الميناء حدثًا منفصلًا، بل يأتي ضمن استراتيجية العدوان الأمريكي الصهيوني الأرعن لتدمير كل مقوّمات الحياة في اليمن، فإلى جانب الميناء، طالت الغارات الأسواق والمصانع والمزارع، ما يعمّق من الأزمة الإنسانية التي يعيشها أكثر من 30 مليون مواطن يمني محاصرين منذ سنوات طويلة.
إن عجز الإدارة الأمريكية عن تحقيق أي من أهدافها في إرغام اليمن وقواته المسلحة على وقف مساندته للشعب الفلسطيني في غزة جعلها تتمادى في جرائمها وتتهور أكثر من أي وقت مضى في استهداف المدنيين وضرب البنية التحتية، وتحديدًا تدمير ما تبقى من المقدّرات الاقتصادية، بما في ذلك استهداف موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومطار الحديدة الخارج عن الخدمة بأكثر من 60 غارة متتالية، وُصفت بالأعنف منذ منتصف مارس الماضي وابريل الجاري 2025م.
ويؤكد النائب الأول لرئيس الوزراء بحكومة البناء والتغيير العلامة محمد مفتاح، أن الجريمة الأمريكية لا مبرر لها على الإطلاق، والعدوان الأمريكي بأكمله على اليمن غير مبرر.. وقال” إن الأمريكي منفرداً عن كل العالم أتى إلى بلادنا يعتدي علينا بذريعة حماية الملاحة التي لا توجد أي مشكلة حولها”.
وأشار إلى أن الملاحة محمية، والذي يهددها ويهدد السلم والأمن الدوليين هو العدوان الأمريكي على الشعوب وعلى رأسها الشعب اليمني.. موضحاً أن موضوع منع الملاحة عن البحرية الصهيونية مرتبط بوقف الكيان الصهيوني العدوان ورفع الحصار عن غزة.
ودعا العلامة مفتاح جميع دول العالم إلى إدانة الجريمة الأمريكية التي استهدفت العاملين في الميناء وملاك المحطات وأصحاب قاطرات النفط.. مؤكداً أن العدو الأمريكي تعمد إبادة جميع المتواجدين في ميناء رأس عيسى بسلسلة غارات إجرامية.
وجدد التأكيد على أن اليمن لن يسمح للأمريكي بفرض حصار على بلادنا، وعلى العدو تحمّل تبعات هذه الجريمة.. مضيفاً “على من بلعوا ألسنتهم ولم يدينوا هذه الجريمة، أن يخرسوا عندما يأتي الرد اليمني”.
بدورهما يعتبر وزيرا النقل والأشغال العامة بحكومة البناء والتغيير محمد عياش قحيم والنفط والمعادن الدكتور عبدالله الأمير، أن الاستهداف المباشر لموانئ الحديدة من قبل العدو الأمريكي الإسرائيلي له تداعيات كارثية خطيرة، ويفاقم من الأزمة الاقتصادية والمعيشية.
وأشارا إلى أن الجريمة الأمريكية في ميناء رأس عيسى عنوان فشل ذريع للعدوان على اليمن.. ولفتا إلى أن تدمير العدو الأمريكي للمنشآت المدنية محاولة فاشلة لإثناء الشعب اليمني عن موقفه المبدئي في نصرة غزة.
وأضافا ” نقول للمرتزقة وكل الذين باعوا دينهم بحفنة من الأموال: اصمتوا ولا تكونوا أبواقاً للأمريكي والصهيوني”.
وأكدا أن ميناء رأس عيسى منشأة مدنية خدمية للشعب اليمني، والعدو الأمريكي تعمد تدميرها لإلحاق الأذى بالمواطنين.. ونوها إلى أن هذه الجريمة الكبرى لن يتم السكوت عليها ولن ثني الشعب اليمني عن إسناد غزة.
من جانبه يوضح محافظ الحديدة عبدالله عطيفي، أن ما أقدم عليه العدو الأمريكي من استهداف ميناء رأس عيسى حرب ممنهجة ضد المواطنين.. مؤكدًا استمرار موقف اليمن الثابت في إسناد غزة حتى يتوقف العدوان الصهيوني على الفلسطينيين.
“كارثة بيئية وإنسانية”
إضافة إلى الخسائر الاقتصادية، يُنذر تدمير الموانئ بكارثة بيئية، حيث حذرت وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية من مخاطر التلوث البحري الناجم عن استهداف العدوان الأمريكي لميناء رأس عيسى النفطي بالحديدة، والذي تسبب في تسرب كميات كبيرة من النفط إلى مياه البحر.
وأوضحت الوزارة أن القصف بأكثر من 16 غارة الخميس الماضي، أدى إلى تدمير مرافق الميناء وخزانات التخزين، الأمر الذي تسبب في تسرب كميات من المواد النفطية والصناعية السامة إلى مياه البحر، ما يُنذر بوقوع كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر، قد تتسبب في تدمير النظام البيئي البحري، ونفوق كميات كبيرة من الأحياء البحرية، وتهديد الثروة السمكية التي تعد مصدر رزق لمئات الآلاف من الأسر اليمنية.
وأشارت الوزارة في بيان صادر عنها إلى أن انتشار بقع التلوث النفطي في المياه الإقليمية اليمنية قد يؤدي إلى إغلاق مناطق صيد واسعة، ويعطل النشاط البحري، ويؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي في البلاد، في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن.
ودعت المنظمات الدولية المعنية بالبيئة إلى إدانة هذه الجريمة والمساعدة في احتواء التسرب النفطي الناجم عن استهداف الميناء للحد من تأثيراته الكارثية على البيئة البحرية.
وحمّلت الوزارة أمريكا المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة وما تترتب عليها من تداعيات إنسانية وبيئية واقتصادية جسيمة.. مؤكدة أن صمت المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، شجّع العدوان على ارتكاب مثل هذه الجرائم.
بدوره، يقول الناشط البيئي محمد خليل “ما جرى ليس فقط تدميرًا لميناء رأس عيسى، بل جريمة بيئية تهدد البحر والكائنات البحرية، العدوان الأمريكي الاسرائيلي لم يكتفِ بقتل البشر، بل يقتل حتى البحر”.
ورغم الدمار الهائل للأعيان المدنية والاقتصادية في معظم المحافظات، يتمسّك اليمنيون بقضية مناصرة الفلسطينين في غزة، في مشهد مؤثّر، في رسالة تحدٍّ واضحة بأن اليمن مع غزة وفلسطين مهما حاول العدوان محو ملامح الحياة فيها.
من جانبه يقول رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية زيد أحمد طه الوشلي، طيلة الفترة الماضية، صوّب العدوان عبر أبواق إعلامه من المرتزقة الفاشلة على ميناء الحديدة مقر تستخدمه القوات المسلحة اليمنية كحجة سخيفة تريد من بعدها استهداف هذا الميناء وقطع الشريان الإنساني الوحيد للبلاد وبالتالي تشديد الحصار وخنق الشعب اليمني.
وأوضح أن الغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة منذ 20 يوليو حتى 19 ديسمبر العام الماضي خلفت خسائر تقدر بنحو 313 مليون دولار.
وأكد الوشلي أن مؤسسة موانئ البحر الأحمر ما زالت تعاني تبعات الأضرار السابقة للغارات الإسرائيلية على موانئ الحديدة الثلاثة.
وبيّن أن الغارات الأمريكية وما سبقها من الإسرائيلية الأخيرة تسببت بأضرار جسيمة في المعدات والبنية التحتية لميناء الحديدة، والتي طالت الكرينات (الرافعات) الجسرية ومحطة الكهرباء واللنشات القاطرة المساعدة للسفن.
معتبرا تدمير الموانئ اليمنية انتهاكا صارخا لمبادئ وأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ومنها اتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكولات الملحقة بها، التي تجرم استهداف المرافق الحيوية التي لا غنى للناس عنها كالموانئ والمنشآت الاقتصادية باعتبارها من الأعيان المدنية المحظور استهدافها.
“زيارة البعثة الأممية لموانئ الحديدة”
زار وفد من البعثة الأممية المقيمة في الحديدة الاثنين الماضي، ميناءي الصليف ورأس عيسى برئاسة محمد رفيق الإسلام.
وأطلع الوفد المكون من الخبراء الأمميين محمد زيني بن عثمان، وأوغسطين كويسي أسيبور، وريتشارد سيكيتيلكو، على حجم الأضرار التي لحقت بهما جراء الغارات التي شنّها العدوان الأمريكي.
واستمع من ضابط الارتباط الميداني العقيد علي المطري إلى شرح حول التداعيات الخطيرة لاستهداف الموانئ، وانعكاسات ذلك على الوضع الإنساني والاقتصادي في البلاد، لاسيما في ظل استمرار الحصار وتصاعد الأزمة الإنسانية.
وأعرب أعضاء البعثة الأممية عن استيائهم الشديد إزاء حجم الدمار، مؤكدين أن زيارتهم تهدف إلى توثيق الانتهاكات وفقاً للقانون الدولي الإنساني، وأنهم بصدد إعداد تقرير محايد وموضوعي سيتم رفعه إلى الجهات الأممية المعنية.
من جانبه، أكد العقيد المطري أن الزيارة تأتي في إطار التعاون مع الأمم المتحدة لكشف وفضح جرائم العدوان.. مشيراً إلى أن تدمير الموانئ يعرقل وصول المساعدات ويزيد من معاناة المواطنين.
“نبذة عن ميناءي الحديدة والصليف”
تبلغ المساحة الكلية لميناء الحديدة (314,955,726) متر مربع، تتوزع كالآتي :
المساحة المائية (307,455,726) متراً مربعاً. المساحة البرية (7,500,000) متر مربع.
فيما تبلغ الطاقة التصميمية القصوى (9,000,000) طن سنوياً، تتوزع للبضائع عامة (1,000,000 طن)، صب جاف (1,500,000طن) ، صب سائل (4,000,000 طن)، بضائع محواه (2,500,000 طن)، للحاويات (280.000) حاوية مكافئة سنوياً.
في حين يبلغ اجمالي المساحة الكلية لميناء الصليف (33,174,313) متراً مربعاً.
المساحة المائية (32,056,513) متراً مربعاً.
المساحة البرية (1,117,800) مترمربع .
وتقدر الطاقة التصميمية القصوى (2,500,000) طن سنوياً، للبضائع صب جاف (2,500,000طن ).
وتشكل تلك الموانئ المدنية شريان حياة لليمنيين يعتمدون عليها في استقبال السفن وتزويدهم بالمواد الغذائية والنفطية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مظاهرة في شوارع لاهاي ضد الناتو عشية انعقاد القمة الكبرى للحلف
خرج المئات من المحتجين إلى شوارع لاهاي تنديدا بارتفاع الإنفاق الدفاعي لحلف الناتو والحرب المحتملة مع إيران، وذلك قبل أيام فقط من استضافة المدينة الهولندية للقمة الحاسمة للحلف. اعلان
تجمع المئات من الأشخاص يوم الأحد للاحتجاج على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وارتفاع الإنفاق العسكري، وخطر الحرب مع إيران. وتأتي المظاهرة قبل يومين من قمة الحلف في لاهاي، حيث من المتوقع أن يناقش القادة زيادة ميزانيات الدفاع.
وقال السياسي البلجيكي جو دايس مخاطبًا الحشود التي تجمعت في حديقة بالقرب من مكان انعقاد القمة: "دعونا نستثمر في السلام والطاقة المستدامة".
وعلى الرغم من أن الاحتجاج ركز على حلف شمال الأطلسي والحرب في غزة، إلا أن العديد من الإيرانيين انضموا إلى المتظاهرين رداً على الهجمات التي نفذتها الولايات المتحدة يوم الأحد على ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية. وشوهد المتظاهرون يحملون لافتات كتب عليها "لا للحرب على إيران" و"ارفعوا أيديكم عن إيران".
"نحن ضد الحرب. يريد الناس أن يعيشوا حياة سلمية"، قال حسين همداني البالغ من العمر 74 عاماً، وهو إيراني يعيش في هولندا. "الأمور ليست جيدة. فلماذا ننفق المال على الحرب؟".
وقال أرنو فان دير فين، المتحدث باسم تحالف القمة المضادة من أجل السلام والعدالة، الذي نظم الاحتجاج، إن دور حلف شمال الأطلسي أصبح إشكاليًا الآن بعد أن قررت الولايات المتحدة الانضمام إلى إسرائيل في الحرب على إيران.
وقال ليورونيوز: "إذا كان هناك رد انتقامي من إيران الآن، والذي سيكون عادلاً ومشروعاً بموجب القانون الدولي، فإننا كهولندا سنكون نحن أيضاً في حالة حرب مع إيران".
"الخطوة التالية هي حرب نووية. وهذا هو ما يقلقنا بشكل لا يصدق، ولهذا السبب يمكننا أن نرى أنه في اللحظة التي تشتري فيها المزيد من الأسلحة، تزداد فرص استخدامك لها أيضًا. وهذا أمر يهدد الحياة".
غالبًا ما يتعرض النشطاء المناهضون لحلف الناتو للانتقاد بسبب موقفهم الذي يُفترض أنه مؤيد لروسيا. ومع ذلك، أكد فان دير فين على أن منظمته تقف ضد الإمبريالية الروسية، وتعارض في نفس الوقت الإمبريالية الأمريكية.
وقال: "كلاهما يحاولان الآن تقاسم الموارد الطبيعية في باطن الأرض في أوكرانيا". "إن سكان أوكرانيا هم ضحية هذه الحرب، وكذلك سكان روسيا، لأنهم جميعًا منخرطون في الجيش".
تستضيف هولندا القمة السنوية لحلف الناتو، التي تبدأ يوم الثلاثاء، ويجتمع قادة العالم يوم الأربعاء.
ويخطط القادة للاتفاق على زيادة الإنفاق الدفاعي، وهو ما يطالب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كانت المحادثات قد أوشكت على الانتهاء الأسبوع الماضي، إلى أن أخبر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الأمين العام للناتو مارك روته أن مطالبة إسبانيا بإنفاق 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع "غير معقول ويؤدي إلى نتائج عكسية".
منذ غزو روسيا لأوكرانيا قبل أكثر من ثلاث سنوات، زادت دول الناتو من إنفاقها الدفاعي. ولكن لا يزال ثلثها تقريبًا لا يفي بالهدف الحالي البالغ 2%.
تُعقد القمة في ظل إجراءات أمنية مشددة، مع أكبر عملية أمنية على الإطلاق في هولندا، والتي يطلق عليها "الدرع البرتقالي". وهي تشمل الآلاف من ضباط الشرطة والجيش، وطائرات بدون طيار، ومناطق حظر الطيران، وفرق الأمن السيبراني.
منتج شريط الفيديو • Evelyn Ann-Marie Dom
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة