الشرق الأوسط : تتعرض مدينة الفاشر لقصف مدفعي كثيف من «قوات الدعم السريع»، في وقت توسع توغلها البري ببطء وحذر، فيما تعمل قوات الجيش السوداني، والقوة المشتركة المتحالفة معها، على منع تقدمها والسيطرة عليها، واستولت «الدعم السريع»، الأسبوع الماضي، على مخيم زمزم للنازحين، الذي يبعد نحو 12 كيلومتراً جنوب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، لإحكام الحصار على المدينة من عدة محاور، وكانت أغلب التوقعات تذهب إلى أنها قد تشن هجوماً برياً سريعاً خلال أيام قليلة.



ووثقت مقاطع فيديو تداولتها حسابات موالية لـ«الدعم السريع» في منصات التواصل الاجتماعي، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة تدور داخل الفاشر، وتصاعد أعمدة الدخان بكثافة في محيط الأحياء السكنية.

وتعرضت الفاشر لأكثر من 200 هجوم على مدى عام لمحاولات من «الدعم السريع» لاقتحامها والسيطرة عليها، أحبطتها قوات الجيش السوداني والفصائل الدارفورية المتحالفة.

وقالت مصادر محلية إن «الدعم السريع» دخلت بالفعل في أحياء سكنية والفاشر، وأن هناك قتال شوارع يدور بين الطرفين، وأن المعارك على أشدها، يتوقع بعدها أن تبدأ في الاجتياح النهائي.

أضافت المصادر أن هذا الهجوم يختلف كثيراً عن سابقاته؛ إذ تطلق «الدعم السريع» من مناطق تمركزها القذائف المدفعية تجاه الأحياء السكنية والمواقع العسكرية.

وأفادت مصادر محلية غادرت الفاشر «الشرق الأوسط» بأن المدينة دمرت بشكل كبير، جراء القصف العشوائي الذي ظلت تشنه «قوات الدعم السريع» من دون توقف.

وقالت المصادر نفسها إن أعداداً كبيرة من الأهالي هجروا منازلهم، ومن تبقى منهم يسعى للفرار بعد اشتداد القصف والاشتباكات في الأيام الماضية.

ويريد القادة العسكريون لـ«الدعم السريع» الاستيلاء على الفاشر لأسباب عسكرية وسياسية، بحكم أنها المعقل الأخير للجيش والقوات المتحالفة في إقليم دارفور، والسيطرة عليها قد يمكنها من تهديد مناطق أكبر في شمال البلاد، بحسب تهديدات سابقة صادرة من قادتها العليا.

ووظفت «الدعم السريع» موارد عسكرية ضخمة للاستيلاء على المدينة، ونجحت بالسيطرة على محليات: المالحة وأم كدادة ومخيم زمزم، لعزلها تماماً عن أي إمداد عسكري أو لوجيستي لفك الحصار عنها.

وأفادت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني في الفاشر، بأن قواتها تمكنت، الأربعاء، من صد أعنف هجوم شنته «الدعم السريع» بهدف التسلل من الاتجاه الجنوبي الغربي للمدينة، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف العدو.

وقالت الفرقة السادسة في بيان على موقع «فيسبوك»، الخميس، إن «الأوضاع تحت السيطرة التامة بفضل قوات الفاشر الباسلة الصامدة».

وإذا لم تستطع «قوات الدعم السريع» السيطرة على المدينة، فقد يمثل ذلك انتكاسة كبيرة لها.

وكان الجيش توعد بعد انتهاء المعارك في الخرطوم بأنه سيتوجه لتحرير دارفور.

في وقت سابق، حذر قائد حركة «جيش تحرير السودان»، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، من أن سقوط الفاشر يعني سقوط مدن السودان بالتتابع.

وبحسب «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر»، فإن القصف المدفعي الكثيف الذي تشنه «الدعم السريع» على الفاشر، يتزامن مع إطلاقها مسيرات انتحارية واستراتيجية عشوائياً على المناطق السكنية.

وقال المستشار القانوني لـ«الدعم السريع» محمد المختار لـ«الشرق الأوسط»، إن «قواتنا تحرز تقدماً ملحوظاً وتقترب من أسوار الفرقة العسكرية للجيش... قواتنا تضغط بشدة، والاستيلاء على الفاشر لن يستغرق وقتاً طويلاً».

وقال المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، اللواء معتصم عبد القادر الحسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجيش السوداني يعمل وفق استراتيجية كلية، وتنفذ قواته حالياً عمليات عسكرية مكثفة في إقليمي دارفور وكردفان لقطع الإمداد العسكري والبشري عن (الدعم السريع) هناك، وقطعاً ستؤثر هذه التحركات على الوضع في الفاشر لصالح الجيش». وأضاف أن القوات في الفاشر استطاعت الصمود طيلة الأشهر الماضية، وصد أكثر من 200 هجوم على المدينة، وأحياناً كانت تنفذ هجمات تجبر «الدعم السريع» على الانسحاب، بالإضافة إلى قيامها بعمليات استخباراتية لوقف أي إمداداتها بالمقاتلين من الحواضن الاجتماعية الموالية لها.

وذكر أن الوضع يحتاج إلى بعض الوقت، لكن من ناحية التفوق فإن الحشود العسكرية التي انطلقت صوب الفاشر ستحرر من الخارج والداخل، ولا توجد أي إشكالات للقوات داخل المدينة في الصمود وتقديم التضحيات.

وأشار إلى أن الجيش جهز قوة كبيرة من القوات المساندة له من كتائب (البراء بن مالك ودرع السودان) والمقاومة الشعبية، بالإضافة إلى القوات الموجودة في الفاشر، سيتم فك الحصار عن المدنية.

وقال عبد القادر إن «قوات الدعم السريع» في محيط الفاشر شبه محاصرة، وليست لديها القدرة على مواصلة خطوط الإمداد، وتعويض الأسلحة والذخائر، والخسائر في صفوف مقاتليها، وهي نفس الخطط التي اتبعها الجيش في العاصمة الخرطوم والولايات الوسطى لمحاصرة «الدعم السريع» وهزيمتها.

وأضاف: «لا أتوقع أن تستغرق العمليات في دارفور طويلاً، وما يروج له قادة (ميليشيا الدعم السريع) عن قرب سقوط الفاشر، لا يعدو أن يكون دعاية إعلامية حربية، لكن المعركة الحقيقية ستحسم لصالح القوات المسلحة السودانية».

مع تفاقم الأوضاع والحشود العسكرية، تتزايد المخاوف من تردي الأوضاع الإنسانية أكثر في الفاشر التي فر منها الآلاف من المدنيين في الأسابيع الماضية بسبب النقص الكبير في الغذاء ومياه الشرب والأدوية.

وقتل وجرح المئات من المدنيين خلال الأيام القليلة الماضية في الفاشر جراء القصف المدفعي المتواصل الذي تشنه «الدعم السريع» على المدينة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی الشرق الأوسط على المدینة فی الفاشر

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري أمريكي: دعم الغرب لأوكرانيا "هذيان مكلف" وزيلينسكي يقود بلاده نحو الهاوية

أثار المقدم المتقاعد في الجيش الأمريكي دانيال ديفيس جدلًا واسعًا بتصريحاته النارية ضد دعم الغرب لأوكرانيا، معتبرًا أن الاستمرار في دعم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي "لا طائل منه"، وأن هذا الدعم لا يُغير من الواقع العسكري والسياسي في البلاد.

وأكد ديفيس، في مقابلة على قناة "ديب دايف" على يوتيوب، أن زيلينسكي "يفتقد القدرة على اتخاذ قرارات عقلانية"، واصفًا تصريحاته وتصرفاته بـ "الهذيان"، مشددًا على أن كل دولار أو يورو أو طلقة ترسلها الدول الغربية إلى كييف، كأنما تُلقى في سلة المهملات.

تصعيد مفاجئ وتجميد إنسانيات الحرب.. ترامب: زيلينسكي يتهرب من تبادل الجثث والأسرى بضغط غربي ترامب يعلن قطيعة نهائية مع إيلون ماسك: "سيتحمّل عواقب وخيمة إن دعم الديمقراطيين" دعوة للتوقف عن دعم كييف: المساعدات لن تغيّر مجرى الحرب

طالب الخبير العسكري المتقاعد دول الغرب بـالتوقف عن تقديم أي دعم عسكري أو اقتصادي جديد لأوكرانيا، موضحًا أن استمرار الدعم لن يؤثر في مسار الحرب ولن يحقق أهداف واشنطن أو حلفائها الأوروبيين.

وقال ديفيس: "على الجميع أن يدرك أن ما يُقدّم لأوكرانيا يتم خصمه من احتياطيات الدول المانحة، دون أي مردود حقيقي"، داعيًا إلى إعادة التفكير في الاستراتيجية الغربية تجاه الأزمة الأوكرانية.

عجز مالي قياسي في أوكرانيا واستمرار الاعتماد على الخارج

ورغم التحذيرات الغربية المتزايدة، فإن أوكرانيا لا تزال تعاني من عجز غير مسبوق في الميزانية، بلغ نحو 43.9 مليار دولار أمريكي للعام 2024، وتُعول بشكل كبير على المساعدات الدولية لتغطية احتياجاتها التمويلية والعسكرية.

وتُجري الدول الغربية مناقشات مطولة حول حزم المساعدات الجديدة، في وقت أشار فيه رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى أوكرانيا، جافين غراي، إلى أن هذه المساعدات ستتراجع تدريجيًا، مطالبًا كييف بتطوير مصادر تمويل ذاتية بديلة عن الدعم الخارجي.

الإليزيه: ماكرون سيزور غرينلاند بعد تهديد ترامب بضمها إلى الولايات المتحدة ترامب: وفد أمريكي يجري مفاوضات تجارية مع وفد صيني في لندن يوم 9 يونيو زيلينسكي يشكو من تباطؤ المساعدات ونقص الإنتاج المحلي للأسلحة

وفي ظل هذا الوضع الحرج، عبّر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عن تذمره من ضعف الموارد المالية لإنتاج الأسلحة محليًا، وشكا من بطء تدفق المساعدات الغربية، مما يزيد من صعوبة موقف بلاده في مواجهة التصعيد الروسي المستمر.

وتعكس تصريحات زيلينسكي حجم التحديات التي تواجهها كييف داخليًا وخارجيًا، وسط تشكيك متزايد من قبل حلفائها الغربيين في جدوى استمرار دعمها، خاصة في ظل غياب تقدم ملموس على الأرض.

مقالات مشابهة

  • أبطال الفاشر يهنئون الشعب السوداني بعيد الأضحى المبارك – فيديو
  • غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بمدينة الفاشر: ظروف إنسانية صعبة وتحديات أمنية جراء القصف المدفعي المستمر من قبل الدعم السريع
  • هجمات بالمسيّرات وتحركات ميدانية كثيفة.. معارك ضارية بين الجيش السوداني و«الدعم» في كردفان
  • خبير عسكري: مواجهة روسيا وأوكرانيا ضربت معايير الحرب التكتيكية
  • طريق واحد وجدران من الخوف.. الحصار يضاعف أزمة الفاشر
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر
  • خبير عسكري أمريكي: دعم الغرب لأوكرانيا "هذيان مكلف" وزيلينسكي يقود بلاده نحو الهاوية
  • خبير عسكري أمريكي: زيلينسكي فقد الإحساس بالواقع وبات خطرا على الغرب