بين أروقة اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، وقاعات المؤسسات المالية العالمية الكبرى، رسمت مصر صورة واضحة لاقتصاد يسير بخطى محسوبة نحو الاستقرار، مدعومًا بإصلاحات هيكلية متواصلة، ومؤشرات مالية تعكس قدرة الدولة على الصمود والتقدم في آنٍ واحد.

أحمد كجوك، وزير المالية المصري، لم يكن يعرض في واشنطن بيانات اقتصادية فقط، بل كان يقدم خطابًا متماسكًا يتكرر جوهره وإن تنوعت المناسبات حيث أظهر كجوك مصر ليست فقط تبحث عن التمويل، بل تعرض شراكة طويلة الأمد، قائمة على بيئة أعمال محفزة، ونظام ضريبي أكثر كفاءة، واستقرار مالي يعكس جدية الحكومة في المضي قدمًا في طريق الإصلاح.

مصر وجهة مثالية للاستثمار

في لقاءه مع رئيس "جي بي مورجان"، أوضح كجوك أن التغيرات التي تشهدها التجارة العالمية تجعل من القارة الأفريقية، ومصر تحديدًا، وجهة مثالية للاستثمار  والأمر لمك يكن مجرد عبارات مطاطة ولكنه قدم عرضا ذكيا لمزايا تنافسية واقعية، منها: تكلفة عمالة منخفضة، مقومات تصنيع حاضرة، وإرادة سياسية داعمة للقطاع الخاص ولم تكن الرسالة عن الحاضر فقط، بل عن قدرة مصر على التكيّف مع مستقبل اقتصادي مضطرب عالميًا.

وفي مائدة مستديرة نظمها "مورجان ستانلي"، كان كجوك أكثر ثقة حيث استعرض: فائض أولي 2.5%، عجز كلي يتراجع إلى 6.3%، وزيادة في الإيرادات الضريبية بنسبة 38% نتيجة لتوسيع القاعدة الضريبية لا بفرض أعباء جديدة، بل ببناء الثقة مع الممولين ولأول مرة، تتبنى الحكومة مستهدفات مالية متوسطة المدى في وثيقة الموازنة، في مشهد يعكس نضجًا إداريًا يعززه تناغم سياسي ومؤسسي.

لكن الرسالة الأهم كانت موجهة إلى المستثمرين: أنتم شركاء، ولسنا بصدد علاقة طرفها الأقوى يفرض شروطه، هذا ما برز أيضًا في لقاء كجوك مع "جولدن مان ساكس"، حيث كان واضحًا أن مصر تضع تسهيلات ضريبية وجمركية ضمن إطار إصلاحي أكبر لا يهدف فقط لتيسير الاستثمار، بل لتحسين مناخ الأعمال ككل.

مصر تنتصر للدول النامية والفقيرة

وحول ديون مصر تحدث كجوك بشكل سياسي واقتصادي في آن واحد خلال ندوة أزمة الديون والتنمية إذ بدا كجوك كمن يحمل رسالة مشتركة من كل الدول النامية، مفادها أن الديون الخارجية لم تعد مجرد أرقام، بل أصبحت كابحًا حقيقيًا للتنمية، وأنه آن الأوان لتحويلها إلى فرصة اقتصادية.

رؤية كجوك بتحويل جزء من هذه الديون إلى استثمارات تنموية هي خطوة جريئة وعملية في ذات الوقت، إنها دعوة لتفكيك المنظومة المالية الدولية التي تُثقل كاهل الدول الفقيرة بخدمة دين تتضخم مع كل أزمة عالمية، دون أن تنتج نموًا حقيقيًا، بل وتُظهر مصر في هذا الخطاب وعيًا بأن المعركة ليست فقط داخل حدودها، بل في صياغة جديدة لمنظومة التمويل الدولي.

والأهم من ذلك، أن كجوك دعا لتبني حلول تمويلية مبتكرة، وتقليل الفجوات التمويلية من خلال أدوات أكثر مرونة واستجابة لتقلبات الاقتصاد العالمي. إنه خطاب لا ينتظر الإعانات، بل يقترح حلولًا قائمة على شراكة عادلة، وتحقيق عوائد حقيقية لكل من الدول المدينة والدائنة.

اقتصاد مصر يمكن الوثوق به

ما يلفت النظر في هذا الحراك المصري، هو التناسق في الخطاب والرؤية، فسواء تحدث الوزير أمام ممثلي المؤسسات الدولية أو مع الشركاء الإقليميين، فإن الرسالة واحدة: مصر تغيرت، وتغيرها ليس شعارًا بل سياسات ونتائج.

لقد نجحت مصر في تحويل التحديات العالمية إلى فرصة، وعرضت نفسها كاقتصاد يمكن الوثوق به، لا فقط بسبب استقراره المالي، بل لأنه يتبنى فكرًا إصلاحيًا جديدًا: فكر قائم على الثقة، والتكامل، وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص، وإزالة العوائق أمام الاستثمار.

إن مؤسسات التمويل الدولية، والمستثمرين من القطاع الخاص، باتوا يدركون أن الاقتصاد المصري لم يعد يدور في فلك المساعدات، بل يسعى لبناء نموذج تنموي قادر على الاستدامة والمنافسة، وما يحدث الآن هو بداية تحول حقيقي، لا يكتمل إلا بترسيخ الشفافية، ودعم الشراكة، والإيمان بأن الإصلاح ليس فقط قرارًا ماليًا، بل رؤية وطنية.

أسعد بتلقي تعليقاتكم على 
واتساب: 01221604650
بريد إلكتروني: [email protected]

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين أحمد كجوك وزير المالية المصري التمويل جي بي مورجان مورجان ستانلي حلول تمويلية مؤسسات التمويل الدولية محمد صبيح أحمد كجوك وزير المالية

إقرأ أيضاً:

منتخب مصر لكرة السلة يفوز على ألمانيا في بطولة التحدي الدولية للشباب

فاز منتخب مصر الأولمبي لكرة السلة، على نظيره المنتخب الألماني، في ختام مبارياته ببطولة التحدي الدولية، التي تحتضنها الصين خلال الفترة الحالية.

وحقق الفراعنة الفوز على ألمانيا بنتيجة 77-53، علمًا بأن الشوط الأول انتهى بتقدم مصر بنتيجة 44/24.

كان المنتخب الوطني فاز على الصين والولايات المتحدة الأمريكية في أول مباراتين بالبطولة.

وتضم قائمة اللاعبين 14 لاعبًا وهم، بهاء الدين رمضان، يوسف الغايش، إبراهيم زهران، ياسين شيخو، محمد ياسر، ميدو إبراهيم، مؤمن طارق خيري، محمد وائل بدر، محمد أشرف، محمد أيمن، عمر عماد محيي، إبراهيم محرم، علي عسران، يوسف الحلواني.

يترأس بعثة المنتخب، المستشار محمد محرم، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة السلة، ويقود المنتخب الأولمبي لكرة السلة فنيًا الكابتن أحمد مرعي، وإمام عبد البديع مدربًا، والدكتور محمود علاء، والدكتور رائف وصفي علاج طبيعي، ووليد الخراط إداريًا، ومحمد عيسى مدلكا.

طباعة شارك منتخب مصر لكرة السلة بطولة التحدي الدولية منتخب السلة ألمانيا

مقالات مشابهة

  • محمد عبد الجواد يكتب : إيران وكرالجواسيس
  • لماذا عادت أميركا إلى الاستعراضات العسكرية بعد أكثر من 30 عاما؟
  • عودة الكبار.. نجوم في السينما بعد غياب
  • الدول الأفريقية تمثل أكثر من نصف البلدان الأعلى مديونية للصين
  • تطور بقضية المتهم بقتل موظفي سفارة إسرائيل بواشنطن إلياس رودريغير
  • أكثر 5 مباريات مبيعًا للتذاكر في تاريخ كأس العالم للأندية.. الهلال حاضر بين الكبار
  • كمال حسنين: معركتنا الحقيقية ستكون على المقاعد الفردية ولدينا كوادرنا التي تحظى بثقة الشارع المصري
  • منتخب مصر لكرة السلة يفوز على ألمانيا في بطولة التحدي الدولية للشباب
  • كجوك: 2 مليار دولار انخفاض في حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة خلال 10 أشهر
  • مصر تفاوض المملكة على صفقات ضخمة لخفض الديون