هل يجوز تكرار صلاة الاستخارة أكثر من مرة رغبة فى الطمأنينة؟..الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 26th, April 2025 GMT
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم تكرار صلاة الاستخارة؟ فقد قمت بالاستخارة لأجل أمرٍ تحيَّرتُ فيه ما بين قبوله أو رفضه، لكني لا أزال متحيِّرًا في أَخْذِ القرار المناسب فيه، فهل يجوز لي تكرار الاستخارة حتى تطمئن نفسي للقرار؟
وأجاب الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: انه يجوز تكرار صلاة الاستخارة، والتكرار يكون بما زاد عن مرةٍ حتى سبعِ مرَّاتٍ.
وأشارت إلى أنه ورد جواز تكرارها سبع مرات في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ»
وبينت إنه اذا زاد على ذلك فلا حرج حتى يحصل له الاطمئنان والانشراح، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن، ويجوز لمن تعذرت عليه الصلاة أن يكتفي بالدعاء فقط، ولا مانع من تكراره أيضًا، وبه تحصُل الاستخارة.
تعريف الاستخارة وحقيقتها وحكمها
واوضحت ان الاستخارة هي: طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما، وفي "حقيقتها: تفويض الاختيار إليه سبحانه، فإنه الأعلم بخيرها للعبد، والقادر على ما هو خير لمستخيره إذا دعاه أن يخير له فلا يخيب أمله"، كما في "فيض القدير" للعلَّامة المناوي (5/ 442، ط. دار المعرفة).
وقد ندب الشرع الشريف المؤمنين إلى الاستخارة، وجعلها من سعادة الإنسان، وجعل تركها من شقاوته، فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللهَ، وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَى اللهُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللهِ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى الله عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده".
كيفية صلاة الاستخارة
بينت ان الأصل في الاستخارة أن تكون بصلاة مخصوصة، وذلك بصلاة ركعتين من غير الفريضة، ثم التوجُّهِ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء الوارد، فعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ -ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ- خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ -قَالَ: أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
شرط صلاة الاستخارة حتى يترتب عليها الأثر المرجو الذي من أجله شرعت الاستخارة
ولفتت إلى أن الاستخارة شرطها أن يُخَلِّصَ المسلم قلبه من الميل عند الاستخارة، حتى لا يكون قد عزم على الأمر قبلها، فيكون اختياره عن هوى، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن.
قال العلَّامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل" للإمام الخرشي (1/ 38، ط. دار الفكر): [والمراد: انشراحٌ خالٍ عن هوى النفس وميلها المصحوب بغرضٍ ظاهر أو باطن يُجَمِّلُهُ ويُزَيِّنه للقلب حتى يكون سببًا لميله] اهـ.
حكم تكرار صلاة الاستخارة أكثر من مرة رغبةً في الطمأنينة
يُشرَعُ تكرار الاستخارة لمن بقِيَ على حيرته، فقد ورد جواز تكرارها سبع مرات في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ» رواه ابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة"، وهذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد -كما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/ 187، ط. دار المعرفة)- إلا أن ذلك لا يمنع من العمل بمقتضاه؛ لما تقرَّر من أنَّ الحديث الضعيف يُعمل به في فضائلِ الأعمال، وبجواز تكرار صلاة الاستخارة ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية.
قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 27، ط. دار الفكر): [وينبغي أن يكررها سبعًا] اهـ.
وقال الشيح عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 21، ط. دار الفكر): [ويمضي لما يَنْشرح صدْرُه إليه مِنْ فِعْلٍ، أو تَرْكٍ، وإنْ لم يَنْشرحْ لشيء منهما فلْيُكرِّرْهَا إلى سَبْعِ مَرَّاتٍ] اهـ.
حكم الاستخارة بالدعاء فقط لمن تعذر عليه أداء الصلاة
وذكرت ان الأصل في الاستخارة أن تكون بصلاة ركعتين ودعاء، لكنها تحصُل بالدعاء فقط عند تعذُّر الصلاة، فيجوز للحائض، والنفساء، وفاقد الطهور، ومن تعذرت عليه الصلاة لأي سبب، أو ضاق عليه وقت اختياره لنفسه ولا يدري ماذا يفعل، ومن لم يرد الصلاة لغير هذه الأسباب، فله أن يستخير بالدعاء.
قال العلَّامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 27): [ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء] اهـ.
وقال الشيخ الكشناوي المالكي في "أسهل المدارك" (1/ 27، ط. دار الفكر): [وإذا تعذرت الاستخارة بالصلاة استخار بالدعاء كالحائض] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 205، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو تعذرت عليه الصلاة: استخار بالدعاء، وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره] اهـ.
وإن استخار المسلم بالدعاء فيمكنه أن يكرره إلى أي عدد؛ لحثه صلى الله عليه وآله وسلم على كثرة الدعاء، وأن للدعاء فوائد كثيرة منها: اللجوء إلى الله تعالى، وحضور القلب وخشوعه.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من مسلم يدعو، ليس بإِثمٍ ولا بقطيعة رحم، إلا أعطاه إحدى ثلاث: إما أن يُعَجلَ له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قَالَ: إِذًا نُكثر، قال: اللَّهُ أَكْثَرُ» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وأحمد في "المسند"، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين".
وأكدت انه بناءً على ذلك: فإنه يجوز تكرار صلاة الاستخارة، والتكرار يكون بما زاد عن مرةٍ حتى سبعِ مرَّاتٍ، وإن زاد على ذلك فلا حرج حتى يحصل له الاطمئنان والانشراح، وبعدها يمضي إلى ما ينشرح له صدره، والتيسير علامة الإذن، ويجوز لمن تعذرت عليه الصلاة أن يكتفي بالدعاء فقط، ولا مانع من تكراره أيضًا، وبه تحصُل الاستخارة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حكم تكرار صلاة الاستخارة صلاة الاستخارة كيفية صلاة الاستخارة حکم تکرار صلاة الاستخارة صلى الله علیه وآله وسلم بالدعاء فقط دار الفکر رضی الله ى الله ع
إقرأ أيضاً:
مسبعات الجمعة.. 4 سور اقرأها تحفظك 7 أيام كاملة
كشفت دار الإفتاء المصرية، عن مسبعات الجمعة، منوهة بأنه يستحب بعد صلاة الجمعة مباشرة قراءة سورة الفاتحة، والإخلاص، والمعوذتين (سبع مرات).
واستشهدت دار الإفتاء، في منشور لها، بما أخرجه البيهقي في ((الشعب)) (2577) عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قَالَتْ: مَنْ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، حُفِظَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى.
صلاة 4 ركعات بعد الجمعةوأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنه يُسَنُّ للمسلم صلاة أربع ركعات بعد انتهاء صلاة الجمعة.
واستشهد مركز الأزهر، بما ورد عن أبي هريرة عن النبي قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات».[ أخرجه مسلم].
وتابع: وإن صلى ركعتين في بيته فلا حرج أيضًا؛ فقد ثبت عن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته». متفق عليه].
صلاة الظهر بعد الجمعةورود إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما حكم صلاة الظهر أربع ركعات بعد فريضة الجمعة؟
وقالت دار الإفتاء، إن مسألة صلاة الظهر بعد فرض الجمعة مسألة خلافية، والذي نختاره للفتوى من مذاهب العلماء أن البلدة إذا تعددت فيها المساجد لضرورة أو لعدم اتساع المسجد الواحد لجميع أهل البلدة أو لغير ذلك كما هو حال الناس الآن؛ فإنه تصح في جميعها فريضة الجمعة، وتجوز صلاة الظهر بعد الجمعة لمن أراد، والأفضل أن يصليها المسلم في بيته حتى لا يعتقد العامة أنَّها فرض.
وأضافت، أن المقصود من صلاة الجمعة هو اجتماع المسلمين في مكان واحد خاشعين متذلّلين لرب العاملين، شاعرين بالعبودية له وحده، متأثرة نفوسهم بعظمة الخالق الذي اجتمعوا لعبادته، متجهين جميعًا في خضوع إلى وجهه الكريم، فلا سلطان ولا عظمة لا كبرياء ولا جاه إلا لله وحده، وبهذا تصفو نفوسهم وتزول من بينهم الفوارق، وتحصل المساواة أمام الله، ويتعرف كل مسلم على أخيه ويحسّ بإحساسه؛ فتتوثق بينهم روابط الألفة والرحمة وتقوى أواصر الصلة وتندثر في نفوسهم عوامل البغض والحقد والحسد والضغينة والكراهية والأنانية.
وأوضحت، أن هذه بعض أغراض الشريعة الإسلامية من اجتماع المسلمين في صعيد واحد في صلاة الجمعة، وفي سائر العبادات التي أوجبت مثل هذا الاجتماع، وكلَّما كان الاجتماع أكثر كان أثره في هذه المقاصد أجلّ وأعظم؛ فإذا تعددت الاجتماعات بتعدّد المساجد لغير ضرورة لا يشعر المجتمعون بفائدة الاجتماع كشعورهم في الأول، ولا تتأثر نفوسهم بهذه المعاني كتأثرها عند كثرة المجتمعين؛ فلهذه الحكم والأغراض اختلفت آراء المذاهب الأربعة في صحَّة الجمعة وعدم صحتها عند تعدد الأماكن أو المساجد التي تصحّ فيها الجمعة في البلدة الواحدة، وفيما هو واجب على المسلمين إذا لم تصحّ الجمعة.